المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شهادة البكالوريا بوابة مفتوحة على المجهول...؟؟


action
03-07-2009, 00:26
http://img24.xooimage.com/files/a/d/4/596-106381e.jpg (http://dahaya.level52.com/image/24/a/d/4/596-106381e.jpg.htm)

سعيد الكحل
[email protected] ([email protected])
الحوار المتمدن - العدد: 2689 - 2009 / 6 / 26


من المفروض أن تشكل امتحانات البكالوريا محطة حاسمة في الحياة الدراسية بالنسبة لكل التلاميذ الذين يتوفقون في اجتيازها بنجاح لما تفتحه أمامهم من آفاق علمية ومهنية ، على اعتبار أن التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي يعرفه مجتمعنا بفعل انفتاحه على العالم الخارجي وتفاعله مع الاقتصاديات العالمية وارتباطه بها ، سيجعل حاجيات سوق الشغل إلى الكفاءات العلمية والتقنية والمهنية في تزايد مضطرد . لقد كانت شهادة البكالوريا ، إلى حدود منتصف ثمانينيات القرن العشرين ، تمثل فرصة حقيقية للترقي الاجتماعي حيث كانت الأسر تعتبر تمدرس أبنائها استثمارا إن لم يضمن لها موردا ماليا ثابتا فعلى الأقل يطمئنها على مستقبل الأبناء ويعفيها من تكاليف الدراسة والمعيشة بعد شهادة البكالوريا حيث كان جميع الطلبة يتقاضون منحة الدراسة ، خلافا لما صار عليه الأمر فيما بعد 1987 لما غدت المنحة امتيازا وليس حقا . هذا الوضع فرض على الأسر أن تقوم مقام الدولة في تحمل مصاريف الدراسة والبحث العلمي . وأبرزت الدراسة التي قدّمها عالم الاجتماع المغربي محمد الشرقاوي لفائدة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر خلال الملتقى الوطني، المنظم بالرباط يوم 9 يونيو الجاري ، لتقديم نتائج المنظومة الوطنية للبحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية ؛ أفادت الدراسة أن أقل من 25 في المائة من الأساتذة الباحثين سبق لهم أن استفادوا من المنحة التي تخصصها الوزارة لتحضير أطروحاتهم ، بينما أزيد من 55 في المائة مارسوا نشاطا مهنيا خلال فترة تحضيرهم للأطروحة، وما يفوق بقليل 15 في المائة لجأوا إلى دعم أسرهم لإنهاء تحضير أطروحة الدكتوراه . ولعل جسامة مسئولية الأسر تزداد خطورة مع اعتماد المعاهد العليا والجامعات العلمية والتقنية أساليب الاصطفاء القبلي وفق معايير محددة لا تترك للتلاميذ المتوسطين أية فرصة للانتماء إليها ، مما يضطر الأسر إلى تحمل أعباء التسجيل والدراسة في المدارس والمعاهد الخصوصية . بينما الجامعات العمومية تظل ملجأ لأبناء الأسر الضعيفة الذين يجدون أنفسهم ، في نهاية المطاف ، بين فكي الفقر والبطالة لغياب سياسة تضامنية لدى الحكومات المتعاقبة تشجع ــ كل حسب طاقته ــ على تحمل تكاليف إدماج الشباب العاطل في النسيج الاقتصادي عبر إجراءات وتدابير أعلاها : التخلي عن الامتيازات ، وأدناها وضع رسم خاص بالتضامن على كل المنتجات . إذ من غير المعقول وليس من الوطنية في شيء أن تظل خزينة الدولة تتحمل دفع رواتب خيالية ( من 8 ملايين إلى 50 مليون سنتيم شهريا دون احتساب باقي الامتيازات ) للموظفين السامين ومدراء العديد من المكاتب والإدارات في الوقت الذي تشتد فيه آثار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ويزداد هول البطالة التي تحرم الوطن من خيرة طاقاته الشابة . ومن شأن التدابير التضامن والترشيد هذه أن تسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني بتوسيع قاعدة المنتجين والمستهلكين في نفس الآن . ذلك أن الوضع الاقتصادي للمغرب لازال هشا ولم يستطيع استيعاب أفواج حملة الشهادات الجامعية للأسباب الرئيسية التالية :
1 ـ ضعف نسبة تأطير الاقتصاد الوطني التي بلغت 8.3% فقط بحيث لم تتجاوز مناصب الشغل المحدثة مثلا بين سنتي 2002 و 2004 ، لم تتجاوز 290000 منصب شغل. ويتجسد هذا الضعف في التأطير من خلال النسب التالية التي نشرتها وزارة التشغيل في المغرب وهي كالتالي :
تمركز الأطر بالإدارات العمومية بنسبة % 55 ، الصناعة % 11 ، التجارة 11.5 % ، الخدمات 12.2 %.
2 ـ عدم ملاءمة التخصصات المعرفية مع حاجيات سوق الشغل . إذ الإحصاءات الرسمية في المغرب تثبت أن نسبة البطالة في صفوف حملة الشهادات الجامعية بلغت 26.9 % . علما أن المقاولات تضطر لجلب الكفاءات من خارج الوطن ، مما اضطر الدولة إلى العمل على تكوين 10000 مهندس كل عام إلى غاية 2012 حتى تتم تلبية حاجات سوق الشغل . بينما نسب البطالة في صفوف خريجي معاهد التكوين المهني عرفت انخفاضا ب5.6 نقطة . أما بالنسبة لغير الحاصلين على شهادات فقد انخفضت ب 4.7 نقطة . مما يعني أن سوق الشغل في الوقت الحاضر لا زال يعتمد بنسبة كبيرة على العمالة ذات التعليم البسيط أو المتوسط بحيث تبلغ نسبة العمال بدون شهادة مدرسية أو مهنية 65 % ، بينما نسبة حملة الشهادات المتوسط فلا تتجاوز 5،6 % . وهذا الوضع يجعل نسبة هامة من الأسر المغربية تفقد الأمل في المدرسة العمومية كبوابة للترقي الاجتماعي ،مما يشجع على الهدر المدرسي واستفحال الآفات الاجتماعية والنفسية المترتبة عنه . لكن أمام تزايد أفواج المتعلمين وحملة الشهادات الجامعية الذين باتوا يشكلون قوة ضاغطة على الحكومة بفعل الاحتجاجات والإضرابات التي يخوضونها من أجل الشغل ، اضطرت الحكومة المغربية إلى اعتماد سلسلة من الإجراءات التي رغم إيجابيتها تظل محدودة الأثر ، ومنها :
1 ـ تشجيع المقاولات الصغيرة والمتوسطة . وقد جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لدعم هذه المقاولات وتشجيع الراغبين في إحداث المزيد منها .
2 ـ تشجيع التشغيل الذاتي الذي عرف نسبة تزايد متواضعة بحيث انتقلت من 24.4 % إلى 26.1 % .
3 ـ تشجيع التخصصات العلمية والتقنية على حساب التخصصات الأدبية بهدف تأهيل المتعلمين للانخراط في سوق الشغل والاستجابة لحاجاته . إلا أن الأزمة البنيوية التي يعاني منها قطاع التعليم تجعل نسبة التلاميذ المتوجهين إلى مسالك شعب التعليم التقني جد منخفضة بحيث لم تتجاوز هذه السنة 6.89% . ورغم أن الترشيحات في الشعب العلمية والشعب التقنية قد عرفت ارتفاعا ملحوظا، بنسب زيادة بلغت على التوالي %7.54 و33.68% ، إلا أن الجامعات لازالت منفصلة عن سوق الشغل ، مما يزيد من تفاقم بطالة حملة الشهادات العليا ، بحيث تؤكد إحصائيات وزارة التشغيل في المغرب مثلا أن 4/3 من هؤلاء لا يتمكنون من الحصول على أول عمل . إننا أمام إشكالية حقيقية لا سبيل إلى حلها أو التقليل من مخاطرها سوى باستحضار الحس الوطني .

nasro6767
03-07-2009, 05:54
من هذا المنبر نحيي الأخ سعيد لكحل الباحث الشاب الذي يلامس المشاكل الحقيقية لمجتمعنا