المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهمية جذاذة التحضير في أداء المدرس


nadianajat
21-10-2008, 21:14
أهمية جذاذة التحضير في أداء المدرس

مقدمة

تهدف التربية العلمية إلى مساعدة / الأستاذ على التمكن من الكفايات التربوية التي تتطلبها مهنة التدريس بشكل مخطط و منظم و هادف. و بذلك فهي " تقدم خبرة مناسبة للمدرس و تساعده على اكتساب المهارات التدريسية و القيام بالعملية التعليمية التعلمية ، تخطيطا و تنفيذا و تقويما و ذلك في ضوء توجيهات المشرفين. و أيضا تتيح له الفرصة لتطبيق النظريات و المفاهيم التربوية تطبيقا عمليا، و تطوير مهارات التقويم الذاتي لديه" كما تمكنه من مادة الاختصاص، و مهارة تحضير الدروس بطريقة صحيحة ، و القدرة على ربط المعلومات السابقة بالجديدة ، و مهارة عرض الدرس بشكل مترابط ، و صوغ الأسئلة واستخدامها بشكل صحيح، و استخدام الوسائل التعليمية و ربط عناصر الدرس بخبرات الطلاب الحياتية، و القدرة _على مراعاة الفروق بين الطلبة، و استخدام طرائق التدريس و إشراك الطلبة في عملية التعلم، و مهارات استخدام التعزيز و التقويم و إدارة الصف " . حيث يصبح مؤهلا نظريا و عمليا لممارسة التدريس.

و تأهيل الأستاذ عمليا و مهنيا يفيد أنه أصبح واعيا بمجمل الأدوار المنوطة به قانونيا و أخلاقيا و إنسانيا و اجتماعيا و مهنيا، بل يصبح واعيا بتطور الأدوار مع ثورة المعرفة و عصر المعلومات و التكنولوجيا ؛ و التي في ظلها لم يعد كما كان " قديما محددا للمادة الدراسية شارحا لمعلومات الكتاب المدرسي ، منقيا الوسائل التعليمية ، متخذا القرارات التربوية ، وواضعا الاختبارات التقويمية ، و إنما أصبح دوره يرتكز على تخطيط العملية التعليمية و تصميمها و إعدادها ، علاوة على كونه مشرفا و مديرا و مرشدا و موجها و مقيما لها " . و عليه نجد الأستاذ معدا و مصمما و مخططا للأداء الصفي في التحاضير ، التي تختزل تلك الأبعاد و المهام المهنية الموكولة إليه و المعلنة في الأدبيات التربوية ، و هي مؤشر حقيقي على تمكنه من تلك الكفايات العليمة و المهنية المؤهلة . وبذلك لم يعد ناقل معرفة أو قيم أو مهارات و قدرات و شارحا بل أصبح مبدعا و ناقدا ز مؤسسا لها ، و موظفا لها على المنهج الأصوب و الدقيق لما يوجبه عليه تكوينه العملي.

انطلاقا من هذه الأدوار لم يعد إعداد التحاضير / الجذاذات مغلقا على مرجع الأستاذ في المادة المدرسة و في الديداكتيك المسطرة فيه ، كأنه كتاب مقدس لا يمكن الخروج عنه ، و لم يبق مع ثورة المعرفة و التطور العلمي و التفجر المعرفي، و في ظل النظريات العلمية الحديثة القول بسلطة الكتاب المدرسي مستساغا و لا مقبولا إلا في حدود إعادة الإنتاج. و هو أمر يتنافى مع أسس الفكر الإبداعي و النقدي.

و اعتبارا للبعد العلمي و المهني للأستاذ و أدواره الجديدة في النظام التعليمي للقرن الواحد و العشرين، أصبح لزاما عليه بطريقة أو بأخرى أن ينخرط في مسلسل بناء الموارد البشرية من خلا ل التكوين الذاتي بعد التكوين الأساس و المستمر، مما يتطلب منه أن يمتلك ثلاثين كفاية حسب "أندري دوبروتي" André de PERETTI ، لما لها من دور في تفعيل مها م المدرس في الحياة المدرسية. و لما تحدده له من أدوار في المنظومة التربوية و التكوينية.

و انطلاقا من كونه منظما للأداء الصفي من ألفه إلى يائه؛ تكون التحاضير الوجه المعلن و الصريح عن ذلك التنظيم، لكونها تعبر عن قدرة التنظيم لديه في مستوى الفكر و الأداء، بل و انغماسه في الفعل التعليمي بكليته.

و الكفايات المفترض التمكن منها من قبل المدرس، يتموضع إعداد التحاضير فيها موضع الناظم لها جميعا، كالنهر الذي فيه روافده ليشكل خزانا للمياه لا ينضب بل يسع الروافد كلها و يكبر عنها في السعة و العمق و التدفق0 مما يعني أن الموضوع إعداد التحاضير لا يزال موضوعا حساسا و جديرا بالمقاربة للكشف عن خباياه العلمية و ملابساته التطبيقية . و لأجل ذلك نرى أن التحاضير مكون من مكونات الأداء الصفي، لا يستقيم إلا بوجودها و في ظلها كما سيتبين لاحقا. لأنه درجة من درجات النقل الديداكتيكي يتم في مستوى المادة والمنهج و الأدوات، ينقل المادة المدرسة التي قررها المبرمجون ووضعها المؤلفون في كتبهم المدرسية إلى مادة قابلة للتدريس بل يحول هذه الأخيرة إلى مادة مدرسة فعلا في القسم أثناء العملية التعليمية / التعلمية ذلك أن موضوع " المعرفة حين يراد له أن يصبح موضوعا للتعليم فإنه يتعرض حينها لمجموعة من التحولات التكييفية التي تخلق له مكانا جديدا وسط مكونات الفعل التعليمي و تسمى عملية تحويل موضوع معرفة معدة للتعليم إلى موضوع قابل للتعليم بالنقل الديداكتيكي " . و في هذه اللحظة " يحضر العمل الديداكتيكي للمدرس الذي يأخذ عن الكتاب المدرسي، أو من تطبيقات مدرسين آخرين ، و توصيات الطاقم التربوي ، حسب كفاءات التلاميذ و الوسائل المتوفرة ، و من قناعاته الشخصية " . و لهذا ، فالتحاضير تشكل ركيزة أساسية في أداء الأستاذ. و منه نثيرها كقضية مدرسية تعني شريحة كبيرة من أهل التعليم وتذهب بهم مذاهب شتى، إلى حد "تراجع الوعي و اضمحلال الثقافة" عند بعضنا بأهمية التحاضير / الجذاذات . و لكي نقف على حقائقها علميا و رمزيتها في الحقل التعليمي، نسوق أولا إشكالها.

1 - الإشكال:

يثير إعداد التحاضير (جذاذات الدروس) في الفعل التعليمي المغربي عامة، و في المؤسسة التعليمية الابتدائية خاصة سجالا حادا، و جدالا قويا يتحول في كثير من الأحيان إلى خلاف أعضاء هيئة التدريس أن الجذاذات فائض عن الحاجة ، و مسألة شكلية و صورية لا تهم عمق بنية الدرس بل هي أتعاب و مشاق مضافة إلى جملة المشاق و الأتعاب التي تتحملها هيئة التدريس، فضلا عن وجود كتاب المدرس الذي يتضمن تفاصيل و مفاصل الدرس. و الذي يبيت في ظله إعداد الجذاذات لا معنى له و مسوغ منطقي لوجوده.

و من هذا المنطلق تجد من ينادي بحذف إعداد التحاضير / الجذاذات من مهام الأستاذ؛ في المقابل تجد من يصر على وجودها و يذهب أبعد من ذلك إلى التشبث بها شكلا و مضمونا. و تشذ فئة أخرى في القول بالحياد و هو حياد غير مبرر عمليا ، لأن المسألة تتعلق في الواقع بمكون من مكونات الأداء الصفي بل مكون من تقديم الدروس و بناء التعلمات ، فلا يصير معه القول بالحياد مطلقا.

من هذه الرأى تنبثق إشكالية إعداد التحاضير / الجذاذات في المؤسسة التربوية، و تأخذ بعدا موضوعيا، يرقيه البحث العلمي من الموضوع لاشيئي التي تعيشه هيئة التدريس في الابتدائي، سواء منها التدريس أو هيئة الإدارة التربوية أو هيئة التفتيش أو الإدارة الإقليمية أو الجهوية أو المركزية؛ لما له من حساسية ؛ تشكل في الغالب خيوط العلاقات المهنية بين هذه المكونات . يفضي إلى " تنقيح الإشكال بتجريده من الشوائب و تحقيق أركانه ، التي يتكون منها، وبيان الزائف مها من الصالح ، حتى يتأكد في النهاية ، من مكون هذا الإشكال حقيقيا لا و هميا ؛ و ذلك بكون عوائقه مطردة على كل حال ، قائمة في كل المظان"

2 - تجليات الاختلاف :

إن إعداد الجذاذات الدروس تشوبه شوائب معرفية كثيرة ؛ ترقي عند البعض إلى الاعتقاد بعلميتها و صدق طرحا بل و تبريرها . مما نجد مع الوهم مسوغات و أسباب واهية في حجيتها لا يعتد بها البحث العلمي ، الذي يميز يبن الوقائع العلمية و الإدعاءات الوهمية . ذلك " أن التمييز بين الوقائع و بين غيرها من الإدعاءات يتم على أساس نوعية الطرق التي اتبعت في إثباتها . فإن كانت موضوعية و مضبوطة بصورة تمكن الباحثين الآخرين من إعادتها و التحقق منها و ذلك بالوصول إلى نفس النتائج، اعتبرت الوقائع الثابتة عن هذا الطريق علمية و أضيفت على المعارف المتوفرة في الميدان المعرفي الذي تنتمي إليه . و أما إذا كانت تفتقد صفة الموضوعية و قابلية الإعادة و التمحيص فإننا نقول عنها إنها طرق غير علمية و ترفض بالتالي الواقع التي جاءت نتيجة إتباع تلك الطرق" . و من تجليات الاختلاف نقف على:

يعتقد الكثير من رجال و نساء التعليم أن إعداد الجذاذات هو عمل فائض عن الحاجة لأسباب عدة منها:

1. كثرة المواد المدرسة ، و التي تستوجب إعداد ست جذاذات غلى الأقل في اليوم الواحد . و كلما كان القسم متعدد المستويات يكبر العدد و يتضخم ، و تصبح عملية الإعداد صعبة . و هذا دفع بدعوى الكم العددي.
2. وجود الكتاب المدرسي للأستاذ (المرجع) يلغي دعوة إعداد الجذاذات مادامت موجودة فيه بكل التفاصيل المنهجية و الموضوعية و الأدواتية و العملانية . و بالتالي ، يكون الإعداد مبتذلا و عير منطقي و لا موضوعي . وهو دفع بواقع وهمي كما سيتبين في مكانه.
3. إعداد الجذاذات يتخذ النسخ الآلي لما في مرجع الأستاذ ، و منه لا مبرر للإعداد و يكفي الكتاب المدرسي نائبا عن الجذاذات في التدريس . فهو المرجع ، فلا داعي إلى تكراره بنسخه المتعددة ، وهو دفع بواقع و اعتقاد وهميين لا يستقيمان مع المنطق العلمي.
4. تحجر بعض هيئة الإدارة التربوية و التفتيش التربوي في وجوب إعداد الجذاذات ، وهو طلب لا مبرر له ؛ خاصة أنهما يعلمان حال هيئة التدريس المعيشية و تعدد مسؤولياتها و بالأخص في العالم القروي. و من باب التخفيف عليها ، عدم المطالبة بإعداد الجذاذات لأنه غير منطقي في طل معيشة صعب بل و الإعداد عملية مبتذلة نتيجة التحجر في الكتاب المدرسي . وهو دفع بمعيشة يومي قد يجد دعما إنسانيا في بعض حالاته الخاصة دون التعميم و الإطلاق .
5. شكلية الجذاذات لكونها لا تفيد في شيء ، سواء وجدت أم لم توجد ؛ و بالتالي فلا داعي إلى إعدادها و لا مسوغ لوجودها ، وهي فائض عن حاجة المدرس ، الشيء الذي يمكن للأستاذ أن يؤدي الدرس دون الاعتماد عليها ؛ "فلا زال و نحن في سنة 2004 مطلوبا من المدرس أن ينجز الجذاذات ، و يحرص على التطبيق الحرفي للحصص الدراسية ، و يا ويله من تبطأ في ذلك ، من عقاب المفتش الذي يتصيد تلك الفرص ليظهر أنه يقوم برسالة الحراسة التي أوكلت إليه . و بذلك تأخذ المسرحية بعدا دراماتيكيا " . كما أن "الوثائق ، التحاضير ، الكراسات ، التصحيح ، و غيرها من الأمور التي صارت جزءا من العادة . و العادة توأم الطبيعة " . و هي تجانب الصواب و البعد المنهجي و العلمي للجذاذة بل تنافي العمق الإبداعي للعملية التعليمية التعلمية ؛ و هذا دفع و همي باسم العادة أو الشكلية ، و هي " محاولات التبسيط الزائد ، لإضفاء وهم النظام الزائف ، على حالة الفوضى المتفشية" .
6. لا حاجة للأستاذ القديم في المهنة إلى هذه الجذاذات " لأنه هضم المواد التي يدرسها حيث يعتقد البعض " أن تحضير المعلم لهذه الدروس بعد هذه المدة ( خمس سنوات فما فوق) يعتبر روتينيا مملا لا جدوى منه . و أن المعلم إذا باغت سنوات خبرته خمس سنوات فأكثر ، لا يحتاج إلى مثل هذه التحاضير" . و هي دعوى لا تصح مع مبدأ تطور و تجدد النظم التربوية و مع فيضان الحقل العلمي و الانفجار المعرفي.
7. يرى البعض " أن المهمات الكبيرة و المسؤوليات و الأدوار الجليلة التي يؤديها المعلم تتطلب منه ضرورة تحليه بدافعية عالية للتربية و التعليم، و كفاية متقدمة تعنيه على أداء واجباته الصعبة و تحقيق أهدافه المناطة به ، وهو ما يفتقده في كثير من الأحيان".
8. يرى البعض أن حال هيئة التدريس في إعداد الجذاذات حال رو تيني يكرر نفسه عبر السنوات ، يدعو إلى الملل ؛ ما يخلق في النفس تدمرا نحو إعداد الدروس؛ وهو حال لا يستقيم في الواقع مع طبيعة الفعل التعليمي الذي هو حال البحث و المطالعة و الدراسة و الاستزادة من العلم و المعرفة و الخبرة و التطبيق . لذا قيل في هذه الحال النشطة شعرا :

أنا لا أرى يوم المعلم واحدا كلا و لا يرضاه منا كيس

بل كل يوم في الحقيقة يومه ما دام فيه طالب يتنفس

و القراءة الواعية و النقدية للجذاذة تفيد عدة دلالات ، منها : دلالة موضوعية تتعلق بالمتن التعليمي ، و دلالة منهجية تتعلق بالبعد الديداكتيكي ، و دلالة تربوية تتعلق بالقيم التربوية التي يحملها الإعداد بالنسبة للفعل التعليمي مهنة مقننة و مضبوطة بالمعايير العلمية ، و دلالة اجتماعية تتعلق بالعقد الديداكتيكي بين المتعلم و الأستاذ و أخلاقياته و قيمته المستمدة من تراثنا الإسلامي ، المحصن للفعل التعليمي من التشنج و التوتر و العنف ، الحاث على الجد و الإخلاص و التقوى في العمل ، و دلالة قانونية تتعلق بالترتيب القانوني و التشريعي الموجه في هذا الشأن

Med_Rida
05-11-2008, 18:37
http://img267.imageshack.us/img267/9059/mnwa9or6.gif