منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=112)
-   -   فضاء "ساحة الهديم" المكناسي .. مجـد في طريقه نحو الانقراض (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=196017)

nasser 25-12-2015 18:48

فضاء "ساحة الهديم" المكناسي .. مجـد في طريقه نحو الانقراض
 
http://t1.hespress.com/files/____Mek..._171511811.jpg هسبريس- الشيخ اليوسي (صور منير امحيمدات)
الجمعة 25 دجنبر 2015 -
من النادر أن تجد مكناسيا، أو زائرا للعاصمة الاسماعيليّة، دون ذكرى مع "ساحة الهديم"، وطالما تباهى المكناسيون بهذه الساحة واعتبروها في مقام "جامع الفنا" الشهيرة بمراكش، وذلك لما كانت تمثل للمدينة من متنفس تجتمع فيه كل أشكال الفرجة، من فنون الحكي، المتناثر في "حلقات" مسائية، والفلكلور الشعبي، خاصة من عيساوة وحمادشة وغيرهم كثير، لتشكل بذلك لفيفا من الفرق الشعبية التي كانت تؤثث مشهد ساحة الهديم، وسط مكناس، وأمام باب منصور، الأشهر في المدينة.

اليوم، وبعد مرور سنوات وعقود عاشت فيها الساحة أبهى أيامها من انتشار لـ"الحلقات الشعبية"، وبعدما كانت ملاذا للباحثين عن النكتة والطرافة في مجتمع أغرقته المشاكل الاجتماعية ومعيشه اليومي الصعب، اندثرت أغلب هذه "المعالم الفرجوية"، إن لم نقل كلها، وانتشر الباعة المتجولون في الساحة إلى درجة احتلالها بشكل شبه كامل في ساعات المساء، كما تربعت عدد من المقاهي على مساحات كبيرة من الساحة، مما غيب الكثير من معالم الساحة التقليدية، وغاب معها جزء من ذاكرة الحاضرة الإسماعيلية.
http://www.hespress.com/files.php?fi..._224541916.jpg


تعتبر "ساحة الهديم" من أكثر الأماكن التي يقصدها زوار مكناس، والفضاء الأشهر في المدينة، وتسميتها تعود إلى الهدم الذي تعرضت له أيام السلطان إسماعيل، حيث كانت ساحة لاستعراضات الجيوش العلوية، من أجل خوض عدد من المعارك ضد ما كانوا يعتبرونه "أراضي السيبة"، في ذلك العهد، وكذا بعض الخصوم الأجانب الراغبين في احتلال البلاد.

من تموقع الشمس بكبد السماء وإلى حدود العصر تكون الساحة، في غالب الأحيان، خالية إلا من بعض باعة الأعشاب الطبيعية إلى جانب بعض المارة، الذي يمرون عبر الساحة في اتجاه دروب المدينة العتيقة، و"قبة السوق" أو دكاكين "السكاكين" المعروفة برواجها التجاري، بالإضافة إلى العادة التي تعوّد عليها التجار وأصحاب المقاهي بإخراج سلعهم إلى خارج الساحة، واحتلال أجزاء كبيرة منها، مما أفقد "ساحة الهديم" ذلك الرونق المتميز الذي كان يطبعها، بتنوع "الحلايقية" الشعبيين، والذين كانوا يحترفون مهنة الترفيه على زوار الساحة من أبناء المدينة والوافدين عليها.
http://www.hespress.com/files.php?fi..._535657470.jpg


يحكي عدد من سكان المدينة الإسماعيلية، بحسرة وألم، أن الساحة كانت، إلى زمن قريب، محجّا لعدد من الحكواتيين، الذين أبدعوا وتفننوا في حكايات مغربية من زمن تليد، لكن الوضع اليوم اختلف إلى حد كبير، وأصبحت الساحة عبارة عن "قيسارية كبيرة"، تباع فيها الأعشاب الشعبية والملابس والأحذية، على حد تعبير أحد زوار الساحة، في دردشة مع هسبريس.

وحدهم بضع قردة لا يزالون يؤثثون فضاء "ساحة الهديم"، ويحكون عن زمن مضى، حيث وقف مصور في أحد أركان الساحة يعمل على جذب انتباه المارة من خلال إغرائهم بالتقاط صور مع القردة التي جلبوها من إحدى الغابات المحاذية لمدينة إفران، والتي لا تفصلها عن مدينة مكناس سوى 86 كيلومترا، في الوقت الذي غابت فيه فرجة "الحلايقية"، وحل مكانهم تجار البضائع ومروجو السجائر بالتقسيط.
http://www.hespress.com/files.php?fi..._935543264.jpg


وعلى الرغم من ذلك، فإنه، بعد العصر، يحل بعض "الحلايقية"، لكن ليس بالشكل المعروف عند عشاق "ساحة الفنا" المراكشية، حيث تغيب متعة فرجة واستعراض الحكواتيين الذين كانوا إلى زمن غير بعيد يؤثثون المشهد، في حين يحضر عدد من الذين اختاروا ترويض الأفاعي من أجل جمع دريهمات من زوار "ساحة الهديم"، فيما اختار البعض الآخر الغناء للفت الانتباه.

انتشار هذه المظاهر التجارية التي عوضت "زمن الفرجة" في "الهديم"، يساهم في انتشار كميات من الأزبال، مباشرة بعد غروب الشمس وانجلاء نورها، حيث يضطر عمال النظافة "القلائل" المكلفون بتنظيف الساحة من النفايات المنتشرة إلى قضاء أكثر من ساعة في جمعها، خاصة مع انتشار الباعة المتجولين، وبائعي المأكولات الشعبية، التي يصفها البعض بـ"خانز وبنين"، في إشارة إلى الروائح التي تنبعث منها بالرغم من "لذتها".
http://www.hespress.com/files.php?fi..._133218254.jpg


وعلى عكس "ساحة جامع الفنا" المراكشية، والتي لا يكاد ركن من أركانها يخلو من سائح أو مجموعة سياح أجانب، تعيش أكبر ساحات المدينة الإسماعيلية هجرة السياح، إذ يقل عددهم، بل إن وجودهم ينعدم في أحايين كثيرة من اليوم.

وخلال أيام تخليد ذكرى المولد النبوي، يختار عدد من سكان مكناس وزائريها التوجه إلى "باب الجديد" ونواحي الشيخ الكامل، من أجل حضور أجواء الاحتفالات بهذه الذكرى، حيث يحج إليها "عيساوة" و"حمادشة" إلى جانب عدد من الراغبين في الجذبة، بحثا عن خلاص منشود وراحة مفتقدة، وربما مآرب أخرى.



الساعة الآن 16:00

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها