منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - جماعة الممارسات المهنية بديل للحوض المدرسي؟

جماعة الممارسات المهنية

بديل للحوض المدرسي؟

*مصطفى بتي، مفتش تربوي- أزيلال*

السياق العام:
يندرج إرساء جماعات الممارسات المهنية (cpp) ضمن مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية المغربية ((pagesm في إطار مذكرة تفاهم بين حكومة المغرب وحكومة كندا بتاريخ 27 يناير 2011. والتي تستهدف الرفع ن جودة التعلمات الأساسية للمتعلمات والمتعلمين بجميع مؤسسات التعليم العمومي بالمغرب، إذ يتمحور هذا المشروع حول منهجية "مشروع المؤسسة". وقد جاءت جماعة الممارسات المهنية (cpp) لتحل محل ما سمي سابقا بالحوض المدرسي، والذي يضم مؤسسة أو مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي بالإضافة إلى روافدها المغذية من مؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي والابتدائي بنفس المنطقة التربوية.
في ظل الإصلاحات الأخيرة التي عرفتها المنظومة التربوية المغربية، والتي توجت منذ سنة 1999 بصدور الميثاق الوطني في أعقاب أشعال اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين، رفعت السلطات التربوية شعار إصلاح نظام التربية عن طريق اللامركزية واللاتمركز تجاه الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والنيابات، والمؤسسات التعليمية.
هكذا إذن، ومن أجل دعم إصلاح المنظومة التربوية من خلال تقوية القدرات المؤسساتية في نظام التربية والتكوين، لجأت السلطات التعليمية المغربية من جديد إلى الخبرة الكندية وذلك عبر تجربة إرساء"جماعات الممارسات المهنية" (cpp) بعد تجربة ما اصطلح عليه ب"بروكاديم" (procadem).
1- مشروع "بروكاديم" (procadem) والتدبير التشاركي:يندرج هذا المشروع ضمن الأولويات الوطنية للمغرب، ويروم دعم القدرات المؤسساتية للمنظومة التربوية المغربية، وتنفيذ لامركزية ولاتمركز النظام التربوي بالبلاد، وقد جاء هذا المشروع في إطار الأولويات الاجتماعية للمساعدة الكندية، والمشاورات التي أجرتها الوكالة الكندية لتنمية الدولية (acdi) مع السلطات التربوية المغربية، تمخض عن هذه المشاورات ضمان حضور كندي قوي في قطاع التربية الوطنية منذ شهر يونيو 2002. إذ خلال موسم 2005/2006، قامت الوكالة الكندية للمصاحبة (aca) بإنجاز خطة تنفيذية ومخطط عمل سنوي ( pta ) والمصادقة عليهما.
إن هكذا مشروع قدم على أنه يتغيا تحديث الممارسات التقليدية التي كانت سائدة في المنظومة التربوية، وذلك في سياق اللامركزية واللاتمركز، وذلك عبر انتهاج الأسلوب التشاركي حسب الاتفاق المبدئي بين الطرفين المغربي والكندي. إذ بدت هذه المقاربة آنذاك الأكثر ملاءمة لتعبئة العاملين بقطاع التربية والتكوين وحفز إبداعية الأشخاص المعنيين بتدبير التربية في المغرب.
مع مطلع سنة 2006، وفور وصول المستشارين التقنيين الكنديين إلى الميدان، شرع في إنجاز خطة العمل السنوية بتشاور مع المديريات المركزية بقطاع التربية الوطنية، والأكاديميات الجهوية، وممثلين عن النيابات والمؤسسات التعليمية. تلا ذلك دورة تكوينية استفاد منها ثلاثمئة (300) مكون وطني انيطت بهم مهمة تكوين 12 ألفا من مدبري المنظومة التربوية ابتداء من ماي 2007، ويندرج الهدف العام من هذه العملية ضمن غاية مشروع دعم القدرات المؤسساتية للمنظومة التربوية المغربية في تنفيذ لامركزية ولاتمركز نظام التربية في المغرب (procadem)، أي تعزيز قدرات المدبرين على تسيير التربية بالبلاد.
2- مشروع ( pagesm): استمرت استعانة السلطات التربوية المغربية بالخبرة الإدارية الكندية لتتوج هذه المرة بمذكرة تفاهم بين حكومة المملكة المغربية وحكومة كندا بتاريخ 27 يناير 2011. تفاهم انبثق عنه المخطط التنفيذي لمشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب المعروفاختصاراب( pagesm). المخطط اعتبر وثيقة مرجعية لمختلف تدخلات الأطراف المعنية وإطارا منهجيا لإعداد خطط العمل السنوية، ويروم استكمال إرساء بنيات التدبير التشاركي وتفعيل مهامها، وإرساء بنية جديدة اصطلح عليها "جماعات الممارسات المهنية"( cpp) لتشبيك أفقي لمديرات ومديري المؤسسات التعليمية على مستوى نيابات وزارة التربية الوطنية. ويهدف مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب ( pagesm) - كما تم تقديمه - إلى تحسين جودة التربية الأساسية للمتمدرسات والمتمدرسين بجميع مؤسسات التعليم العمومي بالمغرب، ويتمحور حول منهجية "مشروع المؤسسة" من قبل المديرات والمديرين.
أ‌- "جماعة الممارسات المهنية" ( cpp): هي "جماعة من الأقران الذين يتقاسمون نفس الإشكاليات والذين يختارون بعضهم البعض ويجتمعون ليتعاونوا مهنيا. وتسعى هذه الجماعات لتقاسم الممارسات الجيدة والبحث عن حلول للمشاكل المطروحة وتيسير اندماج الوافدين الجدد، وتنمية الثقة في النفس لدى الأعضاء."
إن إرساء جماعات الممارسات المهنية على هذا النحو، سيساهم في تكسير العزلة وفي خلق شبكة للتعاون بين الأعضاء، كما ستشكل هذه الجماعات فضاء مناسبا لتيسير الاندماج المهني للوافدات والوافدين الجدد على مهام الإدارة المدرسية. ناهيك عن إتاحتها لجميع الأعضاء عرض وتبادل الصعوبات والإشكالات التي تواجههم أثناء الممارسة المهنية اليومية، مما سيتيح لكل عضو الحصول على مجموعة من الإرشادات والمقترحات والتجارب والحلول وطرق العمل. فضلا عن إثراء المعارف والخبرات والمواقف والسلوكيات لدى جميع الأعضاء عبر النقاش والتفكير الجماعي من أجل إيجاد الحلول المناسبة. مما سيتيح لكل فرد من الجماعة التعلم حسب إيقاعه الخاص، ووفقا لاحتياجاته ومستوى حافزيته دون بناء بيداغوجي مهيكل.
وإجمالا يمكن تعداد فوائد جماعات الممارسات المهنية، حسب تعليق أعضاء إحدى الشبكات، كما يلي:
- تبادل الأفكار والخبرات؛
- ضمان وتيرة موحدة للتدبير في جميع المؤسسات التعليمية؛
- تتبع تطور المتعلمات والمتعلمين في جميع أسلاك التعليم؛
- تشجيع التعليم المستمر لمديرات ومديري المؤسسات التعليمية؛
- تعزيز الحياة المدرسية في جميع المؤسسات التعليمية؛
- تقاسم العتاد الديدكتيكي والتجهيزات المدرسية...
وتتكون كل جماعة ( cpp) مما يناهز 20 مديرا ومديرة، يمثلون الأسلاك التعليمية الثلاث: الابتدائي والإعدادي والتأهيلي، يتم إحداثها انطلاقا من المناطق التربوية أو الأحواض المدرسية، وبخصوص تنشيط جماعات الممارسات المهنية فيتم من قبل منسقات ومنسقين يختارهم زملاؤهم مديرات ومديرو المؤسسات التعليمية، بعد تزكيتهم من لدن النائب(ة)، ويصاحبهم ميدانيا مواكبون تم اختارهم من بين المفتشات والمفتشين.
ب‌- "جماعة الممارسات المهنية" ( cpp) والاستراتيجية الوطنية لمشروع المؤسسة:
بدأ العمل بمشروع المؤسسة بالمؤسسات التعليمية بالمغرب بشكل جزئي منذ سنة 2009 إلى غاية 2011 تاريخ صدور المذكرة 125 حول موضوع الاستراتيجية الوطنية لمشروع المؤسسة، بغية تعميم منهجية العمل ب"مشروع المؤسسة"، من أجل الرقي بالأداء التربوي والتدبيري للمؤسسات التعليمية من خلال تطوير مؤشرات الإنجاز الكمية والنوعية وترصيد التجارب الناجحة، حسب ما جاء في المذكرة.
في هذا الإطار جاءت المذكرة الإطار 159/14 بتاريخ 25 نونبر 2014 لإعطاء نفس جديد لمأسسة منهجية مشروع المؤسسة عبر تبني رؤية استشرافية تجعل من مشروع المؤسسة آلية للتدبير وأداة للتعاقد. أما الجديد الذي أتت به المذكرة الإطار هاته، فهو محاولتها إحداث تقاطعات مفصلية بين الاستراتيجية الوطنية لمشروع المؤسسة وبين مشروع دعم تدبير مؤسسات التعليم بالمغرب (pagesm) من خلال تفعيل جماعات الممارسات المهنية ( cpp)وجعلها إحدى المستويات الأساسية ضمن المستويات المتعددة لمشروع المؤسسة والمتمثلة في المستوى المحلي فالإقليمي والجهوي ثم المركزي.
إذن، بموجب الصيغة الجديدة لمشروع المؤسسة أصبح من اللازم استحضار جماعة الممارسات المهنية ( cpp)كبنية أساسية في دينامية تدبير المشروع، منذ مرحلة الإعداد والمصادقة الأولية حيث يتم استشارة المواكب(ة) المنتمي لجماعة الممارسات المهنية، ثم عند تقديم وثيقة مشروع المؤسسة للنيابة الإقليمية مرفقا بتقرير مشترك بين المدير(ة) والمواكب.
على سبيل الخاتمة:
مما سبق يتضح حرص الوزارة للوصية مؤخرا على تفعيل دور جماعات الممارسات المهنية في إطار إرساء ما اصطلح علية ببنيات الحكامة. إلا أن تجربة "جماعات الممارسات المهنية"( cpp) بدأت بداية متعثرة وتتخللها مجموعة من الإشكالات نذكر منها:
ü الدور الجديد للمفتش(ة) المواكب(ة) والمتمثل في مجرد المصاحبة وإبداء الرأي والاقتراح كلما طلب منه ذلك، والتخلي عن أدواره الاعتيادية من إشراف وتقويم...
ü تعيين منسقي الجماعات من طرف النيابة بدل انتدابهم من طرف زملائهم؛
ü صعوبة ضبط التواصل بين المنسقين المواكبين في ظل تداخل المهام ؛
ü ضبابية الإطار القانوني للمنسق والمواكب على حد سواء داخل الجماعة؛
ü عدم توفير وسائل العمل اللازمة لتفعيل عمل الجماعة...
في ظل الوضع الحالي، هل يمكن الحديث فعلا عن جماعة للممارسات المهنية كبديل للحوض المدرسي؟