منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   الأرشيف (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=148)
-   -   نثر نزار . (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=45673)

m.hajjaji 17-12-2008 16:13

نثر نزار .
 
إلى عشاق شعر نزار قباني، هذه القطعة النثرية، وليقارنوا بينها وبين شعره: بيت نزار الأول: "دارنا الدمشقية" .
" هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة . إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ .ولكن ِثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر.. وإنما أظلم دارَنا .
والذين سكنوا دمشق، وتغلغلوا في حاراتها وزواريبها الضيقة، يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون...
بوابة صغيرة من الخشب تنفتح. ويبدأ الإسراء على الأخضر، والأحمر، والليلكي، وتبدأ سمفونية الضوء والظل والرخام.
شجرة النارنج تحتضن ثمرها، والدالية حامل، والياسمينة ولدت ألف قمر أبيض وعلقتهم على قضبان النوافذ.. وأسراب السنونو لا تصطاف إلا عندنا..
أسود الرخام حول البركة الوسطى تملأ فمها بالماء.. وتنفخه.. وتستمر اللعبة المائية ليلا نهارا.. لا النوافير تتعب.. ولا ماء دمشقَ ينتهي .
الورد البلدي سجاد أحمر ممدود تحت أقدامك.. والليلكة تمشّط شعرها البنفسجي، والشمشير، والخبّيزة، والشاب الظريف، والمنثور، والريحان، والأضاليا.. وألوف النباتات الدمشقية التي أتذكر ألوانها ولاأتذكر أسماءَها.. لاتزال تتسلق على أصابعي كلما أردت أن أكتب (...) الأدراج الرخامية تصعد، وتصعد.. على كيفها.. والحمائم تهاجر وترجع على كيفها.. ولا أحد يسألها ماذا تفعل؟ والسمك الأحمر يسبح على كيفه.. ولا أحد يسأله إلى أين؟ وعشرون صفيحة َفلّ في صحن الدار هي كل ثروة أمي. كل زرّ فلّ عندها يساوي صبيا من أولادها.. لذلك كلما غافلناها وسرقنا ولدا من أولادها.. بَكتْ.. وشكتـْنا إلى الله..
ضمن نطاق هذا الحزام الأخضر.. وُلدتُ، وحبوت، ونطقت كلماتي الأولى.. كان اصطدامي بالجمال قدرا يوميا. كنت إذا تعثـّرت أتعثر بجناح حمامة.. وإذا سقطت أسقط عل حضن وردة..
هذا البيت الدمشقي الجميل استحوذ على كل مشاعري وأفقدني شهية الخروج إلى الزقاق.. كما يفعل كل الصبيان في كل الحارات (...) طفولتي قضيتها تحت مظلة الفيء والرطوبة التي هي بيتنا العتيق في (مئذنة الشحم) . كان هذا البيت هو نهاية حدود العالم عندي، كان الصديقَ، والواحة، والمشـْتى، والمصيف ..

(من كتاب :"قصتي مع الشعر" لنزار قباني . منشورات نزار قباني . بيروت. 1973)

assif10 17-12-2008 16:34

شكرا أخي على هذا النقل الجميل..
هو بيت من البيوت العربية الفائقة الجمال..
حتى في المغرب كان هذا النوع من البيوت في المدن التاريخية..
في مراكش مثلا تسمى ب الرياض

m.hajjaji 17-12-2008 18:28

شكرا جزيلا، الأخ:assif10 المحترم على عبورك العطر .
في المدن المغربية التاريخية القديمة، فعلا، بيوت جميلة تشبه المنزل الدمشقي الذي يصفه نزار قباني (فاس ـ تطوان ـ الرباط ـ شفشاون ـ مكناس ـ مراكش ...)

Fouad.M 17-12-2008 20:25

شكرا أيها القلم الذهبي..وفارس القلعة المكين الأخ والصديق حجاجي...على بيتك النزاري الدمشقي ..بكل أطيافه السحرية...أيها الذواق للكلمة الشاعرة والساحرة....والمساجل الكبير لي في المسابقات الشعرية الدفاترية..
فلا حرمت منك ولا من قلمك الألمعي....
تحياتي ومودتي وتقديري...............

m.hajjaji 17-12-2008 22:37

أريَحي وكريم دائما.. مشجِّع ومحفز دائما.. مقدِّر للكلمة الجميلة المعبرة...دائما.. أقول : متبتل في محرابها.. ألست شاعرا؟
شكرا لك أيها الأخ الصديق الكريم على العبور .


الساعة الآن 10:02

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها