المخطط الإستعجالي لإفشال التعليم
يعاني النظام التربوي الوطني من ارتجالية وعشوائية كبيرتين على مستوى القرارات المتخذة من أجل النهوض به،اذ أنه وفي كل مرة يتم إنزال برامج وخطط تعطى صفة الإستعجالية حينا،تزيد الطين بلة،أو تسطر على مدى سنوات عدة مكرسة بذلك للفشل ومرسخة للتراجع والتدهور ،فالكل يجمع على أن العشر سنوات الماضية والتي خصصت لإصلاح المنظومة التربوية لم تأتي إلا بمزيد من الهدر المدرسي وارتفاع نسبة غياب التلاميذ والأساتذة على حد سواء كما أنها كرست وبصورة كبيرة لظاهرة الموظفين الأشباح واستشراء المحسوبية والزبونية وعدم المساواة أمام القانون .....ففي الوقت الذي يعاقب الأساتذة المغلوبين على أمرهم عن كل غياب أو تأخر ....تتم التغذية والتستر على أصحاب الامتيازات منهم خصوصا زوجات الموظفين الكبار وبناتهم وأبناؤهم الذين لا يتذكرون أنهم موظفون لدى الدولة إلا في نهاية كل شهر عندما يهرعون إلى الشبابيك البنكية لاستخلاص أجورهم.......لا حسيب ولا رقيب عليهم وليسوا سببا في مشاكل التعليم وتراجعاته المستمرة..... !!!!
إن المخطط الإستعجالي الذي أقرته الوزارة بسرعة البرق،سيؤول إلى الفشل بنفس السرعة التي نزل بها،وأولى ملامح فشله بدأت تلوح في الأفق ومنها على سبيل المثال:- استمرار وازدياد عملية ضم المستويات في التعليم الإبتدائي فأصبح غالبية الأساتذة يدرسون ثلاث مستويات دفعة واحدة (عربية وفرنسية) مع العلم أن المخطط المذكور جاء ليحد من الظاهرة .- تعثر عملية توزيع الكتب والمحافظ المدرسية في إطار المبادرة الملكية السامية لتوزيع مليون محفظة إذ أن المسؤولين لم يعطوا المبادرة ما تستحقه من عناية وأهمية فأصبحنا على مشارف أكتوبر والأدوات المدرسية لم توزع بعد.- استمرار ظاهرة الاكتظاظ بالأقسام خصوصا بالإعدادي حيث وصل عدد التلاميذ في بعض المناطق إلى 50 تلميذ في الفصل.إن أي إصلاح يجب أن يستهدف أولا الإدارة المركزية للوزارة والأكاديميات والنيابات الإقليمية من أجل تنظيفها من المفسدين والأشباح والمتلاعبين بمصير أطفال المغاربة ،يجب محاربة أصحاب التعويضات الضخمة والخيالية ،أصحاب السيارات الفارهة،ذوي المكاتب المكيفة الذين لا يجدون سببا لتبرير فشلهم وفشل التعليم إلا الأساتذة الذين يعيشون تحت عتبة الفقر والذين يعملون في الفيافي والقفار وأعالي الجبال ويضطرون إلى قطع مئات الكيلومترات أسبوعيا بدون تعويضات تنقل ،ويعيشون في أكواخ دون ماء ولا كهرباء ولا مراحيض ولا طرق ولا وسائل مواصلات .إن الإصلاح الحقيقي الكفيل بإنجاح العملية التعليمية التعلمية وإخراجها من الحضيض يقتضي اشراك جميع العاملين في الحقل التربوي وتنظيم مناظرات ولقاءات جهوية ووطنية لجمع الإقتراحات والحلول والبدائل المستقاة من الواقع الحقيقي للعمل التربوي ،كما يقتضي الإصلاح التفكير بعمق في تغيير جدري في البرامج والمناهج والمقررات الدراسية،والعمل على التكوين المستمر الجدي والمتواصل والمنتظم والمؤطر من طرف الخبراء والكفاءات الحقيقية وليس من طرف أشباه المثقفين من المفتشين الذين يقضون % 90 من السنة الدراسية بالمقاهي والتجوال ويخصصون % 10 المتبقية للزيارات المفاجئة والمباغثة والتي تحمل طابع السلطوية والغطرسة دون أن يكون لهم أي دور في التأطير والتأهيل الذي يُكًونون من أجله ....إن أكبر فئة أفضت إلى فشل التعليم بالمغرب هي فئة المراقبين التربويين (المفتشين) الذين تفرغوا للتجارة والجلوس بالمقاهي والطرقات عوض اقتراح البرامج والمناهج وابتكار النظريات وعقد لقاءات تربوية وتكوينية لتجديد معلومات الأساتذة وقدراتهم.
الكاتب :الياس قادر عن موقع www.etiznit.ma
|
