منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - عرض مشاركة واحدة - التعليم إجباري، لكن التعلم لا يفرض.
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية nasser
nasser
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 73,261
معدل تقييم المستوى: 7550
nasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميز
nasser غير متواجد حالياً
نشاط [ nasser ]
قوة السمعة:7550
قديم 09-04-2022, 22:06 المشاركة 1   
برامج التعليم إجباري، لكن التعلم لا يفرض.

التعليم إجباري، لكن التعلم لا يفرض.


التعليم إجباري، لكن التعلم لا يفرض.
فيليب ميريو
بعد أن حظيت بفرصة العمل بشكل منتظم مع المدرسين، يمكنني أن أشهد أن العديد منهم يعانون من تناقض أرى من الضروري التصدي له: "التعليم إجباري، لكن التعلم لا يفرض". فعلا! ولهذا السبب نحتاج إلى البيداغوجيا... ونحتاج أيضا إلى القيام بتقييم منتظم للكيفية التي نتموقع بها إزاء هذا التناقض. لأن ما من شك أن التفاوت الحقيقي يكمن هنا. ففي الطريقة التي نتجاوز بها هذا التناقض يمكن أن نحدد موقعنا في المناقشات التربوية والاجتماعية. بل هنا، في رأيي، حيث تتقرر العلاقة الأساسية بين التربية والسياسة.
-o0o-
لهذا السبب بدا لي من المفيد صياغة عدد من " الأطروحات" بصدد هذه المسألة. كل أطروحة من هذه الأطروحات، بالطبع، ليست سوى "إشارة": لقد حررتها بإيجاز وبطريقة استفزازية متعمدة ... فالأمر يتعلق في الواقع بدعوة إلى التفكير والنقاش! وقد نظمتها في مجموعتين من سبعة عناصر: الأولى تتناول بعض النقاط القوية لما أؤمن به حول "ماهية التعليم والتعلم"، والثانية تدرج المسألة في إطار تحديات الحداثة.
أستخدم هذه الوثيقة أحيانا في التكوين من خلال مطالبة كل مشارك بتبني إثبات في السلسلة الأولى وإثبات في السلسلة الثانية، لتوضيحه أو معارضته بالانطلاق من تجربته، قبل تبادل المنجز؛ أولا، مع الزملاء الذين اختاروا نفس الإثباتات، وثانيا، مع الزملاء الآخرين الذين اختاروا الإثباتات الأخرى (ولكن يمكن أيضا توزيعها بشكل اعتباطي). ومن الواضح، لا يوجد "نظام تربوي " يريد لنفسه أن يكون قطعيا ونهائيا، بل هو "أداة للتفكير" بشكل فردي أو جماعي.
-o0o-
ما قد يعنيه التعليم والتعلم:
1. كل تعلم هو لقاء، وغالبًا ما يسبغ المدرس الكمال على المشهد الأولي حيث تَبَيَّنَ، في لحظة صفاء عجيبة، المعرفة التي تغذي انخراطه في الميدان. وهكذا يعيد المدرس في ذهنه تمثيل ذلك المشهد الأولي من محاورة "فايدروس" لأفلاطون، وتلك النزهة على ضفاف نهر إليسوس التي تمنحنا الأمل في علاقة تربوية ننعم فيها بالسعادة والهدوء: " لننزل إليسوس. سنجلس بهدوء في مكان نحبه. سنناقش وندرس الرياضيات والفلسفة ". ثمة شيء ما هنا يعد جزءا من عملية تعلم مثالية يمكن أن نقوم بها حفاة الأقدام، في الريف، في غمرة سعادة دائمة وتلاقي رائع بين أشخاص يصطفي بعضهم البعض.
2. يكتشف كل مدرس، في يوم ما، أنه إلى جانب الطلاب الذين يسيرون معه على ضفاف نهر إليسوس، يظل آخرون يقاومون، بشكل أو بآخر، سحر تعليمه. البعض لا ينسجم تمامًا معه، والبعض الآخر يبقى جانبا، وهناك بعض آخر يظل في قطيعة مع المعرفة التي يحبها المدرس ويرغب في نقلها وينسج معها علاقة مميزة.
في رواية" فيرديدوركه"(Ferdydurke) لويتولد غومبروويش(1) (Witold Gombrowicz) يخاطب المدرس طالبا مُتَمَنِّعًا بشأن قصيدة من الشعر الكلاسيكي: "كيف لا تثير هذه القصيدة حماسك بما أنني شرحت لك ألف مرة أنها ستبعث فيك الحماس؟ ". إنه لأمر مثير للشفقة أن نشاهد هذا المدرس يكتشف أن ليس كل تلامذته يسيرون إلى جانبه على ضفاف نهر إليسوس. لكن، في الحقيقة، وهذا هو نصيبنا اليومي؛ فهنا حيث نلاقي مقاومة الآخر لرغبتنا في تثقيفه وتعليمه، هو ما يمكن أن نطلق عليه «اللحظة البيداغوجية".
3. تنظم المدرسة الأوقات والأماكن حيث يُجْبَرُ أفراد على تفعيل حريتهم في التعلم حسب الطلب. كل شيء منظم ومحدد زمنيًا ومُبَنْيَنٌ: يجب أن يعبئوا أنفسهم، بناءً على طلبنا وطلب المؤسسة، حول مواضيع وبرامج تتجاوز نطاق مبادرتهم وإرادتهم. لكن هذا لا يمكن أن "ينتج" اللقاء والتعلم على نحو خارق. وهكذا، تجعل مارغريت دوراس (2) (Marguerite Duras)، في رواية" أمطار الصيف" (La Pluie d'été)، إرنستو-ذلك الطفل الذي تعلم القراءة بشكل عصامي، ولا يريد الذهاب إلى المدرسة، لأنه لا يريد أن يتعلم-يقول: "عندما لا نرغب في التعلم، فلا داع لذلك". وهو ما يرد عليه المدرس صائحا: "التعليم إجباري يا سيدي إجباري!"
4. لا أحد يستطيع أن يثير بشكل آلي رغبة شخص ما في التعلم، حتى في بنية يكون كل شيء فيها مبرمجا ومنظما. لا يسعنا إلا أن نخلق الظروف التي تسمح بانبثاق هذه الرغبة التي ليس لنا سيطرة مباشرة عليها. وكما قال لاكان (Lacan): "لا يمكن أن تكون لنا سلطة على رغبة الآخر، لأننا نحن الذين سنرغب حينئذ بدلا عنه. وإذا وضعنا أنفسنا موضع الآخر، فأين سيضع الآخر نفسه؟ ". التعلم هو دائما التزام ومجازفة. يذكر فلاديمير يانكيليفيتش(3) (Vladimir Jankélévitch) هذا في "تكريم لبرجسون (Bergson)": "للبدء، عليك أن تبدأ، ولا يتعلم المرء البدء. للبدء، يجب فقط التحلي بالشجاعة". لذلك نحن بحاجة إلى شيء ليس لدينا سوى القليل من القدرة عليه على وجه التحديد.
5. إن التوتر القائم بين الميل (l’intérêt) والإكراه (la contrainte) هو أحد مكونات البيداغوجيا والممارسة التربوية. وكما يقول إدغار موران (Edgar Morin)، " إن أولئك الذين يجبروننا على الاختيار بين قطبين متناقضين وضروريين على حد سواء، يلحقون بنا أسوأ ضرر يمكن أن يصيبنا؛ إنهم يدمرون إمكانية التفكير ذاتها". الإكراه والميل ضروريان معا في أي شكل من أشكال النشاط التربوي، فلا يمكن إبطال هذا التوتر، ولكن يمكن التغلب عليه من خلال بناء " عدة بيداغوجية" باعتبارها "مبدأ تنظيميا" للنشاط، أي من خلال تحديد " الإكراهات الخلاقة" التي تسمح للطلاب، بفضل الموارد التي يُزَوَّدون بها، بتجاوز العقبات والارتقاء بالفكر فوق مستوى معين من التمثيل.
6. إن التوتر بين الدافع الخارجي، الذي يتمثل في البحث عن الفوائد الموجودة سلفا، والدافع الداخلي، الذي يشير إلى المسرحة (la dramaturgie) الداخلية للمعرفة، هو أيضًا أحد مكونات الممارسة التربوية. لا يمكن إبطال هذا التوتر، لكن يمكن التغلب عليه بالجهود المستمرة لـ "إنشاء الرابط بينهما". وبالتالي نكون في "الما بين"، بين ما هو موجود سلفا، وما يمكن أن يحدث: نحن نشتغل في هذا "الما بين" بشكل دائم، من خلال وصل الممكن بالمعطى، والاعتماد على ما هو موجود بالفعل لإظهار ما يمكن أن يسمح لنا بفهم أكثر وأفضل لأنفسنا والعالم، وهذا من شأنه أن يساعدنا في دخول تاريخ إنسانية تبني المعرفة من أجل تحررها.
7. يمكن أن ينبثق الميل إلى التعلم بمجرد أن يقترح المدرس موضوعات ثقافية، التي بفضلها يربط كل طالب ما هو أكثر حميمية لديه بما هو أكثر كونية. ولا شيء أكثر حميمية من الخوف الذي يشعر به كل طفل من أن يتخلى عنه والداه، ولا شيء أكثر كونية من "عقلة الإِصبع" (4) (Le Petit Poucet): دور المدرس، الذي ليس معالجًا نفسيًا، هو أن يعرض هذا الموضوع الثقافي الذي هو " عقلة الإصبع" حتى يمكن للطفل أن يتعرف من خلال هذا الكائن على أن والديه لن يتخليا عنه، ولن يكون الوحيد الذي يخشى من ذلك. وهكذا يكتب كريستيان بوبين (5) (Christian Bobin) في كتابه " غير المؤمل" (L'Inespérée): "الذكاء هو القوة المنفردة لاستخلاص قبضة ضوء من فوضى الحياة الشخصية، قبضة كافية للإضاءة أبعد قليلاً من الذات، تجاه الآخر، هناك، حيث الآخر الذي يشبهنا، الضائع في الظلام ". نحن جميعًا ضائعون في الظلام، على غرار تلامذتنا: المعرفة التي يمكن أن نحملها لهم تمثل تلك القبضة من الضوء التي يمكن أن تساعدهم في ملاقاة بعضهم البعض. يمكن للفن، بطبيعة الحال، أن يسهم في ذلك، ولكن أيضا التعلم المتطلب للغات وكل العلوم.
-o0o-
التعليم والتعلم في زمن الحداثة
1. تفاقم الحداثة التناقض بين الالتزام بالتعليم باعتباره المفتاح الوحيد للاندماج الاجتماعي وواقع أن التعلم لا يمكن أن يفرض؛ وفي الواقع، يبدو التعلم، وبشكل متزايد، مثل نهج فردي، بل وفرداني، خال من أي قيود. إننا نحيا في مجتمع، وبخاصة في مدرسة، يُطْلَبُ فيه من جميع الأطفال التعلم. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، هناك اعتراف متزايد بحق الأفراد في عدم التعلم أو تعلم ما يرغبون فيه أو يطلبونه فقط. إن دور المدرسة-من حيث إنها تعلم أفرادا لا يستطيعون اختيار ما يجب أن يتعلموه ... وإلا، فسيكونون متعلمين سلفا-هو جعل المعرفة الضرورية مرغوبا فيها.
2. الحداثة تفاقم التناقض بين إرادة المعرفة ومشروع التعلم؛ هذا الأخير يفرض تأجيل "معرفة كل شيء، وعلى الفور"، وتحمل الجهل، وترويض الزمن. "المعرفة" و "التعلم" ليسا مترادفين. لقد تلاشت الرغبة في التعلم لدى العديد من الطلاب، وحلت محلها إرادة المعرفة، لأنهم يريدون "أن يعرفوا على الفور"، ولا يدركون مدى الحاجة إلى التعلم. الحداثة التقنية نفسها تنظم أنشطتنا بشكل منهجي حتى نتمكن من معرفة دون تعلم ودون أن نتعلم. ولهذا السبب من الصعب جدا على الطلاب التخلي عن المعرفة الفورية من أجل إتاحة الوقت للتعلم. ولكن، هو دور المدرسة جعل الطلاب يكتشفون الفائدة والمتعة الكامنة في التعلم، حتى لو كان ذلك يعني إرجاء الفائدة والمتعة التي يحصلون عليها في المعرفة.
.3الحداثة تفاقم التناقض بين "أولوية النجاح" و "أولوية الفهم". إن أولوية "النجاح"، كما يفرضها المجتمع، تصبح لدى العديد من الطلاب، أولوية "النجاح بأي ثمن"، وباقتصاد للجهد، من خلال تفويض الحد الأقصى من المهام إلى الآلة، أو دعوة خبراء متخصصين، أو ببساطة شديدة، دعوة شخص واحد أو أكثر "يعرف بالفعل كيفية القيام بذلك". هذه طريقة للتخلص من "الفهم"، أو على الأقل، وضعه في الخلفية. ومع ذلك، يجب أن تضطلع المدرسة بوظيفتها المتمثلة في إحداث القطيعة؛ المدرسة ليست مكانا للأداء الاقتصادي، بل هي مكان اكتشاف المعرفة الجديدة، والاستكشاف المنهجي للآفاق الجديدة. إذا كانت العلاقات، في الشركة أو في سياق الأنشطة الترفيهية، تُبْنَى على استخدام المهارات والمعرفة الموجودة بالفعل، فإن مبدأ المدرسة هو اكتشاف واكتساب الجميع للمهارات والمعرفة.
4. كي نعطي الأولوية ل «الفهم" على "النجاح"، يجب أن يكون المرء قادرا على الشعور بالرضا في إمكانية معرفة نفسه والعالم، وليس فقط في تحقيق الفعالية. لذلك، يجب عليه أن يجد متعة حقيقية في هتك سر تاريخه الشخصي والوصول إلى أسرار العالم. ولكن هذه الأسرار يمكن أن تُعَرِّضَ للخطر الأمان النفسي للشخص، من خلال نقض أو زعزعة ما يعتقد أنه يعرفه، وما يرتبط به، وحتى ما بناه بنفسه بالفعل. إن الانطلاق للبحث عن هذه الأسرار لهو أمر غاية في السهولة.
5. إن وصول المرء إلى سر الأشياء بنفسه هو خرق لسلطة أولئك الذين يدعون أنهم يملكون الحقيقة من أجلنا ويفرضونها علينا " لما فيه مصلحتنا". هذا لا يعني أنه يجب علينا إلغاء كل "نقل" في التربية، ولا استبدال "نقل المعرفة" بـ "التعلم" الذي يرغب فيه الطالب ويقوم به. هذا يعني أن النقل يجب أن يوضع على محك "التحقق" حتى لا يعتبر المتلقي اكتساب المعرفة خضوعًا لمذهب مفروض عليه، بل يعيش تلك المعرفة كاكتشاف لما يساهم في تحرره. هذا هو السبب في أنه إذا كانت العلمانية تتطلب منا مساعدة تلامذتنا على الفصل بين المعتقدات والمعرفة، فإنها تجبرنا أيضًا على عدم تدريس المعرفة باعتبارها اعتقادا. المدرسة ليست مكانًا للخضوع لكلمة رجل دين، ولكنها مكان لاكتساب معرفة يمكن التحقق منها.
6. المدرسة هي، بامتياز، المكان الذي يتعلم فيه المرء أن حقيقة أي كلمة لا تتعلق بمركز الشخص الذي ينطق بها، حتى لو كان مدرسا. في الواقع، المدرسة ليست مكانا لتعلم الولاء لكن مكانا لتعلم التفكير الناقد، بما في ذلك التفكير الناقد في العلاقة بالمدرسة. المدرسة هي المكان الذي يجب أن يَرْجَحَ فيه البحث عن الدقة والإحكام والصرامة والحقيقة على السلطة والعلاقات الاجتماعية. والمكان الذي تُبنى فيه علاقة نقدية مع الحقيقة. فعندما نعطي الأطفال بطاريات وأسلاك ومصابيح كهربائية، فإن المُصيبَ فيهم ليس من يصرخ بملء حنجرته، ولكن من يتمكن من وصل كل هذه العناصر بعضها ببعض كي تضيء المصابيح. وبالمثل، عندما نجري مُحَاجَّاتٍ مع الطلاب نتعلم معا، عن طريق تطارح الأسئلة، والإزاحة النسقية للذات عن المركز، والتمييز بين المثال والدليل، والخضوع، فرديا وجماعيا، إلى الصرامة البرهانية... هذا الانقلاب المهم يجعل من المدرسة مكانا للتمتع ليس عن طريق استعراض القوة، ولكن عن طريق خرق فكري بشكل خاص والرضا عن استشراف الحقيقة.
7. ليس مستحيلا أن يرتبط البحث عن أشكال الخرق (transgression)، التي تُعَرٍّضٌ السلامة النفسية والجسدية للأطفال والمراهقين، بفقدان القوة الانتهاكية للتعلمات المدرسية. وليس مستحيلا أن يصبح تعلم القراءة، الذي قدمه فرديناند بويسون (6) (Ferdinand Buisson) بوصفها وسيلة لممارسة حرية التفكير والتحرر من كلمة رجل الدين، اليوم عملا من أعمال القهر وليس التحرر. يسعى الطلاب إلى "تحرير أنفسهم" من خلال أشكال من الخرق الاجتماعي التي تسهم في تعريضهم للخطر أو حتى تدميرهم. عندما لا يستطيع الإنسان أن يحرر نفسه بالمعرفة، فإنه دائما ما يميل إلى التحرر من خلال خرق القواعد الاجتماعية بجميع أشكالها.
-o0o-
يتذكر باسكال كينارد (7) (Pascal Quignard) قائلا: "نحن لا ننقل إلا العالم الآخر، ولا نترجم إلا اللغة الأخرى. ووحده الجنس الآخر يسكننا […]. المشكلة ليست النقل، بل الافتراس.كبار السن ليسوا المسؤولين عن النقل: إنهم معطاءون [...]. التعلم هو امتصاص عظام الجثث واحتساء الموت، إنه تطفل على خرائب الأعمال. نحن كلنا لصوص، كلنا سريون ". ماذا لو كان الجوهري اليوم في الفصل الدراسي هو إعادة اكتشاف طعم السرية (la clandestinité)، وكانت المدرسة وجميع الفاعلين فيها عباري حدود أكثر منهم موظفي جمارك، وكانوا يسلكون في كثير من الأحيان الطرق الخلفية مع شغف بالمخاطرة بدلا من أن يطلبوا بانتظام أوراق العبور من الطلاب... ألن نستعيد المزيد من الرغبة في التعلم معا؟ بالتأكيد، هذا ليس بالأمر السهل، طالما مجتمعنا يعتقد أنه يكفي " توفير" المعرفة للأطفال وتقديمها لهم في إطار خدمة ذاتية ضخمة حيث كل شيء في متناول اليد... في الوقت الذي ينبغي على العكس من ذلك مساعدتهم على سرقتها منا. وحول هذا الموضوع، دعونا نتأمل في هذه الحكاية التي ذكرها عالم من علماء الأنثروبولوجيا: " في الماضي، في صقع من الأصقاع النائية، وقبل ظهور المدرسة بوقت طويل، كانت جماعة بشرية صغيرة، ممن نحكم عليها بسهولة بالبدائية، تمنع الأطفال من الوصول إلى المعرفة. كان البالغون المتمرسون يجتمعون، بانتظام، في المساء، حول النار لتبادل المعرفة والمهارات التي اكتسبوها والتي اعتبروها ضرورية كي تصان وتنقل إلى الأجيال القادمة. لم يقتصر الأمر على استبعاد الأطفال من هذه الاجتماعات، ولكن تم تنصيب حراس مسلحين بوجوه عابسة في كل مكان لمنعهم من الاقتراب. ما زالت الحيلة تعمل: بحيل ذكية، نجح الأطفال في إحباط يقظة الحراس وسرقة بعض هذه المعرفة الثمينة التي كانت مخفية عنهم. هكذا علم الأطفال وتعلموا. وهكذا، سمح لهم البالغون، نافذو البصيرة والمخاتلون، بالاستحواذ على المعرفة. وهكذا تشتغل التربية ... "
الهوامش:
(1) كاتب من بولندا، (ولد في 04أغسطس 1904-وتوفي في 29 يوليوز 1969)، يعد من كبار كتاب أوروبا والعالم في القرن العشرين. كتب الرواية والقصة والمسرح. من أشهر أعماله الروائية: فيرديدوركه (1937)، عبر الأطلسي (1952)، كون (1965)؛
(2) كاتبة ومسرحية ومخرجة فرنسية (ولدت 04 أبريل 1914 بسايغون-وتوفيت في 11 أبريل 1996 بباريس)، من أشهر أعمالها في الرواية: العاشق (1984)، سد ضد المحيط الهادي (1950)، نائب القنصل (1966)، عاشق الصين الشمالية (1991)، وسيناريو فيلم " هيروشيما حبيبتي" (1960)؛
(3) فيلسوف فرنسي (ولد 31 مارس 1903 ببورج – توفي 6 يونيو 1985 بباريس)، من أشهر أعماله الفلسفية كتاب " " لا أدري ماذا وتقريبا لا شيء" (Le Je-ne-sais-quoi et le presque-rien) (1957)؛
(4) حكاية خرافية شهيرة، استقاها الكاتب شارل بيرو من التراث الشفوي الشعبي، ونشرت عام 1697، في مجموعة "حكايات الأوزة الأم" (Contes de ma mére l’oye)؛
(5) كاتب وشاعر فرنسي من مواليد 24 نيسان 1951 ب كروزو أون ساون إي لوار (Creusot en Saône-et-Loire). كاتب غزير الإنتاج، إذ تربو أعماله على ستين عملا أدبيا؛
(6) فيلسوف ومربي وسياسي فرنسي (ولد في 20 دجنبر 1841-توفي 16 فبراير 1932)، ساهم في تأسيس رابطة حقوق الإنسان بفرنسا، عمل مديرا لدائرة التعليم الابتدائي بفرنسا، ترأس اللجنة البرلمانية المكلفة بتنفيذ الفصل بين الكنيسة والدولة. اشتهر بكفاحه من أجل التعليم العلماني؛
(7) كاتب فرنسي معاصر، من مواليد 23 أبريل 1948 بفورنوي سور آفر (Verneuil-sur-Avre). حظيت أعماله باستقبال واسع من قبل القراء، وحصدت جوائز مهمة: ظلال هاربة (2002) (جائزة الكونكور)، كل صباحات العالم (1991)، شرفة في روما (2000) (الجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية).
الكاتب: فيليب ميريو (Philippe Meirieu)
ترجمة: عبد السلام اليوسفي










الحمد لله رب العالمين
آخر مواضيعي

0 ​امتحانات نيل شهادة البكالوريا- دورة 2024- دليل المترشحة والمترشح : 30 ماي 2024
0 تسمم 19 تليمذا بضواحي وزان والدرك يوقف صاحب محل للوجبات السريعة
0 وزارة التعليم: لا تغيير على الامتحانات.. وتقليص ساعات الدراسة عار عن الصحة
0 مديريات التعليم تستعد لترسيم “المتعاقدين” ومصادر تستبعد تقديم دروس أمام اللجان
0 وزارة التربية الوطنية تتجه إلى توحيد الكتاب المدرسي في الدخول المقبل
0 وزارة بنموسى “تستخف” بأرواح الأساتذة وتقدم لهم وجبات رديئة في تكوينات المدرسة الرائدة
0 ​مذكرة رقم 24-166 بتاريخ 28 ماي 2024 في شأن تنظيم العمليات المتعلقة بالانتقال أو بتكرار السنة الثانية أو بولوج أقسام التميز الخاصة بتلميذات وتلاميذ الأقسام التحضيرية للمدارس العليا التي تحتضنها المؤسس
0 مستجدات قضية مدير ثانوية مولاي يعقوب المتهم في قضية التحرش بتلميذات
0 الجيش الملكي والرجاء ينتصران ويواصلان الصراع على اللقب
0 النتائج النهائية الخاصة بترقية 2022 و تسقيف 2023 فئة الابتدائي . خارج السلم