تعليمه صلى الله عليه وسلم بالمُحادَثةِ والموازنة العقلية
ومن أساليبه صلى الله عليه وسلم في التعليم أنه كان يَسلُك في بعض الاحيان سبيلَ المحاكمةِ العقليةِ على طريقة السؤالِ والاستجواب ، لقلعِ الباطلِ من نفسِ مستحسِنه ، أو لترسيخ الحقِّ في قلب مُستبعِدِه أو مُستَغرِبهِ .
روى أحمدُ والطبراني: ((أن فتى شابّاً أَتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسولَ الله ، ائذنْ لي بالزنى ، فأقبلَ القومُ عليه فزَجَروهُ وقالوا : مَهْ مَهْ. فقال صلى الله عليه وسلم : ادْنُهْ، فدنا منه قريباً فجلَسَ ، فقال صلى الله عليه وسلم له : أتُحِبُّهُ لأمِّك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لأمَّهاتِهم .
قال : أفتُحِبُّهُ لابنتك ؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لبَناتِهم .
قال : أفتُحِبُّهُ لأختِك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لأخواتِهم .
قال : أفتحبُّهُ لعمتِك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لعمّاتِهم .
قال : أفتحبُّهُ لخالتِك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لخالاتِهم .
قال : فوَضَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَه عليه ، وقال : اللهُمَّ اغفِرْ ذنبَهُ ، وطَهِّرْ قلبَهُ ، وحَصِّن فَرْجَهُ . قال : فلم يَكنْ الفتى بعد ذلك يَلتفتُ إلى شيءٍ)) فانظُر كيف استأصَلَ النبي صلى الله عليه وسلم من نفس الفَتى تعلُّقَه بالزنى ، عن طريقِ المُحادثَةِ والمُحاكَمةِ النفسيّة والمُوازنةِ العقلية ، دون أن يَذكُر له الآياتِ الواردة في تحريم الزنى والوعيدِ للزاني والزانيةِ ، نظراً منه أن هذا أقلَعُ للباطل ـ في ذلك الوقت ـ من قلبِ الشابِّ بحَسَب تصوُّرِه وإدراكِهِ .