منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - عرض مشاركة واحدة - كتاب" ظاهرة الشعر الحديث" للدكتور أحمد المعداوي
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية مغربية يا ناسي
مغربية يا ناسي
:: دفاتري جديد ::
تاريخ التسجيل: 25 - 10 - 2007
المشاركات: 76
معدل تقييم المستوى: 208
مغربية يا ناسي على طريق الإبداع
مغربية يا ناسي غير متواجد حالياً
نشاط [ مغربية يا ناسي ]
قوة السمعة:208
قديم 13-02-2009, 22:31 المشاركة 1   
عاجل كتاب" ظاهرة الشعر الحديث" للدكتور أحمد المعداوي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اتمنى المساعدة في هذا التلخيص اريد تلخيصة اكثر فاتمنى المساعدة

الفصل الثالث: تجربـــة الحيـــاة والمـــوت

لم يكن الشعر العربي الحديث كله شعر يأس وغربة وضياع وقلق وسأم، فهناك أشعار تغنت بالأمل والحياة واليقظة والتجدد والانبعاث او مايسمى عند ريتا عوض بقصيدة الموت والانبعاث التي نجدها حاضرة في أشعار بدر شاكر السياب وخليل حاوي وأدونيس وعبد الوهاب البياتي. وسبب هذا الأمل والتجدد في أشعار هؤلاء التموزيين الذين تغنوا بالموت والانبعاث هو ماتم إنجازه واقعيا وسياسيا كثورة مصر و تأميم القناة ورد العدوان الثلاثي واستقلال أقطار العالم العربي والوحدة بين مصر وسوريا إلى غير ذلك من الأحداث الإيجابية التي دفعت الشعراء إلى التغني بالانبعاث واليقظة والتجدد الحضاري. ولم تستقل حقبة الأمل بفترة معينة، بل نراها تتداخل مع فترة إيقاع الغربة والضياع تعاقبا أو تقاطعا.

وقد نجد فكرة التجدد عند الشعراء المهجريين كأقصوصة " رماد الأجيال" و"النار الخالدة" عند جبران خايل جبران، وقصيدة" أوراق الخريف" لميخائيل نعيمة، " غيرأن هذه اللمحات الأدبية والشعرية ، التي تراءت في إنتاج أدباء المهجر الشمالي ، لاتؤلف في واقع الأمر تجربة متماسكة، تضع الإيمان بالتجدد والعبث فوق كل اعتبار،فباستثناء قصيدة " الحائك" لنعيمة، تبقى الحيرة والتردد، وإيثار الحياة الحالمة، هي طابع هذه التجربة العامة".22 ويعني هذا أن التجدد عند شعراء المهجر مقترن بالتناسخ، بينما التجدد عند الشعراء المحدثين مرتبط بالفداء المسيحي.

وقد استفاد الشاعر الحديث من مجموعة من الأساطير والرموز الدالة على البعث والنهضة واليقظة والتجدد، واستلهمها من الوثنية البابلية واليونانية والفينيقية والعربية، ومن المعتقدات المسيحية ومن التراث العربي والإسلامي ومن الفكر الإنساني عامة. وتجسد هذه الأساطير غالبا صراع الخير والشر، ومن بين هذه الأساطير الموظفة نجد: تموز وعشتار وأورفيوس وطائر الفينيق وصقر قريش والخضر ونادر السود ومهيار والعنقاء والسندباد وعمر الخيام وحبيبته عائشة والحلاج ولعازر والناصري.

ولقد أفرزت هذه الأساطير الرمزية التي وظفها الشاعر المعاصر منهجا نقديا وأدبيا وفلسفيا يسمى بالمنهج الأسطوري" يقدم به الشاعر مشاعره وأفكاره، ومجمل تجربته في صور رمزية، يتم بواسطتها التواصل، لا عن طريق مخاطبة الفكر، كما تفعل الفلسفة والمنطق، بل عن طريق التغلغل إلى اللاشعور، حيث تكمن رواسب المعتقدات والأفكار المشتركة".23

ويعد أدونيس من أهم شعراء التجربة التموزية الذين تغنوا بالموت والانبعاث كما في ديوانيه" كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل"، وديوان" المسرح والمرايا". ومن أهم خصائص شعره التي تحدد نظرته إلى أمته على المستوى الحضاري خاصة التحول عبر الحياة والموت، أي إن أدونيس يشخص في أشعاره جدلية الإنسان المتأرجحة بين الحياة والموت، كما في قصائده الشعرية " الرأس والنهر"، و" تيمور ومهيار"، وقصيدة "السماء"، وقد اشتغل أدونيس في شعره كثيرا على أسطورة العنقاء وشخصية مهيار .

أما إذا انتقلنا إلى الشاعر خليل حاوي فقد عبر في دواوينه الثلاثة " نهر الرماد" و"الناي والريح " و" بيادر الجوع" عن مبدإ آخر غير مبدإ التحول عند أدونيس هو مبدأ المعاناة، أي معاناة حقيقية للخراب والدمار، والجفاف والعقم. وقد شغّل في شعره أسطورة تموز وأسطورة العنقاء للدلالة على هذا الخراب الحضاري والتجدد مع العنقاء.

ومن القصائد الدالة على معاناة الحياة والموت قصيدته" بعد الجليد "وقصيدة" السندباد في رحلته الثامنة"، و"حب وجلجلة"، و"البحار والدرويش"، و" ليالي بيروت"، و" نعش السكارى"، و"جحيم بارد"، و" بلا عنوان"، و"الجروح السود"، و" في جوف الحوت" ، و"المجوس في أورپا" و"عودة إلى سدوم"، و"الجسر"، و"عند البصارة" ، و" وجوه السندباد"، ومسرحية"عرس الدم" للوركا، و" سيرة الديك الجن"، و"الكهف"، و"جنية الشاطئ"، و" لعازر عام 1962 م".

ومن جهة أخرى، فقد تناول بدر شاكر السياب في الكثير من قصائده معاني الموت والبعث، وعبر عن طبيعة الفداء في الموت، إذ يعتقد بأن الخلاص لايكون إلا بالموت، إلا بمزيد من الأموات والضحايا كما في قصيدته " النهر والموت" ،وفي قصيدته " قافلة الضياع "، و" رسالة من مقبرة". وقد استخدم السياب رمزا أسطوريا للتعبير عن فكرة الخلاص وهو رمز المسيح كما في قصيدته" المسيح بعد الصلب"، وقصيدة " مدينة السندباد" و"أنشودة المطر".

وتتسم أشعار عبد الوهاب البياتي بجدلية الأمل واليأس كما يظهر ذلك جليا في ديوانه" الذي يأتي ولايأتي". ويلاحظ الدارس أن هناك ثلاث منحنيات في جدلية الأمل واليأس في أشعار عبد الوهاب البياتي:

" في المنحنى الأول، انتصار ساحق للحياة على الموت، وتمثله الأعمال الشعرية السابقة على" الذي يأتي ولايأتي"، ولاسيما " كلمات لاتموت"، و" النار والكلمات" و" سفر الفقر والثورة".

في المنحنى الثاني تتكافأ الكفتان، ويمثله ديوان" الذي يأتي ولايأتي".

أما المنحنى الأخير، فيتم فيه انتصار الموت على الحياة، ويمثله ديوان" الموت في الحياة""24

هذا، و قد جسد عبد الوهاب البياتي في دواوينه الشعرية حقيقة البعث من خلال الخطوط الأربعة الهامة لمضمون ديوانه" الذي يأتي ولايأتي" كخط الحياة وخط الموت، وخط السؤال، وخط الرجاء، وكل هذا يرد في جدلية منحنى الأمل ومنحنى الشك.

وبعد، لقد أصبح الشاعر الحديث شاعرا يجمع بين هموم الذات وهموم الجماعة ، يروم كشف الواقع واستشراف المستقبل متنقلا من التفسير إلى التغيير. وبمعنى آخر،" لقد أصبح وعي الشاعر بالذات وبالزمن وبالكون مرتبطا بوعيه بالجماعة، ومتضمنا له. وماكان لشيء من ذلك أن يحدث لولا وعي الشاعر الحديث، وإدراكه للتحدي الذي يهدد حاضره ومستقبله، بالقدر الذي يهدد وجوده القومي. الأمر الذي جعل موقف الشاعر من الذات، ومن الكون، ومن الزمن ومن الجماعة، موقفا موحدا، تمليه رغبته في الحياة والتجدد والانتصار على كل التحديات، التي يرمز إليها برمز واحد، ذي طابع شمولي، هو رمز الموت الذي يعني موت الذات وموت الزمن( الماضي بكل أمجاده والحاضر بكل تطلعاته) ، والذي يعني تبعا لذلك محو الوجد القومي والإنساني للأمة العربية.

إن الصراع بين الموت والحياة في تجربة الشاعر الحديث يعني في آخر الأمر الصراع بين الحرية والحب والتجدد الذي يجعل الثورة وسيلته، وبين الحقد والاستعباد والنفي من المكان ومن التاريخ."25

وعلى الرغم من مضامين الشعر الحديث الثورية، فإنه لم يتحول إلى طاقة تغييرية، بل نلاحظ انفصالا بين الشعر الحديث والجماهير العربية، والسبب في ذلك يعود حسب أحمد المعداوي إلى عامل ديني قومي، وعامل ثقافي، وعامل سياسي، ولكن أهم هذه العوامل حسب الكاتب تعود إلى العامل" المتعلق بتقنية هذا الشعر، أي بالوسائل الفنية المستحدثة التي توسل بها الشعراء، للتعبير عن التجارب التي سبقت الحديث عنها. فلا شك في أن حداثة هذه الوسائل حالت بين الجماهير، وبين تمثل المضامين الثورية لهذا الشعر."26

الفصل الرابع: الشكـــــل الجديــــــد

استعمل الشعر الحديث شكلا جديدا يتجلى في استخدام الرموز والأساطير والصور البيانية الانزياحية، كما أن اللغة تختلف من شاعر إلى آخر، فالشعراء العراقيون الذين يمثلهم بدر شاكر السياب يستعملون لغة جزلة وعبارة فخمة وسبكا متينا على غرار الشعر القديم الذي يتميز بالنفس التقليدي كما يظهر ذلك جليا في دواوين السياب القديمة والمتأخرة وخاصة قصيدته "مدينة بلا مطر"، وقصيدة" منزل الأقنان"، بينما هناك من يختار لغة الحديث اليومي كما عند أمل دنقل في ديوانه" البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، وهناك من يخلخل اللغة الشعرية النفعية المباشرة ويستعمل لغة انزياحية موحية تنتهك معايير الوضوح والعقل والمنطق كما نجد ذلك عند الشاعر أدونيس والبياتي ومحمد عفيفي مطر وصلاح عبد الصبور، وهناك من يشغل اللغة الدرامية المتوترة النابعة من الصوت الداخلي، وهذا الصوت" منبثق من أعماق الذات، ومتجها إليها، خلافا لماهو الأمر عليه لدى الشاعر القديم، الذي امتاز سياقه اللغوي بصدوره عن صوت داخلي يتجه إلى الخارج، وهو في اتجاهه إلى الخارج يأخذ شكل خطاب أو التماس أو دعوة إلى المشاركة والتعاطف، الأمر الذي يمنعه من أن يقيم جدارا بينه وبين العالم الخارجي أثناء المعاناة والتوتر، فهناك دائما شخص آخر يقاسم الشاعر آلامه"27 ، كما نجد ذلك لدى الشاعر محمد مفتاح الفيتوري في قصيدته " معزوفة لدرويش متجول".

وعلى مستوى الصورة الشعرية، فقد تجاوز الشاعر الصور البيانية المرتبطة بالذاكرة التراثية عند الشعراء الإحيائيين، والصور المرتبطة بالتجارب الذاتية عند الرومانسيين، إلى صور تقوم على توسيع مدلول الكلمات من خلال تحريك الخيال والتخييل وتشغيل الانزياح والرموز والأساطير وتوظيف الصورة الرؤيا وتجاوز اللغة التقريرية المباشرة إلى لغة الإيحاء. ولا ريب أن ولع" الشاعر الحديث بالضرب في بحور المعرفة السبعة ، قد أتاح له أن يجتني المزيد من الصور والرموز، التي تعتبر من أهم الوسائل التي يلجأ إليها الشاعر الحديث للتعبير عن تجاربه الجديدة، ولا ريب في أن الشاعر حين فعل ذلك، وحين وسع مدلول صوره البيانية، أو حدده بربطه بمدلولات سائر الصور في القصيدة الواحدة، أو حين فتح مدلول الصورة الواحدة على آفاق تجربته المختلفة، قد ابتعد كثيرا عن مفهوم الصور البيانية في البلاغة القديمة، وأن هذا البعد قد ساهم مساهمة فعالة في إبعاد تجاربه الشعرية عن ذوق عامة الناس،كما منحهم نوعا من التبرير لوصف شعره بالغموض. ".28

ولكن أهم خاصة شكلية يتسم به الشعر الحديث هو تطور الأسس الموسيقية، وإن كان بعض الشعراء المحدثين مازالوا يستعملون الطريقة التقليدية في كتابة قصائدهم كما هو حال البياتي في هذا المقطع المأخوذ من ديوانه" الذي يأتي ولا يأتي":

عديدة أسلاب هذا الليل في المغاره

جماجم الموتى، كتاب أصفر، قيثاره

نقش على الحائط، طير ميت، عباره

مكتوبة بالدم فوق هذه الحجاره.

بيد أن هناك من الشعراء من نسف عروض الشعر لينتقل إلى عروض القصيدة معتمدا على التفعيلة وتنويعها والتصرف في عددها حسب انفعالات التجربة الشعرية وتوقفها. أي إن التجربة الشعرية الذاتية الداخلية هي التي تستلزم الإيقاع الشعري والوقفة العروضية والنظمية والدلالية عند الشاعر المعاصر.

هذا، وقد التجأ الشاعر الحديث إلى تنويع البحور الشعرية داخل قصيدة واحدة، واستخدام البحور الصافية منها ، وتنويع القوافي والتحرر من القافية الموحدة التي تمتاز بالرتابة والتكرار الممل، ناهيك عن تفتيت وحدة البيت المستقل وتعويضه بالأسطر والجمل الشعرية التي تخضع للنسق الشعوري والفكري.

وشغّل الشاعر الحديث ستة بحور شعرية كالهزج( مفاعيلن)، والرمل( فاعلاتن)، والمتقارب( فعولن)، والمتدارك ( فاعلن)، والرجز( مستفعلن)، والكامل(متفاعلن)، ولقد أصبح " في وسع الشاعر أن يستخلص من البحر الواحد عددا هائلا من الأبنية الموسيقية، التي ربما أغنته عن التفكير في الانصراف من البحر ذي التفعيلة الواحدة إلى غيره. ولقد فطن الشاعر الحديث إلى هذه الخاصة منذ السنوات الأولى لاكتشاف الشكل الجديد، فقد لاحظ الدكتور إحسان عباس في كتابه" عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث" الصادر سنة 1955م، أن" في ديوان " أباريق مهشمة" إحدى وأربعين قصيدة، منها ثمان وعشرون تستمد نغماتها من البحر الكامل، ومنها ست على بحر الرمل"29.

ومن سمات التجربة الجديدة الخلط بين البحور داخل قصيدة واحدة كما عند السياب في قصيدتين من قصائد ديوان" شناشيل ابنة الجلبي"، وأدونيس في قصيدته" مرآة لخالدة" من ديوان" المسرح والمرايا".

ومن " النصفة تقتضي منا – يقول أحمد المعداوي- أن نشير إلى أن الطاقات الموسيقية للبحور المختلطة، بالرغم من أهميتها، لم تستغل على النحو الذي رأيناه عند أدونيس إلا نادرا".30

ومن الظواهر التي تم توظيفها في الشعر الحديث التنويع في الزحافات ، وتنويع الأضرب، واستعمال صيغة فاعل في بحر الخبب ، والاتكاء على التدوير والتضمين، وتنويع القوافي حسب النسق الشعوري والفكري مع استخدامها بشكل متراوح أو متعانق أو متراكب أو موحد أو متقاطع أو متراوح.

ويرى أحمد المعداوي في آخر الكتاب أن الحداثة من العوامل التي كانت وراء وصف الشعر العربي الحديث بالغموض، إلى جانب ما تتطلبه القصيدة الحديثة من إعمال للجهد واستلزام لذوق قرائي جديد، ثم انفصال هذا الشعر عن الجماهير مادام لا ينزل معها إلى ساحة المقاتلة والنضال والصراع ضد قوى الاستغلال والبطش ولا يشاركها في معاركها الحضارية.

د- تقـــــويم الكتـــــــاب:


1- منهجية الكتاب:

ينطلق أحمد المعداوي في هذا الكتاب الجدير بالمدارسة والمتابعة من منهج تاريخي فني ينفتح فيه الكاتب على المناهج الضمنية الأخرى كمنهج التلقي، والمنهج الأسطوري ( دراسته للأساطير) ، والمنهج الاجتماعي.

ويتمثل المنهج التاريخي في تحقيب الشعر العربي زمنيا ( الشعر القديم، والشعر الإحيائي، والشعر الذاتي، والشعر الحديث) من خلال ربطه بالظروف التاريخية كربط الشعر العربي الحديث في القرن العشرين بما عرفه العالم العربي من نكسات ونكبات وحروب وهزائم.

أما المنهج الفني فيكمن في تقسيم الشعر العربي الحديث إلى مدارس شعرية فنية التي حصرها الدارس فيما يلي:

المدرسة الإحيائية المرتبطة بالنموذج التراثي؛
الحركة الرومانسية ذات التوجه الذاتي والتي تنقسم بدورها إلى هذه المدارس الوجدانية: مدرسة الديوان، ومدرسة أپولو، ومدرسة المهجر؛
حركة الشعر الحر أو الشعر الحديث أو الشعر المعاصر.
ويلتجئ أحمد المعداوي إلى منهج التلقي أثناء الحديث عن عزوف القراء عن الاهتمام بالشعر المعاصر أو مايسمى بشعر الحداثة، ويرجع ذلك العزوف والابتعاد إلى هيمنة الغموض في هذا الشعر؛ مما سبب في انفصال كبير بين المرسل والمتلقي، أو بين المبدع والقارئ. ومن الأدلة على وجود هذا المنهج قول الكاتب:" غير أن النصفة تقتضي منا أن نسجل بأن ثمة عدة عوامل حالت بين هذا الشعر وبين أن يصل إلى الجماهير العربية، ليتحول إلى طاقة جبارة، شبيهة بالطاقة التي اعتدنا من الكلمة الصادقة أن تفجرها في كل العصور". 31

وتتجلى القراءة الاجتماعية في ربط المبدع ببيئته الاجتماعية ووسطه الزمكاني، وربط الإبداع بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي كما يظهر ذلك في حديثه عن تجربة الغربة والضياع التي ربطها بهزيمة العرب في حرب حزيران ناهيك عن النكبات والنكسات التي عاشها العرب منذ 1948م، ومن الشواهد النقدية الاجتماعية على ذلك قول الكاتب:" كانت هزيمة الجيوش العربية سنة 1948 مفاجأة من الأمة لنفسها، وفرصة لمواجهة ذاتها مواجهة صريحة بإعادة النظر في كل مايحيط بها، سواء أكان ثقافة أم سياسة أم علاقات اجتماعية. لم يبق بين الناس، ولا في أنفسهم شيء أو قيمة لم تتجه إليها أصابع التهمة. الحقيقة الوحيدة التي استقرت في كل قلب هي مبدأ الشك، الشك بعلاقة العربي بنفسه وبما حوله، وبماضي أمته وحاضرها، حتى أوشك الشك أن ينال من علاقة العربي بربه. وأمام هذا الإيمان بمبدإ الشك بدأت الأرض تهتز تحت أقدام الوجود العربي التقليدي، ولم تعد له تلك الهيمنة القديمة على أفكار الناس وحريتهم، وبات في وسع العربي الشاعر أن يفتح نفسه للأفكار والفلسفات ، والاتجاهات النقدية في الأدب والشعر، الواردة من وراء البحر،وأن يدعها تمتزج في نفسه وفكره بثقافته القومية، ليستعين بذلك كله على تحليل واقعه ، والوقوف على المتناقضات والملابسات التي تكتنفه، وإدراكها إدراكا موضوعيا تتبدى من خلاله صورة الواقع الحضاري المنشود الذي نريد".32

ومن جهة أخرى، ينهج الكاتب منهج الظواهر والقضايا في دراسة الشعر العربي الحديث والمعاصر، ويتضح ذلك جليا في عنوان الكتاب " ظاهرة الشعر الحديث"، وتقسيم الكتاب إلى مجموعة من الفصول الدراسية تتخذ طابع القضايا والظواهر الأدبية تتعلق بالشعر الحديث صياغة ودلالة ( شعر الغربة والضياع، وشعر الموت واليقظة، والشكل الجديد) ، وقد تمثل هذا المنهج في المغرب الأستاذ عباس الجراري في مجموعة من كتبه ،33 والدكتور محمد الكتاني في كتابه" الصراع بين القديم والجديد". وهذا المنهج استلهمه المغاربة من كتابات أساتذة الأدب في الجامعة المصرية.

ويعرف الدكتور عباس الجراري منهج الظواهر والقضايا بأنه يستعين:" بفكر نقدي يستند إلى الواقع والمعاصرة، وبجدلية وموضوعية تعتمدان على معطيات استقرائية واستنتاجات منطقية، بعيدا عن أي توثن أو معتقدية متزمتة أو موقف تبريري، إذ في ظني أنه لايمكن فصل المنهج عن المضمون كما أنه لايمكن ممارسة نقد قبلي، أي نقد سابق على المعرفة.

ويقضي محتوى المنهج عندي كذلك أن أنظر إلى تلك القضايا والظواهر من زاوية تعطي الأسبقية للتمثل العقلي على النقد التأثري، أي بنظرة فكرية عقلانية وليس على مجرد التذوق الفني النابع من الإحساس الجمالي والتأثر العاطفي والانفعال الانطباعي بالأثر المدروس. وإن كنت لا أنكر أهمية المنهج الفني وجدواه بالنسبة لنوع معين من الموضوعات، وقد سبق لي أن جربته في بعض الأبحاث، وخاصة في دراسة لي منشورة عن" فنية التعبير في شعر ابن زيدون".

وبهذا يحقق المنهج جملة أهداف، في طليعتها الكشف عن مواطن الجمال وعن الدلالات الفنية وما ينبثق عنها من حرارة يحث تحسسها على إدراك ما يتكثف تلك الدلالات من مضامين فكرية، باعتبار الجانب الفني المتمحور حول اللغة وبنائها التركيبي ظاهرا يبطن فكرا، أو أنه بعد أولى يخفي أبعادا أخرى عميقة. وبذلك تبرز قيمة الإبداع ، وتبرز من خلالها كل الشحنات الشعرية والطاقات الفكرية والمضامين الإنسانية والأبعاد الصراعية سلبا وإيجابا.

كما يحقق المنهج من أهدافه إثبات الوقائع وربطها بالأسباب ووصف الظواهر وتعليلها والبحث عن بواعثها الخفية والظاهرة القريبة والبعيدة، واستخلاص العلاقات التفاعلية بينها وبين غيرها".34

ويتبين لنا من كل هذا أن أحمد المعداوي يشغّل في كتابه عدة مناهج نقدية في دراسته الأدبية النقدية تجمع بين الظواهر المضمونية والقضايا الشكلية في إطار رؤية تاريخية اجتماعية فنية يستحضر فيها الكاتب القارئ المتلقي لمعرفة سبب انعدام التواصل بين المبدع المعاصر والمتلقي الرافض للشعر الحداثي.

2- إشكالية المصطلح:

سمى أحمد المعداوي شعر التفعيلة بالشعر الحديث، بيد أن هذا المصطلح يثير بلبلة منهجية ومعرفية، فالمعروف أن العصر الحديث تاريخيا يمتد من 1850م إلى 1950م ليبدأ العصر المعاصر من سنة 1950م إلى يومنا هذا. كما أن هذا المصطلح لايعبر بدقة عن شعر التفعيلة، فقد يضم الشعر الحديث الشعر الرومانسي والشعر الحر والشعر المنثور، ويمكن أن ينسحب على الشعر الكلاسيكي لما لا؟؟! لذا نفضل التسميات التالية: الشعر المعاصر أو شعر التفعيلة آو الشعر الجديد. أما شعر الحداثة فينطبق على شعر التفعيلة كما ينطبق على الشعر المنثور.

ويقول أحمد المعداوي مدافعا عن مصطلحه ( الشعر الحديث) الذي نرفضه جملة وتفصيلا:" هناك عدة اقتراحات لتسمية هذه الحركة الشعرية، منها اقتراح الشاعر صلاح عبد الصبور لتسميتها بالشعر التفعيلي، وهي تسمية غير دقيقة لأنها تستند إلى جانب شكلي، بل إلى جانب جزئي من الشكل هو الوزن. وهناك اقتراح آخر هو تسميتها بالشعر المنطلق، ويؤخذ عليه أن مفهوم الانطلاق قد يعني التحرر من كل قيد، كما أن مفهوم الحرية في قولهم الشعر الحر، قد يعني التحرر من أي التزام، ومن أجل ذلك آثرنا استعمال مصطلح الشعر الحديث تمييزا لهذه الحركة عن التيارات الشعرية الجديدة الأخرى، كتيار أپولو وتيار المهجر وغيرهما...".35

إقصاء الشعر المنثور:
إذا كان أحمد المعداوي قد دافع عن الشعر الحداثي الذي يعتمد على الحرية والمثاقفة مع الآداب الأجنبية ويقف بالمرصاد في وجه النقاد المحافظين، فإننا نجده في هذا الكتاب يمارس نفس الدور الذي مارسه الذين انتقدوا الشعر المعاصر التفعيلي، حيث يرفض أحمد المعداوي الشعر المنثور لاعتبارات إيقاعية، لذا، يخرجه بكل سهولة من دائرة الشعر والحداثة، وبذلك يحتكم إلى نفس المقاييس التي احتكم إليها النقاد المحافظون بصفة عامة، يقول أحمد المجاطي:" نخرج من هذا الحكم الأشعار التي أهملت موسيقا العروض العربي، معتمدة على ألوان من الموسيقى الداخلية لاضابط لها،مما يدخل في إطار ما يطلقون عليه " قصيدة النثر"، ونحن لم نتعرض لهذا الاتجاه في الشعر الحديث لثلاثة اعتبارات. (الاعتبار الأول) إهماله للوزن الذي نعتقد أنه شرط أساسي لكل شعر. و(الاعتبار الثاني) التقاؤه مع الشعر الحديث الموزون في الاعتماد على التعبير بالصورة، واللجوء إلى الرمز والأسطورة والسياق اللغوي الجديد.(الاعتبار الثالث) هو انحسار موجة هذا التيار أمام الشعر الحديث الذي يعتمد الوزن الشعري أساسا موسيقيا له".36

ولكن ألا يعرف الدارس اليوم أن الشعر التفعيلي قد انتهى دوره واضمحلت مكانته وانتهى عهده ؟! ألم يع بعد بأن هذا الشعر وقف مشدوها عاجزا أمام اكتساح الشعر المنثور لمعظم المنابر الثقافية، وأصبح مطية سهلة لكل الشعراء الصغار والكبار على حد سواء، وصارت الشبكات الرقمية والصحف تنشر كل يوم الكثير من القصائد النثرية فيها الغث والسمين ، ومعها كثر الشعراء حتى أصبح من الصعب إحصاؤهم ، وصار كل إنسان شاعرا بالفطرة يكتب الشعر المنثور ويقول بصوت عال بأنه " شاعر مفلق فحل"؟!

مواضيع وأشكال أخرى:
تناول أحمد المعداوي تجربتين وهما: تجربة الغربة والضياع، وتجربة الموت والتجدد، بينما هناك مواضيع أخرى تناولها الشعر المعاصر لم يناقشها الكاتب بالتفصيل والتمحيص ولم يشر إليها بالدرس والنقد كالتصوف والمقاومة الفلسطينية والنزعة الزنجية والقضايا الإسلامية والمكان والزمان والموت والأسطورة وشعر المدينة والحب والمرأة والنزعة الإنسانية وتيمة الحرب فضلا عن مواضيع سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وحضارية.

كما أغفل من الناحية الفنية القصيدة الكونكريتية والقصيدة الدرامية المركبة والقصيدة القصصية والقصيدة المسرحية وطبيعة التركيب الجملي و خصائص الأسلوب وطبيعة الضمائر في الشعر العربي المعاصر .

التعميـــم في الأحكام:
نلاحظ أن أحمد المعداوي يعمم أحكامه ويسحبها على الظاهرة بأكملها، فعندما يتعامل مع الشعر الرومانسي يعتبره شعرا سلبيا يرتكن إلى الضعف والاستسلام والنكوص والانكماش، بينما نحن نعلم جيدا أن هذا الشعر جمع بين الذاتية والقضايا الوطنية ( قصيدة إرادة الحياة لأبي القاسم الشابي)، والقومية ( نسر لعمر أبي ريشة). ويعني هذا أن ليس كل ما لدى الرومانسيين سلبي، فقد جمعوا بين التعبير عن الهموم الذاتية الفردية بسبب تردي الواقع الذي كان يعيشون فيه، والهموم الثورية من خلال حث الشعوب على الثورة والانتفاض ضد الاستعمار، وديوان أبي القاسم الشابي "أغاني الحياة" و" ديوان الحرية "لعبد الكريم بن ثابت خير دليل على ما نقول.

وما ذهب إليه أحمد المعداوي في حق شعر الذاتيين يمكن أن ينطبق أيضا على شعر الشعراء المحدثين الذين تغنوا بالغربة والضياع فهؤلاء حسب النقاد الاشتراكيين سلبيين يذرفون بكاء الندب والهزيمة، وكان من باب أولى أن يكونوا ثوريين وأن ينزلوا إلى واقع الممارسة لمشاركة القراء في همومهم وآلامهم من أجل تغيير العالم بدلا من تفسيره والبكاء عليه.

وعندما حاكم الدارس الشعراء الإحيائيين ووصفهم بالتقليدية واحتذائهم للنموذج التراثي وملء الذاكرة،فإنه لم يستثن المحاولات التجديدية التي قام بها أحمد شوقي الذي أبدع شعر الأطفال وشعر الفكاهة واللهو وشعر المسرح والنثر المسرحي وشعر الأمثال والقصص، وكانت له أيضا الكثير من القصائد ذات الملامح الرومانسية الوجدانية.

تراجع في الأحكام:
من الغريب جدا أن يسقط الباحث في تناقض كبير كما نجد ذلك عند الباحث الأكاديمي أحمد المعداوي وربما كانت ثمة عوامل ذاتية وموضوعية جعلته يتراجع عن أحكامه النقدية التي ضمنها في كتابه " ظاهرة الشعر الحديث" ، حيث نجد الكاتب في البداية يدافع عن الشعر الحر أو الشعر الحديث عارضا الأدلة والبراهين من أجل إقصاء الشعر الكلاسيكي والشعر الرومانسي ليسقطه في السلبية والتقليدية والبكائية الذاتية الضعيفة، وكل ذلك من أجل أن يمهد للشعر الحديث الذي جعل منه ميسما للحداثة والتجديد ووسيلة لتغيير الواقع، كما جعله علامة بارزة على التطور والتحول في شعرنا العربي الحديث.

بيد أنه في كتابه الثاني" أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث" يقوض كل ما بناه في كتابه الأول، آخذا فأس النقد ليحطم كل مرتكزات الشعر الحديث، ويطعن في كل الرموز الشعرية الكبيرة ليعلن إفلاس الشعر الحديث على نحو ماذهب إليه المفكر الألماني شپبنگلر الذي أعلن إفلاس الحضارة الغربية في كتابه عن بؤس الحضارة. وفي هذا السياق يقول أحمد المعداوي معلنا كساد الشعر الحديث ساخرا بالحداثة الشعرية المعاصرة:" الواقع أن موضوع الحداثة الشعرية العربية موضوع حساس، لأنه يمس صروحا، شعرية ونقدية، شيدها أصحابها منذ زمن، وأقاموا حولها، من المتاريس والعسس، ما يكفي لقمع أي بادرة تتساءل عن مدى صلابة أو هشاشة الأرضية التي شيدت عليها تلك الصروح. وأنا رجل لا أملك صرحا شعريا أخشى عليه من الجهر بالحقيقة، مهما كانت مرة، كما أنني لا أنوي إقامة صرح نقدي على حساب شعراء هذه الحركة ونقادها، وكل ما في الأمر، هو أني بحكم الاحتكاك المتواصل، قراءة وتدريسا وإشرافا على البحوث الجامعية، تكون لدي اقتناع مفاده أن هذه الحركة قد بدأت تدور حول نفسها، في اتجاه الطريق المسدود.

منذ البداية، كنت أعرف أن أذى كبيرا سينالني، من قبل أولئك الذين اعتادوا أن يتاجروا بالترويج لهذه الحركة والنفخ في رموزها. كنت أعرف مثلا أن أقل ما سأرمى به هو السقوط في السلفية، وأن فشلي على صعيد الإبداع الشعري، من حيث نجح غيري نجاها باهرا، هو السبب في توجهي هذه الوجهة الهدامة."37

وبعد أن دافع أحمد المعداوي عن شعر الغربة والضياع في الشعر العربي الحديث على الرغم من الانتقادات الموجهة لهذه التجربة البكائية السلبية المتأثرة بالفلسفة الوجودية، نجد الكاتب يتراجع عن حكمه السابق ليوافق ما ذهب إليه النقاد الذين كانوا يعارضون أطروحته سابقا، وفي هذا الصدد يقول أحمد المعداوي:" والخلاصة التي أحب أن أخرج بها من هذا الفصل هي: لقد جرب الشاعر الحديث أن يتكئ، في رسالته الشعرية، على تجارب الآخر( تجربة الغربة- تجربة الحياة والموت) فوصل إلى الطريق المسدود وجرب أن يعتمد على نفسه فوصل إلى الطريق نفسه".38

ويتبين لنا من خلال المقارنة بين كتاب " ظاهرة الشعر الحديث" و"أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث"، أن كتاب أزمة الحداثة أتى ليقوض ما بناه أحمد المعداوي في كتابه " ظاهرة الشعر الحديث"، كأني بالباحث ينتقم من نفسه ومن الآخرين.

ومن ثم، فكتاباه لم يكونا موضوعيين من الناحية العلمية والأكاديمية، بل خضعا لمعايير شخصية و أهواء ذاتية وإيديولوجية تنم عن محاكمة شخصية وتصفية حساب مع منافسيه بطريقة تضر بالعلم والبحث الموضوعي. ويمكن أن نعتبر كل ماقاله أحمد المجاطي هو نوع من المازوشية وتعذيب للذات بسبب ماكان يعانيه من تهميش وإقصاء ونبذ ومحاصرة وتطويق في المغرب وخارجه من قبل من مجموعة من شعراء الحداثة الذين ساروا في الشعر أشواطا كبيرة لاداعي لذكر أسمائهم في هذه الدراسة المتواضعة.

اللغـــة الواصفــة:
يستعمل أحمد المعداوي في كتابه " ظاهرة الشعر العربي الحديث" لغة بيداغوجية أكاديمية من سماتها: التقرير والمباشرة والبيان البليغ وفصاحة الكلمات واحترام قواعد الإملاء والصرف والنحو. كما تتسم هذه اللغة بقوة الإقناع والحجاج من خلال استعمال أسلوب التعريف وأسلوب الوصف وسرد الوقائع والاستعانة بالمماثلة والمقايسة واللجوء إلى التقويم والحكم وتوظيف آليات الحجاج العقلي والمنطقي كالشرط والافتراض والاستنتاج والاستدلال وإيراد البراهين النقدية والشعرية والشواهد اللغوية والأمثلة المدعمة.

هذا، وتمتاز لغة الكاتب بمواصفات البحث الأكاديمي من خلال تقسيم الكتاب إلى أقسام وفصول ومباحث فرعية متبعا المنهج الاستقرائي تارة والمنهج الاستنباطي تارة أخرى. ويعني هذا إن الوظيفة المهيمنة في الكتاب هي الوظيفة الوصفية التي تتمثل في تبليغ خطابي أدبي نقدي، وتتفرع عنها وظيفة حجاجية إقناعية موجهة إلى القارئ، يروم الباحث من خلالها التأثير على المتلقي وإقناعه إيجابا أو سلبا. وتتسم لغته كذلك بتفاعلها مع اللغة الأدبية واللغة القرآنية واللغة الشعرية ذات الطاقة الإيحائية والشحنة البلاغية.

قيمة الكتاب:
لا أحد يشك في قيمة الكتاب المعرفية والأدبية والنقدية والتاريخية، فلا يمكن أن يستغني عنه طالب أو أستاذ أو باحث مهما كان مستواه العلمي والمعرفي. فالكتاب غني بالمعلومات الأدبية والتاريخية والأسطورية، ودسم بالمادة الشعرية و الحيثيات البيوغرافية المتعلقة بالمبدعين والنقاد.

وكل من يحاول التأريخ للشعر العربي الحديث، ويريد معرفة تحقيبه ومراحل تطوراته ومساره الفني والإيديولوجي، فلابد أن يعود عند هذا الكتاب الرائع الثري بكثير من المعطيات الأدبية والنقدية.

ويمكن القول: إن كتاب أحمد المعداوي" ظاهرة الشعر الحديث" خلاصة اجتهادات لما كتب عن الشعر العربي الحديث و المعاصر في المشرق والمغرب كما لدى محمد مندور، و محمد النويهي، ونازك الملائكة، وإحسان عباس، وناجي علوش، وأدونيس، ومحمد بنيس، وعز الدين إسماعيل، وكمال خير بك ، وريتا عوض، وعبد الله راجع...

ومن ثم، ننصح جميع القراء والكتاب ونقاد الشعر الحديث بضرورة الاطلاع على هذا الكتاب القيم ،على الرغم من هناته وعدم موضوعية أحكامه في الكثير من الأحيان، قصد الاستفادة من معطياته وأطروحاته، ولكن عن وعي وقراءة الخلفيات.

بيد أنه لا ينبغي الاكتفاء بهذا الكتاب فقط، ، بل لابد أن نستعين بالكتاب الثاني الذي أراه مكملا للأول ، كما أنه سفر ضروري يجب الاطلاع عليه ألا وهو كتاب " أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث".


خاتمـــــة:

يتضح لنا، مما سبق، بأن كتاب " ظاهرة الشعر الحديث" لأحمد المعداوي كتاب يدافع عن الشعر المعاصر أو الشعر الحديث من خلال مقاربات متداخلة تتكئ على التاريخ والتحليل الفني وملامسة القضايا الواقعية وتجريبية التلقي. بيد أن هذه الدراسة تعتمد على منهج القضايا والظواهر لدراسة الشعر العربي الحديث من حيث المضمون والشكل للبحث عن التحولات والتطورات التي حققها هذا الشعر في تعالقه مع واقعه الموضوعي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا.

وعلى الرغم من قيمة هذا الكتاب من الناحية العلمية والمعرفية والأدبية والتاريخية والنقدية، إلا أنه قد سقط في أحكام تعميمية وخضع لمقاييس ذاتية انطباعية تحت دوافع إيديولوجية ذاتية وشخصية ، والدليل على ذلك تراجع الباحث عن أحكامه النقدية في كتابه" أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث" الذي قوض كل النتائج التي توصل إليها الكاتب في كتابه السابق" ظاهرة الشعر الحديث".

وعليه، فنحن نستغرب أيما استغراب لماذا التجأ أحمد المعداوي إلى هذه الطريقة التي دمر فيها كتابه الأول وقوض دعائم رسالته الجامعية ، وشكك في شاعريته وحطم مذهبه الشعري الذي عاش من أجله سنوات وسنوات؟! فهل تحطيمه لرؤوس الحداثة الشعرية والحركة الشعرية المعاصرة في كتابه " أزمة الحداثة" كانت وراءه دوافع شخصية ذاتية أو دوافع سياسية وإيديولوجية، أو أن هذا التراجع عن نتائج الكتاب الأول هو نوع من المصداقية العلمية والاعتراف بالخطإ أو هو نوع من المازوشية والهستيريا الذاتية لتحطيم الذات داخليا أو تحطيم الغير الناجح؟!


اتمنى الا تبخلو عليا بمساعدتكم
اتمنى قبل يوم الثلاثاء









آخر مواضيعي

0 بخصوص منحة الماستر
0 هام جدا لاصحاب السنة الثانية باكالوريا واساتذة مادة الفرنسية
0 كتاب" ظاهرة الشعر الحديث" للدكتور أحمد المعداوي
0 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 اتمنى الدخول لانه موضوع هام بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا
0 طلب معلومة
0 طلبتكم فاتمنى ان لا ترودو طلبي هذا
0 خاص بالسنة الثانية باكالوريا* تنظيم حصص لمناقشة ومراجعة الدروس/ثانوي
0 هام جدا جدا فاتمنى الدخول بسرعة