|
:: مراقبة عامة ::
تاريخ التسجيل: 19 - 10 - 2013
المشاركات: 12,032
معدل تقييم المستوى:
1385
|
|
نشاط [ nadiazou ]
قوة السمعة:1385
|
|
26-10-2017, 13:14
المشاركة 1
|
|
الطريق إلى أبوة صالحة
- الطريق إلى أبوة صالحة
أمل تحقيق الابوة الصالحة هو أمل كل مؤمن صالح ،
- تزوج ابتداء بنية تكوين بيت مؤمن ، وانجاب ذرية طيبة
- صالحة نافعة ..
ولطالمنا بنى كل مؤمن في مخيلته قصورا مشيدة
- من مستقبل طيب مشرق مع ابنائه وبناته ، وتصور أن يخرجوا
- عباقرة ناجحين ، وعلماء افذاذ ، وقادة صالحين ..
وظل الأب طوال حياته يجهد نفسه ويتعبها ويبذل المقدور
- من نفسه ومن ماله ووقته وخبرته ، ليضعها على طبق
- مزين لابنائه ليستفيدوا بها ..
لكن الواقع المؤلم عادة يفسد تلك الاحلام ، ويقطع ذلك
- الاسترسال في الأمل ، فيفجع الآباء في كثير من الأحيان
- بأبناء منحرفين أومستهترين أوتافهين أو مرضى
- نفسيين او فاشلين ..أو غيره
وعندئذ يطل السؤال الأشهر والأهم براسه ، لماذا
- تفشل أبوتنا في أن تكون ابوة صالحة ناجحة ؟
- إن كثيرا من الإجابات تحمل الابناء المسؤولية الكبرى في ذلك ،
- وتعود باللوم على الامهات وعلى المجتمعات وغيرها ..
- ولاشك أن كل هذه العناصر مؤثرة ، لكننا ههنا نحاول
- ان نمعن النظر في دور الآباء خصوصا ونراه اساسا مهما
- ورئيسا في نجاح بناء الابناء ..
فالإنسان بطبيعته يحتاج إلى نموذج تطبيقي حي
- أمامه حتى يتصور الفعل الايجابي المعين والسلوك الموجه فيصدق به ويتمثله
- في حياته ، لذلك أرسل الله تعالى المرسلين وأمرنا
- بالاقتداء بهم : " أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده "
- ، " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر..."
فالفعل أبلغ من القول، وفعل رجل في ألف رجل خير
- من قول ألف رجل في رجل.
والقدوة الصالحة من أعظم المعينات على تكوين العادات
- الطيبة حتى إنها لتيسر معظم الجهد في كثير من الحالات .
والابناء في بداية شبوبهم يحبون المحاكاة والتشبه
- في السلوك والحديث وردود الأفعال ، ولو خرج الابناء
- فوجدوا نماذج طيبة صادقة قريبة منهم بيوتهم لخرجوا يحاكونها بغير جهد يذكر
ولعل من بركة توجيهاته صلى الله عليه وسلم لصلاة النوافل
- في البيوت وألا يجعلها الناس قبوراً
- فضل كبير الأثر في إقتداء الأولاد بذلك .
فقد روى أبو داود أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
- "خير صلاة الرجل في بيته إلا الصلاة المكتوبة"
وقال: " تطوع الرجل في بيته يزيد عن تطوعه
- عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده " صحيح الجامع.
لكن الأبناء في استقائهم الخلق وتشربهم بالسلوك ،
- لا يقنعون بمجرد الظاهر منها ، بل يتعدون ذلك
- إلى مستويات أعمق بكثير مما يظن الآباء..
فالأب يعيش
- في بيته على طبيعته بغير تكلف، وهو الأمر الذي يجعله
- يتصرف بما وقر في حقيقته وداخليته .
والولد يقلد أباه فيما رآه منه على الحقيقة لا على التكلف ،
- والأبناء يلحظون الصغير الدقيق من السلوك والأخلاق ،
- كما يلحظون كبيرها ، وتؤثر فيهم صغائر الأحوال
- كما تؤثر فيهم كبائر الوقائع .
والاب الصالح هو صاحب القلب السليم من الشبهات والشهوات ،
- المقدم الآخرة على الدنيا ، الباذل جهده في ارضاء ربه ،
- المسارع للصالحات ، المجتهد في تعلم العلم النافع
- وتطبيقه والعمل به ، وهو كذلك الكريم في عطائه لولده العادل
- مع ابنائه ، البار بوالديه ، المتميز في عمله المتقن له ،
- الأمين في تعامله ، النافع لمجتمعه ، الإيجابي في سلوكه ..
- وغير ذلك من الفضائل
كذلك فالأب الصالح الناجح هو الأب الرحيم العطوف
- بأبنائه وأسرته الذي يمنحهم الحب والعطف والحنان ويشملهم
- برعايته ويحتويهم بقلبه الكبير ويشعرون معه بالسعادة والآمان .
والأب القاسي هو المتسبب الأول في الأمراض النفسية
- لدى أبنائه والمشجع الأول على الأمراض القلبية
- لهم من غل وحقد وحسد وحب ذات وغيره .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم خير قدوة في رحمته
- وعطفه وملاطفته الصغار وملاعبتهم والتبسط معهم والتحبب إليهم وعدم العبوس في وجوههم،
- فقد روى مسلم عن عبد الله بن جعفر: " كان رسول الله
- صلى الله عليه وسلم يحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى يدخلنا المدينة ".
وروى ابن ماجة عن يعلى بن مرة "خرجنا مع النبي
- _صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام فإذا حسين يفر
- ههنا وههنا ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم
- حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبله ".
وروى الشيخان قول النبي صلى الله عليه وسلم:
- " إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع
- بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من وجد أمه من بكائه ".
ومن الآباء من لا يراعى الرحمة مع أبنائه ولا الرقة
- في معاملتهم فيكون أشد عليهم من الغرباء فيترك في أنفسهم جروحاً
- غائرة لا تزول ولا بمرور السنين .
روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:
- "إن الله يحب الرفق ويعطى على الرفق مالا يعطى على العنف ومالا يعطى على سواه ".
وقال صلى الله عليه وسلم :
- " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم
- الرفق " صحيح الجامع.
بالطبع ليس معنى الرفق أن يتهاون الأب مع أولاده
- في مواطن الحزم فالحكمة وضع الشىء موضعه ، ولا يمكن أن يرى الأب ابنه يفعل السيئات
- أو المخالفات فيتركه أو يقره على ما هو عليه .
ولكن الحكمة تستدعي من كل أب أن يقف مع ولده
- وقفة راشدة رفيقة ، لكنها حازمة يضع له فيها الحدود ويبين له القواعد .
وليعلم كل أب أن وقفاته مع ولده تحفر في ذهن
- الولد فإن وجد فيما يستقبل من عمره قدوة صالحة
- من أبيه زاد ترسخها وصارت خلقا ثابتا
- فيه وصفة أكيدة من صفاته..
والأب في بيته قائد لمدرسة تربوية لها منهج و وسائل
- كما أن لها محددات وأطر .
فعليه أن يضع منهجها وفق السنة النبوية ويحدد
- أطره مثلما حددها الشرع الإسلامي العظيم .
ولكن مع ذلك فلا ينبغي التشنج في التطبيق الظاهري
- فحسب ، بل إن البيو بنى من اساسها ، لنضع الاساس لها ،
- واساسها هو بناء القلوب والعقائد والمفاهيم والقيم
- والمبادىء قبل اي شىء .
والآباء ما داموا يضلعون بمسئولية القدوة التربوية ،
- فيجب عليهم تثقيف أنفسهم وتعليمها فن التربية
- وأساليبها ومداومة سؤال المربين والخبراء والعلماء في ذلك.
هذه التربية تقتضي تعلم الصبر الذي هو من المهارات
- الأبوية الهامة، وقد حذر المربون من كثرة معاملة
- الأولاد بالغضب خصوصاً إذا كانت طبيعة الأب عصبية
- أو سرعة الغضب واقرأ معي قوله سبحانه :"وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها "
وليحذر الآباء من التعدي على ابنائهم بالضرب
- أو الصراخ في لحظات الغضب فإن ذلك من الأخطاء
- الخطيرة التي لا تؤدى إلى تعليم ولا توجيه ولكنها
- عبارة عن إنفاذ غيظ فحسب..
إن أبناءنا يتعلمون الخير والصواب بالحب قبل أن يتعلموه
- بالأمر والشدة، فاحرص أيها الأب على توليد المحبة
- بينك وبين أبنائك..
إن كل أب منا لبحاجة إلى أن يخلو بولده كل مدة قريبة
- ليمازحه ويكلمه ويسأله ويتقرب منه .
يسأله
- عما يحزنه أو يؤرقه يقلقه ، ويسأله عن آماله وأحلامه
- وطموحاته ، فيهون عليه ما يقلقه ، ويثبته فيما يؤلمه ،
- ويزيل عنه الهم ، ويقدم له الدعم النفسي اللازم ..
- هذه هي الابوة الصالحة بحق ..
ان لقاءات المصالحة والمصارحة بين الاب وابنه
- هي تفريغ نفسي وجداني هام للغاية في تربية الأولاد،
- ولئن اشتكى معظم الآباء من عدم قدرتهم على التقرب
- من أولادهم فلأنهم قد قصروا في لقاءات المصارحة
- تلك في الصغر فصعب عليهم ذلك في الكبر حتى بنيت
- الجدران بينهم وبين أولادهم .
وأخيرا لا يفوتني أن أنبه أن هناك علاقة قوية جداً بين
- كون الأب ابا صالحا ناجحاً ، وبين كونه زوجاً صالحا ناجحاً .
فالزوج الناجح هو الذي يهيئ لأولاده البيئة الأسرية
- الخالية من المشكلات والمؤرقات والمنغصات والمؤثرات
- النفسية السلبية وهو الذي يعين زوجته ويساعدها
- على إتمام العملية التربوية بنجاح وإنجاز...
التعديل الأخير تم بواسطة خادم المنتدى ; 05-07-2019 الساعة 22:26
|