- توطئة:
إن الأقسام المتعددة المستويات تعد ظاهرة خطيرة تهدد مسار المنظومة التعليمية و مستقبل ملايين من الأطفال في العالم القروي, إذ مافتئت الظاهرة تتنامى و يتسع مجالها, بسبب الجرة نحو المدن و كذا ظاهرة تنظيم و تحديد النسل التي بدأت مؤخرا تغزو المناطق القروية.
إلا أن المشكل العويص و الذي يجعل الأساتذة يخبطون خبط عشواء, هو تكاثر الأقسام ذات 3 مستويات فأكثر بعد أن كان الأمر مقتصرا على مستويين اثنين متقاربين.
قد يظن القارئ استهزاء أن ما جاء في العنوان مجرد مجاز و إحالة على السلبيات,بسب ما عرف عن الأقسام المتعددة المستويات من سلبيات و معيقات لا يكاد العامل في المجال يتجاوز واحدة حتى تواجهه أخرى. إلا أن ذلك غير صحيح وفعلا أود أن اذكر هنا بعض ما يمكن أن يكون ايجابيات في العمل في قسم متعدد المستويات و ما يمكن أن يجلبه من فوائد للمتعلمين.
- للتلاميذ:
داخل قسم متعدد المستويات: يتمكن تلاميذ المستوى الأعلى من تذكر المفاهيم و القواعد التي سبق لهم أن درسوها , من إعادة تتبيثها و تذكرها في حالة النسيان , و بذلك يتمكنون من مواصلة التعلم و تنمية مهاراتهم وقدراتهم دون عناء. لذا يستلزم لبناء مفهوم {إلقاء درس} معرفة مسبقة سبق أن تعلمها في مستوى أدنى, لا يمكن في حالة قسم مستقل الرجوع إليها باستفاضة حتى لا يتخذ الدرس مسارا مغايرا .
يتمكن تلاميذ المستويات الدنيا من الاقتداء بزملائهم الكبار في كل ما يمكن يحسن مستواهم و يجعلهم يكتسبون و يستوعبون مفاهيم جديدة , كما نهم يتشوقون للوصول إلى المستوى الأعلى , و يتمكنوا بذلك من الاستمتاع بما هو ممنوع عنهم في مستواهم الحالي , كمثال على ذلك تلاميذ المستوى الأول يتشوقون لتعلم اللغة الفرنسية التي يشاهدون تلاميذ المستوى الثاني أو الثالث يتعلمونها ... أن تواجد تلاميذ مستويات مختلفة في نفس القسم يجعل من تفاعلاتهم و دينامية مجموعة فصلهم تفيدهم في الاكتساب و التحصيل, الشيء غير المتاح لتلاميذ مستوى واحد في قسم واحد.
أن متعلمي المستوى الأدنى تنتابهم رغبة جامحة للنجاح و الانتقال إلى المستوى الأعلى, هذه الدافعية لدى هذه الفئة و التي اكتسبوها تلقائيا و لا شعوريا خصوصا أنهم يرون بأم أعينهم ما ينتظرهم, مما يدفعهم إلى بذل مزيد من الجهود.
يُطرح كذاك بإلحاح بالنسبة للأساتذة العاملين في أقسام متعددة المستويات المشكل التالي: عندما ينتهي احد التلاميذ من عمله, و في انتظار إنهاء زملائه لأعمالهم, ماذا سيفعل؟
يتخذ موقف التلميذ 3 مسارات :
1 ينشغل المتعلم باللعب أو إثارة الضجيج, في هذه الحالة فالتلميذ يعيق سير الأعمال.
2 ينتبه إلى ما يقوم به تلاميذ المستوى الأخر:أدنى أم اعلي, و بالتالي يستفيد و يتعلم أشياء جديدة.
3 يمكن أن يلتجئ الأستاذ إلى مكتبة الفصل و يعود المتعلمين على أخد كتاب كلما أنهى عمله و يتركه جانبا كلما استعاد الدرس مساره.
إن القسم المتعدد المستويات يتيح فرصا شتى لتدبير محكم و استغلال أفضل لمكتبة الفصل, فتواجد كتب و قصص لمستويات مختلفة يسمح لجميع التلاميذ بالاستفادة منها.
وهكذا فالتلاميذ على اختلاف ذكاءاتهم و مستوياتهم المعرفية و الذهنية و الحس حركية كما الوجدانية يتمكنون من التطور و الرقي كل على حسب قدراته و مهاراته و استراتجياته التعليمية حتى يتمكن من تطوير كفاياته بشتى أنواعها.
بالنسبة للأستاذ:
حقيقة بالنسبة للأستاذ تكاد تغيب أية ايجابيات اللهم إذا استثنينا :
1 التركيز على المواد الأساسية مثلا اللغة العربية و اللغة الفرنسية و الرياضيات و القران الكريم ,مع التركيز على الكفايات الأساسية و المهارات الأساسية كالقراءة و الكتابة و الحساب.
2 البحث الذي يقوم به قصد التمكن م بناء دروسه و إجراءها على أكمل وجه تجعله يتفتح على برامج مستويات متعددة و يتحكم فيها, و بالتالي يغني رصيده التربوي.
أمثلة واقعية: -
على سبيل المثال لا الحصر:
في قسم لثلاث مستويات 1+2+3 تمكن متعلم من المستوى الاول من ضبط عملية الطرح انطلاقا من تتبعه لاعمال المستوى الثاني, بالإضافة إلى عملية الضرب الخاصة بالمستوى الثالث, بعد أن حفظ جزءا مهما من جدول الضرب. وذلك كله دون علم الأستاذ.
تلميذ في المستوى الثالث لم يكن يضبط الحروف العربية تمكن من تجاوز صعوباته بسبب توجيه من الأستاذ للانتباه إلى دروس تعلم الحروف لتلامذة المستوى الأول.
Lahcenaz