متى كان وصف المفتشين بأنهم حراس المنظومة التربوية تخوينا أو اتهاما لغيرهم؟
متى كان وصف المفتشين بأنهم حراس المنظومة التربوية تخوينا أو اتهاما لغيرهم؟ محمد شركيلم يخطر ببالي في يوم من الأيام عندما أصف المفتشين بحراس المنظومة التربوية أنني أسيء الأدب معغيري أو لا أحترم غيريكما وصفني أحد المعلقين علق باسم “متتبع “على مقالي الأخير الذي حاولت أنأقرأ من خلالهقرار وزير التربية الوطنية المتعلق بفتح باب الترشيح لشغل مناصب مديري الأكاديميات أو النيابات. ومما جاء في تعليق هذا المعلق أن وصفي المفتشين بحراس المنظومةيعني أن غيرهم لصوص وقتلة . وطلب مني المعلقالذي عبر عن احترامه لي أن أبادله قليلا من الاحترام مع عبارة من فضلكالدالة على غضبهوامتعاضه . ووصف المعلق المفتش بأنه لا يحرس وإنما يؤطر المبتدئين ، وهو مجرد بشر كغيره من البشر ، كما أنه ليس المصنف الوحيد ضمن الأطر العليا بل هناك أساتذة ذوو درجات ممتازة و….. والواو ونقط الحذففي محل رفع جملة أو جمل افتخار لا محل لها من الاعراب . فعندما نتأمل هذا النوع من التعليق نجد أن ظاهرة قراءة المقالاتبخلفيات مسبقة لا زالت هي السمة الغالبة حيث تتنكب التعليقات لبموضوعات المقالات ، وتثير مالم يخطر لكتابها على بال . وكثيرا ما نبهت إلى هذه الظاهرة التي لا مبرر لها سوى كونها اغتنامفرص الاختلاف مع الكتاب ليس بسبب مقالاتهم بل لأسباب أخرى غير معلنة . فعندما أقول إن المفتشين حراس المنظومة التربوية فأنا لاأقصدحراسة الجند أو الشرطة أو الدرك مقابلوجود أعداء ومجرمين ولصوص كما خيل إلى السيد المعلق المحترم ،بل أقصد حراسة المنظومة من خلال ترسانتها من النصوص التشريعية والتنظيمية التي تحرسها من الخروج عنأهدافها وغاياتها . وكثيرا ما يختزل البعض التفتيش فيما هو تربوي دون اعتبار ما يتعلق بالتخطيط والتوجيه والمصالح المالية والمادية . فجهاز التفتيشمتعدد التخصصاتفريق يخطط ،وفريق آخر يوجه ، وفريق ثالث يدبر ما هو مالي ومادي ، وفريق رابع يشتغل بما هو تربوي. فحراسة المنظومة من طرف جهاز التفتيشتعني الوقوف على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالتخطيط والتوجيه والمصالح المالية والمادية والأمور التربوية . وكلتغيير أو تنزيل غير مناسب لهذه النصوص يدخل ضمن مسؤولية جهازالتفتيش ، وليس في هذا الأمر تشريف أو استعلاء بل هو تكليف ومسؤولية . فجهاز التفتيش على اختلاف تخصصاته هو الجهة التي تخول لها قوة القانون أن تقول هنا لمتحترم أو احترمت النصوص التشريعية والتنظيمية . فكما أن القضاةيعتبرون حراس العدالة في المجتمع ، فكذلك المفتشون يعتبرون حراس المنظومة التربوية في المجتمع . ولا مبرر البتة لمقارنة المفتشينبغيرهم ما دام هذا الغير لهدوره الخاص في خدمة هذه المنظومة التربوية من زاويته ، ووفق اختصاصه الذي لا ينازعه فيه أحد بقوة القانون أيضا. وقول المعلق أن المفتش مجرد بشر يدعو للاستغراب وكأنني سبق لي أن وصفت المفتشبوصفمفارق للطبيعة البشرية. كما أن قوله ليس المفتش الوحيد المصنف ضمن الأطر العليا ، فأنا لمأثر هذه القضية في مقالي ،بلأنكرت على قرار الوزير عدم التصريحباسم المفتشمقابل التصريح بأسماء غيرهضمن من لهم الحق في تدبير شؤون الأكاديمياتوالنيابات ، مع أنالمفتشمهما كان تخصصه أولى بتدبير إدارة الأكاديمية والنيابة منموظفين في نفس درجته أو رتبته ينتمون إلى قطاعات لا علاقة لها بالتربية . ولميرد في مقالي ما يدعو إلى مقارنة المفتشبالمدرسالذي لم يصرح أيضا قرار الوزير باسمه كما صرحبأسماء غيره . فما الداعي إلى مقارنة السيد المعلقالأستاذ بالمفتش مععبارة ذو خبرة ممازة و… فمن شكك في خبرة الأستاذ الممتازة ، ومن أنكرو…. عنده حتىيحشر هذا المعلقهذا الكلام في تعليقه ؟ في اعتقادي أنكل قراءة أو تعامل مع المقالاتبخلفية معينة مسبقةتنتج عنهما تعليقات خارج التغطية أو خارج السياق كما يقال . فإذا كانت خلفية هذا المعلق هي وجود حساسية من التفتيش ،فلا يعقل أنيستغل مقالا موضوعه لا علاقة له بهذه الحساسية من أجلالتعليقبشكل يعكس هذه الحساسية . ومما عكس حساسية هذا المعلققوله : ” المفتش لا يحرس وإنما يؤطر المبتدىء “،فهذه العبارة في حكم فلتة لسان معبرة عن المضمر والخفيعند المعلق . وصاحب هذه العبارةيعتقد أن دور المفتش هو الاشتغالبتأطيرالمبتدئين من المدرسين ، وهو بذلك يختزل التفتيش في الجانب التربوي الصرفدون غيره من الجوانب الموازية في حين أن ذوي الخبرة وأظنه يصنف نفسه ضمنهم،فهم خارج التأطير حسب اعتقاده. وهنا أريد أنأذكر المعلق المحترم أنمهام التفتيش التربوي هي : التنشيط التربوي، والتكوين التربوي ،والمراقبة التربوية . أما التنشيط التربوي فيتجلى في إرشاد المدرسين ومساعدتهم وتشجيعهم على الابتكار من خلالالندوات والدروس التي تفسح لهم المجال لتبادل الخبرات والمعلومات بغرض تحسين وتجويدعملهم . وهذا يشمل كل فئات المدرسين لا تستثنى منهم فئة . وأما التكوين التربوي فهو خاص بالمبتدئينوالمتدربين من أجل مساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي تواجههم ، ويتجلى أيضا من خلال ندوات ولقاءات ودروس تطبيقية وتجريبية . وأما المراقبة التربوية فهي السهر على سير الدراسة بالمؤسسات التربوية السير العادي من الناحية التربويةسواء تعلق الأمر بطرق استخدام وتشغيل المدرسين على الوجه الأكملأو تطبيق البرامج والمقررات أو تطبيق التعليمات الرسمية المختلفة المتعلقة بجداول الحصصوالزمن المدرسي وزمن التعلم وبتوزيعمستويات المتعلمين على المدرسين، فضلا عن مراقبة سير الدراسة داخل الفصول الدراسية ومراقبة الوثائق التربوية من دفاتر نصوص ودفاتر متعلمين و أوراق فروض المراقبة المستمرةوأوراق التنقيط . وعقب كل تفتيش تحرر تقارير زيارات بدون نقط أوتقارير تفتيش بنقط . فهذه مهام التفتيش المنصوص عليهافي النصوص التشريعية والتنظيميةولا يمكن أن تنكر أو يقع فيها جدال . والمفتشونالتربويون بالتزام هذه المهاميقومون بحراسة المنظومة التربوية دون أن يضعوا في حسابهم أنهم يطاردون اللصوص والمجرمين والقتلة على حد تعبير المعلق ، ودون مقارنةمستوياتهم مع مستويات غيرهم من أجل إثبات الذوات وإنكار الغير. إن تعقيبيعلى تعليق هذا المعلقيؤكد أننيلا أبادله فقط قليلا من الاحترام، بل أنا أبادله كل الاحترام . وأنا أسأله هل كان بالفعلتعليقهفي مستوى الاحترام الذي عبر عنه تجاهي ؟ وأترك للقراء الكرام العودة إلى تعليقهمن أجل الحكم علىمن كان منامحترما أكثر لصاحبه . آملأن ترقى تعليقاتنا إلى مستوى القضايا المطروحة في المقالات مع تجنب تعليقات تحكمها خلفيات مسبقة . محمد شركي