إسرائيل.. فتاوى ضد الأديان تمجد العدوان
أحمد البهنسي
اسلام اون لاين
الأطفال شكلوا معظم ضحايا العدوان الإسرائيلي
"قتل الأطفال والنساء مباح إذا كانوا وسط أعدائنا.. النصوص التوراتية تبيح لليهود فكرة العقاب الجماعي لأعدائهم.. استمروا في قتلهم حتى لو بلغ عدد قتلاهم مليون قتيل، ومهما استغرق ذلك من وقت.. ا***وا البيوت الفلسطينية من الجو على من فيها..".
كشفت فتاوى حاخامات إسرائيليين تناثرت خلال "محرقة غزة" التي استمرت نحو 22 يوما متواصلة، عن مدى تناقضها مع تعاليم جميع الأديان والشرائع السماوية، وكذلك المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تنبذ العنصرية وتحرم استهداف المدنيين العزل حتى في ظل الحروب.
أحدث هذه الفتاوى العنصرية، جاءت على لسان الحاخام "شموئيل إلياهو" في تقرير نشرته اليوم الإثنين صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ردا على سؤال: هل يجوز قتال النساء والأطفال في الحرب؟
ورأى الحاخام أنه "من الخطأ قتل الأطفال والنساء، لكن في حال ما يكون هؤلاء الأطفال والنساء وسط الرجال من أعداء إسرائيل، فإنه من المباح أن يقوم الجيش بما قام به البطل التوراتي اليهودي (شمشون) من هدم المعبد فوق رأس الجميع بلا تمييز".
وفي هذا السياق لفتت الصحيفة إلى أن استخدام الفتاوى الدينية لتبرير استهداف المدنيين خلال الحروب التي تشنها إسرائيل تزايدت في الداخل الإسرائيلي مع بدء الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" عام 2000، لكنها طرحت بشكل أقوى إبان "حرب كسر الإرادة 3" على غزة التي أسفرت حتى وقف إطلاق النار صباح أمس الأحد عن استشهاد نحو 1300 فلسطيني، وإصابة حوالي 5400 آخرين، نصفهم من النساء والأطفال، فضلا عن 118 مسنا، و14 رجل إسعاف.
وعلى مدى ثلاثة أسابيع من العدوان الإسرائيلي على غزة الذي بدء يوم 27-12-2008، تناقلت وكالات الأنباء صورا لجنود وضباط إسرائيليين يقومون بأداء الطقوس الدينية المختلفة، وهو ما يدلل على حرص إسرائيل على إحاطة حروبها بهالة من القداسة، وتغذية المشاعر الدينية لدى الجنود المحاربين أو الرأي العام، كنوع من أنواع الحشد العاطفي للحرب، بحسب "يديعوت أحرونوت".
"قوم عملاق"
وقبل أسبوع نشرت صحيفة "هاآرتس" فتوى لحاخامات في إسرائيل أفتوا فيها بأنه "يتوجب على اليهود تطبيق حكم التوراة الذي نزل في قوم عملاق (أحد الأقوام التي وردت في التوراة أنها حاربت اليهود) على الفلسطينيين، وهو الحكم الذي ينص على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضع والنساء والعجائز منهم، وسحق البهائم".
ونقلت الصحيفة عن الحاخام "يسرائيل روزين" -رئيس معهد تسوميت وأحد أهم مرجعيات الإفتاء لدى اليهود- فتواه التي سبق أن أصدرها في السادس والعشرين من مارس 2007 بأنه "يتوجب تطبيق حكم عملاق على كل من تعتمل كراهية إسرائيل في نفسه".
وحسب التراث الديني اليهودي فإن قوم "عملاق" كانوا يعيشون في أرض فلسطين منذ عدة قرون مضت، وكانت تحركاتهم تصل حتى حدود مصر الشمالية.
ويقول اليهود إن العماليق شنوا هجمات على مؤخرة قوافل بني إسرائيل التي كان يتزعمها النبي موسى عليه السلام عندما خرجوا من مصر واتجهوا نحو فلسطين.
ويضيف التراث أن "الرب" كلف بني إسرائيل بعد ذلك بشن حرب لا هوادة فيها ضد العماليق، وتلا روزين الحكم الذي يقول: "اقضوا على عملاق من البداية حتى النهاية.. اقتلوهم وجردوهم من ممتلكاتهم، لا تأخذكم بهم رأفة، فليكن القتل متواصلا.. شخص يتبعه شخص، لا تتركوا طفلا، لا تتركوا زرعا أو شجرا، اقتلوا بهائمهم من الجمل حتى الحمار".
وعبر نشرة "عالم صغير" -كتيب أسبوعي يوزع في المعابد اليهودية كل يوم جمعة- أرسل الحاخام "مردخاي إلياهو"، الذي يعتبر المرجعية الدينية الأولى للتيار الديني القومي في إسرائيل، رسالة مؤخرا إلى رئيس الوزراء إيهود أولمرت وقادة إسرائيل، ذكر فيها قصة وردت في سفر التكوين حول مجزرة تعرض لها شكيم ابن حمور" كدليل على أن التوراة تبيح لليهود العقاب الجماعي لأعدائهم وفقا لأخلاقيات الحرب.
وورد في هذه الرواية التوراتية أن شكيم قد أخطأ مع إحدى بنات اليهود، فأتى أهلَها يطلبها للزواج، ولكنهم خدعوه حتى تمكنوا من مدينته على حين غرة، فأعملوا القتل في كل سكانها من المدنيين انتقاما لشرف ابنتهم.
وقال إلياهو: "هذا المعيار نفسه يمكن تطبيقه على ما حدث في غزة؛ حيث يتحمل جميع سكانها المسئولية؛ لأنهم لم يفعلوا شيئا من شأنه وقف إطلاق صواريخ القسام"، على حد زعمه.
ودعا أولمرت إلى مواصلة شن الحملة العسكرية على غزة معتبرا أن "المس بالمواطنين الفلسطينيين الأبرياء أمر شرعي".
"اقتلوا مليونا"
أما الحاخام الأكبر لمدينة صفد "شلوموا إلياهو" (إحدى أربع مدن يهودية مقدسة في فلسطين) فقال: "إذا قتلنا 100 دون أن يتوقفوا عن ذلك فلابد أن نقتل منهم ألفا، وإذا قتلنا منهم ألفا دون أن يتوقفوا فلنقتل منهم 10 آلاف، وعلينا أن نستمر في قتلهم حتى لو بلغ عدد قتلاهم مليون قتيل، وأن نستمر في القتل مهما استغرق ذلك من وقت".
ومن جهته، أعرب الحاخام "دوف ليئور" رئيس مجلس حاخامات المستوطنات في الضفة الغربية، عن تأييده فتاوى قتل المدنيين الفلسطينيين، وشاركه في ذلك رئيس المجلس البلدي اليهودي في القدس المحتلة.
وعلى الصعيد ذاته، صادق عدة حاخامات على فتوى تسمح للجيش الإسرائيلي ب*** مناطق سكنية في قطاع غزة، مشيرين إلى أنه "على الجيش *** المناطق التي تطلق منها الصواريخ في غزة، ولكن بعد أن يمهل الجيش سكانها وقتا للإخلاء"، ومن بين الحاخامات الذين صادقوا على الفتوى الحاخام الأكبر لحزب شاس الديني المتطرف "عوفاديا يوسف".
*** المنازل
بدوره أفتى الحاخام"آفي رونتسكي" بأن "أحكام التوراة تبيح *** البيوت الفلسطينية من الجو على من فيها، ولا يجب الاكتفاء ب*** مناطق إطلاق الصواريخ فالواقع يلزم بضبط الناشطين، وهم في فراشهم وفي بيوتهم".
يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يفقد علمانيته بشكل كبير، فبعد أن كان العلمانيون يشكلون أكثر من 95% من الضباط، فإن المتدينين الإسرائيليين باتوا يشكلون 60% من الضباط، فضلا عن أن التثقيف الذي يتلقاه الجنود يشرف عليه أكثر الحاخامات تطرفا، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
حمى الفتاوى العنصرية
وهذه الفتاوى ما هي إلا حلقة ضمن حمى فتاوى عنصرية ضد الفلسطينيين من قبل كبار المرجعيات الدينية، ففي شهر مارس الماضي أصدر الحاخام حاييم كنايفسكي، ثاني أكبر مرجعية في التيار الديني "الأرثوذكسي الليتائي"، الذي يمثله حزب "ديجل هتوارة"، فتوى تحظر تشغيل العرب في إسرائيل، خصوصا في المدارس الدينية.
وأصدر الحاخام ليئور عن "رابطة حاخامات أرض إسرائيل" فتوى مماثلة حظر فيها تشغيل العرب وتأجيرهم شققا سكنية في أحياء اليهود.
ولـ"رابطة حاخامات أرض إسرائيل" إرث من الفتاوى ضد المدنيين الفلسطينيين، ففي سبتمبر 2005 أصدرت فتوى ضمنتها رسالة إلى رئيس الوزراء حينها إريل شارون، حثته فيها على عدم التردد في المس بالمدنيين الفلسطينيين خلال المواجهات التي كانت مندلعة في الأراضي المحتلة حينئذ.
ووصل الأمر إلى حد إصدار الحاخام إ**** جينزبرج، أحد مرجعيات الإفتاء اليهودية، كتابا بعنوان "باروخ البطل" تخليدا لاسم باروخ جولدشتاين الذي نفّذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، والتي استشهد فيها 29 فلسطينيّا أثناء أدائهم صلاة الفجر، وأفتى بعض الحاخامات بأن جولدشتاين بعد تلك المجزرة صار "قديسا".