ضبط المجال الديني وتوفير الامن الروحي للمغاربة - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية سهاد56
سهاد56
:: دفاتري فعال ::
تاريخ التسجيل: 11 - 1 - 2009
السكن: marrakech
المشاركات: 574
معدل تقييم المستوى: 245
سهاد56 على طريق الإبداع
سهاد56 غير متواجد حالياً
نشاط [ سهاد56 ]
قوة السمعة:245
قديم 08-05-2009, 18:03 المشاركة 1   
نقاش ضبط المجال الديني وتوفير الامن الروحي للمغاربة

ضبط المجال الديني بالمغرب -1-
يحي اليحياوي
http://www.elyahyaoui.org/tajdid_champ_religieux.htm
بأعقاب العمليات الانتحارية, التي أقدم عليها فتية ملتحون وآخرون غير ملتحين, بماي العام 2003, بمدينة الدار البيضاء بالمغرب, صادق البرلمان بمجموع وإجماع فرقه ونوابه, وبسرعة قياسية, على قانون لمكافحة الإرهاب, ما كان له لأن يمرر لولا ذات الأحداث, أطلق العنان بموجبه لسلطات المخابرات والأمن, لتزج بعشرات المئات من "المتهمين" المباشرين أو بالتحريض, وتشدد الرقابة والمراقبة على آخرين, افتراضيين, أو مشكوك فيهم بمنطوق السلطات إياها, أو بنبرات خطابهم, بالمساجد أو بالإعلام, بعض من التشدد أو التطرف, أو "الخروج عن القائم من الدين", هنا بأقصى الوطن العربي.
بالتزامن مع ذلك, وفي سياقه أيضا, عمدت السلطات العمومية إلى إعمال حركة في "الإصلاح الديني جوهرية", إدراكا منها فيما يبدو, أن الأداة الخشنة لا يمكن أن تؤتي أكلها على المدى المتوسط والبعيد, إذا لم تتم مزاوجتها بأدوات ناعمة, تطاول منظومة الأفكار والتصورات, عبر تقنين الخطب بالمساجد, وتطويع الخطابات بالإعلام, و تشديد الرقابة على منابر الفضائيات ومواقع الإنترنيت وما سواها.
ليس من الهين في شيء, معرفة المضمون الحقيقي والدقيق للعبارات الرائجة بهذا الخصوص, إذ الأمر متضارب للغاية, بين قائل بضرورة "هيكلة الحقل الديني" وتأطيره, وقول ثان يمتطي ناصية خطاب "تدبير الشأن الديني", وطرح ثالث مناد بسياسات عملية مباشرة, المفروض برأيه, أن تعمل بقوة على جبهة "تجديد الخطاب الديني", على مستوى الشكل والبنية, كما على مستوى الجوهر.
هي كلها توصيفات عامة وطروحات في بعض منها هلامية, واسعة الإطار, شاسعة الأبعاد والآفاق, لكنها تنهل مجتمعة, على الأقل وفق ما يتم الترويج له, تنهل من معين واحد, يتغيأ بلوغ ثلاثة أهداف مرحلية أساس:
+ الأول ويتمثل في تطلع المشروع إلى إعادة هيكلة البنية المؤسساتية (البنية التحتية بتعبير المهندسين) ابتداء من القيمين الدينيين, قاعدة المنظومة على المستوى الترابي, وإلى حدود المجلس العلمي الأعلى, نقطة ما قبل قمة الهرم, مرورا بالمجالس العلمية الوسيطة, الفاعلة على المستويات الجهوية والمحلية, مستويات الأقاليم, بلغة التقطيعات الإدارية.
إن مشروع "الإصلاح" لا يتطلع فقط, بهذه النقطة, إلى إعادة البناء المؤسساتي للوعاء الديني برمته, بل ويتطلع أيضا إلى سلك "سياسة في القرب", لم تكن السلطة المركزية بغيابها, تعلم بدقة ما يدور بالمساجد أو الزوايا أو المشيخات أو بالآلاف من الكتاتيب القرآنية المنتشرة هنا وهناك, والعاملة في العديد من الحالات, بغفلة تامة عن عيون السلطة إياها ذاتها.
+ أما الهدف الثاني, فيكمن في وعي الدولة, لدرجة تصريحها بذلك صراحة, بضرورة إيلاء أهمية خاصة للتأطير الديني, باعتباره أداة الإصلاح الأساس, ودعامة نجاحه ونجاعته في الزمن والمكان. إن التقصير الحاصل على هذا المستوى, بنظر المشروع, لا يتأتى فقط من ضعف ما يرصد للمجالس المحلية والإقليمية من ميزانيات, بل ويتأتى أيضا من هشاشة الوضعية المادية, للعديد من الأئمة والقيمين الدينيين ومؤذني الجوامع وما سواهم, مما يجعلهم إما غير قادرين على تأدية وظائفهم, أو مكمن ابتزاز, ثم استقطاب فيما بعد, من لدن بعض "المشوشين على الخط العام, الذي ارتضته الدولة المغربية في تدبيرها لشؤون الدين".
إن إعادة الاعتبار للقيمين الدينيين مثلا, لا تبدو لواضعي المشروع, كونها عضد النجاح الآني للعملية وهي ببداياتها, بل وتبدو لهم أداة فعالة, لتحقيق المناعة بوجه التيارات "الدخيلة", الباثة للعنف, أو "المزعزعة للأمن الروحي", الذي لطالما تمتع به المغاربة, دون نكد من الداخل, أو مزايدة كبيرة من لدن الخارج.
+ الهدف الثالث: تجديد مضمون الخطاب الديني. التجديد المقصود هنا, لا يروم التأكيد على ثوابت المنظومة الدينية المغربية, المرتكزة على العقيدة الأشعرية ومذهب الإمام مالك, والتصوف السني, لا يروم ذلك فحسب, بل يروم التأكيد لدرجة التركيز, على أن إمارة المؤمنين هي قلب المنظومة إياها, على مستوى الفتوى, كما على مستوى الاحتكام النهائي والقطعي في أمور الدين.
إن الغاية من هذا الهدف, وهو هدف استراتيجي بنظر واضعي المشروع, إنما التوكيد أن لا مجال يذكر للمزايدة على ما ارتضاه المغاربة لقرون عدة مضت, ولا مجال لتوظيف الدين لهذه الغاية السياسية أو تلك, ولا مجال للاجتهاد إن هو خرج عن ثوابت المنظومة, ولا تسامح فوق كل هذا وذاك, مع من تطاول أو تجاوز على مؤسسة الإمارة, إمارة المؤمنين "التي عملت دائما على حراسة الثوابت الدينية للأمة".
هي محاور كبرى أنجز منها ما أنجز بالداخل على المستوى المؤسساتي, ويعمل من حينه على تفعيل روافد لها بالخارج, سيما رافد "المجلس العلمي الخاص بالمغاربة القاطنين بأوروبا", المطالب بترجمة عناصر المشروع وفلسفته, لدى المغاربة بالمهجر.
قد تبدو المحاور إياها للناظر تحصيل حاصل, فلطالما منت السلطات نفسها بضرورة إعادة النظر في الشأن الديني, إما استحضارا من لدنها لتحولات المحيط الدولي, منذ أحداث الحادي عشر من شتنبر, ثم أحداث الدار البيضاء, أو لاعتبارات ذاتية, أملتها حركية المجتمع وتطورات الثقافة.
إلا أن قراءة عابرة في خلفيات المشروع ودوافعه الباطنة, تشي باعتقادنا, بأن الذي حكم المشروع إياه بالمصدر, لا يتوافق إلا نسبيا مع مخرجاته بالمصب:
+ فالمشروع محكوم في صلبه وشكله, بهاجس أمني صرف, الغاية منه ليس ضمان الأمن الروحي للمغاربة, بل محاولة تحصين المنظومة القائمة, بوجه التيارات الإسلامية بالداخل, كما بوجه الإيديولوجيات الدينية القادمة من الخارج, ومن الشرق العربي والإسلامي على وجه التحديد.
إن ثقافة التشدد التي استنبتتها العديد من التيارات الدينية "الواردة" من بعض دول الخليج, لم تفرز فقط "دعاة في الدين" مغاربة, يؤولون النصوص وفق ما يرون, يفتون ثم يكفرون, بل أفرزت ثقافة في تبرير العنف, واستباحة دماء الآخرين, دونما موجب حق, أو بذريعة "فريضة ال**** والقتال في سبيل الله", ضد كفار مفترضين أو واقعيين.
إن الأمن المتطلع لاسترجاعه هنا, ليس أمنا روحيا, إنه الأمن المادي الذي إذا لم يدرك بعضه بالقوة الخشنة, فالرهان قائم على إدراكه كله, بأدوات القوة الناعمة الفاعلة في النفوس والأفئدة والبطون. الأمن المادي هنا هو بمثابة مدخل للأمن الروحي, وليس العكس, حتى وإن كان هذا العكس صحيحا في بعض الحالات.
+ والمشروع يشي, في بنائه المؤسساتي الصرف, بنهج في "اللامركزية الدينية" حقيقي, بجهة توسيع نطاق الفعل والمسؤولية, في حين أنه ينشد في مضمره, إعادة مركزة الشأن الديني, تصورا وإشرافا وتسييرا, فيما يشبه سياسة لإعادة احتكار ذات الشأن, لكن بأدوات توحي ب"الشورى", واعتبارا لمستويات القرار الدنيا.
ليس المقصود هنا, تأميم الفضاءات الدينية "الخارجة عن الطوع", ومراقبة فعلها بالترغيب أو بالترهيب, أو بهما معا وفق الظروف والسياقات, بل وضع حد قاطع لفوضى الفتاوى, والتوظيفات التي تطاول الدين لهذه الغاية أو تلك, والتوكيد بالواضح الصريح بأن إمارة المؤمنين هي الجهة الوحيدة والمحورية, التي يختزل من بين ظهرانيها, مبدأ الجمع بين السياسة والدين.
وعلى هذا الأساس, فإن الجاري اليوم من ترتيبات تحت مسمى "هيكلة الحقل الديني", أو "تأطير المجال الديني", أو "تأهيل وتجديد الخطاب الديني", أو ما سواها من توصيفات, لا تخرج بنظرنا عن مجرد ضبط تقني لذات المجال, والتحكم في مفاصله بالتالي, كي لا يخرج عن السيطرة والسطوة... سيطرة إمارة المؤمنين وسطوة "الدعاة الجدد" بالمغرب.
يحيى اليحياوي
الرباط, 13 أكتوبر 2008

عن أطروحة الأمن الروحي بالمغرب-2-

في أوائل شهر مارس الماضي, مارس العام 2009, عمد المغرب فجأة, ودونما مقدمات تمهيدية مسبقة, عمد إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران, في سابقة خلنا ذات القرار معها أن ثمة أمرا جللا وقع, أو موشك على الوقوع, يستوجب قطع الدابر, قبلما تستفحل العدوى, وتغدو المصيبة متعذرة الاتقاء أو العلاج.
ومع أن بعض عناصر التوتر كانت قائمة وبادية, سيما بظل التضامن المبالغ فيه مع دولة البحرين, بأعقاب رأي غير رسمي أبداه بعض المؤرخين الإيرانيين, على خلفية وقائع ومعطيات تاريخية مثبتة, مع ذلك لم نكن نتصور أن الأمور ستتطور بسرعة, لدرجة قطع العلاقات الدبلوماسية, في زمن لم يعد ذات المنهج سلوكا معتمدا, أو مفضلا, حتى باشتداد العداوات, وبلوغ الاحتقانات مستويات اللاعودة فيما بين الدول.
لم تكن البحرين بالقطع هي القشة التي قضمت ظهر البعير, هي التي استطاعت لملمة المناوشة مع إيران, بأسلوب مرن وهادئ لم يبلغ درجة قطع العلاقات, بقدر ما كانت ****** المحتمل للقادم من تطورات مع دولة لم يستسغها المغرب كثيرا, ولم يستحب قادتها يوما, منذ نجحت الثورة الإسلامية هناك بأواخر سبعينات القرن الماضي, وإلى حدود اعتماد قرار قطع العلاقات.
يقول بلاغ وزارة الخارجية المغربية, في تسويغه لقرار قطع العلاقات مع إيران: إن الخلفية الأساس التي ثوت خلف قطع هذه العلاقات, إنما تأتت بسبب وجود "نشاطات ثابتة للسلطات الإيرانية, وخاصة من طرف البعثة الدبلوماسية بالرباط, تستهدف الإساءة للمقومات الدينية الجوهرية للمملكة, ومذهبه السني المالكي".
من قراءة عابرة ومقتضبة لهذا المقتطف, يبدو أن السلطات بالمغرب (الأمنية الضيقة, كما الدينية العامة) إنما أدركت أن ثمة حقا وحقيقة "تهديدا روحيا" مؤكدا, متأتيا من سلوك إيراني لا يتغيأ, بمنظور ذات السلطات, لا يتغيأ فقط نشر التشيع, وتحريف الناس عن معتقداتهم وملتهم, بل وأيضا تهديد وحدة عقيدتهم, ومن ثمة مذهبهم, المذهب المالكي, الذي يعتبر الخيط الناظم لعلاقة المغاربة مع ربهم, وعلاقات بعضهم البعض, إيمانا وطقوسا ورموزا وتمثلات وسلوك حياة.
ويبدو أيضا, من خلال ذات المقتطف, أن المس بالعقيدة الأشعرية وبالمذهب السني المالكي, إنما يبدو للسلطات بالمغرب, ليس فقط في كونه مساسا بالهوية الدينية, المرتكزة عليهما معا, بل ولربما أيضا وفي سياق ذلك, بالمجهودات الحثيثة التي ما فتئ الملك يقوم بها, بجهة "توفير الأمن الروحي للمغاربة, والحفاظ على الهوية الدينية الإسلامية المغربية, المتميزة بلزوم السنة والجماعة, والوسطية والاعتدال, والانفتاح, والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة, وما يرتبط بها من مبادئ الإسلام السمحة".
الأمن الروحي هنا إنما المقصود به صيانة العقيدة والمذهب المذكورين, "وتحصين الإسلام السني السمح, النقي, من البدع الضالة, ومن التطرف الأعمى, والتسيس المغرض". بالتالي, فهو إنما يعني, بمنطوق خطاب للملك بشهر أبريل من العام 2004, "الإسلام الأصيل, كما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين, سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, والذي ارتضاه المغاربة دينا لهم, لملاءمته لفطرتهم السليمة, وهويتهم الموحدة, على طاعة الله ورسوله, ولأمير المؤمنين, الذي بايعوه على ولاية أمرهم, فحماهم من بدع الطوائف, وتطرف الخوارج عن السنة والجماعة".
قد لا يستطيع المرء أن يحصر مدى ما قد يبلغه اصطلاح الأمن الروحي, ولا مدى ما قد يصله مصطلح الأمن نفسه, بالمعنى الضيق العام أقصد. وقد لا يستطيع المزايدة كثيرا على قرار رسمي صادر عن أعلى مستوى, سيما لو كان مبنيا, مستساغا, غير عاطفي المنحى, وغير ارتجالي الاعتماد. إلا أن الارتكاز على مسوغات خفيفة في الميزان, ثقيلة في التبعات والتداعيات, إنما من شأنه تأجيج الفتنة في غير موضع أو مقام, وإثارة الريبة والشك حول الخلفيات والدوافع الأساس لقرار من هذا الحجم:
+ فعلى الرغم من ندرة المعطيات عن واقع التشيع بالمغرب, ناهيك عن أهدافه ومراميه ومبتغياته, فإن الأمر لا يبدو لنا بالمرة مثار خشية أو تخوف, ليس فقط بحكم تعذر, لدرجة استحالة اختراق منظومة دينية سميكة, بعيدة جغرافيا عن تيارات وأوكار التشيع, ولكن أيضا بحكم تعذر, لدرجة استحالة اختراق عقيدة ومذهب متركزان بالمخيال العام, أيما يكن التمركز, ولن يكون بمستطاع هذا "المبشر المتخفي" أو ذاك, الفعل فيها لدرجة التحريف أو الدفع للتشكيك, أو الزعزعة, أو ما سواها.
إذا كان الأمر كذلك, فمعناه أن لا مناعة كبرى لذات العقيدة والمذهب, أو أن الإيمان لدى المغاربة إنما بات مجرد نزوة عابرة, قد تستطيع كل الرياح الذهاب بها حيثما أرادت وشاءت. وهذا منطق لا يستقيم بالمرة, اللهم إلا في مجال المال والأعمال والتجارة, حيث لا منظومة للأخلاق والقيم تذكر من بين ظهرانيه.
+ وعلى الرغم من الاعتقاد بقدرة السلطات على لجم موجة ما في التشيع "رسمية", تعمل بقوة الترغيب والترهيب, أو بأدوات أخرى, فإن ذلك لا ولن يمنع فعل الأدوات غير الرسمية, التي من شأنها أن تندس بهذا البرنامج التربوي والتعليمي أو ذاك, بهذا المدشر أو ذاك, أو تفعل بطرق ناعمة خفية, دونما أن تظهر لأعين السلطة, كائن ما يكن تفتح أعينها وبصائرها: إنها القوة الناعمة التي تحدث عنها الأدميرال جوزيف ناي, والتي قد ينجح المرء بموجبها في مصادرة هذا الكتاب أو ذاك القرص, لكنه لا يستطيع ثني الناس عن تتبع هذه القناة الفضائية "الشيعية" أو تلك, عن ولوج هذا الموقع الألكتروني "الشيعي" أو ذاك.
+ ثم إذا كان التشيع بهذه القوة في الاختراق, وبهذه الخطورة في تحريف المغاربة عن عقيدتهم ومذهبهم, فلم يا ترى لم ينجح في ذلك بالمجالات الأخرى, حيث مجاله وتربته بامتياز, كما الحال بلبنان مثلا, أو بالعراق, أو بالعديد من دول الخليج, التي لم يمتط سنتها ولا مسيحيوها ناصية التشيع, بل بقوا على مذاهبهم, حتى بتجاورهم وتصاهرهم, وانتماءاتهم السياسية, التي تتجاوز على كل ذلك بالجملة والتفصيل؟
+ ثم إن الخطر في التشيع, لا يكمن في الفكرة بصورة عامة, وهي معتدلة ووسطية إلى حد بعيد, بقدر ما يكمن في فصيل من الشيعة مغال ومتطرف, لكنه أقلية بكل المقاييس, حتى بالدول ذوات التواجد الشيعي المعتبر. والدليل على ذلك أن دورات التقريب بين المذاهب, لا تقيس على هؤلاء, بقدر قياسها على صلب ما يضمن التعايش والتواصل والاحترام المتبادل بين الاجتهادات, دونما أن يصل ذلك إلى جوهر الإسلام, أعني إلى جوهر الرسالة ومقام صاحب الرسالة.
إننا لا نتماهى بالمرة مع أطروحة "الأمن الروحي" التي تم الدفع بطرحها من لدن البلاغ, ليس فقط لأننا ننفر من عبارة الأمن ذاتها, والتي غالبا ما تحيل في مخيالنا الجمعي العام, على القمع ومداهمة البيوت والإهانة والتعذيب وغيرها, ولكن أيضا لأننا غير واثقين من أن ذات المسوغ هو الذي حكم القرار واستعجله. إذا كان الأمر مرتبطا بالأمن الروحي والعقدي والقيمي للمغاربة, فلم يا ترى لم تقطع العلاقات مع الدول التي ثبت أنها تصدر البعثات التنصيرية والتبشيرية بهذا الجزء من المغرب كما بذاك؟ وإذا كان الأمر كذلك, فلم التساهل لدرجة التسامح, مع حركات في الشذوذ الجنسي, معلنة ومعروفة, وتجاهر بذلك علانية بمنابر الإعلام, كما بالفضاء العام, وتتطاول من هنا جهارة على العقيدة والمذهب معا؟
من جهة أخرى, فإذا كان المقصود بالأمن الروحي ضمان وحدة العقيدة والمذهب, وتحصينهما ضد الخوارج, فلم يا ترى لا يتم العمل على تحصين ذات الأمن, من سلوكات الزوايا, والمتصوفة, وأهل البدع والشعودة, المنتشرين هنا وهناك؟ ولم السكوت, بل ودعم الطرق والزوايا الصوفية, حتى بات أهلها أصحاب تقوى ونصيحة وأمر ونهي يعتد بهما, في أكثر من منطقة بالمغرب؟
ثم إن القول بضمان الأمن الروحي للمغاربة, إنما يشي في خلفياته كما أن ثمة قابلية لدى هؤلاء على تغيير عقيدتهم ومذهبهم "لمن يدفع", أو أنهم بحاجة لمن "يحميهم من فوق", تماما كما تحمي الأم رضيعها, أو كما تحمي الدولة مواطنيها من اللصوص والمجرمين والخارجين عن القانون.
إن حماية الأمن الروحي للمغاربة لا تتحقق بقرار, ولا هي بحاجة إلى موقف سياسي. إنها تستوجب تقوية مناعة المغاربة, كي لا يسقطوا ضحية هذا الابتزاز أو ذاك. إنها تستوجب حمايتهم من العاهة والفقر والظلم والطغيان, لا ممارسة الأبوية عليهم في قضايا روحية يشدون عليها بالنواجد, ويملكون القدرة والقابلية للموت من أجلها.
ملحوظة: سألني أحد الأجانب عن طبيعة هذا الدين الواحد, الذي تقطع العلاقات بين دوله, على خلفية من المذهب والاجتهاد من بين ظهرانيه. أجبته: هذا حالنا منذ توفي الرسول الأكرم, وسيبقى حتما إلى يوم الدين.
يحيى اليحياوي
الرباط, 13 أبريل 2009

** منقول من الموقع الخاص بالدكتور: يحي اليحياويd8sd8sd8s









آخر مواضيعي

0 المراهقون .......ضحايا سوء المعاملة والفهم...
0 ظاهرة الاعتداء على المدرسين
0 التلفزيون والكمبيوتر يشاركان في تنشئة طفلك.....
0 الأسرة المغربية والتحديات المعاصرة
0 سبع مهارات للمعلم
0 محاكم التفتيش....ماذا تعرف عنها؟؟
0 كيف نجعل منتدانا هو الأفضل ؟؟
0 بكى عمر بن الخطاب بكاءا شديدا ثم قال:
0 ......أرقى أساليب التربية..
0 كلمات على ملابس تلاميدنا....تعرف على معناها....

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للمغاربة, المحال, الامن, الجدوى, الروحي, وتوفير, ضبط

« مواقع مهمة | كيف يمكن أن أكون حيييا من الله - خطوات عملية‏ »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اطفالنا والغذاء الروحي ام منصف دفاتر التربية الصحيحة 10 10-04-2009 09:30
صور تهز الكيان الروحي و تقشعر لها الابدان............ فلة الصــــــــــور 8 05-09-2008 10:49
لكتاب السياسي و الديني في المجال الاسلامي لمؤلفه محمد لشريف الفرجاني arkoun كتب إلكترونية 3 01-04-2008 18:39


الساعة الآن 06:57


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة