ما أشبه حكاية المفتش المتطوع لتغطية مناطق تابعة لغير نيابته بحافر قبر أم غيره وهذا الأخير يخفي عنه المعول
محمد شركي
هتف لي هذا الصباح أخي وصديقي السيد محمد عالم مفتش مادة اللغة الفرنسية ، وهو في حالة غضب يطلب نصحي في أمر أثار دهشتي واستغرابي وهو امتناع أحد السادة نواب الجهة الشرقية عن الرد على مكالماته بخصوص توفير وسيلة النقل له لتغطية لقاء تربوي بنيابة يتطوع فيها بتغطية مناطقها ، وهولقاء تم الإعلان عن موعده ، علما بأن هذا النائب ـ حسب ما أبلغني السيد المفتش ـ سبق له أن جعل رهن إشارته وسيلة نقل حملته من باب بيته لما كان في الأمر ما يستدعي ذلك من قبل . وحدث هذا الصباح جعلني أفكر في موضوع تغطية السادة المفتشين لمناطق غير تابعة لنياباتهم الأصلية ،والتي تشكو من خصاص في أطر المراقبة خصوصا عندما لا توفر الظروف الضرورية لهؤلاء للقيام بواجب التأطير والمراقبة. وأعتقد أن ذاكرتنا الشعبية خلفت لنا من الحكمة ما يثلج الصدور إذا ضاقت . فقول المثل المغربي الشعبي : ” أنا أحفر قبر أمه وهو يخفي عني المعول ” يدل على جهل صاحب المصلحة بمصلحته. وما أشبه حكاية المفتش المتطوع لتغطية مناطق غير تابعة لنيابته الأصلية بحكاية حفار القبر مع المسؤولين الذين تغطى مناطق نيابتهم تطوعا ،وهم لا يبالون بعملية التطوع ، ولا يوفرون أقل ما يجب ضرورة لهذه التغطية التطوعية . فالتردد في توفير وسائل النقل للمفتشين المتطوعين أو ما يحتاجونه هو عملية إخفاء المعول عن حفار القبور الذي يروم ستر أجساد الموتى قبل أن تصير جيفا تفوح رائحة كريهة . فخلف كل تحرك يتحركه المفتش المتطوع نحو مناطق خارج نفوذ نيابته الأصلية يكون لا محالة لستر ما يمكن أن يصير جيفا تفوح رائحة كريهة ، لهذا ليس من حكمة من يعنيهم الأمر ولا من سداد رأيهم التلكؤ في تسهيل مهامه . وبالمناسبة لا بد أن يعرف الرأي العام أن مقابل تطوع المفتشين لتغطية المناطق خارج نفوذ نياباتهم تصرف لهم ما يسمى مجازا “تعويضات عن التنقل ” بعد مساطر مالية معقدة وطويلة الأمد ، وبعد أن يبلدوا جلودهم التي عرقت بمدد زمنية معتبرة ، ولا يصير لجفاف العرق من معنى ، وهو المرتبط بدفع الأجور في ديننا حسب وصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم . وبالمناسبة لا زال المفتشون المتطوعون ينتظرون من النيابات التي تطوعوا بتغطية مناطقهما الأدوات المكتبية وقد أوشك الموسم الدراسي على النهاية . ولا زالوا ينتظرون تعويضاتهم عما يسمى بيداغوجيا الإدماج التي نسخها وزير التربية الوطنية ،ولما يتقاض عن تكويناتها المفتشون المتطوعون أجورهم ، وقد عرقوا بعدها عرقا كثيرا في مهام متعددة. وبعدما أزبد أخي وصديقي السيد محمد عالم وأرغى قلت له إن موعد من أغلق دونك هاتفه الخلوي الصبح ، أليس الصبح بقريب ؟ ها قد أوشك الموسم الدراسي على النهاية ، وسيبدأ موسم جديد ، وستظل المناطق الشاغرة كما كانت ، وسيذكرنا قومنا إذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ، وسنقول لهم قول القائل : أضاعوني وأي فتى أضاعوا // ليوم كريهة وسداد ثغر. ومن شاء أن يخفي المعول عن المفتشين، فعليه أن يتنسم رائحة الجيف المتسنهة التي ستزكم أنفه .
محمد شركي
وجدة سيتي نت
15-5-2012