038 التحضير
التحضير للحصة الدراسية أو الإعداد القبلي لها ينقسم لجوانب مختلفة و متعدّدة و يحتل اهتماما متباينا لدى الممارسين حسب نوعية المادة و الدرس و الأقدمية في المهنة و كذا نوعية المتمدرسين.
هناك جانب الوثائق من جذاذات و توزيع دوري و توجيهات تربوية و كتب مدرسية و مقرّر معتمد رسمي و دفاتر نصوص سالفة أو دفاتر تلاميذ لسنة منصرمة و هي أمور ضرورية لبناء هندسة مجريات السنة الدراسية و تصميم عام لطريقة تناول كل محور دراسي و سبل الاستفادة من الزمن الدراسي و تكييفه مع مكونات المقرر الدراسي.
قد يمتدّ هذا التحضير إلى التطرق إلى تفاصيل كل جزئية و البحث عن كل ما يمكن أن يشكل عرقلة في الفهم و إعداد أمثلة مباشرة و أخرى مركبة و أخرى مضادة و هذا له جوانب إيجابية في السنوات الأولى من التدريس حيث يمكّن من استيعاب المقرّر و التشبع به بشكل تفصيلي و معرفة ما يلزم في وضعيات كثيرة لكن الارتباط به بشكل كلي أثناء إنجاز الحصة له جوانب سلبية في تقييد حرية حركية التدريس و الإفهام و طلاقة الممارسة و يستحسن هنا أن يكون تصميم و هيكل الدرس و الحصة حاضرين في ذهن الأستاذ مع إلمام جيد بالمادة الدراسية و يترك المجال لحرية التصرف و الاختيار فيما يستجد من تفاصيل حسب قابلية التلاميذ و تجاوبهم مع ما يُقدّم لهم و حسب إكراهات الزمن و غيره و هذا قد فصّلنا فيه في مقالات سابقة.
تراكم تجربة السنوات يجعل التحضير الذهني و استحضار ما يلزم في كل وضعية و بناء تصميم فوري أمورا ممكنة و فعالة و لو قبل الحصة بزمن يسير أو خلالها و تغني عن الرجوع إلى الوثائق و الأوراق.
هناك مستويات دراسية يكون جانب التكوين و التعلم طاغيا و أخرى يكون فيها الإعداد للامتحان الإشهادي محوريا و هنا تتغير هندسة التحضير و الرؤية العامة له حسب المُراد و قد يتم التعامل مع الدروس على هذا الاعتبار مع ضرورة الانتباه إلى سيرورة التكوين الشامل للمتعلم فهناك دروس لا يتطرق لها الامتحان الإشهادي لكن لها دور في التكوين أو لها مجال استعمال في مقررات دراسية عليا مثلا فلا يجب إهمالها أو تهميشها و إنما التعامل معها في نطاق الضروري اللازم و التفصيل في الدروس الأخرى التي لها استعمال مباشر آني.
كثرت في السنوات الأخيرة الملخصات الدراسية و كذا سلسلات التمارين كوسائل مساعدة لربح الوقت و تبسيط المفهوم و جمع شتات مكونات الدروس و ما يجب التمكن منه فيها و هي تدخل في نطاق التحضير القبلي و الاستفادة البعدية، فإعداد سلسلة تمارين للدرس تمكّن الإلمام بالتفاصيل و ترسّم الأهداف و المبتغيات و الإحاطة بالمفهوم حسب ما يُرتجى منه و هي بصمة خاصة من الممارس تطبع طريقته في التدريس و اختياراته الشخصية لأنواع التمارين من مصادر مختلفة و تتيح له تدبيرا موفقا لمجريات الحصة و الدرس في زمن مناسب و فعالية أكبر. فهي مناسبة لصاحبها و لوضعية تدريسه و قد لا تكون كذلك لمن يستهلكها من غيره من الممارسين دون تبصّر.
قد تتطلب العلاقة الإدارية و التربوية و التعامل مع المراقبة التربوية إعداد التحضير و إحضاره للحصة و هذا إجراء احترازي لحماية الممارس من أي مشاكل و يدخل في شكل الممارسة و ليس في جوهرها كما أشرنا إلى ذلك في مقال سابق و يبقى مضمون التحضير و استبيان ما يفيد منه مما تطرقنا لبعضه هنا هو ما يفيد في الممارسة الصحيحة و الله الموفق