العلاقة البيداغوجية السلطوية والهدر المدرسي - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية منتدى عام متخصص في مواضيع التكوين والاستعداد للامتحانات المهنية والمباريات الوظيفية

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية ahmed1207
ahmed1207
:: دفاتري جديد ::
تاريخ التسجيل: 20 - 4 - 2013
المشاركات: 49
معدل تقييم المستوى: 0
ahmed1207 على طريق التميزahmed1207 على طريق التميز
ahmed1207 غير متواجد حالياً
نشاط [ ahmed1207 ]
قوة السمعة:0
قديم 20-11-2013, 20:26 المشاركة 1   
افتراضي العلاقة البيداغوجية السلطوية والهدر المدرسي

إن حرمان المتعلم من الكلام يعني إقصاءه من التواصل والتفاعل مع باقي أفراد القسم من أجل تبادل التأثير والتأثر، والتعاون من أجل إنجاز مهام تعلمية تكوينية، لا يمكن أن يحققها التلميذ وحده دون مساعدة الآخرين. " يصطدم التلميذ مع واقع تعليمي غير ذلك الذي كان يتصوره ؛ فيجد نفسه أمام مدرس يتحكم في جميع السلط ( سلطة المعرفة – سلطة التنظيم – سلطة التقييم ... )، ويرفض أي حوار، بل يعتبر التلميذ الذي يحاول مساءلته خارجا عن القانون ( يتحدى سلطة المدرس ). فالمدرس المتسلط يريد أن يرى في المتعلم نسخة طبق الأصل لما يتصوره و يتمثله، ولا يحق للمتعلم بأن يضيف أي شيء، أما إذا أقدم على نسيان فكرة أو جملة قالها المدرس فإنه ينعت بأسوإ النعوت. "1
عندما يتواصل المدرس مع المتعلم، ويسمح له بتبادل الأفكار مع أقرانه، فإنه يتيح له فرصة العمل الجماعي الذي يلعب دورا أساسيا في العملية التعلمية. " مما لا شك فيه، أن الموقف من التعاون هو الذي يشكل أساس التواصل، وهذا ليس بالأمر الغريب، ما دمنا قد اعتبرنا التواصل كتبادل للدلالات وكعلاقة أساسية بين البشر. "2
تسود العلاقات العمودية أو ما يسمى التواصل العمودي بين المدرس و التلميذ داخل الفصل الدراسي، و هذا يدل على أن البيداغوجيا الموظفة لا تركز على المتعلم بصفته عنصرا نشيطا و مشاركا في العملية التعليمية-التعلمية، بل لازالت تدخلات المدرس و توجيهاته لا تنقطع خلال الحصة الدراسية، بحكم أنه هو من قام بالتهييء القبلي للمحتوى الدراسي. و بالتالي فهو يلجأ إلى تقويم كل اعوجاج عن المسار التعلمي الذي برمجه للتلميذ. يقوم الأستاذ بتصحيح الأخطاء التي يقع فيها المتعلمون بنفس الطريقة دون أن يأخذ بعين الاعتبار الفوارق الفردية التي تميزهم على صعيد العمليات الذهنية، و التمثلات ،و استراتيجيات التعلم...؛ و هذا يؤدي إلى إقصاء خصوصيات كل متعلم على حدة، و التركيز على المنتوج النهائي الذي يود أن يكسبه لمتعلميه. قد تختلف استراتيجية التعلم حسب قدرة استيعاب كل تلميذ لموضوع التعلم، و حسب الوقت الذي يتطلبه موضوع التعلم لكل واحد منهم، لكن النتيجة النهائية واحدة، و مشتركة بالنسبة لجماعة القسم.
تحد تدخلات المدرس من حرية المتعلم في اختيار ما يراه مناسبا لسياق التعلم، و إذا أمده الأستاذ ببعض الحرية أثناء عملية تعلمه، فسرعان ما يسحبها منه، بهاجس الخوف من ضياع الوقت وعدم التمكن من تفريغ حمولة الجذاذة التي هيأها مسبقا، و التي غالبا ما ينجزها وفق المقرر الدراسي الذي يجب أن يتممه قبل نهاية السنة الدراسية، لأن الامتحان لا يقبل أي عذر من المدرس أو التلميذ. ناهيك عن الزيارة التي يقوم بها المفتش الذي يحاسب المدرس على التزامه بالوحدات التعليمية و الكفايات المسطرة في الكتاب المدرسي.
. يلجأ بعض المدرسين إلى الاستحواذ على النصيب الأكبر من الحصة الدراسية التي تأخذ طابعا تعليميا أكثر مما هو تعلمي، وبالتالي تصبح حظوظ المتعلمين في التحكم في سيرورة تكوينهم والمشاركة في تنشيط الحصة شبه منعدمة. لا يمر هذا الاختلال دون أن يؤثر على تحصيلهم الدراسي بصفة سلبية تجعلهم يتعثرون في مسيرتهم الدراسية.
" كثيرا ما نعاين أن الواحد منا يسلم من الوجهة النظرية بالحق في الاختلاف، لكن لا يلبث أن يعرض عن هذا متى انتقل إلى مستوى التطبيق، بأن يوقف هذا الحق في اتجاه واحد. فهو ينظر إلى نفسه وكأنه الطرف الوحيد الذي يمتلك الحقيقة وبالتالي يحق له أن يخالف الآخر دون أن يكون للآخر الحق في ذلك."3. هذا هو حال بعض الأساتذة الذين يؤمنون بحرية التعبير والاختلاف في الرأي لصالحهم فقط دون تمكين المتعلم من حريته في تقديم أدلة وأمثلة مضادة تنافي رأي أستاذه.
يعاني التلميذ من السلطوية التربوية؛ فالعنف الجسدي و الرمزي يلزمه منذ التحاقه بالمدرسة إلى أن يتخرج منها. لعل انعدام التواصل مع الأستاذ، والقمع الذي يتعرض له المتعلم من أهم المؤشرات السائدة في الأجوبة التي جعلها التلاميذ سببا في الهدر المدرسي.
2ـ سوء المعاملة والعنف ضد المتعلم:
يفتقر المتعلم للتحكم في ذاته، قبل أن يتحكم في كيفية الاشتغال على موضوع تعلمي جديد، أو أثناء استفساره ومناقشته مع الآخر. سيؤدي هذا الوضع حتما إلى التعثر، وعدم الفهم لأن المتعلم يفضل الانسحاب من الحوار وعدم التواصل الشكلي المفروض عليه من طرف الأستاذ. لا زلنا نعاني من البحث عن آليات احترام حقوق الطفل داخل المؤسسات التعليمية، رغم أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في مجال المواطنة والتربية على حقوق الإنسان ؛ إلا أن بعض المدرسين الذين أوكلت لهم مهمة التربية والتسامح، وقبول الاختلاف في الرأي لا يرغبون ومع الأسف، في احترام الطفل ؛ بل تعج المؤسسات التعليمية بالعقاب الجسدي الذي يمارس على المتعلم في التعليم الأساسي بصفة خاصة.فقد " كشفت نتائج الاستطلاع الذي أنجزته اليونسيف لصالح وزارة التربية الوطنية أن 87% من تلاميذ الابتدائي يؤكدون على تعرضهم للضرب من طرف الأساتذة و الإدارة(60% باستعمال العصا والمسطرة والأنبوب) وأن 73% من الأساتذة يقرون بممارسة هذه الأعمال العنيفة(بنسبة84%على الإناث و90% على الذكور) التي يتصدرها العنف الجسدي متبوعا بالعنف النفسي" . 04
يلغي الأستاذ ذات المتعلم، ووجدانه أثناء إلقاء الدرس، وكل من شوش أو حاول الاستفسار عن جملة لم يفهمها فهو في عداد المطرودين من الحجرة لأنه قاطع السيد الأستاذ الذي يهتم أكثر بضبط النظام وتفريغ حمولته المعرفية من أن يركز على حاجيات المتعلم والتواصل معه، ويحفزه على التطور والتقدم، دون أن يفرض عليه رأيه. " أن يكون للمتكلمين الفاعلين نفس الحرية في التواصل والاستدلال وفي وضع كل شيء موضع سؤال، وفي التعبير عن أفكارهم وأحاسيسهم، بحيث إن حرمان بعضهم من امتياز معين، من شأنه أن يضع عقبات أمام التواصل، وبالتالي أمام الحقيقة ؛ لأن الحقيقة تبنى على الاستدلال وليس على القهر، لأنها ضد صناعة الوعي واستعمار الواقع. "05
" يصمت التلميذ ويمسك لسانه، ليس لأنه غير قادر على إبداء رأيه بل لأنه خائف من قمع المدرس لتدخلاته. فعامل الخوف يجعل المتعلم يتقوقع على نفسه، ولا يستفسر عن الأفكار العالقة التي لم يفهمها ؛ لأنه سينعت بأسوء النعوت، و لربما قد يعاقب لمجرد أنه لم يستوعب مضمون الرسالة. إذا لم يراع المدرس شخصية المتعلم ومعرفة الأشياء بدقة ؛ فإن النتائج الحتمية ستكون لا محال سلبية. " 06

يظن البعض أن التعلم رهين فقط بإعمال العقل، والمنطق، والرياضيات.... ، لكن الدراسات الميدانية تثبت لنا أن من ينجح في تعلمه، ويتألق في عمله هو من يملك حوافز ذاتية ، ويتحكم في ذاته وانفعالاته. أما إذا فرضنا على شخص رأينا وألزمناه اتباع استراتيجية تعلمية لا يمتلك موارد توظيفها ولا الرغبة في إنجاز مراحلها فإنه سيفشل. " لا زلنا اليوم نطارد كل من لا يفكر حسب تفكيرنا، إننا نستمر في إرادة فرض على الآخر فكرة يجب أن تكون ملكه. "07
توجد أزمة تواصل بين الأستاذ والمتعلم، تمخضت عنها علاقات غير إنسانية تجعل الأستاذ يطرد التلميذ من القسم، ويعنفه، ويميز بينه وبين التلميذ المثالي الذي يحفظ دروسه ولا يبدي أي معارضة. تدل مثل هذه التصرفات على عدم الاهتمام بالفوارق الفردية، وإقصاء الجانب الوجداني الذي يلعب دورا أساسيا في استقلالية المتعلم وتحكمه في مشروع تكوينه الذي يؤهله إلى تحمل المسؤوليات حاضرا ومستقبلا.
" لا يتيح المدرس للتلاميذ فرصة التعبير عن آراءهم أو تمكينهم من استفسار ما لم يستوعبوه ، لأن الغاية من خطاب المرسل هي تدجينهم وجعلهم يقبلون الفكرة ومحتوى الرسالة دون معارضة. وهذا سيعرض التلميذ إلى عدم الفهم، لأن الفهم لا يتأتى من شرح المدرس فقط؛ بل من تساؤلات المتعلم التي يعبر من خلالها عن حاجياته في استيعاب ما ينقصه. فالإطالة والإطناب في الكلام من طرف المدرس يدفعان التلميذ إلى اللامبالاة. " 08.
يتطلب وضع استراتيجية تعلمية من طرف التلميذ ؛ فهم واستيعاب المهمة المطلوبة والتمتع بذكاءات مختلفة تمكنه من مساءلة المدرس وطلب توضيحات منه، لأنه لا يمكن أن نتحدث عن الكفايات دون ذكاء، وفهم، وتحليل، وتعلم ذاتي...؛ فالكفايات تنمي الذكاء عند التلميذ الذي يعالج وضعية مشكلة معتمدا في ذلك على قدراته الذاتية ومعارفه السابقة مع إدماج المعلومات الآنية من أجل التحكم في سيرورة تعلمه."09 "إن اختزال التدريس إلى مجرد الإخبار فقط يعني دفع العقل إلى السلبية وإلى التعلم دون أي فهم ممكن. بهذا المعنى يكف الإخبار عن كونه تكوينا ليصبح تشويها وتحريفا لا غير."10 .
يتعذر على المتعلم المتلقي السلبي أن يفهم ما يريد الأستاذ إخباره به، خاصة إذا وظف المدرس مصطلحات ومفاهيم غامضة تعمق الهوة المعرفية بينه وبين المتعلم ؛ لأننا لاحظنا أن بعض المدرسين يتباهون بعرض قدرتهم على الحديث مطولا لأنهم جامعون للمعلومات." يوظف المدرس المعرفة لكي يبهر التلميذ، ويجعله يحس بدنو قدره أمام أستاذه الذي يمتلك المعرفة ؛ وبالتالي فهو (التلميذ) لايجرؤ على النقاش أو طرح سؤال أو إبداء رأي. تفرض هذه المعارف على المتعلم دون الاهتمام بمستواه، أو معرفة هل هو بحاجة لها أم لا؟."11





هوامش العرض

1. حمدالله اجبارة،" التواصل البيداغوجي الصفي ديناميته أسسه ومعوقاته...." ،ص63؛
2. جاكبسون – مونان – مييكي، هابرماس و آخرون : التواصل، نظريات و مقاربات" ترجمة عز الدين الخطابي – زهور حوني ؛ تصدير عبد الكريم غريب ؛ مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2007،ص251؛
3. حسن الباهي،" الحوار ومنهجية التفكير النقدي"،أفريقيا الشرق،الدارالبيضاء،2004،ص13؛
4. الغالي أحرشاو،" مشكل العنف المدرسي في المغرب"، مقال بمجلة ع ت ،العدد 45، أكتوبر2010،ص31؛
5. رشيد بوطيب، في مقال" مفهوم التواصل في الفلسفة: من الحقيقة إلى الاختلاف(هابرماس ولوهمان)،مجلة فكر ونقد،عدد88،دار النشر المغربية،الدارالبيضاء،أبريل 2007، صص65ـ66؛
6. حمدالله اجبارة" التواصل..."،نفسه،ص104؛
7. CG Jung «l homme à la découverte de son âme »,préface et adaptation du Dr Roland Cahen,éditions Albin Michel,Paris1987 ;p72
8. حمدالله اجبارة،نفسه،ص89؛
9. حمدالله اجبارة،"مؤشرات كفايات..."،مرجع سابق،ص39؛
10. أوليفيي روبول،ذكره عبدالحق منصف في: رهانات البيداغوجيا المعاصرة"،مرجع سابق،ص58؛
11. حمدالله اجبارة" التواصل....."،نفسه،ص66؛









آخر مواضيعي

0 كتاب جديد للباحث حمدالله اجبارة
0 إصدار جديد للباحث حمدالله اجبارة
0 البحث التربوي دعامة إصلاح المنظومة التعليمية
0 التعليم الخصوصي معفى من المراقبة
0 مراقبة حافلات النقل بالتعليم الخصوصي
0 معايير انتقاء الأساتذة للتدريس بالمركز الجهوي
0 ما هي معايير انتقاء الأساتذة المكلفين للتدريس بالمركز الجهوي للشرق
0 هل يجوز مخالفة المذكرات الوزارية
0 المدير الإقليمي يرجع تلاميذ مفصولين
0 أين هو التعويض عن التكوين؟

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« بيداغوجيا جديدة على الطريقة الكندية :غرفة التدريس المعكوسة، La flipped classroom | سيكولوجية المتعلم و العملية التعلمية »
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محاربة ظاهرة التغيب والهدر المدرسي في مصر rayanyahya مكتب الحراسة العامة للخارجية 0 12-12-2012 22:37
مسيرة ضد «الظلام» والهدر المدرسي بدوار في بني ملال التربوية دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 0 11-07-2011 18:37
ظاهرة تشغيل الأطفال والهدر المدرسي في العالم القروي، توفيق الشرقاوي دفتر المواضيع التربوية العامة 2 10-04-2009 15:26
التأخر والهدر المدرسي وعلاقتهما بالتعليم الأولي youssefyou دفاتر التعليم الاولي و التربية غير النظامية 9 10-03-2009 19:23
إفران: أيننا من جودة التعليم والهدر المدرسي؟ التربوية الأرشيف 0 04-11-2008 21:48


الساعة الآن 05:03


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة