رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي: الفاصوليا في ورق الأطروحة الجامعية +صور
عبد العزيز العبدي كود
الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 10:38
معالي الوزير (سأحتفظ بكلمة وزير، ما دمت متوجها إليكم بالخطاب، ولأن الناس تُخاطبُ بما يحلو لهم من الأسماء، وسأحتفظ بصفة الموظف العمومي، المكلف بالتعليم العالي إلى حين)، لا أخفيكم أنني كلما كنت متوجها إلى مدينة مراكش، أجد نفسي منجذبا إلى مدينة بنجرير، أتذرع برغبتي في أخذ قسط من الراحة على بعد ثمانين كلم من مقصدي، لكن الهدف الأساسي يكون غالبا التهام شطائر الرغيف المحشوة بالبقدونس والقليل من الشحم، والتي تبرع في طهيها فتيات يشتغلن في مقهى بوعزة، وهي تقع بزاوية شارع محمد الخامس وبمحاذاة صيدلية تحمل من الأسماء صيدلية آمين...
لا أدري إن كان علي نصحكم بالإقدام على ذلك، وأهمس سرا في أذنكم أنني أفعل هذا دون إخبار أسرتي الصغيرة، لما أعلمه من شديد الاعتراض الذي سيبدونه اتجاه هذا الفعل الشنيع، بارتباط بوضعي الصحي، وما أعانيه من مرض السكري وارتفاع ضغط ونسب عالية من الدهنيات في دمي وما إلى غير ذلك مما ورثناه عبر مسار عمر في هذا البلد السعيد...
المرور إلى بنجرير يتيح لي أيضا فرصة مراقبة تطور الحواضر في وطني، ومساهمة بعض العفاريت في ذلك، فكما لا يخفى عليكم، شكلت المدينة في خمس سنوات الأخيرة، نقطة جدب للكثير من الساسة، الذين قصدوها للتبرك بجنبات العفريت التي انبثق من بين شوارعها ليرتب من خلالها كل ممرات المشهد السياسي، لا أدري إن كنتَ من بينهم، لكن الأكيد أن الكثير من إخوانك الذين يسبونه الآن، كانوا من بينهم...
لم تعد بنجرير كما كانت، أصبح بمدخلها الجنوبي نافورة يراقص فيها الماء هواء الربيع الجميل، وبها مرائب سيارات وبنوك، وصيدليات ومخفر للشرطة وآخر للدرك الملكي... لم أنتبه إن كان فيها مقر لحزب العدالة والتنمية، ولا أنصحكم بفتحه إن لم يكن متواجدا...
وأنتم تطالعون رسالتي المفتوحة إليكم، تساءلون أنفسكم: ما دخلي أنا بكل هذا؟ وهل أنا مطالب بفتح جامعة في بنجرير مثلا؟
ليس كذلك معالي الوزير، فأنت تعرف مثلما يعرف الكثيرون، أن فتح الجامعة في بنجرير ليس بالأمر الصعب، وأكثر من هذا ليس بيديك قرار مثل هذا، بل الأنكى من ذلك، ربما فكر عفاريت المدينة أن تكون جامعتهم منفصلة عن مؤسساتك وقد بدأت ترتيبات ذلك منذ زمن، لعل الواقعة التي كنت شاهدا فيها خير دليل على ذلك... إذ أغلب الظن أن أول كلية سيبدأ بها العفريت تأثيث مدينته هي كلية الطب، ربما لأنه منشغل بصحة المواطنين الذين وثقوا في شخصه، ومنحوه كل أصواتهم ذات انتخابات...
ولأنه عفريت شرير، كانت أولى خطواته في هذا الاتجاه هو تبخيس مجهودكم في أعرق كلية يعرفها الوطن، وهي كلية الطب التابعة لجامعة محمد الخامس في الرباط، فعمد بقدراته المنسوبة إلى عالم العفاريت، أن يوزع الأطروحات الجامعية، التي بدد فيها طلبة كليتكم سواد الليل وضوء النهار وهم يعدونها، كي ينالوا شهادة الدكتوراه التي تخولهم ممارسة الطب في مجموع المغرب وربما خارجه، وذلك على الباعة المتجولين، والبقالين وأصحاب الخرازة والحدادة والنجارين، وذلك كي يستأنسوا بمضامينها، ويعمل على أن يستأنس المواطنون بالمعلومات التي فيها، وهم يتوصلون ببضاعتهم ملفوفة في ورقها إلى منازلهم...
بعدها سيسهل على كل مواطني بنجرير ولوج كلية الطب التي سيتم إنشاءها...
معالي الوزير كما يحلو لك أن تسمع مناديك، أو يا أيها الموظف العمومي المكلف بالتعليم العالي، في مدينة بنجرير، الباعة يلفون التوابل في أطروحات الدكاترة التي تحمل طابع خزانة الكلية، كما هو مرفق بالصور.... فهل هذا معقول؟