ما هي الإشكالات التي يمكن للامتحان المهني، أن يفرزها، في ضوء الدورات العديدة التي عرفها ؟
ماهي الشروط التي يمر فيها ؟
هل حقا أن هذا الامتحان يعكس حقيقة التكوين المستمر الذي يعرفه العديد من الأساتذة ؟
وهل كل الأساتذة يحتاجون للتكوين المستمر في الوقت الحالي ؟
ما هي نقاط الضعف التي يعرفها هذا الامتحان ؟
هل حقا أن الامتحان المهني ساهم في إنصاف أساتذة التعليم ؟
الكثير من التساؤلات التي يمكن أن تطرح في هذا الإطار، دون أن تجد جوابا شافيا لها. لأن من تفتقت عبقريته عن تقديم هدية مسمومة لأساتذة التعليم،كان يعي جيدا، أنه سيحرمهم من حقهم في الترقية ،التي يخولها القانون لهم،و لذا كان ذكيا في وضع مقاييس أكثر ذكاءا ،من أجل تحقيق المزيد من الانتكاس و الارتكاس،عبر الترويج لطرهات من قبيل:أن أساتذة التعليم يعانون من أمية وظيفية ،كما صرح بذلك أحد الأساتذة الأجلاء( المصطفى إد ملود) مشيرا،أنه من خلال تصحيح امتحان 2003 تبين بالملموس،أن أساتذة التعليم يعانون من ( أمية وظيفية؟)،فمن حق هذا الأستاذ-الذي نحترم مواقفه الشجاعة- الكشف عن أحد المظاهر الجريئة ،في التعامل من الأزمات الحالية، التي يشهدها التعليم في بلادنا،ولكن ما صرح به قد يجانب الحقيقة و الواقع من بعض الجوانب،لأن الكثير من الأساتذة يدأبون على تجديد ثقافتهم التربوية ،بكل المقاييس،بل منهم من تمكن من استكمال دراسته العليا،و حصل على شواهد تثبت جدارته،و أهليته لممارسة مهنة من أشرف المهن،وعليه يمكن اعتبار تصريح الأستاذ( إد ملود) مجانبا من بعض الجوانب للحقيقة،لأن النتائج التي كشف عنها الامتحان المهني لا تعبر حقيقة عن المستوى الحقيقي لطبيعة التكوين المستمر أو الذاتي ،الذي يبدله العديد منهم،من أجل تجويد ثقافته التربوية، بل تخضع لمقاييس تخص الغلاف المالي، الذي تخصصه الوزارة للترقية بنوعيها،الخاصة و العامة،فمن البديهي أن لا يتوفق العديد منهم، في اجتياز الامتحان المهني،ربما لأسباب متعددة ،تجمع بين شروط عامة و أخرى ذات خصوصية، منها مثلا التوقيت المختار لاجتياز الامتحان،و طبيعة الأسئلة التي تطرح،وظروف تصحيح أوراق الامتحانات ،ناهيك عن التنقيط الإداري،الذي يطبعه الحيف و الشطط في استعمال السلطة التقديرية لبعض المديرين،زد على ذلك التنقيط الخاص بالمفتشين،الذي يساهم بدوره في إذكاء جذوة الأزمة،كل هذه العوامل على اختلافها و تنوعها تساهم بقسط وافر ،في التأثير على نفسية أساتذة التعليم ،مما تكون له نتائج أكثر سلبية،فالامتحان المهني ،و في ظل الشروط و الظروف التي يمر فيها،يعتبر طريقة غير مناسبة لتقييم الثقافة التربوية لهؤلاء الأساتذة،بل لتقييم مردوديتهم، وفي المقابل يقترح إعادة النظر في كل حيثياته،عبر التفكير في خلق طرق خلاقة تقيم بحق عمل الأساتذة،عبر إجراء بحوث ميدانية تناقش أمام لجان علمية محكمة،تفضي للحصول على شهادات ،يشكل تراكمها ،قيمة مضافة في الرصيد التربوي للأساتذة،كما هو الشأن في الشركات و البنوك وباقي القطاعات ألأخرى،التي يحصل فيها العاملون على نقاط تضاف لرصيدهم،جزاء على الدبلومات أو البحوث التي يقومون بها،بهذا الشكل يصبح تقييم المردودية أكثر فاعلية وتعبيرا عن الكفايات الحقيقة،التي يتوفر عليها الأساتذة،أما أن تختزل جهود الأساتذة في امتحان ،لا تتوفر فيه أدنى شروط المنافسة الشريفة،بل يتحكم فيه الحظ بالدرجة الأولى ،زد على ذلك حصيص المناصب المالية التي تخصص لهذا الامتحان،فتلك قمة المفارقة التربوية المغربية،فالامتحان يعتبر من وجهة نظري إجراء غير عملي،لكونه لا يعكس المستوى الحقيقي للمتبارين،ولهذا أشرت في بداية هذا المقال لفاعلية البحوث الميدانية ،التي تسعف الأساتذة في التعرف بشكل دقيق ،على طبيعة الحقل ،الذي يمارسون فيه عملهم،لأن حل العديد من المعضلات ،التي يعاني منها الواقع التربوي ، مردها غياب البحوث الميدانية ،التي تقارب بشكل ملموس،جملة المشاكل ،التي نصادفها أثناء الممارسة الصفية،تمثيلا لا حصرا ظاهرة العزوف عن متابعة الدراسة ،أو التسرب أو الهذر المدرسي أو...........إلخ، وكلها ظواهر تؤثر سلبا ،على مردودية المتعلمين،فتشجيع العمل الجمعوي،وإرساء ثقافة إنشاء جمعيات تساهم في محاربة الأمية، التي يعاني منها المغرب،لكفيل بحل العديد من المعضلات ،التي يعاني منها قطاع التعليم،والالتفات لمسألة اللقاءات التربوية ،التي تساهم بقسط وافر في خلق تواصل كبير بين جل أساتذة التعليم،عبر تبادل الخبرات و التجارب،ومناقشة مضامين البرامج و المحتويات،التي يطبقوها بدون التعرف على الأساس الابستيمولوجي،الذي بنيت عليه،فضلا عن تخصيص جوائز لأفضل منتوج تربوي،يساهم في ترسيخ ثقافة تكنولوجيا المعلومات و الإخبار،و إحداث جائزة المغرب لأفضل مؤلف تربوي،إلى غير ذلك من ألأمور ،التي تدفع حقا بالممارسة التربوية نحو الأمام،أما أن تشغل الوزارة ،و في مطلع كل سنة، العديد من الأساتذة بالامتحان المهني الحالي،بدل التفكير في أمور أكثر نفعا،كعقد مؤتمر يناقش جملة المشاكل الحقيقية ،التي يعاني منها قطاع التعليم ببلادنا،و التفكير في حلول مناسبة لها،ليعتبر أولى الأولويات،التي ستخرج هذا القطاع من أزماته المتتالية،فتحقيق الجودة لا يتم بالنية الحسنة،بل بالعمل الجاد داخل الفصول الدراسية،عبر الحصول على أفضل مردودية.
وللحديث بقية
عبد المولى العنيز
نيابة القنيطرة
الملف في الملحقات للتحميل اسفله