باحث: العنف في المجتمع المغربي ينعكس على "التشرميل المدرسي"
دفاتر مقالات الرأي والتقارير الصحفية التربويةهنا نرتب أهم وآخر مقالات الرأي والتقارير الصحفية الواردة بالصحافة الوطنية والمتعلقة بموضوع التربية والتعليم
باحث: العنف في المجتمع المغربي ينعكس على "التشرميل المدرسي"
محمد الراجي
الأحد 10 دجنبر 2017
في خضم الأسئلة التي تطرحها حوادث العنف داخل المدرسة المغربية التي شهدت تطورا لافتا خلال الآونة الأخيرة، قال فوزي بوخريص، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إنّ العنف في الوسط المدرسي هو انعكاس للعنف السائد في المجتمع، مُبرزا أنه لا يمكن التفكير في العنف في المدرسة بمعزل عن العنف في الشارع والتلفزة والسياسة وغيرها من المجالات العامة.
واعتبر بوخريص، خلال ندوة حول العنف في الوسط المدرسي، نظمتها المدرسة المغربية للهندسة بالرباط، بشراكة مع مرصد مراكش للسوسيولوجيا، أنه "من المُجحف تحميل المدرسة وحدها مسؤولية العنف الذي يحدث داخلها، لأنّ العنف داخلها هو في كثير من الحالات مجرد انعكاس للعنف الموجود في المجتمع الناجم عن أسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية، الذي أصبح يخترق المدرسة".
وحدد بوخريص ثلاث آليات للعنف في الوسط المدرسي؛ أوّلها انتشار العنف في الفضاء الذي توجد به المدارس، وخاصة الأحياء الهامشية، والثاني يتعلق بانتقال المدرسة من مؤسسة نخبوية إلى "المدرسة الجماهيرية"، ما يجعلها تتوسع كميا، وهو ما يفسح المجال لظهور جملة من المشاكل لصعوبة التأطير داخل الفضاء المدرسي.
وعلاقة بذلك أشار المتحدث ذاته إلى أنّ الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات التعليمية له ارتباط بالعنف، في غياب إمكانيات تأطير ومواكبة التلاميذ، خاصة مع دخول فئات لم يكن مسموحا لها بدخول المدرسة، مثل الفئات الشعبية التي تعاني من مشاكل اجتماعية كبيرة.
أما السبب الثالث لانتشار العنف في الوسط المدرسي، بحسب بوخريص، فيتعلق بالإقصاء الذي يعاني منه التلاميذ المنتمون إلى الفئة الاجتماعية الهشة، داخل المدرسة، ما يؤدي بهم إلى فقدان الثقة في أنفسهم، لعدم شعورهم بالاندماج في الوسط الذي يدرسون فيه، وهو ما يحكم عليهم بالفشل.
واستطرد أستاذ علم الاجتماع أن العنف في المدرسة مرتبط بالبيئة المهمشة، المشجعة على الاعتداء على التلاميذ وعلى الفاعلين التربويين، "لأنها تشكل أرضا خصبة للانحراف"، مُبرزا أن ما يدفع التلاميذ الذين يرتكبون أعمال عنف داخل المدارس هو أنهم يتأثرون بالمشاكل الآتية من المجتمع، ما يجعلهم عرضة للقيام بسلوكات منحرفة.
وبالرغم من دعوته إلى عدم تحميل المدرسة وحدها مسؤولية العنف في الوسط المدرسي، أكد بوخريص أن المدرسة تساهم بدورها في هذا العنف؛ وذلك باستبعاد التلاميذ الذين يرتبط حضورهم داخل المدرسة بحضور الأستاذ، في حين لا يجدون فضاءات أخرى داخل المؤسسة التعليمية يأوون إليها خارج الفصل، مثل المقاصف والمطاعم... إضافة إلى الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات التعليمية، وغياب العدد الكافي من الأساتذة والأطر التربوية لتأطير التلاميذ.
وأردف المتحدث ذاته أنّ "السلطة المبالغ فيها"، التي يتم التعامل بها مع التلاميذ في المؤسسات التعليمية، والسخرية التي يكونون عرضة لها أحيانا، تجعلهم يفقدون الثقة في أنفسهم، وتجعلهم يواجهون مصيرهم لوحدهم في حالة الفشل في غياب برامج للمواكبة، في حين إن التلاميذ الذين يجدون من يشد عضدهم ويدعمهم يتجاوزون الحياة المدرسية بسلام.
وأضاف أنّ التلميذ حين يكون عرضة للسخرية داخل المدرسة من طرف الأستاذ، إما أنه يختار الانسحاب، أو يرفض الوضع من خلال إعادة ردّ السخرية التي تعرض لها إلى الأستاذ في محاولة لكسب الاحترام؛ وذلك بممارسة العنف ضدّه، موضحا: "التلميذ الفاشل لا يمكن أن يبرر وضعيته إلا بالعنف، وأحيانا بتواطؤ مع جماعة القسم (زملاؤه داخل الفصل)، كما حصل في ورززات".
ويرى بوخريص أن مدخل الحد من العنف داخل الوسط المدرسي يكمن في تحويل المدرسة من مؤسسة ينحصر دورها في تلقي المعارف إلى مؤسسة للتربية، مُبرزا أن "التلاميذ حين يشعرون بأنهم محترمون ومشاركون في الحياة المدرسية، سيتجهون إلى بناء علاقات متوازنة مع كل أطراف العملية التربوية داخل المؤسسة التعليمية". هسبريس