الزمن المدرسي… إلى متى؟
“الوقت من ذهب”، مقولة نُدرك من خلالها أهميّة الوقت في حياتنا المليئة بالمشاغل والاهتمامات. هذا الشيء غير الملموس هو أثمن ما نملك في الحياة ومن البديهي أن يسعى كلّ منّا إلى محاولة استغلاله والاستفادة منه إلى أقصى الحدود، وأيّ هدر في الوقت يمكن أن يشكّل لنا التأخّر في تحقيق أحد أهدافنا.وقد توصل أطر التعليم الابتدائي على الخصوص بمذكرة وزارية تحت عدد 2156×2 بتاريخ: 04 شتنبر 2012 حول إعداد الزمن المدرسي وفق التوقيت اليومي تهم صيغة واحدة في المدار الحضري لمن توفرت فيهم الشروط لذلك وهي تواجد حجرة لكل أستاذ، وأمام هذه الوضعية قامت مجموعة من المؤسسات التربوية إلى تقديم اقتراحات تهم توزيع زمن التعليم والتعلم الأسبوعي مع الأخذ بعين الاعتبار حصص العمل الأسبوعي ومتغيرات لا داعي لذكرها فهي بعيدة عن منطق العقل، أصاب من أصاب وأخطأ من اخطأ في انتظار حلول لعلها تراعي بعض المتغيرات، لكن الخطير في الأمر أننا لانهتم بالوقت وإلا لوجد المقترح في حينه بإشراك الفاعلين في الميدان.و يشير مفهوم الإيقاعات المدرسية إلى تنظيم و تدبير الحصص اليومية و الأسبوعية و السنوية لأنشطة التلميذ الفكرية و المهارية و العقلانية بحيث يراعى في هذا التنظيم الصحة الجسمية و النفسية للتلميذ،والأوقات المناسبة للتعليم و التعلم، و ذلك ضمانا للاستعمال الأمثل للموارد البشرية و المادية و المالية المرصودة للتعليم في مختلف أسلاكه و مستوياته، حيث تشير الدعامة الثامنة في الميثاق إلى ضرورة تدبير الوقت في مجال التربية و التكوين بما في ذلك الجداول الزمنية و المواقيت وتوزيع الحصص على أيام السنة حسب وتيرة الحياة المميزة للمحيط الجهوي للمدرسة يا حسرتاه !فهل من الإنصاف البيداغوجي والاجتماعي أن يعمل مدرسو التعليم الابتدائي وحدهم، دون غيرهم من مدرسي باقي الأسلاك التعليمية، 30ساعة في الأسبوع؟ ومن المعروف أن التعليم الابتدائي أكثر إنهاكا وأكثر أهمية لما له من وظائف بنائية أساسية تؤثر على فعالية وجودة الأسلاك التعليمية اللاحقة، وقد أثبتت الدراسات أن ساعة في القسم تساوي ساعتين في المعمل.لذا يجب إعادة النظر في عدد ساعات عمل المدرسين وفق خصوصية مهنة التعليم، وضمانا للفعالية والإنصاف. إن صناعة مستقبل ونهضة أمة لا يتم انطلاقا من حسابات مالية وتقنية ضيقة لتحقيق التوازنات الماكر واقتصادية وذلك على حساب قطاع مجتمعي حيوي واستراتيجي كالتعليم. هناك مجالات أخرى يتم فيها هدر ونهب الأموال العامة هباء، ووجب إعمال سياسة الترشيد والتقشف أو المراقبة والعقلنة فيها، وقد تكون لوحدها كفيلة بتحقيق فائض ماكرو اقتصادي وليس التوازن فقط.في الأخير، نشير إلى أن الزمن البيداغوجي لنظام التربية والتكوين، لا زال زمنا ماقبل-علميا، يهيمن عليه الزمن التدبيري التقني ذو الأهداف الاقتصادية التقشفية والتجارية(عدد الكتب المدرسية…)، والزمن الإيديولوجي السلبي.إننا في حاجة إلى إعمال العلم والمصلحة العليا للوطن، لتحديد زمن بيداغوجي حقيقي وموضوعي يراعي الخصوصيات البيداغوجية، أوالسيكواجتماعية، للمنهاج التعليمي وللمتعلمين، ولمحيط المدرسة، وللمدرسين، ولمتطلبات التنمية البشرية الحقيقية، ولنهضة وتقدم البلاد عامة، فما أحوجنا أن نخطِّط ؛ فننهض ونبني حضارتنا. كمال عتو
وجدة سيتي نت
7-10-2012