صمود الحركة رغم فارق القوة الشاسع حرم الاحتلال من تحقيق أهداف تصل لدرجة النصر
خبراء عرب: حماس لم تنهزم وإسرائيل لم تنتصر
عبد المنعم فريد
اسلام اون لاين
النبران الكثيفة لم تحقق أهداف الاحتلال، بحسب بعض الخبراء العسكريينبعد إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد في قطاع غزة، بدت النتائج النهائية للحرب التي دامت 22 يوما، وسقط فيها قرابة 1300 شهيد فلسطيني، غير واضحة لعدد من الخبراء العسكريين العرب، وإن رأى أغلبهم أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بصمودها رغم فارق القوة بينها وبين إسرائيل حرمت جيش الاحتلال من تحقيق أهداف تصل لدرجة النصر. ففي حديث مع "إسلام أون لاين.نت"، قال الدكتور محمد عبد السلام، المحلل العسكري في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: إن "فكرة الانتصار والهزيمة في حرب غزة غير واضحة حتى الآن"، معتبرا أن "خير توصيف للموقف الراهن هو أن حماس لم تنهزم، وإسرائيل لم تنتصر".
وأضاف د. عبد السلام أن "تصريحات قادة حماس طيلة الحرب ركزت بشكل أساسي على فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها، وهي القضاء على حكم الحركة، ووقف إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، دون الحديث عن أداء الحركة عسكريا، وما حققته من تفوق يذكر على القوات الإسرائيلية".
واعتبر أن "الأداء العسكري لحماس في هذه الحرب غير النظامية لا يعطي مؤشرا على تحقيق انتصار عسكري؛ إذ لم تنفذ أي عملية عسكرية بارزة يمكن من خلالها الحكم على قدرتها العسكرية".
وأطلقت المقاومة خلال الحرب أزيد من 600 صاروخ على إسرائيل، بعضها وصل إلى نحو 60 كم من غزة؛ مما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين، وإصابة العشرات بجروح، وعلى الأرض نجحت المقاومة في صد محاولات التوغل المتكررة من جانب جيش الاحتلال إلى داخل المناطق المكتظة بالسكان.
وقالت المقاومة إنها قتلت ما يزيد عن 50 جنديا إسرائيليا، وجرحت المئات خلال الاشتباكات والكمائن وعمليات القنص، لكن إسرائيل لم تعترف إلا بمقتل عشرة جنود فقط منذ بدء عدوانها يوم 27-12-2008.
على الجانب الآخر، يرى د. عبد السلام أن "القوة الهائلة التي استخدمتها إسرائيل في غزة لا تعني أنها انتصرت.. الواقع أنها فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة من الحرب، وهي إنهاء حكم حماس لغزة، ووقف إطلاق الصورايخ، وتهريب الأسلحة".
وقلل من حديث قادة إسرائيل عن إضعاف حماس، مبررا ذلك بـ"عدم توافر معلومات بعد عن خسائر الحركة بشريا وماديا، إضافة إلى الغموض حول مصير قيادات حماس في غزة".
نصر حمساوي
أما الخبير العسكري اللبناني، العميد المتقاعد وليد سكرية، فيرى أن "حماس ربحت المعركة على المستويين العسكري والشعبي".
وأوضح في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" أنه "عسكريا نجحت حماس في إرغام إسرائيل على وقف إطلاق النار، وكبدتها خسائر في أرواح الجنود، وما زال لديها القدرة على مواصلة إطلاق الصواريخ".
وشعبيا "كسبت حماس تأييدا عربيا وعالميا كبيرا، ربما يصبح مستقبلا عامل ضغط قويا على إسرائيل للحد من اختراقاتها المتتالية للقوانين الدولية، وربما يعرض قادة إسرائيل للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب"، يضيف سكرية.
بينما يرى أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة من الحرب، قائلا: "جيش الاحتلال لم يقض على حكم حماس، ولم يوقف إطلاق الصواريخ، وما زال الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليت، أسيرا في غزة منذ يونيو 2006.. فأي انتصار حققته إسرائيل؟!".
حرمان العدو
بدوره، أكد الخبير العسكري المصري، اللواء أركان حرب متقاعد طلعت مسلم، أنه "حينما يختل الميزان العسكري بين طرفي النزاع المسلح، فإن مجرد حرمان العدو من تحقيق أهدافه يعد كسبا للمعركة"، في إشارة إلى الفارق الشاسع بين القوة العسكرية لحماس وجيش الاحتلال.
وأقر مسلم بأن "الحرب بالفعل أضعفت المقاومة، لكنها لم تستطع القضاء عليها، ومن جهة أخرى أدت إلى رفع روح المقاومين المعنوية أمام جيش مزود بأحدث الأسلحة".
منتصرة؟
لكن هناك من يرى أن "إسرائيل هي المنتصرة؛ فقد حققت أهدافها في إضعاف حماس، وأكدت أنها سيدة العالم العربي، وأن العرب ليسوا جاهزين لقتالها"، بحسب اللواء متقاعد بالجيش اللبناني، ياسين سويد.
واعتبر سويد في تصريح لـ"إسلام أون لاين. نت" أن "هدف إسرائيل لم يكن القضاء على حماس؛ لأن ذلك يعني انضمام غزة إلى سلطة الضفة الغربية المحتلة مجددا فيما يشبه نواة لقيام دولة فلسطينية مستقلة، بينما ترغب إسرائيل في البقاء على انقسام الفلسطينيين بين جبهتين".
واعتبر أن "الخاسر الأكبر هم أهالي غزة، الذين استشهد منهم قرابة 1300 شخص، وأصيب أكثر من 5300 آخرين بجروح، في حرب لا ذنب لهم فيها، غير أنهم يعيشون على أرض القطاع المحاصر منذ يونيو 2007، إضافة إلى تدمير البينة التحتية".
وحول نجاح المقاومة في مواصلة إطلاق الصورايخ على إسرائيل طيلة الحرب، قال سويد إن المقاومة "أعطت ذريعة لإسرائيل كي تواصل مذبحة غزة، فصواريخها لا تصيب إلا القليل مقارنة بال*** الإسرائيلي".
ونفى أن تكون إسرائيل قد أعلنت وقف إطلاق النار بسبب فشلها العسكري في غزة، وإنما "لأغراض دعائية أمام الرأي العام العالمي.. إسرائيل على يقين تام بأن المقاومة ستستهدف القوات الإسرائيلية في غزة، وهو ما ستستخدمه كذريعة لمواصلة العدوان".
وكانت إسرائيل أعلنت مساء أمس السبت وقفا لإطلاق النار من جانب واحد بدأ سريانه في الثانية من صباح اليوم بالتوقيت المحلي مع استمرار انتشار قواتها في غزة وحولها، وبعدها بساعات أعلنت حماس وبقية الفصائل، عدا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقف إطلاق النار، وأمهلت إسرائيل أسبوعا لسحب قواتها من غزة.