قيمنا والفيس بوك
أمل فوزي
أحمد الله أنني لست من المدمنين لوسائل التواصل الاجتماعي، فقط أمر عليه مرور الكرام صباحا أو مساء ونادرا ما أدلو فيه بدلوي ليس تكبرا وإنما لإيماني بأن الكلمة أمانة لابد وعند كتاباتها أن تحمل قيمة وفائدة للآخرين. ووسائل التواصل الاجتماعي أداة جيدة لقياس اهتمامات الناس واتجاهاتهم الفكرية وتحولت إلى أقوى وسيلة إعلامية مؤثرة في المجتمع بل إنها تكاد أن تلعب دور الإعلام الموجه الذي كان موجودا قديما والذى اختفى مع انتشار القنوات الفضائية وتعدد البرامج الإخبارية التي تقدم موادا مختلفة، فقليلا ما تجد الآن عدة برامج تتحدث حول نفس الموضوع في نفس الوقت ولكن غالبا ما نجد الفيس بوك يفعل ذلك فقد يتم تشيير صورة أو فيديو واحد طوال الوقت. فأفضل شيء الآن يسمح بتكريس فكرة ونشرها بين الناس هو وضعها على الفيس بوك، وهو ما يعني أن وسائل التواصل وإن كانت في ظاهرها تحمل دلالات حرية التعبير عن الرأي فإنها في باطنها أداة من أهم أدوات توجيه الناس وبشكل غير مباشر، كل هذا ليس لدي اعتراض عليه، ولكن ما يثير القلق أنه كثيرا ما تكون الموضوعات التي تنتشر بين الناس هي من توافه الأمور ولا تستحق مجرد الاهتمام بها ناهيك عن أن تكون مادة أساسية للنقاش كقصة سارق الشيكولاتة أو المقطع الصوتي لسيدة تنهر أخرى بسبب مشكلة بين أبنائهما، الأهم من ذلك أن تلك الوسائل صارت ترسم خريطة جديدة لقيم وثقافة المجتمع، فحينما يسهل التأثير يسهل التغيير، ولأن منظومة القيم والأخلاق لدينا أصلا أصبحت باهتة وضبابية المعالم فإن تكريس أي قيم جديدة لا سيما بين الأجيال الجديدة هو أمر سهل وللأسف فإن ما ينتشر الآن من قيم عبر الفيس بوك لا ينذر بخير بل يؤكد أن القيم والأخلاق تسير من السيئ للأسوأ، وللأسف نحن نتركه يتحكم في أوقاتنا وقيمنا دون أدنى تحكم منا.
أذكر أنني سألت يوما صديقة لي تقيم في أمريكا وتعمل هي وزوجها في مراكز مرموقة وحساسة للغاية في مجال التكنولوجيا والبرمجيات وعندما سألتها عن كيفية تعاملها أسريا مع هذا الأمر قالت الفيس بوك أداة معروفة للتوجيه لذلك يمنع لدينا أن يقوم طفل أقل من 13 سنة بعمل صفحة وتحرص الأسرة على ذلك والطفل أيضا يلتزم غالبا بذلك فهو يتعلم في المدرسة أن يحترم القوانين حتى وإن لم يكن هناك أحد يراقبه عند تطبيقها، حتى عندما يكبر الأولاد قليلا فهناك تقنية تسمح بفتح الإنترنت لساعات محددة فقط في المنزل وهو ما يحد من الوقت المعرض له الأطفال أمام تلك المواقع، وتضيف صديقتي قائلة إن أكثر ما يدهشني أن بعض من أعرفهم في مصر قالوا لي إنهم أمام الفيس بوك 24 ساعة حتى أثناء العمل وحتى في لحظات التنبه ليلا وهو ما يعني أن مثل هؤلاء بيئة خصبة جدا للتأثر بما يقال على الفيس بوك حتى وإن كان ما يحمله من موضوعات وأخبار غير سليم وربما سلبيا. أعلم أن التحكم في استخدامه أصبح أمرا يصعب على كثيرين القيام به ولكن على الأقل قبل التأثر بما ينشر عليه أو تصديقه علينا أن نمرره على فلتر القيم والأخلاقيات التي تربينا عليها فما يتفق معنا نمرره وما يختلف نفكر فيه على الأقل.