المكتبات المدرسية بآسفي... محلات لكراء المقررات
الخميس, 26 يناير 2012 16:00
شكلت المكتبات المدرسية خلال حقب سابقة وسيلة من وسائل تعميق المعارف ونشر الثقافات والعلوم، وكانت تحظى بأولوية داخل منظومة التربية والتكوين، قبل أن يتراجع دورها في الحقبة الأخيرة، والسبب في ذلك حسب مهتمين بقطاع التربية والتعليم، "غياب تصور واضح للنهوض بالمكتبات المدرسية، واعتبارها مجرد نشاط مواز...".
بنيابة آسفي، بالكاد تجد بعض المكتبات المدرسية بمؤسسات التعليم الثانوي، وحتى تلك المكتبات الموجودة يُسجل عجزها وقصورها عن أداء المهمة النبيلة التي من أجلها أحدثت، أصبحت بعض المكتبات المدرسية مجرد محلات لكراء الكتب والمقررات المدرسية وإعارة الكتب الترفيهية غير المجدية.
يقول أستاذ بثانوية الإدريسي بآسفي، أنه حينما يلج التلميذ إلى الخزانة المدرسية، فإنه قد يختار بشكل اعتباطي أي عنوان، ويغادر إلى حال سبيله، إذ قد يتمكن من مطالعة الكتاب وفي الغالب الأعم لا يطالعه، مضيفا أن سبب ذلك هو غياب موجه تتوفر فيه الشروط العلمية والمعرفية لتوجيه التلميذ والمساهمة في تحديد ميولاته حتى يتمكن من تحبيب الكتاب له، هذا بالإضافة إلى الخصاص المهول الذي تعرفه جل الخزانات المدرسية بالإقليم، من حيث العناوين الجديدة، والتي يمكن أن تواكب التطلعات المعرفية للتمليذ.
ويشير عبد الرحمان غافس، قيم على مكتبة بإحدى الإعداديات، إلى أن الملاحظ على مكتباتنا المدرسية احتواؤها على نوع من الكتب المتجاوزة، ونؤاخذ بعض قيمي هذه الخزانات على عدم التزامهم بالطريقة الحديثة في ترتيب المكتبات وتصنيف الكتب وحضور معارض الكتب واقتناء ما يليق منها بثقافتنا المغربية العلمية منها والأدبية والفنية، توسيعا لدائرة المعارف ومساعدة للأستاذ على أداء مهمته المتمثلة في تبليغ هذه العلوم والآداب.
كما أن دور القيم على الخزانة أصبح اليوم ينحصر في القيام بالأنشطة المختلفة داخل المؤسسة، وإصدار المنشورات للتعريف بمحتويات الخزانة وأنشطتها مع تنظيم معرض للكتب والإشراف على المسابقات الأدبية والفنية إضافة إلى التسيير وإعارة الكتب والدوريات.
وحسب معطيات يتوفر عليها "الصباح التربوي"، فإن عددا من القيمين على الخزانات المدرسية بكل من نيابتي آسفي واليوسفية، أصبحوا يقومون بدور الإداري، في ظل الخصاص الذي تعرفه العديد من المؤسسات العمومية سيما الثانوية منها، في عدد الإداريين من حراس عامين وغيرهم، وذلك على حساب الخزانات المدرسية.
كما تؤكد عدة معطيات، اختفاء العديد من الكتب والمرجاع الأساسية من الخزانات المجرسية نتيجة عدم تفعيل الرقابة، حيث أثبت تقرير سابق للجنة للتفتيش بثانوية القدس، حصول نقص في عدد من الكتب المهمة، إذ تشير أصابع الاتهام إلى أستاذة وتلاميذ تمكنوا من سحب كتب من الخزانة المدرسية دون إرجاعها.
وإذا كان هذا هو الحال الخزانات المدرسية، فإن مؤسسات ثانوية تم إحداثها أخيرا بنيابة اليوسفية، لا تتوفر على خزانات مدرسية أو قيمين على هذه الخزانات، ما يؤشر على التوجه الذي اختارته الجهات المسؤولة عن القطاع في التعاطي مع الخزانات المدرسية.
وحسب آراء بعض التلاميذ، فإن علاقتهم بالمكتبات المدرسية، لا تتعدى بداية الموسم الدراسي، لكراء الكتب والمقررات المدرسية، ويعزون ذلك، إلى غياب كتب ومراجع لها علاقة بطبيعة المواضيع التي يدرسونها، وغياب فضاء مناسب داخل المكتبة يشجع على المطالعة.
وإذا كان البعض يعتبر أن للمكتبات أهمية قصوى، في العملية التعليمية التعليمة، باعتبارها الدعامة الأساسية للمربي والناشئة، والقلب النابض لسائر مؤسسات التعليم ومعاهد التكوين، لأنها تطعم وتغذي البرامج وتثريها، فإن بعض المتتبعين أصبحوا يعتبرون أن الوزارة الوصية على القطاع، جعلت القاعات متعددة الوسائط بطريقة غير مباشرة، بديلا للمكتبات المدرسية، لكن الواقع يجعل ذلك مجرد تدبير لم تكن له النتائج المتوخاة، على اعتبار على أن أغلب المؤسسات توجد بالعالم القروي، وعدد منها لا يتوفر على الربط بشبكة الكهرباء، فضلا عن غياب قاعات لاستعمالها كقاعة متعددة الوسائط، في ظل الخصاص الحاصل في عدد القاعات خصوصا بالتعليم الإعدادي وكذا الثانوي، وغيرها من المشاكل.
محمد العوال
آسفي
الصباح التربوي