كيف أرسخ محبة الرسول-صلى الله عليه وسلم- في قلب طفلي؟
الحقيقة أن حب النبي _صلى الله عليه وسلم_ هو أصلمن أصول هذا الدين ومبدأ من مبادئه لا يستقيم إيمان إنسان بدونه ولا يسع مسلم أنيتجاوزه ولا يصح لمسلم أن يكون متردداً فيه فهي مرتبطة بمحبة الله _سبحانه وتعالى_ إذ إنه – صلى الله عليه وسلم – مبعوثه ورسوله ومصطفاه ومجتباه..
وهذا السؤال منأهم الأسئلة التي ينبغي على أولياء الأمور والوالدين أن يسألوه وأن يتقنوا فنتطبيقه، وأن يبذلوا جهدهم في الوصول إلى ترسيخ محبة النبي _صلى الله عليه وسلم_ فيقلب أبنائهم أجمعين .
ولبيان الإجابة عن هذا السؤال يهمنا الوقوف عند عدة نقاطهامة :
أولا : مكانة حب النبي _صلى الله عليه وسلم_ في التشريع الإسلامي الشريف :
فقد روى البخاري عن أنس _رضي الله عنه_ أن رسولالله _صلى الله عليه وسلم_ قال : "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكونالله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعودفي الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار" .
وروى البخاريأيضاً عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال : "لا يؤمنأحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده..." .
وفي الصحيح عن عبد الله بن هشام : كنا مع النبي وهو آخذ بيد عمر، فقال عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلامن نفسي، فقال: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، قال عمر: فإنهالآن، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال: الآن يا عمر".
وفي الصحيحين عن أنس _رضي اللهعنه_ قال جاء رجل إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ فقال: يا رسول الله متى الساعة؟قال: "وماذا أعددت لها" قال: ما أعدت لها كثير عمل إلا أنني أحب الله ورسوله، قالالنبي _صلى الله عليه وسلم_: " المرء مع من أحب" يقول أنس: فما فرحنا بشي كفرحنابقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: " المرء مع من أحب" ثم قال: وأنا أحب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وأبا بكر وعمر، وأرجوا الله أن أحشر معهم وإن لم أعمل بمثلأعمالهم .
وقد اقترن حبه _صلى الله عليه وسلم_ بحب الله _تعالى_ في الكثير منالآيات القرآنية،منها قوله _تعالى_:" قُل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانُكموأزواجُكم وعشيرتُكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشَون كسادَها ومساكنُ ترضونهاأحبَّ إليكم من اللهِ ورسولهِ و****ٍ في سبيلِه فَتربَّصوا حتى يأتي اللهُ بأمرِهواللهُ لا يهدي القومَ الفاسقين" ، و" قُل إن كنتم تحبون اللهَ فاتَّبعونييحبِبِكُم اللهُ ".
ثانيا : كيف نقدم النبي _صلى الله عليه وسلم_ لأبنائنا ونعرفهم به؟
ينبغي على الوالدين تقديم النبي _صلى الله عليه وسلموشخصيته إلى الأبناء مراعين الاعتبارات الآتية :
1-الحرص على بيان شخصية النبي _صلى الله عليه وسلم_ كما بينها القرآن الكريم في قوله _تعالى_: " إنا أرسلناكشاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً " فهو المبشر وهوالمنذر وهو السراج المنير والمصباح الوضاء الذي به هدى الله العالمين وأخرجهم منالظلمات إلى النور
2-الحرص على بيان جوانب القدوة منشخصيته _صلى الله عليه وسلم_ وشخصيته كلها قدوة، والتأكيد على أنه هو النموذجالمرتجى والمثال المأمول لكل من أراد النجاح والفلاح في الدنياوالآخرة
3-لابد من أن نجيب لأبنائنا على سؤال : لماذايجب علينا أن نحب النبي _صلى الله عليه وسلم_ ونصل إلى عقولهم بإقناعهم بأن كل عاقلحكيم صالح مؤمن ذكي يجب أن يحب النبي _صلى الله عليه وسلم_ لأنه الذات البشرية التيتسببت في هداية العالمين إلى الهدى والحق والنور والإيمان بفضل الله الحميد المجيد .
4-التأكيد على فضائله _صلى الله عليه وسلم_ ومكانتهعند ربه _سبحانه_ ومكانته بين الأنبياء وفضله يوم القيامة ومكانة شفاعته ومقامه فيالجنة _صلى الله عليه وسلم_ والتأكيد على بيان معنى قوله في الصحيحين من حديث أبىهريرة أنه _صلى الله عليه وسلم_ قال : "فُضِّلتُ على الأنبياء بسـت: أُعطيـت جوامـعالكلـم "فهو البليغ الفصيح" ونُصرت بالرعـب وأُحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرضطهوراً ومسجداً، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وخُتم بي النبيون"
5 –تبيين بشارة الأنبياء السابقين به _صلى الله عليه وسلم_ وحبهم لهواستقبالهم إياه في الإسراء والمعراج، وأنه هو النبي الخاتم لهم، وأن شريعته هيالناسخة لشريعتهم والجامعة لفضائلها والشاملة لكل خير وهدى جاء في رسالتهم _صلواتالله وسلامه عليهم أجمعين_
6 –التأكيد على بيان معنىالاتباع ومعنى الابتداع بأسلوب مبسط وتكرار ذلك المعنى.
ثالثا : بعض الوسائل التي يمكن اتخاذها لترسيخ حب النبي _صلى اللهعليه وسلم_ في نفوس أبنائنا :
1 –حكاية معجزاته _صلى اللهعليه وسلم_
.
2- حكاية أخلاقه العظيمة ونصرته للمظلومينوعطفه على الفقراء ووصيته باليتيم.
3- حكاية أخبار رقته _صلى الله عليه وسلم_ ورحمته وبكائه وبأنه هو النبي الوحيد الذي ادَّخر دعوتهالمستجابة ليوم القيامة كي يشفع بها لأمته،كما جاء في صحيح مسلم:"لكل نبي دعوةمجابة، وكل نبي قد تعجــل دعــوته، وإني اختبأت دعوتي شفــاعة لأمتي يــوم القيامة" ، وهو الذي طالما دعا ربه قائلاً:"يا رب أمتي ، يا رب أمتي" ، وهو الذي سيقف عندالصراط يوم القيامة يدعو لأمته وهم يجتازونه،قائلاًً:" يا رب سلِّم ، يا رب سلِّم" وأنه بكى شوقا إلينا حين كان يجلس مع أصحابه ، فسألوه عن سبب بكاءه، فقال لهم :"اشتقت إلى إخواني"، قالوا :"ألسنا بإخوانك يا رسول الله؟!" قال لهم:"لا"،إخوانيالذين آمنوا بي ولم يروني"!! كما ورد في بعض الآثار التي حسنها بعضالعلماء.
4- بيان كيف كان يحبه أصحابه _رضوان اللهعليهم_ ويضحون في سبيله وحكاية القصص في ذلك .
5- تحفيظ الأولاد أحاديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ وتعليمهم سنته، وبيان كيف أنهاتحفظ الإنسان من شياطين الإنس والجن.
6 – فعل الوالدينالعملي وطريقتهم التطبيقية في الاقتداء بالنبي _صلى الله عليه وسلم_ والحرص علىسنته هي مؤثر من أكبر مؤثرات تربية الأبناء على ذلك، يقول صاحب كتاب (التربيةالإسلامية): " إن من السهل تأليف كتاب في التربية، ومن السهل أيضاً تخيل منهج معين،ولكن هذا الكتاب وذلك المنهج يظل ما بهما حبراً على ورق، ما لم يتحول إلى حقيقةواقعة تتحرك ، وما لم يتحول إلى بشر يترجم بسلوكه، وتصرفاته،ومشاعره، وأفكاره مبادئذلك المنهج ومعانيه،وعندئذٍ فقط يتحول إلى حقيقة "
رابعاً : ملاحظات هامه أثناء التطبيق :
1-الحرص على الٌإقناع باستخدام المناقشة والسؤالوالاستفسار وعدم الاعتماد على أسلوب التلقين وحده .
2- يراعى استخدام أساليب التشويق في حكاية سيرة النبي _صلى الله عليه وسلم_
كما يراعى استخدام الثواب والهدية ومثاله في حالةالتكليف بحفظ الأحاديث أو شيء من السنة.
3- التركيز على كيفية إرضاء النبي _صلىالله عليه وسلم_ وثواب ذاك الإرضاء ولقاء النبي _صلى الله عليه وسلم_ يوم القيامةعلى الحوض والتفريق دائماً في حس الولد بين من يرحب بهم النبي وبين من يقال لهمسحقاً سحقاً.
4-مساعدة الأطفال في الإنتاج الإبداعيفيما يخص حب النبي _صلى الله عليه وسلم_ مثل كتابة الشعر في ذلك والقصة والخطبةوالمقالات وتشجيع المسابقات والمنافسات المختلفة في موضوع حب النبي _صلى الله عليهوسلم_.