في المغرب الوطني كان يشجع على التعليم والقراءة ، وكان يجهد المعلمون أنفسهم بإيصال رسالتهم الوطنية قبل ما اصطلح عليه بالدروس الخصوصية ودروس التقوية بمقابل مادي . كانت للمدرسة متعة رغم الظروف القاسية وكان التلميذ أكثر انضباطا معتمدا بشكل كلي على ما يتلقاه في المدرسة العمومية وبالمجان . في مدرسة " عمر بن عبد العزيز " الابتدائية بالناظور سقط سقف إحدى الأقسام واستشهد طفلين بريئين وأصيب أكثر من سبعة أطفال بجروح متفاوتة الخطورة. وللتذكير فقط فالمدرسة منذ أيام الاحتلال الإسباني لم تخضع للصيانة وترك المسؤولون كل مسؤوليتهم ليموت الطفلان بدم بارد. في مدرسة " الفتح" بمدينة القلعة شب حريق في إحدى الأقسام ولولا لطف الرحمان لكانت الكارثة . وبمدينة تمصلوحت بالقرب من مراكش شب حريق في قسمين دون أن يخلف الحادث أي ضحية لأنه وقع يوم عطلة . المدرسة الحلوة التي نتحدث عنها لم تعد سوى في التاريخ أو في الأحلام التي نتمنى أن تطول ولكن الواقع أكبر من الخيال . في المدرسة العمومية والمجانية سعى بعض المسؤولين لتحويلها لمكان قفر ومهجور ولذة عارمة بالإحباط والسخط ليقولوا في نهاية المطاف هذا ما تنتجه المدرسة العمومية من أشباه المنحرفين والمنقطعين والكسالى والخاملين ... ولكن ألم تكن نفس المدرسة التي قدمت في السابق ذات التلميذ النجيب والمجتهد الذي غدا طبيبا ومهندسا وأستاذا .... فكيف وقع ذاك التحول من صورته الإيجابية إلى أبشع صور من السلبية واليأس والإحباط . كان قطار الخوصصة يمر سريعا رغم بعض النداءات من طرف وطنيين مغاربة ومثقفين بالإنتباه واليقظة. وبين عشية وضحاها أصبحت المدارس الخصوصية تنبث كالطفيليات وحقق المشرفون عنها أموالا طائلة بدعوى أن المدرسة العمومية لم تعد كما كانت وأصبحت وظيفتها الأساسية مكانا للوقت الضائع ومحجة لأبناء الفقراء والمهمشين من شرور الشوارع . في هذه المدرسة التي غدت مرة بعدما كانت " حلوة " في وقت سابق ورحنا نوجه الاتهامات للمعلم والتلميذ والأسرة بينماسعى القائمون على القطاع في تخريب جزء هام من مغربيتنا وهويتنا ، هل تسألنا مثلا وعلى سبيل التساؤل من يملك مثلا في مراكش أو الدار البيضاء أو فاس أو طنجة تلك المدارس الخصوصية وتلك المعاهد أليس تلك الأسماء التي نسمعها كل يوم ... ألم يكن الأمر مخططا له من البداية بوعي بتخريب المدرسة العمومية وضرب مجانية التعليم من أجل فسح المجال للمدارس الخاصة لجني المزيد من الأرباح وخلق نماذج هجينة من ذاك المغربي الذي لايعرف ما الذي يقع حوله ولايهمه ما الذي يقع وأكثر أنانية وفردية . إنها برغماتية قاتلة لكل حس وطني ولكل هوية مغربية متشبعة بحقوق المغربي في التعليم والصحة والسكن والتنقل . في المدرسة العمومية لايهم أن يقع السقف على التلاميذ الصغار وهم في خطواتهم الأولى نحو المدرسة ولايهم إن اغتصبوا ولايهم إن ماتوا بردا فمستقبل هذه البلاد ليس في أطفاله المنتمين للمدرسة العمومية ولكن في المدارس الخاصة التي حولت كل شيء إلى" بضاعة" قابلة للبيع والشراء . لم يتبق من المدرسة العمومية " الحلوة " سوى ذاك الحنين من الماضي وذاك النحيب المر و سوى تلك السقوف التي تنهار بين يوم وآخر و معلمين متدمرين من أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة وأقسام يشتعل لهيب حريقها لنقول للمدرسة العمومية عليك السلام ومنك السلام . لم يتبق سوى أن نقول أن الخوصصة قتلت كل شيء جميل في هذه البلاد وأولى هذه الأشياء الجميلة المدرسة العمومية كأداة فعالة في مجابهةالتخلف لذا لا داعي للبكاء على مستقبل هذه البلاد .....................هسبريس
في المدرسة العمومية لايهم أن يقع السقف على التلاميذ الصغار وهم في خطواتهم الأولى نحو المدرسة ولايهم إن اغتصبوا ولايهم إن ماتوا بردا فمستقبل هذه البلاد ليس في أطفاله المنتمين للمدرسة العمومية ولكن في المدارس الخاصة التي حولت كل شيء إلى" بضاعة" قابلة للبيع والشراء .