لن تلتزم غزة بقرار إلغاء الاحتفالات برأس السنة الميلادية الجديدة 2009، لأنها أكملت استعداداتها، ولن تُلقي بها في البحر، فقد استعدت غزة العارية كما خلقها الله للّيلة، بكل ما في خزائنها من أردية وطعام وحلوى وشموع، فالليلة ليست ككل ليلة، ولا بد من الاحتفال، دون أن تبالي بارتفاع الأسعار أو تناثر الدمار، ولا بيوت العزاء المنتشرة على كل جسدها الحار، واللون الأكثر إنعاشا للمُحتفِلَة بوداع سنة واستقبال أخرى هو الأحمر، والخلفية بالصدفة العمياء مطلية بالأسود.
مَن مِنَ المدن تُنافس غزة الليلة في طقوس احتفالها العتيد، في الموسيقى أو الرقص أو كرنفال الأضواء وباقة الروائح ونبض القلوب، لا في الهند ولا في السند، لا في نيويورك ولا لندن، لا في بيروت ولا في كازابلانكا!
الإيقاع الليلة سيكون مزيجا من "روك" الأمس و"بلوز" الغد، من يدري، هل سيكون مركبا من "الدُمّات" و"التكّات"، أم سيلا من "الدم" الذي تُطلقه الإف 16 ورشقات من "التك" الذي تبصقه "الأباتشي" وتنفثه "الكوبرا".. أما الكمنجات والنايات فسينافسها نواح وأنين الثكالى والأرامل والأيتام، فيما ستعلو آيات القرآن الكريم على أي بوق أو نفير.. وبدلا من الرقص الشرقي أو الغربي أو اللاتيني أو الهندي، ستُبدع غزة الليلة في التقَلّب على وقع اهتزازات الأرض تحتها ولفحات حمم السماء على جسدها، سترتعش وترتجف وتتشنج وتنتفض، شفتاها ووجنتاها وصدرها، حتى أطراف أصابع قدميها الممزقتين، حدّ الهذيان.
وغزة ليست بحاجة إلى أي إضاءة صناعية، فوميض الانفجارات المتلاحقة بإرادة لا تكلّ يكشف لها ولمن يحتفلون فيها ما يكفي لاستمرار الاحتفال، كل وميض يكشف عن بقعة من جسدها المستتر بالعتمة، تتنشق وسط هذا كله عبيرَ دماءٍ لا تعرفه مدن أخرى، أو أنها تتجاهله، ولا تُزكمها رائحة الغبار والرماد العالقة في جو بارد رطب، فهي تدرك أن رئتيها منيعتان ضد الاختناق، واستنشاق الموت، دون أن تموت، لأن قلبها مجبول من روح الله، حتى لو لعنها اللاعنون، الله أرادها مذ خلقها أن تكون لعنة عليهم، وإن بدت أقل جمالا وتبرجا ورقة من سواها من المدن.
غزة ستحتفل برأس السنة، ستقطفه وتذروه فوق ذكرياتها، كم سنة مرّت عليها ولا تزال تحتفل، أما رأسها، فلن يقطفه أحد إلا خالقه، وإلا فكيف ما زالت هنا، جارة البحر والصحراء، تحيا وتحيا، وتتلقى التهاني: "كل عام وأنت بخير"!
اذا غاب في يوم اسمي من هنا . فربما ينساني البعض ولكن ستتذكرني صفحاتي التي سجلت عليها حروفي.! لتبقى كلماتي رمزا للجميع ليتذكروني https://www.facebook.com/errami.abdelali