بعض الفتاوى..... - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفــتــر المواعظ والرقائق تعالو بنا نؤمن ساعة ، دعوة إلى وعظ النفوس و ترقيق القلوب بكلام طيب يقربها من خالقها ..

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا
طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::
تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682
معدل تقييم المستوى: 226
طارق دامي تكنولوجيا على طريق التميزطارق دامي تكنولوجيا على طريق التميز
طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً
نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
قوة السمعة:226
قديم 14-01-2016, 07:35 المشاركة 1   
افتراضي بعض الفتاوى.....


بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا

-----------------------------------------------------------------------
الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــؤال:
ذوات الأرواح غير البشر من الحيوانات والطيور إذا ماتوا أين تذهب أرواحهم ؟
وهل ملك الموت يقبضها أم ما الذي يحدث لها بالضبط ؟

=======================================
الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــواب :
الحمد لله
أولا :
أخبر سبحانه أن ملك الموت يقبض أرواح بني آدم ، فقال : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة/11.
وأما أرواح البهائم والطير ، فلم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة الصحيحة ـ فيما نعلم ـ ، وإنما ورد في ذلك حديث لا يصح ، وهو ما رواه العقيلي قي الضعفاء بلفظ: ( آجال البهائم كلها من القمل والبراغيث والجراد والخيل والبغال كلها والبقر وغير ذلك ، آجالها في التسبيح ، فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها ، وليس إلى ملك الموت من ذلك شيء ). قال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (4/188) : موضوع .
ولهذا قال بعض أهل العلم : إن ملك الموت هو الذي يقبض أرواح الجميع ، وقال بعضهم : إن الله يتوفاها بنفسه ، فيعدم حياتها . وينظر : "التذكرة" للقرطبي ص (75) ، "الفواكه الدواني" (1/100).
وذهب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إلى أن البحث في ذلك من التكلف ، فقد سئل رحمه الله :
" هل ملك الموت موكل بقبض أرواح الحيوانات؟
فأجاب : "ما رأيك إذا قلت : إن ملك الموت موكل بقبض أرواح الحيوانات أو غير موكل ، ما الفائدة من هذا ؟! هل سأل الصحابة عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، هم أحرص منا على العلم ، والرسول أقدر منا على الإجابة ، ومع ذلك ما سألوا ، إنما قال الله عز وجل: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) السجدة/11، موكل بقبض أرواح بني آدم ، أما غير أرواح بني آدم لم يثبت ، الله أعلم.
ولكننا أهم شيء في جواب هذا السؤال أن الإنسان لا يتنطع ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( هلك المتنطعون ) فلا تسأل عن شيء ليس فيه فائدة ، والله لو كانت فيه فائدة بعلمنا أن ملك الموت يقبض أرواح الحيوانات الأخرى لبينها الله سبحانه وتعالى ، إما في القرآن أو السنة ، أو أن الله يقيض من يسأل الرسول عن هذا ، ولهذا كان الصحابة يفرحون أن يأتي أعرابي من البادية يسأل عن شيء ربما يستحون أن يسألوا الرسول عنه .
الحاصل يا أخي أنت ومن يسمع أقول : إن التعمق في هذه الأمور خطأ ؛ لأن الرسول قال: ( هلك المتنطعون ) ما قالها مرة : ( هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون ) ثلاث مرات ، في مثل هذه الأمور الغيبية خذ ما ثبت ودع ما لم يذكر ... فعلينا يا إخواني! أن نأخذ من مسائل الغيب ما ثبت عندنا ، والباقي نسكت عنه ، لو كلفنا به أو كان لنا مصلحة في معرفته لبينه الله ، قال الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل/44 ، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً نحتاجه إلا بينه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (146/11).
ثانيا :
أما مصير أرواح هذه الحيوانات ، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه وابن جرير والبيهقي في "البعث" عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) قال : يحشر الخلق كلهم يوم القيامة ، البهائم والدواب والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء [التي لا قرون لها] من القرناء. قال: ثم يقول : كوني ترابا. فلذلك يقول الكافر: ( يا ليتني كنت ترابا ) النبأ/ 40 .
وينظر : "تفسير ابن كثير" (3/255).
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (4/466) : " أورده السيوطي في "الدر المنثور" (6/310) و لم يتكلم على إسناده كما هي عادته ، وهو عند ابن جرير (30/17) قوي" انتهى.
والله أعلم .

المصدر










اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب
آخر مواضيعي

0 فوائد من كتاب سير أعلام النبلاء
0 توجيهات إيمانية
0 فرطنا في قراريط
0 الفوائد
0 غربلة مواقع التواصل ( واتساب,فيسبوك......)
0 بعض الفتاوى.....
0 التذكير ببعض أحاديث الفتن
0 وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ
0 قاعدة :كل
0 التعليق على قصيدة عنوان الحكم/ لأبي الفتح البستي


طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 226
افتراضي
قديم 14-01-2016, 12:05 المشاركة 2   


مســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــألة
هل تحصل الجماعة بالملائكة كما تحصل ببني آدم؟
========================
ذكر السبكي في الحلبيات: أن الجماعة تحصل بالملائكة كما تحصل ببني آدم، قال: وبعد أن قلت ذلك بحثا رأيته منقولا، ففي فتاوي الخياطي من أصحابنا: فيمن صلى في فضاء من الأرض بأذان وإقامة وكان منفردا ثم حلف أنه صلى بالجماعة هل يحنث أو لا؟
أجاب: بأنه يكون بارا في يمينه ولا كفارة عليه، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أذن وأقام في فضاء من الأرض وصلى وحده صلت الملائكة خلفه صفوفا
فإذا حلف على هذا المعنى لا يحنث
قال السبكي: وينبي على ذلك أن من ترك الجماعة لعذر - وقلنا: إنها فرض عين - هل نقول: يجب القضاء كمن صلى فاقد الطهورين؟
فإن كان كذلك فصلاة الملائكة إن قلنا بأنها كصلاة الآدميين وأنها تصير بها جماعة فقد قال: إنها تكفي لسقوط القضاء. انتهى.
وفي الفروع من كتب الجنابلة: قال في النوادر: تنعقد الجماعة والجمعة بالملائكة و مسلمي الجن، وهو موجود زمن النبوة، وذكر أيضا عن أبي البقاء من أصحابنا كذا قالا، والمراد في الجمعة من لزمته كما هو ظاهر كلام أبي حامد المذكور، لأن المذهب لا تنعقد الجمعة بآدمي لا تلزمه: كمسافر و صبي فهنا أولى، ثم ذكر حديث سلمان الفارسي مرفوعا وأثر سعيد ابن المسيب السابقين انتهى.

الحبائك في أخبار الملائك/ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)



اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 226
افتراضي
قديم 14-01-2016, 19:18 المشاركة 3   



مســــــــــــــــــــــــــــــــــــــألة

في رجلين تكلما فقال أحدهما: إن عليا أشجع من أبي بكر، وقال آخر: إن أبا بكر أشجع الصحابة.
===================
ا لجـــــــــــــــــــــــــــــــــو اب :

الحمد لله. الذي عليه سلف الأمة وأئمتُها أن أبا بكر الصديق أعلم الصحابة و أدين الصحابة و أشجع الصحابة وأكرم الصحابة، وقد بسط هذا في الكتب الكبار وبين ذلك بالدلائل الواضحة.
وذلك أن الشجاعة ليست عند، أهل العلم بها كثرة القتل باليد ولا قوة البدن، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أشجع الخلق، كما قال علي بن أبي طالب : كنا إذا احمرّ البأس ولقي القوم القوم كنا نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يكون أقرب إلى القوم منا.
وقد انهزم أصحابه يوم حنين وهو على بغلة يسوقها نحو العدو، ويتسمى بحيث لا يُخفي نفسه، ويقول: أنا النبي لا كذب .......أنا ابن عبد المطلب

ومع هذا فلم يقتل بيده إلا واحدا، وهو أبي بن خلف، قتله يوم أحد.

وكان في الصحابة من هو أكثر قتلا من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وإن كان لا يفضل عليهم في الشجاعة، مثل البراء بن مالك أخي أنس بن مالك، فإنه قتل مئة رجل مبارزة غير من شرك في دمه.

و لم يقتل أحدا من الخلفاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم هذا العدد، بل ولا حمزة سيد الشهداء- الذي يقال: إنه أسد الله ورسوله- لم يقتل هذا العدد، وهو في الشجاعة إلى الغاية. وكذلك الزبير بن العوام هو في الشجاعة إلى الغاية، حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إن لكل نبي حواريا، وحواريي الزبير" ، ولم يقتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هذا العدد.

وغزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه مضبوطة عند أهل العلم بالسيرة والحديث، و الله تعالى كان يبارك لنبيه و أصحابه في مغازيهم، فمع العمل القليل يظهر الإسلام و تفشو الدعوة ويدخلون في دين الله أفواجا. ومجموع من قتل الصحابة كلهم مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يبلغون ألف نفس، بل أقل من ذلك، ومع هذا ببركة الإيمان فُتحت أرض العرب كلها في حياته.

وكان القتل يوم بدر، وهي أول مغازي القتال، وأسروا منها سبعين أو نحوها.
وأما يوم أحد فقُتِل الكفار قليلا جدا، وكذلك يوم الخندق ويوم فتح مكة، والقتلى في خيبر وحنين ليسوا بالكثير. وأعظم عددا قُتِلوا جميعا قتلى قريظة، فإنهم بلغوا ثلاث مئة أو أربع مئة قتلهم جميعا.

وجملة مغازي النبي جميع بضع وعشرون غزاة، وكان القتال فيها في تسع: مغازي بدر وأحد والخندق وبني المصطلق و قريظة وخيبر والفتح وحنين والطائف، وأعظم ما كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك بلغوا عشرات ألوف، ولكن لم يكن في تبوك قتال، بل أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة، وكان قد جاء لقتال النصارى من الروم والعرب وغيرهم، فلم يقدموا على قتاله.

وأما هذه المحاربات التي يذكرها الكذابون، و كثرة القتلى التي يذكرها أهل الفرية، فكذبها معروف عند كل عالم. و إذا كان القتلى نحوا ممن ذكروا والمُقاتِلة في الصحابة كثيرون من المهاجرين والأنصار، مثل عمر وعلي وحمزة والزبير والمقداد وأمثالهم، ومثل أبي أيوب وأبي طلحة وأبي قتادة وأبي دجانة، ثم مثل خالد بن الوليد وأمثاله، وقَتل الواحد من هؤلاء يقارب قتل عمر وعلي وغيرهما، ينقص عنه أو يزيد عنه، ولهذا لما جاء علي رضي الله عنه أخذ بسيفه إلى فاطمة وقال: اغسليه عن دمهم، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن تكن أحسنت فقد أحسن فلان وفلان" وسمى طائفة من المسلمين-: عُلم أنه لم يمتنع أن يكون أحد من الخلفاء قتل مئة من الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما خالد بن الوليد والبراء بن مالك وأمثالهما فهؤلاء قتل الواحد منهم مئة وأكثر، لمغازيهم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، فانهم لما غزوا أهل الردة وفارس والروم كان القتلى من الكفار كثير جذا لكثرة الجموع. والخلفاء الراشدون لم يغز أحد منهم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا باشر بنفسه قتال الكفار بعده، وإنما كانوا هم أولي الأمر، فكان أبو بكر يشاور عمر وعثمان وعليا وغيرهم، وكذلك عمر كان يشاور هؤلاء أو غيرهم، وهم عنده. ولكن الزبير بن العوام شهد فتح مصر، وسعد ابن أبي وقاص فتح العراق، وأبو عبيدة بن الجراح فتح الشام.

وإذا تبين هذا فالشجاعة هي ثبات القلب وقوته، وقوة الإقدام على العدو، والبعد عن الجزع والخوف، فهي صفة تتعلق بالقلب، وإلا فالرجل قد يكون بدنه أقوى الأبدان، وهو من أقدر الناس على الضرب والطعن والرمي، وهو ضعيف القلب جبان، وهذا عاجز. وقد يكون الرجل يقتل بيده خلقا كثيرا، وإذا دهمته الأمور الكبار مالت عليه الأعداء، فيضعف عنهم أو يخاف.

وأبو بكر الصديق كان أقوى الصحابة قلبا وأربطهم جأشا وأعظمهم ثباتا وأشدهم إقداما وأبعدهم عن الجزع والضعف والجبن، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصحبه وحده في المواضع التي يكون أخوف ما يكون فيها، كما صحبه في الهجرة، وكان معه في الغار، والأعداء يطلبهما وتبذل ديتهما لمن يأتي بهما، وكان معه في العريش يوم بدر وحده والكفار قاصدون الرسول خصوصا.
ولهذا لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ظهر من شجاعته وبسالته وصبره وثباته وسياسته وتدبيره وإمامته للدين وقمعه للمرتدين ومعونته للمؤمنين وسد ظهورهم ما لا تتسع هذه الورقة. وكل من له بالشجاعة أدنى خبرة يعلم أنه لم يكن منهم من يقاربه في الشجاعة فضلا أن يُشَارِيه. وكذلك كان عمر، كان أشجعهم بعده، كما أن أبا بكر كان أعلمهم، كما ذكر الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني إجماع العلماء على أن أبا بكر أعلم الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مبسوط في غير هذا الموضع. والله أعلم.

جامع المسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية/ المجموعة الثالثة



اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 226
افتراضي
قديم 15-01-2016, 17:36 المشاركة 4   


بسم الله الرحمن الرحيم
ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــؤال :

رُفِع لشيخ الإسلام أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني، وصورته:
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين - رضي الله عنهم أجمعين - في رجل عاشقٍ في صورة، وتلك الصورة مُصِرَّة على هجره منذ زمانٍ طويل لا يزيده إلاّ بُعدًا، ولا يزداد لها إلاّ حُبًّا، وعشقُه لهذه الصورة من غير فسقٍ ولا خنا، و ليس هو ممن يُدنِّس عشقَه بِزِنا، وقد أَفْضَى الحالُ إلى هلاكِه لا مَحَالةَ إن بَقِيَ مع محبوبه على هذه الحالة. فهل يَحِل لمن هذه حالُه أن يهجر؟
وهل يَجبُ وصالُه على المحبوب المذكور؟
وهل يأثم ببقائه على ما يكره منَ المحبّ؟ وماذا يجب من تفاصيلِ أمرِهما وما لكل واحدٍ منهما على الآخر من الحقوق مما يوافق الشرعَ والعقل؟
أفتونا مأجورين رحمكم الله.


=================================
الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــواب
الكلام على هذه المسألة ينبني على أصلين: أحدهما يتعلق بالعاشق، والآخر يتعلق بالمعشوق، ولكل واحدٍ منهما تفاصيل تُذكَر عند ذكره. ولابُدَّ من تقديم مقدمة ينبني عليها الجواب، وهي:
لاشكَّ أنه من المعلوم أن الشرع والعقل قد دلاَّ على وجوب تحصيل المصالح وتكميلها، وإعدامِ المفاسدِ وتقليلها، فكلَّما يرى العاقل أنه إذا دخل في أمرٍ ما يُوجِبُ له مصلحةً من وجهٍ ومفسدةً من وجهٍ وجبَ عليه عند ذلك الترجيحُ، فيأخذ لنفسه بالأسَدِّ والأكمل والأرشد والأصلح.

ومن المعلوم أنه ليس في عشق الصور مصلحة شرعية دينية، لما يُؤدِّي إلى الاشتغال بذكر المخلوق عن ذكر الخالق، والعبث بالصور لا المعاني، والالتحاق بالعالم الحيواني غير الناطق في الائتلاف الصوري. كما سُئِل بعضهم عن العشق، فقال: هي قلوبٌ غَفلَتْ عن ذكر الحق، فشُغِلَتْ بذكر الخلق. فهذا مما يدل على بُعْدِ عُشّاق الصور عن الربّ العظيم باشتغالهم بالخسيس الذميم.

لكن قد ذكر المتقدمون من عقلاء العرب وظرفائهم وطائفةٌ من الحكماء أن فيه فوائد، مع اتفاقهم على نقصه من جهة ما ذكرنا من أنّ صاحبه كُلَّما قَرُبَ منه بَعُدَ عن الله عزَّ وجل. إن فيه فوائد ، من جملتها رقّة الطبع وإزالةُ خبثه وترويح النفس وخفّتها ورياضةُ الجسد، كما رُوِيَ عن يحيى بن معاذ الرازي أنه قيل له: إنّ ابنَك عَشِقَ فلانة، فقال: الحمد لله الذي صيَّره إلى طبع الآدمي.
وقال بعضهم: العشق داء أفئدة الكرام.
وقال بعضهم: العشق لا يَصْلُح إلاّ لِذي مُروءةٍ ظاهرة، أو لِذي لسانٍ فاضلٍ وإحسانٍ كاملٍ، أو لذي أدبٍ بارع وحسبٍ خاشع ، ويَقْبُح لسواهم.
وقال بعضهم: العشقُ يُشَجِّع جَنَانَ الجبان، ويُصَفِّي ذِهْنَ الغبي، ويُسَخِّي كفَّ البخيل، ويُخْضِعُ عِزَّةَ الملوك، ويُسَكِّنُ نَوافِرَ الأخلاق.
وهو أَنِيْسُ المُؤنس وجليس المجالس ، وملك قاهر وسلطان.
وقال بعض العرب :
إذا أنتَ لم تَعْشَقْ ولم تَدْرِ ما الهوَى ... فأنتَ وعَيْرٌ في الفَلاَةِ سَواءُ
وحُكِيَ أنَّ جالينوسَ قال: من لم تبتهج نفسُه للصوت الشجي والوجه البهي فهو فاسد المزاج، يحتاج إلى العلاج.
وقال بعض الحكماء: العشقُ يُرَوِّض النفسَ ويُهذب الأخلاقَ، وإظهارُه طَبَعي، وإضمارُه تكليفي، حاجبُه الصبرُ وخادمُه الجوارحُ.
فهذه آثار - كما ترى - دالة على أنه ليس في العشق مصلحة شرعية دينية، وإنما مال إليه هؤلاء لما ذكروا فيه من المصالح العقلية والرياضية، من تهذيب النفس ورياضتها، ولو تَعلَّقَ هؤلاء بمحبة الإله المعبود لألْهَاهُم ذلك عن محبة الأشخاص الفانية، وحَصَلَ لهم مقصودُهم من رياضة النفس وفرط المحبة وتهذيب الأخلاق المذكورة، وصار كلُّ موجودٍ يُحدِثُ لهم الفِكرُ فيه وجدًا لِمُوْجدِه، وكلُّ مخلوقٍ يَتبيَّنُ لهم منه محبةٌ لخالقِه، فتخاطبهم الموجودات وَالمخلوقات بألسنةِ الأحوال، وتُوضح لهم أنه لا يَستحقُ المحبةَ على الكمال غيرُ ذِي الإكرام والجلال.
هذا ما يتعلق بالمقدمة وكيفية بناء الأصلين عليها. أما ما يتعلق بالعاشق فقد ذكرنا أنه لابدّ من تحصيل المصالح وتكميلها، وإعدامِ المفاسد وتقليلها، فمن دَخَلَ على أمرٍ ما فواجبٌ عليه أن ينظر في ذلك الأمر، فإن كانت مصلحتُه راجحة على مفسدتِه أَخَذَ بالأرجحِ.

وقد دَلَّ الدليلُ كما ذكرنا على أنه ليس في العشق الصوري مصلحة دينية كما ذكرنا، وإنما فيه مصلحة رياضية نفسية، والمصالح الدينية مقدمة، مع ما يقرن بذلك مع أدائه إلى فساد الذهن وتشويش الحواس، وهو ملحق بشرب الخمر المحرم، وليس لصاحبه عذر يعتذر به ولا حجة يُقِيمها.
مثال ذلك أن من شرب الخمر فسَكِرَ، فحَصَلَ منه جناية في حق أحدٍ أو عَرْبَدَة على غيرِه، فأَتْلَفَ شيئًا، أخِذَ به، لأن الذي أزالَ عقلَه سبب محرم أدخلَه على نفسِه راضيًا غيرَ مُكرَهٍ، مع علمه قبل أن يشربه أنه يؤدي به الحال إلى هذا، فإذا اعتذر وقال: لم أَعِ ما قلتُ، ولا كان عقلٌ أميزُ به، قلنا له: أنتَ فرَّطتَ حين شربتَ.
ولهذا جَنَحَ بعضُ العلماء إلى مؤاخذة السكرانِ بما يصدرُ منه من طلاقٍ وعتاقٍ وجنايةٍ، بخلافِ من يَزول عقله بخلطٍ سوداوي أو روحاني، فإن ذلك ليس هو من فعلِه، ولا تسبب فيه برضاه، كما رُوِي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "رُفِع القلمُ عن ثلاث"، فذكر المجنون حتى يُفيقَ.

فعلى هذا لا ينبغي لأحد أن يُحْكِمَ على نفسِه عشقَ الصور، ليؤدي به الحال إلى الهلاك، فمن فعلَ ذلك فهو المفرط بنفسه والمقرر لها، فإذا هلكتْ فهو الذي أهلكها، وإذا قُتِلَتْ فهو الذي قتلَها، فإنه لولا تكرارُ نظرِه إلى وجه معشوقِه لم يَثبُتْ محبتُه في قلبه، حتى أدَّاه إلى ما أدَّاه.
وذلك لأن أول مرتبة المحبة تُسمَّى الاستحسان، وهي المتولدة عن النظر والسماع، ثم تَقْوَى هذه المرتبة بطولِ الفكرة في محاسنِ المحبوب وصفاتِه الجميلة، فتصير مودَّةً، وهي الميل إليه والألفة بشخصه. ثمَّ تتأكَّد المودَّةُ فتصير محبة، والمحبة هي الائتلاف الروحاني. فإذا قويت صارت خُلَّة، وهذا أصحُّ الأقوال. والخلّة بين الآدميين هي تمكُّنُ محبةِ أحدهما من قلب صاحبه حتى يسقط بينهما السرائر، ثمَّ تقوى الخُلَّة فتصير هَوى، والهوى أن المحبَّ لا يُخالِطه في محبوبه تَغيُّرٌ، ولا يُداخِلُه تَلوُّنٌ. ثمَّ يزيد الهوى فيصير عِشْقًا.
والعشق الإفراط في المحبة حتى لا يخلو العاشقُ من تخيُّلِ المعشوق وفكرِه وذكرِه، ولا يَغيبُ عن خاطرِه وذهنِه، فعند ذلك يَشغلُ النفسَ عن استخدام القوة الشهوانية والنفسانية، فيمنع من النوم لاستضرار الدماغ. فإذا قوي العشقُ صار تتيُّمًا، وفي هذا الحال لا يوجد في قلبه فضلة لغير تصور معشوقه، ولا يرضى نفسه بسواها. فإذا تزايد الحال صار وَلَهًا، والوَلَهُ هو الخروج عن الحدود والضوابط حتى تختلَّ أفعالُه وتتغيَّرَ صفاتُه، ويصيرَ مُوَسْوسًا لا يَدري ما يقول ولا أين يذهب، فحينئذٍ يَعْجز الأطباءُ عن مداواتِه، وتَقْصُرُ آراؤهم عن معالجته، لخروجه عن الحدود والضوابط.
قال بعضهم :
الحبُّ أول ما يكون لَجَاجةٌ...... يأتي به ويسوقُه الأقدارُ
حتى إذا خاضَ الفتَى لُجَجَ الهوى ....جاءتْ أمور لا تُطَاقُ كبارُ
فلو لم ينتقل العاشق بنفسه في هذه المراتب من مرتبة إلى مرتبة، حتى وصلَ إلى الحد الذي يُؤذيه، لم يُصِبْه أذًى، فهو الجاني على نفسِه، وأشبه به قول القائل: "يَدَاكَ أُوكِتَا وفُوكَ نَفَخَ" . فتصور بهذا أنه مُخطىء بما صدرَ منه أو لا، وإن كان ينبغي أن يحتاطَ لنفسه ولا يُورّطَها فيما فيه هلاكُها.
فعلى هذا فالعاشقُ له ثلاث مقامات : مبتدأ، ومتوسط، ونهاية.
أما مبتدؤُه ففي أول الأمر واجب عليه كتمانُ ذلك وعدمُ إفشائِه للمخلوقين، تقليلاً للوشاة عليه، وإمالةً لقلب محبوبه إليه، مُراعيًا في ذلك شرائط الفتوة من العفة مع القدرة، وإلاّ التحقَ بالشيطان الرجيم وحزبِه، فازداد به الأمرُ إلى المقام الأوسط، فيغلبُ عليه الحال، فلا بأسَ بإعلام محبوبه بمحبته إياه، فيَخِفُّ بإعلامِه له وشكواه إليه ما يجده منه، ويَحْذَر من إطْلاعِ الناس على ذلك، فهو يكون سببَ هلاكِه. فإن زاد به الأمر حتى يخرج عن الحدودِ والضوابط المذكورة، فقد التحقَ مَن هذا حالُه بالمجانين والمولهين.
على أن من رَخَّص في العشق من العقلاء، لما ذكرنا من ترويضِه للنفس وتهذيبه للأخلاق، فجعلَه مشروطًا بالعفَّة المذكورة، كما قال قائلُهم: "عِفُوا تَشْرُفوا، وَاعْفُوا تَطْرفوا". وقال الأحنف بن قيس :



أتأذَنُونَ لِصَبٍّ في زِيارَتِكُمْ......فعندكمْ شَهواتُ السّمع والبصرِ
لا يُضمرُ الشوق إن طال الجلوسُ به....عَفُّ الضّميرِ ولكِن فاسِقُ النّظَرِ
وقيل لبعض العشاق : ما كنت تصنع لو ظفرت بمن تهوى ؟
فقال : كنت أمنع طرفي من وجهه ، وأروح قلبي بذكره وحديثه ، وأستر منه ما لا يحب كشفه ، ولا أصير بفتح القفل إلى ما ينقض عهده ، ثم أنشد :

أخلو به فأعف عنه كأنني......خوف الديانة لست من عشاقه
كالماء في يد صائم يلتذه ....ظمأ فيصبر عن لذيذ مذاقه
وانقسموا قسمين:
قسمٌ قَنِعُوا بالنظرة البعيدة ولو في مدّة مديدة، كما قال شاعرهم:
ليسَ في العاشقينَ أقنَعُ مني .....أنا أَرضَى بنظرة من بعيدِ
وقال الآخر:
لو مَرَّ في خاطري تَقبيلُ وَجْنَتِه.... لَسَيلَتْ فِكَرِي عن عارضَيْه دمَا
وقال آخر:
وأَحفظُه عن نَاظِرَيَّ ومُقْلَتِي..... مخافةَ أن العينَ تَجْرَحُ خَدَّهُ
واستمرُّوا على هذه الحالة، فمنهم من يموتُ وهو كذلك، لا يَظهر سِرُّه لأحدٍ، حتى محبوبُه لا يَدري به. رُوِي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "مَن عَشِق فعَفَّ فكَتَمه فماتَ منه فهو شهيد" . /حديث ضعيف
وهذا مقام عظيم يرفع، إن تركَه وحَسَمَ مادتَه فهو أفضلُ وأقرب إلى الحق كما ذكرنا.

والقسم الثاني أباحوا لمن وصلَ إلى حدٍّ يخافُ على نفسِه منه- القُبلةَ في الحين قد غلبَه نفسه وقَهرَه قوته. قالوا: لأن في تركها ما يُؤدِّي إلى هلاكِ النفس، والقُبلةُ صغيرة، وهلاك النفسِ كبيرة، وإذا وقعَ الإنسان في مرضينِ خَطِرَيْنِ دَاوَى أخطرَهما، ولا خَطَرَ أعظمُ من قتلِ النفس، حتى أوجبوا على المحبوب مطاوعتَه على ذلك إذا علم أن تركَه ذلك يُؤدّي إلى هلاكِه، واستدلُّوا على ذلك بقوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) ، قالوا: إن سبب نزولها أن رجلاً جاء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسولَ الله! إني أصبتُ من امرأة أجنبية كلَّ شيء إلاّ النكاح، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أصلَّيتَ معنا؟ قال: نعم، قال: قد غفر الله لك. فنزلتْ هذه الآية .
وبقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)) . إلاّ أنهم كما قال بعض السلف: ما رأيتُ شيئًا أشبهَ باللَّمَم من قول أبي هريرة: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الله كتب على ابن آدمَ حظَّه من اَلزنا أدركَ ذلك لا مَحَالةَ، فالعين تَزني وزناها النَظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرِّجل تزني وزناها الخُطا، واليدُ تزني وزناها البطش، والقلب يَهْوَى ويتمنى، والفرج يُصدِّق ذلك أو يكذبه" .

وهذه النصوص واردة في حق النساء، وهذا السؤال عن الرجال، لأن أولئك القوم في الزمن الأول لم يكن للغلمان عندهم قدرٌ يهوون من أجله، أما الآن فقد زادوا على الحدّ، وازدادوا على أولئك في الحد، وهم الفتنة موجودة، وقد نهى الله عز وجل عن إرسال النظر، فقال تعالى:
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) حَسْمًا لهذه المادة، وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلي: "النظرة الأولى لك، والثانية عليك" .
حتى قيل: "رُبَّ حربٍ حميتْ من لفظه، وربَّ عِشقٍ غرس من لحظِه".
وقد نقل الشيخ محيي الدين النووي تحريمَ النظر إلى الأمرد الحسن بشهوة وبغير شهوة، وأفتى به وصحَّحه - رحمه الله - ذهابًا إلى سَدِّ هذه الثغرًة وحَسْمِ مادة هذه البلية العظيمة.

فإن كان هذا السائل كما زعم ممن لا يُدَنِّس عشقَه بزنًا، ولا يَصحبُه بخنًا، فيُنظَر في حالِه، إن كان من الطبقة الأولى فقد ذكر شروطهم فيما يتعلق بالكتمان حتى عن المحبوب، وإن كان كافيًا لهم ان صدقت دعواهم. وإن كان من الطبقة الثانية فلا بأسَ بشكواه إلى محبوبِه كي يَرِق عليه ويَرحمَه. وإن غَلَبَه الحالُ فالتحقَ بالثالثة أُبيحَ له ما ذكرنا، بشرطِ أن لا يكون أنموذجًا لفعل القبيح المحرم، فيلتحق بالكبائر، فيستحق القتلَ عند ذلك، ويزول عنه العذر، ويَحِقّ عليه كلمة العذاب، (حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71)) .

وأما ما يتعلق بالمعشوق فيجبُ عليه إدامةُ حمدِ الله وشكرِه على ما أعطاه من الجمال والحسن، ويَحرِص أن لا يجتمع مع حُسنِه قبيحُ الفعال، ولا يُدنِّس جمالَه بخسيس الخصال. فإن ظهرَ له من محبّةِ هذا صِدقُ دعواه، وفهم سلوك طريق المحبة من نجواه، فعامَلَه المعاملةَ الجميلة، وأباحَ له النظرَ والمحادثةَ المذكورة، والقُبلةَ في الأحيانِ بالشروطِ المتقدمة، مع أنَ هذا يكون تفضُّلاَ منه فلا يجب عليه، فإن خَسَّتْ نفسُ العاشقِ وجَنَحَتْ إلى الفِسقِ الصُّراحِ هَجَرَه، وما عليه في ذلك من جُناح، وإن قَتَلَه بعشقِه فليقتُلْه، فهذا بعضُ حقِّه. والله أعلم بالصواب، وعنده علم الكَتاب. آخره، والله سبحانه وتعالى أعلم.

جامع المسائل لابن تيمية/ عزير شمس/ ابن تيمية / المجموعة 1

اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 226
افتراضي
قديم 15-01-2016, 21:37 المشاركة 5   



ســــــــــــــــــــــــــــــــــــؤال

هل يتزوج الإنسي من جنية أو يجامعها ؟
===================================
الإجابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فعلى افتراض إمكان زواج الأنسي بجنية فإن ذلك لا يجوز شرعا، لمفهوم قوله تعالى: ‏‏( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ) [النحل:72]
وقوله سبحانه: ( ومن آياته أن ‏خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) [الروم: 21]
قال المفسرون في معنى الآيتين:
( جعل لكم ‏من أنفسكم أزواجاً )
أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم. قال الإمام السيوطي في ‏الأشباه والنظائر: ( فإن قلت: ما عندك من ذلك؟
قلت: الذي أعتقده التحريم، واستدل ‏بالآيتين المتقدمتين: ثم قال: فروي المنع منه عن الحسن البصري، وقتادة، والحكم بن عيينة، ‏وإ**** بن راهويه. وقال الجمال السجستاني من الحنفية في كتاب ( منية المغني عن ‏الفتاوى السراجية) لا يجوز المناكحة بين الإنس والجن، وإنسان الماء لاختلاف الجنس. ‏وذكر وجوهاً أخرى للمنع منها: أن النكاح شرع للألفة، والسكون، والاستئناس، ‏والمودة، وذلك مفقود في الجن.‏
ومنها: أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك، فإن الله تعالى قال:
( فانكحوا ما طاب لكم ‏من النساء ) [النساء:3]
والنساء اسم لإناث بني آدم خاصة، فبقي ما عداهن على ‏التحريم، لأن الأصل في الأبضاع الحرمة حتى يرد دليل على الحل.
ومنها: أنه قد منع من ‏نكاح الحر للأمة، لما يحصل للولد من الضرر بالإرقاق، ولا شك أن الضرر بكونه من جنية ‏و فيه شائبة من الجن خَلقاً وخُلقاً، وله بهم اتصال ومخالطة أشد من ضرر الإرقاق الذي هو ‏مرجو الزوال بكثير، ثم قال: وإذا تقرر المنع، فالمنع من نكاح الجني الأنسية أولى وأحرى) ‏انتهى ملخصاً.

وإنما منع زواج الجني من الإنسية لما تقدم، ولئلا تقول المرأة إذا وجدت ‏حاملاً إنها حامل من زوجها الجني فيكثر الفساد.
وقال الماوردي بخصوص المناكحة بين بني ‏آدم والجن:‏
‏( وهذا مستنكر للعقول، لتباين الجنسين، واختلاف الطبعين، إذ الآدمي جسماني، والجني ‏روحاني. وهذا من صلصال كالفخار، وذلك من مارج من نار، والامتزاج مع هذا التباين ‏مدفوع، والتناسل مع الاختلاف ممنوع ( نقله عنه صاحب أضواء البيان ) (3/241).‏

وأخيراً نقول: إن زواج الإنسي بالجنية على فرض إمكانية وقوعه - وهو مستبعد جداً - ‏يترتب عليه مفاسد كثيرة، لقدرة الجنية على التشكل بصورة أخرى، وكيف يثق أن التي ‏تخالطه هي زوجته حقاً، ربما كانت غيرها، ولأن الزواج لا بد فيه من ولي وشاهدي عدل ‏كشرط صحة للنكاح، ولا بد من خلو المرأة من الموانع، وربما تعذر تحقق كل ذلك ‏لاختلاف طبيعة الجن عن الإنس، إلى غير ذلك من الأمور.‏
والله أعلم.‏

المصدر


اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« وقفات إيمانية مع آيات قرآنية | كلمات على فراش الموت »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نسخة 2013 من الفتاوى الزمزمية الغريبة: العادة السرية مباحة للنساء العصيمي دفاتر المواضيع العامة والشاملة 1 03-12-2012 19:38
موسوعة الفتاوى الإسلامية saliha123 دفاتر المواضيع الإسلامية 0 25-06-2009 09:24


الساعة الآن 06:40


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة