1
كُلُ البلادِ ظلامٌ دامسٌ وشقاءُ
إلا بغزةَ نورٌ ساطعٌ وضياءُ
2
وموتُ الناسِ في كُلِ بَلَدٍ أداءٌ
والموتُ في غزةَ شهادةٌ ووفاءُ
3
والحياةُ بدون غزةَ سجنٌ يُعتقلْ
فيه الشبابُ وفكرُهُ الوَضَّاءُ
4
وفيها الحياةُ ****ٌ صابرٌ عَرِمٌ
وإرادةٌ وعَزيمَةٌ يُجللها الفِداءُ
5
وللأخرةِ تعيشُ الأشاوسُ حرةً
وللدنيا نعيشُ ظلماً لأنفسٍ غَرَّاءُ
6
لا ندري بأي الطرائق نهتدي
مع أنَّ قنديلَ الظلام لنا الدُعاءُ
7
للمجدِ عاشتْ غزةٌ لا للعَدَمْ
ما أعظم العيش لأجل أُمةٍ صَهواءُ
8
تخريجُ المساجد هي الجامعاتُ
لهم وتعبئةُ المدارس فيها السِقاءُ
9
لا للركوع لغاصبٍ دهراً أبَدْ
ولا لعدوٍ غاشمٍ هَنِأَ البَقاءُ
10
يتبارون على حمل السلاح ريادةً
ونتبارى على لَحْقِ الرغيف حُفاءُ
11
وللحرية يعملون بعقولٍ من ذهبْ
ونعملُ كيف نكون لبعضنا خُذلاءُ
12
كُلُ الشعوبِ حزينة إذا لم تُستَتَبْ
وتعود لربها ثم لدينه الإعلاءُ
13
سَلْبُ العقول هو المماتُ لأُمةٍ
إن العقول إذا استُلِبَتْ تُطاءُ
14
بقاءُ الناس بلا عقولٍ مُفتَعلْ
أمرٌ لصاحب الأَمرِ فيه انزواءُ
15
فلا أحلامُ أُمةٍ تُقْلِقُهُ على حَذَرٍ
ولا ضميراً صحواً فيه اجْتِرَاءُ
16
فالعدو صار هو الصديقُ المُفتدى
وكثيرٌ من الصداقةِ مَحْضٌ افتراءُ
17
وأخو لُغةٍ بالجوار ودينٍ ربما
على أمرٍ تافهٍ يَُنتشبُ العَداءُ
18
تنامُ بلادنا في السجون مقابرٌ
أما غزةَ فرباطٌ لربها وولاءُ
19
كُلُ البلادِ سجونٌ وإسمٌ لمالكها
بلادٌ هي المَلِك وهو الألفُ والياءُ
20
وشعوبٌ لها في الهوان سعادةٌ
كأسماك بركةٍ يعلوا فوقها الماءُ
21
تعيش للرغيف وقد ولى مدبراً
بعدما صار التركيع بالرغيف ولاءُ
22
فللملوك مقولة من يترك كلابهُ
جوعى يكونوا بتجويعهم تُبعاءُ
23
وشعبٌ يقبعُ في كنفِ الخطيئةِ
حسبهُ مَلِكٌ ظالمٌ قسْرٌ. قضاءُ
24
نرى الأُخُوَّةَ تُقْتَلُ وهي صامدةٌ
ولا تفور لنا في العالمين دِماءُ
25
وكأنَّ العيشَ ذُلاً صار غايتنا
ولا عيبَ فينا إذا افتُقِدَ الحَياءُ
26
والوطنُ الكبيرُ صار لنا حُلُمَاً
والوطنُ الصغيرُ صار لنا بقاءُ
27
ولا ندري أنصحوا ذات يومٍ
والوطن الصغير قد سُلِبَ الغِطاءُ
28
ولا يحملنا على التغيير كثيرُ
مصائبٍ بجارةٍ أُختٌ لنا رَملاءُ
29
مع أن المصائبَ كفانا من ذكرها
مَلِكٌ اليه شعبٌ كُلُهُمْ عُملاءُ
30
ترى الإمامُ في مساجدنا عَميلٌ
وحاملُ دعوةٍ في منابرها خُذاءُ
31
وشمسُ الأصيل قد غابتْ شَرائقُهَا
فلا أصيلٌ مُشرقٌ حَملٌ بَراءُ
32
نُصلي صفنا الأول ونحنُ مذْيَلَةٌ
لأنظمةٍ بادَتْ من حَولِها الأحياءُ
33
ندعي أننا جماعةٌ لله منبثقٌ فينا
الولاءُ وعندنا فوقَ الولاءِ ولاءُ
34
كالاخِطبوطِ نلتفُ حول المخلصينَ
إساءةً لعين الحكومة نَهنأْ الإيذاءُ
35
لماذا يا حامليّ المشاعلِ شُبْهَةً
لا نورَ في مشاعلٍ سُلبتْ ضِياءُ
36
من كانَ يحملُ للهداية مِشعلاًً
لا بد أن يُطهرَ من حولهِ الأجواءُ
37
إنَّ الرجالَ التي في الولاء شريكةٌ
أضلُ خُلُقاً من أن تكونَ رُعَاءُ
38
إنَّ الرجالَ الصادقين بعهدهمْ
ليس بطبعهمْ خونٌ ولا عُملاءُ
39
فمشاعلٌ لها نورُ الحكومةِ حَسْبُهَا
بُقْيَا الناس في العالمين غُثاءُ
40
لا نوراً لحكومةٍ وجودها سَقَطٌ
إن السقيط إذا اعتلى حَلَّ الوَبَاءُ
41
ولا خيرَ فينا كانَ أو في حُكومتنا
إذا لم نَكُنْ للمخلصين زُهَاءُ
42
تضيقُ البلادُ بأهلها وهي واسعةٌ
إنَّ البلادَ إذا ضاقتْ بأهلها غُرَبَاءُ
43
لا خيرَ في بلادٍ سَجَنَتْ أهلَهَا
أرادوها بخيرٍ فتنكرتْ حِرْبَاءُ
44
إنَّ الكريمَ بأهْلِهِ لا يقبلْ بهمْ ضيمٌ
ولا يرضى الجوادُ لبلادهِ النَحْسَاءُ
45
ويرضى اللئيمُ لِكُلِ الناسِ مذبحةٌ
ولا يُرتقبْ مِنْ غُرابِ البَيّْنِ حَسْنَاءُ
46
من كان للصادقين عوناً أعَزَّهُمْ
وأعزَّ نفسهُ من كانتْ به شَيماءُ
47
ومن كان يخذلهمْ فهو مخذولٌ
ويبقى الصادقين بطبعهمْ رُفعاءُ
48
وتبقى سماءُهم في النائباتِ واسعةٌ
ولا يعتريهِمْ سوى الأذى ضَرَّاءُ
49
ويبقى الجبانُ على جُبنهِ عبداً
ذليلاً رَقيدَ الجوع ولو شَبِعَ الغِذاءُ
50
قد تكون جباناً أو بخيلاً مؤمنٌ
أما عميلٌ منافقٌ كَذِبٌ فَلاءُ
51
كل الأنام تغدوا وهي حالِمَةٌ
إلا العميلُ يغدوا وهو مِخْزَاءُ
52
قد تستطيع اليوم نوالَ مُغْتَنَمٍ
ولكنَّ ما يَفِيْ بخسةٍ مُعْتَدِمٌ بَقاءُ
53
إذا الرغيفُ سِيِقَ اليكَ بذلةٍ
فاعلم أنك ذليلٌ تستحقُ وَطاءُ
54
ما أذلَ الرغيفُ يوماً أبيٌّ مُعْتَبَرْ
ولا نَزَلَ العزيزُ على رُكَبٍ عَيَاءُ
55
يا شباب الجماعاتِ كُفوا فالنفاقُ
خيانةً وأدوارُ بُهْتٍ يَؤُمُهَا النُذَلاءُ
56
لولا النفاقُ ما كَبَا بنا الدَهْرُ
ولا جَثَتْ على صُدورِنا الأخطاءُ
57
ولا تمكنتْ ملوكُ التِيِهِ من زعامتنا
ولا سارتْ الينا جيوشٌ وهي عَصْباءُ
58
ولولا النفاقُ ما قُتلَ الرضيعُ بدجلةٍ
ولا سالتْ دماءُ المسلمين بَرَاءُ
59
يا من تُصلي خَمْسَكَ وأنتَ البليةَ
كُلَّهَا لا تَسْتَهِنْ بأدواركَ الصُغَرَاءُ
60
فكبرى الخيانةُ ما صَغُرَتْ بعينِ
صاحبها وصُغْرَاها كانتْ هي الدَّاءُ
61
إني أرى الأمةَ تُخذلُ من مساجدها
وتُستَهْدَفْ بدينِهَا شَبِيِبَةٌ غَضَّاءُ
62
لماذا إذا صلينا نُصلي بلا شَرَفٍ
وكأَنَّ الصلاةَ عادةٌ عربيةٌ هَزْلاءُ
63
فلا فرقَ يحدثُ بعدَ صلاتنا أمَدٌ
وقد نَزْعُمُ أنَّ في صُفُودِنَا الإحْيَاءُ
64
هل يَكْمُنُ الإسلامُ في هَمٍّ لِحَامِلِهِ
بِمِرْيَةٍ في شلليةٍ عَصَبيةٍ جَهْلاءًُ
65
كلا لشلليةٍ مزعومةٍ تحمي نفسها
أو عصبيةٍ صنعتْ لِنَفْسِهَا خَيّْلاءُ
66
دمُ المسلمينَ أرخصُ من حبرٍ
على ورقٍ وخطوطٍ الوانُها حَمْرَاءُ
67
فوا حُزني لِجُرْحُكِ أُمتي ويا أسفي
إنْ تَبَسَمَ ثغري تشتهي عيني البُكاءُ
68
وكأني بغزةَ ساهراً ليلي بطولهِ
أُحاكي عجزي بعدما انتضَبَ البُكاءُ
69
فلا سكوناً حولي ولا صوتَ قنابلٍ
ولكن صِراعٌ لعقلي مُتعِبٌ ضَنَّاءُ
70
عِشْ ما شئتَ جُرحَكَ وأنتَ مُبتَسِمٌ
وإنْ تنسى جِرَاحَ الأخرينَ شَقاءُ
71
وإنْ تطأ جراحَ الصادقين لَظامِرٌ
غدراً تحيكُ وحَيْكُ الغادرينَ وَبَاءُ
غَزةٌ هي الجسدُ المُصَّغَرُ لأُمتنا