إعلاميون مغاربة يطالبون بـ"الحزم" مع الشواذ
عبد الرحمن خيزران
الخميس. مارس. 19, 2009
ملصق لجمعية كيفكيف للشواذ الدار البيضاء- وجّه كتاب وإعلاميون ومفكرون مغاربة انتقادات شديدة إزاء ما وصفوه بـ"صمت" السلطات مع التحركات العلنية للشواذ في الفترة الأخيرة، وطالبوا الدولة المغربية باتخاذ موقف حازم إزاء الظاهرة التي تهدد استقرار البلد ووحدة المجتمع. واعتبر هؤلاء الكتاب والإعلاميون صمت الدولة إزاء تحركات المدافعين عن الشذوذ وأنشطة الشواذ الأخيرة خاصة مع موسم "سيدي علي بن حمدوش" الذي يعد فرصة للشواذ المغاربة للقاء والاحتفال، "ضوء أخضر ضمني للقبول بأنشطتهم برغم تجريم القانون لهذا السلوك الشاذ".
وقال الإعلامي المغربي "رشيد نيني" وهو يقارن بين مبررات المغرب في قطعه للعلاقة مع إيران وصمته إزاء الشذوذ: "قبل يومين تحدث وزير الأوقاف والشئون الإسلامية عن صرامة الدولة في التعامل من كل عابث بالمذهب السني المغربي في الداخل وكل متربص في الخارج. ونحن نتساءل ماذا صنعت الدولة ضد العابثين بالمذهب السني المالكي في سيدي علي بنحمدوش"، في إشارة للشواذ والسحرة والمشعوذين.
طالع أيضا: وأضاف في عموده اليومي بجريدة المساء "شوف تشوف" الأحد: "نحن مع الدولة عندما تتحرك لحماية الأمن الروحي للمواطنين ضد الاختراقات المذهبية الأجنبية. لكننا نستغرب فعلا كيف أن الدولة منشغلة بالاختراق الشيعي والوهابي للمغرب، ومتساهلة مع الاختراق الذي تقوم به منظمة (كوليجاس) الإسبانية (منظمة شواذ إسبانيا) للشباب المغربي والتي زار زميل منها المغرب مؤخرا لكي يروج لمطلب الاعتراف العلني بالشواذ، مفتخرا بالدعم الذي يقدمه إليه السفير الإسباني بالرباط".
وتساءل نيني مستنكرا: "لماذا إذن لم يستدع وزير الخارجية السفير الإسباني في الرباط لاستفساره عن طبيعة الدعم الذي يقدمه لهؤلاء الشواذ، وما هي أجندة هذه المنظمة في المغرب للسنوات المقبلة"، وليختتم بقوله: "واجب الدولة الأساسي أن تضبط هذه الفوضى الأخلاقية والروحية التي تخترق المغرب اليوم... كل ما يطالب به المغاربة هو حماية أبنائهم وبناتهم من هذا الاختراق الذي يستقوي فيه الشواذ على بلادهم بالأجانب".
فعل ناعم للسلطة!
من جهته اعتبر المفكر المغربي "المقرئ أبو زيد الإدريسي" أن التحركات الأخيرة للشواذ جنسيا في المغرب وصمت السلطة على ذلك "تطور مخيف ومسار له ما بعده، نتيجة لرد الفعل الناعم الذي أبدته السلطات المغربية من الخطوات الأولى التي تحرك بها الشواذ المغاربة"، مستنتجا أن الشواذ "لو أنهم لمسوا صرامة رد الفعل من قبل السلطات لما اجترءوا على أن يتقدموا في خطواتهم هذه المرة إلى تحويل سلوكاتهم إلى حق مشروع".
وشدد "الإدريسي" في تصريح لجريدة التجديد في عددها قبل الأخير: "هذا التحول خطير على سيادة المغرب، وكرامة شعبه، وعلى مستوى الفكر والتصور والسلوك، وعلى مستوى المآل الذي ينتظره شعب يتهاون مع مثل هؤلاء".
ودعا السلطات المغربية إلى "أن تأخذ على أيديهم بحزم -الشواذ- ليس من خلال المقاربة الأمنية فقط، ولكن بالمقاربة التشريعية والتربوية والثقافية والإعلامية والسياسية والسيادية والدبلوماسية ردعا للجهات التي تحميهم"، وطالب بـ"إظهار العين الحمراء لهؤلاء الذين يقدمون لهم الدعم ضدا على سيادة المغرب واستقلال قراره السيادي، كل هذا من أجل ألا نقف عند قدر قوم لوط الذي فصله القرآن حين ذكر مصيرهم".
موقف حرج
وتعليقا على هذه الانتقادات قال "حسن السرات" الباحث المغربي: "إن ذلك يؤكد من جهة على رفض المجتمع المغربي للظاهرة، ولن يقبل علنية هذا السلوك أو يطبع معه برغم أنه كان موجودا سابقا لكنه كان دائما مرفوضا".
ورأى السرات في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت" أن تلك الانتقادات تدل أيضا على عدم تحرك السلطات المغربية الأمنية والسياسية والعلمية بالشكل الكاف في تعاطيها مع الموضوع، ربما لأسباب غير معروفة".
واعتبر أن "الضغط الأجنبي يجعل السلطة في موقف حرج؛ إذ معروف أن المنظمات الإسبانية تدعم الشواذ المغاربة وتهدد السلطة المغربية بالضغط الإعلامي والحقوقي عند تصديها لتحركاتهم".
وطالب الباحث المغربي السلطات باعتماد خطة منظمة وواضحة لمواجهة هذا الضغط "مقاربة لا تنبني فقط على البعد الأمني والمحاكمة، ولا تتورط في اتجاه غض الطرف عن الشذوذ والشواذ، بل مقاربة تجمع بين رؤى رجال الإعلام والعلماء والمختصين والجمعيات المهتمة بالموضوع للتعاطي الأمثل مع الظاهرة ومعالجتها".
خطوات علنية
وتتزامن حدة هذه الانتقادات التي وُجِّهت للسلطة المغربية في الآونة الأخيرة مع إصرار الشواذ والجهات المدافعة عنهم داخل المغرب وخارجه لانتزاع ما يدَّعونه "حقهم في الوجود والتنظيم واحترام اختياراتهم الجنسية"، وتجرؤهم في الخروج إلى العلن بتصريحات صحفية ومقالات تدافع عن سلوكهم وعقدهم لقاءات مع جهات حقوقية ودبلوماسية للحصول على مزيد من الدعم والاعتراف.
ومن أواخر خطواتهم، والتي يتوقع أن تثير مزيدا من الجدل في المغرب وتضع السلطة في مزيد من الحرج، هو إعلان جمعية "كيف كيف" الخاصة بالشواذ الجنسيين على موقعها الإلكتروني عن استعدادها لعقد ندوة حول موضوع: "الجندر والجنسانية في الثقافة المغربية" في منتصف أبريل القادم بمدينة مراكش جنوبي المغرب؛ كما دعا منتدى تجمع الشواذ المغاربة على شبكة الإنترنت إلى تنظيم أول مخيم للشواذ المغاربة الصيف القادم.
يأتي ذلك بعد أيام على تصريحات "سمير بركاشي" رئيس جمعية "كيف كيف" للصحافة المغربية والتي كشف فيها عن تلقيهم لدعم سياسي من جهات مغربية وحماية دبلوماسية من قنصليات وتمثيليات أجنبية داخل المغرب، وهي الأمور التي أثارت حفيظة الكثير من المغاربة إزاء صمت السلطات، خاصة أن الدين والقانون يحرمان هذا السلوك المخالف للفطرة.
ويجرم القانون المغربي الشذوذ وفق باب انتهاك الآداب في الفرع السادس من القانون الجنائي الذي ينص في مادته 489 على أنه "يعاقب من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 200 (20 دولارا) إلى 1000 درهم مغربي (120 دولارا) لمن ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه".
نفي رسمي
وتنفي الجهات الرسمية تساهلها مع تحركات الشواذ، حيث تعتقل السلطات المحلية بين الفينة والأخرى شواذَّ إذا ثبت تورطهم كما وقع الأسبوع الماضي عندما اعتقلت قوات الأمن 25 شاذا في موسم "سيدي علي بن حمدوش" قرب مدينة مكناس.
غير أن متتبعين وإعلاميين يسجلون على السلطات الأمنية عدم قيامها بمجهودات حقيقية في اقتحام أوكار الشذوذ الجنسي برغم أن أماكنهم معروفة، بحسب المصادر نفسها.
وبدأت ظاهرة الشذوذ تلقي بظلالها العلنية داخل المجتمع والإعلام المغربيين، ففي أبريل 2007 قرر الشواذ المغاربة الخروج للعلن والاحتفال بزواج شاذين في موسم "سيدي علي بن حمدوش"، وقد صادف الأمر وجود الصحافة، حيث تم تصوير المظهر المعلن وتناقلت الموضوع ووصل إلى قبة البرلمان، غير أن وزير الداخلية "شكيب بن موسى"، نفى أن يكون قد وقع ذلك معللا بعدم توصل السلطات المحلية بأي شكاية تدل على وقوع مثل هذه الممارسات المخالفة للقانون.
وفي نوفمبر من نفس السنة أثيرت ضجة كبيرة حول حفل زواج شاذين بمدينة القصر الكبير، حيث خرج سكان المدينة في مظاهرة لثلاثة أيام وتناقلت بعض الجوانب من الحفل عبر الهاتف النقالة ووصلت موقع يوتيوب العالمي للفيديو، وحكم القضاء على المتهم الرئيسي "فؤاد فريرط" بعشرة أشهر وغرامة مالية إثر إدانته بجنحة "الانحراف الجنسي والمتاجرة في الخمور بغير ترخيص"، غير أنه برَّأه من تهمة المس بالأخلاق العامة، وحكم أيضا على آخرين بأحكام مخففة نسبيا.