أصول أحكام صيام رمضان - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية nasser
nasser
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 73,073
معدل تقييم المستوى: 7530
nasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميز
nasser غير متواجد حالياً
نشاط [ nasser ]
قوة السمعة:7530
قديم 14-06-2017, 00:49 المشاركة 1   
Arrow أصول أحكام صيام رمضان

18 رمضان 1438
أ. د. عبد الله الزبية عبد الرحمن
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فهذا مقال مستل من كتاب سؤالات للصائمين للمؤلف - حفظه الله - وقد أذن لنا مشكوراً بنشره. وجاء فيه:

هناك أصول شرعية حاكمة لفقه الصيام، لا سيما صيام شهر رمضان، لا بد من مراعاتها والتنبّه لها عند إفتاء صائم أو مريد صوم، ومن أهمها، ما يلي:



الأصل الأول: صيام رمضان مبني على التخفيف:

إن المتدبر لكتاب الله عز وجل، والتالي لآياته الكريمة ليقف على مراد الشارع في تشريع صيام رمضان، حيث يتلو قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].



وهذا كما قال العلماء، أراد الله عز وجل أن يخفف عن الأمة المؤمنة وطأة التكليف بصيام شهر رمضان وذكر ابن عاشور في تفسيره أن التشبيه في قوله {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} له أغراض ثلاثة:



الغرض الأول: الاهتمام بهذه العبادة، والتنويه بها لأنها شرعها الله قبل الإسلام لمن كان قبل المسلمين وشرعها للمسلمين وذلك يقتضي اطراد صلاحها ووفرة ثوابها.



الغرض الثاني: أن في التشبيه بالسابقين تهويناً على المكلفين بهذه العبادة أن يستثقلوا هذا الصوم.



الغرض الثالث: إثارة العزائم للقيام بهذه الفريضة حتى لا يكونوا مقصرين في قبول هذا الفرض، بل ليأخذوه بقوة تفوق ما أدى به الأمم السابقة(1)؛ كما أن خطاب التكليف والإيجاب لصيام رمضان أخف في توجيهه وإخراجه من خطاب إيجاب الشعائر الأخرى وفرائض الإسلام، فإن الأوامر الملزمة بالصلاة والزكاة والحج اتسمت بصفتين:



الصفة الأولى: المباشرة:

فكل واحد من هذه العبادات العينية يأتي خطاب التكليف بها موجهاً توجيهاً مباشراً:
ففي إيجاب الصلاة قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة:43]، وفي إيجاب الزكاة قال تعالى: {وَآَتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:43]، وفي إيجاب الحج قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} [البقرة:196].
أما في إيجاب الصوم فقد جاء الخطاب بصيغة غير مباشرة يربط بين الفرض وبين إمكان تحقيقه، إذ فُرض على أمم من قبلنا فصاموا.



الصفة الثانية: الإلزام بالتكليف والمكلفين:

فإن الصلاة كما جاء خطاب الإلزام مباشراً؛ جاء أيضاً الإلزام بها ولو من غير المخاطب المكلف وكذلك الزكاة. لذلك يتعلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كثير من مواردهما بالأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وبالنهي عن التفريط فيهما، ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41]، وإلزام الغير لفرضية الصلاة والزكاة قائم ولو على يد الدولة كما في شأن الزكاة من قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة:103].

وكل ذلك خلا منه فرض الصيام، فجاء إيجاب صيام رمضان أخف من إيجاب غيره من العبادات.



إذاً: الأصل الأول الذي بُنيَت عليه تشريعات وأحكام صيام شهر رمضان هو: تخفيف الوطأة على المكلفين. وتخفيف الوطأة يقتضي التيسير على الصائمين ومريدي الصيام، برفع الحرج ونفي العنت، ودرء المشقة عنهم لأن الله تعالى مريد في أحكامه التيسير وقد قال في شأن أحكام صيام خاصة {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]. وهذا يعني وجوب موافقة المفتين في سؤالات الصائمين لمراد الله عز وجل بتحقيق اليسر في الصيام على الناس والتيسير عليهم في أحكامه، فلا نشدد عليهم بدعوى الاحتياط، ولا نلزمهم ما لم يلزمهم الشرع دفعاً للشك، والأوجب التخفيف عنهم دفعاً للعنت ورفعاً للحرج.



الأصل الثاني: صيام رمضان مبني على التيقن لا الشك:

لما تبين أن شعيرة صيام رمضان أخف من الشعائر الأخرى، كان الأصل الذي يليق بشعيرة الصيام أن يُعتمد اليقين وأن يُلغى الشك.



فمن شكَّ في بلوغه التكليف لا يجب عليه صيام، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان؛ فالدخول في التكليف يجب أن يكون على يقين.



ومن شكَّ في طلوع الفجر لا يجب عليه الإمساك، وجاز له الأكل والشرب والجماع لأن الله تعالى جعل دليل الإمساك التبيّن، والتبيّن يقتضي التيقن وقد قال تعالى: {فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة:187].



وكان هذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال: "لا يمنعنكم أذان بلال من السحور، ولا الصبح المستطير ولكن الصبح المستطيل في الأفق"(2).



وكان هذا هو منهج الصحابة رضوان الله عليهم:

جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن السحور، فقال له ابن عباس: "كُلْ ما شككت حتى لا تشك".



ودخل رجلان على أبي بكر وهو يتسحّر، فقال أحدهما: قد طلع الفجر، وقال الآخر: لم يطلع بعد. فقال أبو بكر – أي لنفسه – كُلْ قد اختلفا.



وقال عمر: "إذا شكَّ رجلان في الفجر فليأكلا حتى يستيقنا".



قال مكحول: رأيت ابن عمر أخذ دلواً من زمزم فقال لرجلين: أطلع الفجر؟ فقال أحدهما: لا، وقال الآخر: نعم، فشرب ابن عمر.



وهو ذات منهج التابعين لهم بإحسان:

قال رجل للحسن البصري: أتسحر وأمتري في الصبح؟ فقال له الحسن: "كُلْ ما امتريت إنه والله ليس بالصبح خفاء".
وقال محمد بن سيرين: "وضعت الإناء على يدي فجعلت أنظر حتى طلع الفجر"(3).



وهذا الأصل حكاه ابن عبد البر عن جمهور أهل العلم فقد قال في الدخول والخروج من رمضان "الأصل أنه لا يصام رمضان إلا بيقين من خروج شعبان، كما لا يقضى بخروج رمضان إلا بيقين"(4).



وعلى هذا: فليس الاحتياط مطلوباً في قضايا الصيام ومسائله لا للصائم ولا للعالم المفتي.



الأصل الثالث: ما يحقق الصيام أولى مما يفسده:

فالناظر في كتب الفقه يجد أن الفقهاء – بعد القرون الأولى – بالغوا في الاحتياط، فصاروا يحكمون على فساد الصيام بأدنى شبهة، وصاروا يزيلون المتيقن بالمشكوك فأكثروا من المفطرات والمفسدات للصيام حتى أوصلها الحنفية إلى ستين مفطراً لصيام رمضان، وقريب من هذا بأقل أو أكثر غيرهم من المالكية والشافعية والحنابلة.



ولكننا نجد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتاواه على خلاف ذلك، كما نجد أن منهج الصحابة رضوان الله عليهم كذلك كانوا يحققون الصيام أكثر من إفساده بأدنى شبهة، كانوا يضيقون المفطرات والمبطلات ويتوسعون في المصححات المبقيات للصيام، ففي منهج النبوة:

من أصبح جُنباً صحّ صومه وبقي.
ومن قبّل امرأته صحّ صومه وبقي.
ومن غلبه القيء وذرعه صحّ صومه وبقي.
ومن أفطر معتقداً غروب الشمس فتبين بقاء النهار صحّ صومه وبقي.
ومن أكل أو جامع معتقداً بقاء الليل فبان له طلوع الفجر صحّ صومه وبقي.
ومن أكل أو شرب ناسياً صحّ صومه وبقي.
ومن تمضمض لم يفسد صومه.
ومن اكتحل لم يفطر.



كل هذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ويدل دلالة واضحة على منهج النبوة المعصوم في إبقاء الصيام أكثر من إفساده وإبطاله. وعلى هذا فالصحيح الموافق لسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم هو تضييق المفطرات وتوسيع المصححات للصوم.



وتحقيق هذا الأصل يكون بإقرار وإعمال القاعدة التي ذكرها العلامة الحافظ ابن عبد البر حيث قال: "الأصل أن الصائم لا يقضى بأنه مفطر إذا سلم من الأكل والشرب والجماع إلا بسنة لا معارض لها"(5).



وبهذا نضيّق المفطرات والمبطلات والمفسدات للصوم، ونوسّع المصححات والمبقيات والمحققات له؛ لأن الذي يفتي أو يحكم ببطلان صوم صائم أو فساد يومه يحتاج إلى سنة قوية صحيحة صريحة لا معارض لها، فلا ينفعه القياس، ولا الاحتياط، ولا الذريعة، ولا غيرها مما يمكن التعلق به لإبطال صوم أو إفساد صوم أو فرض قضاء أو كفارة. وهذا ما أيّده شيخ الإسلام ابن تيمية والقاضي ابن رشد رحمهما الله تعالى. فابن تيمية يرى أنه لا يجوز إفساد الصوم بالأقيسة "لأن القياس وإن كان حجة، إذا اعتبرت شروط صحته، فقد قلنا في الأصول: إن الأحكام الشرعية كلها بينتها النصوص، وإن دلَّ القياس الصحيح على مثل ما دلَّ عليه النص دلالة خفية، فإذا علمنا بأن الرسول لم يحرم الشيء ولم يوجبه، علمنا أنه ليس بحرام ولا واجب. وأن القياس المثبت لوجوبه وتحريمه قياس فاسد، ونحن نعلم أنه ليس في الكتاب والسنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء التي ذكرها بعض أهل الفقه فعلمنا أنها ليست مفطرة" ا.هـ(6).



ويقول ابن رشد: "إيجاب القضاء بالقياس فيه ضعف، وإنما القضاء عند الأكثر واجب بأمر متجدد"(7).



وعليه: فالصحيح الواجب إن شاء الله أن تتوافق الفتيا في أقضية الصيام مع هذه الأصول والمقاصد، والله تعالى الموفق والمسدّد والمعين.










الحمد لله رب العالمين
آخر مواضيعي

0 في شأن إدماج أساتذة التكوين المهني ضمن أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي : 0890../ 24
0 بيان تضامني مع الأستاذ ( ع, أ ) ضحية العنف المدرسي
0 تائـج الاختبـارات الكتابيـة لمباراة انتقاء أساتذة لتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية المقيمة بأوروبا - دورة مارس 2024
0 ​مذكرة رقم 24-151 بتاريخ 17 أبريل 2024 في شأن إدماج بعض الموظفين المنتمين إلى قطاع التربية والوطنية ضمن بعض الأطر المنصوص عليها في النظام الأساسي الجديد
0 مذكرة رقم 24-150 بتاريخ 17 أبريل 2024 في شأن إدماج بعض الفئات من الموظفين ضمن بعض الأطر المنصوص عليها في النظام الأساسي الجديد
0 صرف الزيادة في الأجور لأسرة التعليم نهاية شهر أبريل الجاري.
0 مجلس الأعلى للتربية والتكوين يُقيّم تطور المساواة بين الجنسين في التعليم
0 ​مباراة ولوج سلك تأهيل أطر التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين- مسلك التعليم الثانوي الاعدادي- لائحة المترشحات والمترشحين المقبولين لاجتياز الاختبارات الكتابية - دورة أبريل 2024
0 الحكومة تقترب من إقرار زيادة عامة في أجور الشغيلة مع "فاتح ماي"
0 وزارة التربية تكشف عن المواعيد الجديدة للامتحانات الوطنية


nasser
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية nasser

تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 73,073

nasser غير متواجد حالياً

نشاط [ nasser ]
معدل تقييم المستوى: 7530
وردة آيات الصيام
قديم 17-06-2017, 01:15 المشاركة 2   

آيات الصيام

ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ * أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ï´¾ [البقرة: 183 - 187].

هذه هي آيات الصيام، لم تُذكر في القرآن الكريم كله إلا في هذا الموضع، وقد استفتحت بالترغيب في هذه الفريضة قبل بيان أحكامها، واستخدمت في الترغيب أكثر من أسلوب: من ذلك: البدء بهذا النداء الحبيب: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ï´¾ [ البقرة: 183] يا من صدقتم بالله ورسوله، والكتاب الذي نُزِّل على رسوله، يا من رضيتم بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا، ولا شك في أن هذا النداء الحبيب يفتح القلوب قبل الآذان، ويحرك في النفس الرغبة والتشوف إلى معرفة ما بعد النداء، فإنه كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: إذا سمعت الله يقول: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ï´¾، فأرعه سمعك، فإنه إما خير يأمر به، أو شرٌ ينهى عنه.

ومن ذلك: أن هذه الفريضة لم تفرض على المخاطبين وحدهم، وإنما فرضت على من قبلهم، مما يوجب التنافس والتسابق في أداء هذه الفريضة، ليكون المخاطبون أكثر من سابقيهم حظًا في الاستجابة والطاعة والامتثال، فيكونوا أكثر أجرًا وأعظم ثوابًا، قال تعالى: (ï´؟ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا ءَاتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ï´¾ [المائدة: 48].

ومن ذلك: ذكر الحكمة العظمى من مشروعية هذه الفريضة، وهي: ï´؟ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ï´¾ [البقرة: 183]، وهم يعلمون أن التقوى هي سبب الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة ؛ لأنهم يقرءون: ï´؟ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ï´¾ [الطلاق: 2، 3]. ï´؟ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ï´¾ [ الطلاق: 4]. ï´؟ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ï´¾ [الطلاق: 5]. ويعلمون أن التقوى هي سبب النجاة من النار، كما أنها سبب دخول الجنة ؛ لأنهم يقرءون: ï´؟ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ï´¾ [مريم: 71 - 72 ] ï´؟ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ï´¾ [ مريم: 63]، فمن ثم تهون عليهم هذه الفريضة، بل ويجدون فيها راحة نفوسهم، ولذة قلوبهم.

ومن ذلك: أن هذه الفريضة: ï´؟ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ï´¾ [البقرة: 184]، من: ï´؟ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ï´¾ [البقرة: 185]، فلا تضر الصائم بكثرة الجوع والعطش، ولا تحرمه ما أباح الله له من الطيبات، وإنما هي: ï´؟ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ï´¾ [البقرة: 184] يتخلص فيها من ضرر فضول الطعام والشراب والوقاع، فيصح جسمه، ويعتدل مزاجة، ويقهر نفسه، ويملك زمامها. وبهذا يتضح أن الله تعالى لم يرد بهذه الفريضة أن يشق على عباده ولا أن يعذبهم، وإنما: ï´؟ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ï´¾ [البقرة: 185].

ودليل ذلك أنه سبحانه لم يجعل هذه الفريضة ضرورة حتمية من أول مرة، وإنما بعد هذا الترغيب خيَّرهم في الصيام والفدية، وأعلمهم أن الصيام خير من الفدية، فقال سبحانه: ï´؟ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ï´¾ [البقرة: 184]، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم. حتى إذا ألفته النفوس، وتعودت عليه أوجب الله عليهم الصيام فقال: ï´؟ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ï´¾ [البقرة: 185].

واستثنى الله تعالى من هذا الإيجاب المسافر والمريض ومن في حكمه، فقال تعالى: ï´؟ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر ï´¾ [البقرة: 184]، وهكذا أطلق ربنا سبحانه السفر كما أطلق المرض، فالمريض أيًّا كان مرضه له حقُ الترخص بالفطر، والمسافر مهما كان سفره له حقُ الترخص كذلك، وأيهما أفضل: الفطر أم الصيام؟ إن لم يجد المريض والمسافر مشقة بالصوم فالصوم أفضل، وإن وجدا مشقة فالفطر أفضل.

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، فمنا الصائم، ومنا المفطر، فلا يجد الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، يرون أن من وجد قوة فصام، فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفًا فأفطر، فإن ذلك حسن. رواه مسلم والترمذي.

أما الشيخ الكبير والعجوز، والمريض مرضًا مزمنًا، فإن لهم الفطر وعليهم الفدية: عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ هذه الآية: ï´؟ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ï´¾ [البقرة: 184]، فقال ابن عباس: (ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعما مكان كل يوم مسكينًا) رواه البخاري.

وكذلك الحبلى والمرضع إذا لم تطيقا الصوم أو خافتا على أولادهما فلهما الفطر وعليهما الفدية، ولا قضاء عليهما: عن ابن عباس قال: (إذا خافت الحامل على نفسها، والمرضع على والدها في رمضان يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينًا، ولا يقضيان صومًا)، رواه الطبري بإسناد صحيح على شرط مسلم، وعن نافع قال: (كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش، وكانت حاملًا، فأصابها عطش في رمضان، فأمرها ابن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينًا)، رواه الدارقطني بإسناد صحيح.

وكانوا في أول الأمر إذا صلى أحدهم العشاء أو نام قبلها حرم عليهم ما يحرم على الصائم، ولو استيقظ قبل الفجر، فعلم الله منهم ضعفًا فخفف عنهم، وجعل الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فـ (إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم). متفق عليه. وأحل له ما كان حرم عليه حتى طلوع الفجر الثاني قال تعالى: ï´؟ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ... ï´¾ [ البقرة: 187].

فإذا دخل العشر الأخير من رمضان استحب الاعتكاف للمسلم، للتفرغ للعبادة وطلبًا لليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، واقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وامتثالًا لأمره، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان). رواه البخاري.

ولا يكون الاعتكاف إلا في مسجد، ولا تصلح فيه معاشرة النساء، ولذا قال تعالى: ï´؟ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ï´¾ [البقرة: 187].

فإذا تمت عدة رمضان، وفرح الناس بفطرهم، وجب عليهم ذكر ربهم، وشكره على هدايتهم، كما قال تعالى: ï´؟ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ï´¾ [البقرة: 185].

عن الزهري: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير)، رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح مرسلاً، وقد روي من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعًا، أخرجه البيهقي.

ويستحب لمن أراد الخروج لصلاة العيد أن يفطر قبل الخروج، فعن أنس قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات)، رواه البخاري.

كما أن الأفضل إخراج صدقة الفطر عند الخروج إلى الصلاة - ولا تكون إلا طعامًا- لقوله تعالى: ï´؟ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ï´¾ [ الأعلى: 14، 15]. فقد قيل: إنها نزلت في صدقة الفطر وصلاة العيد.

نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا، وأن يختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.

والحمد لله رب العالمين.

وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصبحه وسلم.



الحمد لله رب العالمين
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« لنطرق باب الريان | مواقيت الصلاة لشهر شوال 1438 »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صيام شهر رمضان فرصة وقائية و علاجية خادم المنتدى شهر رمضان 3 29-06-2016 15:39
ثلاث دول تمنع مواطنيها من صيام شهر رمضان nadiazou دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 0 18-06-2015 13:24
4 مدارس لندنيّة تمنع تلاميذ من صيام رمضان nadiazou دفاتر مقالات الرأي والتقارير الصحفية التربوية 2 16-06-2015 12:22
نية صيام رمضان nadiazou شهر رمضان 3 17-07-2014 02:34
كيف تعود الام طفلها صيام رمضان...؟؟ أم حمزة دفاتر التربية الصحيحة 6 18-06-2009 14:45


الساعة الآن 14:23


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة