تقرير يؤكد ضرورة تكريس حقوق للطفولة بمنطقة مرنيسة بتاونات
09:26 | 18.10.2008الدارالبيضاء: فتيحة بجاج | المغربية أفاد تقرير لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بمنطقة طهر السوق، إحدى ضواحي مرنيسة، التابعة لعمالة إقليم تاونات.
أن الوضع الحقوقي للطفولة بالمنطقة طيلة السنوات الثلاث الماضية، المتزامنة مع إحداث الفرع، يصبو نحو التدهور والتراجع الخطير في كل مناحي حياة هذه الفئة، التي تعيش وضع افتقاد الحريات والقدرات، خصوصا في مجالات التعليم ومحو الأمية، والصحة والرعاية الصحية، والمساواة بين الجنسين، وحق التعبير والتنظيم والوصول للمعلومة.
وأكد التقرير، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، أنه تجسيدا لمبادئ وأهداف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، و مقرراتها وبالخصوص "الأرضية الوطنية للتنظيم والتكوين في خدمة جماهيرية"، واستجابة لشعار النضال الحقوقي، الذي تميز به الجمع العام التأسيسي، المنعقد في بداية السنة الحالية، تحت شعار"جميعا من أجل رفع التهميش عن المنطقة والنهوض بحقوق سكانها"، فإن مجال الطفولة ظل يحظى بالأولوية ضمن اهتمامات فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ولجنتيه الوظيفيتين، المتمثلتين في لجنة متابعة الخروقات ولجنة العمل وسط الشباب، والتربية على حقوق الإنسان.
وأضاف التقرير نفسه، أن أبرز مظاهر الاختلال، تتجلى في عدم الحماية والحرص على احترام مقتضيات القانون الدولي الإنساني بهدف السهر على تطبيقها وتنفيذها، خصوصا الاتفاقيات والالتزامات الملزمة للدولة، بموجب مصادقتها على العهدين الدوليين، والاتفاقيات الأخرى، كاتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإعلان الألفية "الألفية من أجل التنمية و لنوع الاجتماعي".
وأكد المصدر نفسه، أنه جرى تسجيل جل اختلالات واقع الطفولة محليا، خصوصا في العلاقة بمرجع اتفاقية حقوق الطفل، بهدف تبيان المفارقات والمعاناة التي تعيشها في المجالات المذكورة سابقا.
وأشار المصدر ذاته، إلى أن فرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة مرنيسة، يعتبر أن افتقاد الطفل، بالمنطقة، حقه في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى حرية تكوين الجمعيات، خرقا للمادتين 13 و 15 من اتفاقية حقوق الطفل، التي صادق عليها المغرب، موضحا أن افتقاد الأطفال المعاقين، خصوصا في منطقة آهلة بالسكان، إذ يصل عددهم إلى ما يناهز 50 ألف نسمة، لأي نوع من التجهيزات الخاصة تمكنهم من التمتع بالحياة، وتساعدهم على ممارسة نشاطاتهم اليومية بشكل يسير، خصوصا مع غياب مؤسسة للرعاية الاجتماعية والصحية، يعتبر بدوره خرقا سافرا للمادة 23 و24 من اتفاقية حقوق الطفل.
وذكر المصدر نفسه، أن مجمل أطفال المنطقة لا يتمتعون بالضمان الاجتماعي، ولا يحظون بمستوى معيشي دون الحد الأدنى المتعارف عليه دوليا، بسبب أصولهم الاجتماعية، والوضع الاجتماعي المزري والمتدهور، نتيجة عوز أسرهم، الذين يشتغل معظمهم في المجال الفلاحي بنسبة تصل إلى أكثر من 90 في المائة أحيانا، والذين لا يتمكنون من الاستجابة لمتطلبات العيش اليومية إلا بصعوبة كبيرة، خصوصا مع توالي سنوات الجفاف. واعتبر التقرير أن استمرار تحمل أطفال المنطقة العيش في ظروف اجتماعية صعبة ودون المستوى، يجسد خرقا للمادتين 26 و27 من اتفاقية حقوق الإنسان.
وأبرز المصدر ذاته، أن الحق في التعليم وضمان أهدافه، باعتباره حق يجسم كونية وشمولية حقوق الإنسان، طبقا للمادتين 28 و 29 من اتفاقية حقوق الطفل، يكاد ينعدم، بحيث لا يتمتع الطفل القروي، باستثناء المدرسة الابتدائية الوحيدة الواقعة بتراب بلدية طهر السوق، التي يسكنها 4 آلاف نسمة، وبعض القرى الواقعة بتراب قيادة مرنيسة، من عمالة إقليم تاونات، التي لا تستفيد هي الأخرى إلا بقدر ضعيف، بحيث أن نسبة الولوج هزيلة، نظرا للدخل المادي الضئيل والهش للأسر، وأيضا نتيجة تنامي ظاهرة الهدر المدرسي، بالإضافة إلى ظاهرة تغيب بعض المدرسين والمدرسات، وعدم التزامهم بالمقرر والبرنامج السنوي للعطل.
وأفاد التقرير نفسه، أن أغلب أطفال المنطقة، سواء منهم المتمتعين بالحق في التعليم بعد ولوجهم المدرسة العمومية الوحيدة الموجودة بالعالم القروي، التي تعتبر المنطقة جزءا منه، أو غيرهم الذين لم يحظوا بفرصة ولوج المدرسة، لا يتمتعون بالحقوق الثقافية واللغوية، وبحق حمايتهم من الاستغلال الاقتصادي، معتبرا أن في هذا خرق سافر للمواد 30 و 32 من اتفاقية حقوق الطفل. وأوضح أن هذا راجع لغياب المنطقة لمؤسسات عمومية خاصة بفئة الشباب والأطفال، مثل دار الثقافة، ومكتبة أو خزانة عمومية، مشيرا إلى أن المدارس تحتاج بدورها إلى برامج التنشيط الثقافي القادرة على التأثير في محيطها، كما تغيب عنها برامج تحسيسية وتوعوية في مجال دعم القضاء على تشغيل الأطفال في مهن لا تتوافق مع قدراتهم الجسدية وضد كل أشكال الاستغلال الاقتصادي للأطفال.
واعتبر المصدر، نازلة انتحار أحد الأطفال هذه السنة، الذي كان تلميذا يتابع الدراسة بالثانوية التأهيلية "عبد الكريم الخطابي" بطهر السوق، عنوانا بارزا لافتقاد المنطقة لبرامج دعم الأطفال، ولمؤسسات حقيقية تهتم بالرعاية الاجتماعية والصحية للأطفال.
وأفاد المصدر نفسه، أن الطفل المنتحر سقط ضحية ظاهرة رواج المخدرات، والعقاقير، والمواد السامة الأخرى، من قبيل "السيليسيون"، التي تدمن عليها نسبة مهمة من أبناء المنطقة، والتي تؤثر على عقولهم، موضحا أن هذا يؤخذ مأخذ عدم الالتزام بالحماية من جميع أشكال الاستغلال، تماما كما تنص عليها المواد 33 و 34 و 36 من اتفاقية حقوق الطفل.
وتحدث التقرير عن افتقاد المنطقة لأي مؤسسة تعنى بالتأهيل وإعادة الاندماج، كما تنص على ذلك المادة 39 من اتفاقية حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن ذلك يعد مساسا بهذا الحق وبحق كل شخص قروي في مستوى معيشي كاف لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، علما أن نسبة كبيرة تقدر بـ 50 في المائة من شباب المنطقة أميون وغير مؤهلين، كما أنهم لا يتوفرون على حرية أو على القدرة على العمل والانتاج في مجالات عدة، لأنهم ينقصهم التكوين اللازم، بالإضافة إلى غياب فرص دائمة للشغل، باستثناء فرصة العمل الموسمية، التي لا تتعدى شهرين بالحقل محليا وشهرين بحقول كتامة، المعروفة بزراعة القنب الهندي، التي أفاد تتوسع على حساب المجال الغابوي.
وأبرز المصدر نفسه، أن افتقاد الجماعات القروية بالمنطقة لأي دور للأمومة والطفولة، يدخل في باب عدم الالتزام بضمان الحماية والرعاية والتكفل بإحداث المؤسسات التربوية والترفيهية، طبقا لمعايير السلامة و الصحة، مشيرا إلى أن هذا يرجع إلى غياب تدابير وقائية وإجراءات فعالة لوضع برامج اجتماعية لتوفير الدعم اللازم للفئتين (الأم والطفل معا)، التزاما بإعلان الألفية من أجل التنمية و بالخصوص على مستوى الصحة و الرعاية الصحية.
وذكر التقرير أن الدار الوحيدة الموجودة ببلدية طهر السوق، لا تتوفر على الحد الأدنى من التجهيزات، إذ بها فقط سريرين، كما تفتقر إلى الموارد الكافية حتى في المجال الحضري، ناهيك عن القروي، بحيث أن بعض المداشر تبعد بمسافة تفوق 30 كلم عن مركز البلدية، و80 كيلومترا عن تاوناتت، ما يجعل أغلب الولادات تجري بالمنازل، الأمر الذي تنتج عنه مخاطر تمس النساء القرويات بالمنطقة، وتصل أحيانا إلى حالات وفاء.
وأكد المصدر، أن حق الطفل في الصحة وفي مستوى ملائم لنموه البدني، والعقلي، والروحي، والمعنوي، والاجتماعي، طبقا لمعاييرالمادة 27 من اتفاقية حقوق الطفل، يعيش تدهورا و تراجعا ملموسين، خصوصا أمام ارتفاع أسعار التطبيب، والعلاج، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وتدهور الخدمات الاجتماعية بالنسبة لأغلب الأسر، علما أن المستوصفات القروية بالجماعات القروية غالبا ما تكون فارغة، نظرا لغياب الموارد البشرية، إذ أن المركز الوحيد الصحي بالبلدية، الذي يشاع تحويله إلى مستوصف لا يتوفر على مصلحة للمداومة.
وذكر أنه، نظرا لكون أغلب المدارس الابتدائية تفتقد لأدنى الخدمات العمومية، بما فيها الربط بشبكة الكهرباء والماء، يرغم جميع التلاميذ على تزويد المدرسات والمدرسين يوميا بالماء، عبر حملهم قارورات تزن بين ليترين إلى 5 لترات، ليوفروا بعض متطلبات الشروط الدنيا للايواء لهيئة التدريس على حساب جهدهم الجسدي، ما يمكن أن يؤثر سلبا على صحتهم، وبالتالي على نموهم الطبيعي.
وأوضح ذاته أن فرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة مرنيسة، سجل عدم قدرة أغلب الأسر على تمويل مصاريف التسجيل المدرسي، وشراء لوازم الدراسة، ما يكون سببا رئيسيا في مغادرة أبنائهم التلاميذ المدرسة، منذ المستويات الأولى للتعليم الأساسي.
كما أن النسبة تزداد مع ولوج الإعدادي والثانوي، نظرا لارتفاع تكلفة الاستفادة من خدمات دار الطالب، التي تراوحت قيمتها ما بين 50 درهما و100 درهم، نتيجة تراجع دعم الجماعات المحلية للجمعية الخيرية المسيرة للمرفق المذكور، وهذا، حسب التقرير نفسه، يعتبر تراجعا غير مسموح به طبقا لالتزامات الدولة بموجب المصادقة على الاتفاقية الدولية.
وأضاف التقرير أن الفرع سجل، خلال هذه السنة، تأخر الدخول المدرسي بإقليم تاونات، خصوصا ببلدية طهر السوق، وتراب قيادة مرنيسة، بالمقارنة مع باقي مناطق المغرب، بحيث لم يبتدئ إلا يوم الاثنين 06/10/2008، واعتبر ذلك تمييزا في حق أبناء المنطقة، مشيرا إلى أن الظاهرة تتفاقم سنة بعد سنة. كما سجل التمييز، الذي رافق عملية توزيع المحفظات المدعمة هذه السنة، بحيث لم تستفد إلا بعض المدارس فقط، من دون معايير واضحة، علما أن وضع الأهالي لوحده كاف، وعوزهم يكاد يصل إلى نسبة 99 في المائة.