أزمة الحركة النقابية التعليمية بالمغرب 3/3 ذ. البشير لحسيني

[التربوية]

أزمة الحركة النقابية التعليمية بالمغرب 3/3

مـا العمـل؟
1 ـ إعادة الاعتبار والقوة للتنظيم النقابي باعتباره تعبير منظم ونضالي لطبقة (فئات ـ مجموعات) اجتماعيـة جد مندمجـة... تنظيم ينزع دوما إلى ضم مجمل الفئات الاجتماعيـة، والى الاضطلاع بثقافته باعتبارها الإنتاج الرمزي التلقائي لتلك الطبقة الاجتماعية، وأداة ضبط سلوكاتها.
تنظيم يؤدي ثلاثـة أدوار رئيسيـة:
أ ــ نشر وتعميم ثقافة الطبقة الاجتماعيـة عن طريق البلاغ والتصريح، والخطاب، والنظرية المانحة للشرعيـة (البحث عن مرجعيـة واضحـة تستجيب لمتطلبات المرحلة واحتياجات التكتل الاجتماعي المتجانــس.
ب ــ التأثير على أعضاء الطبقة لدفعهم إلى الانتماء للنقابة عبر الانخراط النقابي.
ج ــ التمثيلية والدفاع عن المصالح الجماعية للأجراء، خاصة تجاه السلطات السياسية والاقتصاديـة...
لـكـــن تقوية التنظيم النقابي يتطلب وضع برنامج عمل سنوي يروم توسيع التنقيب.. بالإضافة إلى رد الاعتبار للتنظيم النقابي القاعدي، والنضال من أجل فرض مبدا الوحدويـة...
2 ــ أي نقابـة نـريــد؟ نقابـة نضاليـة وتحول اجتماعي ـ لا نقابة مواكبة ـ
ــ نريـد نقابـة تناضل من أجل مجتمع آخـر ـ نقابة تفكر بشموليـة، وتتحرك بواقعية . نقابـة لا تكتفي بانتقاد الوضع الراهن. فإعادة تنقيب الأجراء لن يتم بناء على خطابات متطرفـة، شاملة وعامـة، خطابات مناهضة للعولمة فقط، بل يمر عبر القدرة على قيادة نضالات ناجحة ولو كانت جزئية وناقصة. نقابة بديل لنقابة الخدمات، مستقلة عن أي تنظيم سياسي. نقابة تعيد النظر في أهمية الصراع الطبقي /الاجتماعي، تطــرح مطالب تجسد قيمـــا أكثر واقعية. نقابة ميدانية، أكثر حركية محليا ووطنيــــا (التواصل ـ والمبادرة)، نقابة دائمة ومتحركة ومتجددة، تتميز بقرب المناضل من المنخرطين والقواعد ـ خاصة أن هؤلاء لم يعودوا يذهبون إلى المقرات النقابية ـ لقد انتهى الزمن الذي كان فيه الأجراء يأتون تلقائيا إلى النقابة ـ اليوم أصبح لزاما على النقابة أن تتحرك لاستمالة المأجورين ـ (سياسة القرب ـ التواصل). نريد نقابة ذات قيم تتناسب وانتظارات نساء ورجال التعليم، خاصة النساء منهم والشباب ـ اليوم نسبة النساء والشباب المنقبون قليلة ـ فهم يرفضون الاندماج في دواليب الحركة النقابيـة (الاجتماعات والمؤتمرات...)، غير مهتمين بعبء السياسة، يبحثون عن أشكال جديدة للفعــل النقابي، عن عمل فعل نقابي مــرن بقوانين أقــل، بتراتبية أقــل. نريد نقابـة تحقق التسيير الديموقراطي والتجديد (الديموقراطية الداخلية ـ تجديد النخب ـ تجديد المسؤولين)، لأننا أصبحنا أمام منخرطين جدد، يفتقدون لتاريخ نضالي. هذا التجديد، يمر عـبر ممارسـة نقاش فكري ديموقراطي وبرامج تكوين المناضلين. نريد نقابة بديلـة، حاملة لمشاريع مستقبلية تتبنى شعار: "من أجل مدرسة أخرى، من أجل مجتمع بديـل".
نقابة تدافع عن الخدمة العمومية في التعليم، عن المدرسة العمومية، تناهض تحويل التربية والتعليم إلى سلعة، والمدرسة إلى مقاولة. تناضل ضد خطاب ومخططات الليبرالية المتوحشة التي تدعي أن المدرسة لم تعد الإطار الأنجع للولوج إلى المعرفة، وأن الخدمة العمومية تعطل وتعرقل التنمية الاقتصادية ، لأنها تعتبر التنمية هدفا في حد ذاته، وليس وسيلـة لتحسين ظروف العيش والعمل. نقابة تدافع على مدرسة تتوفر على ميزانية في مستوى طموحاتها، مما يتطلب النضال من أجل الرفع من الإنفاق في المدرسة العمومية . عكس ما يقع اليوم، حيث أصبحت المدرسة خاضعة لاكراهات تنمية النموذج الليبرالي الجديـــد:
ــ انخفاض النفقات العمومية في التعليم، وتفكيك الخدمة العمومية.
ــ ترشيد وعقلنة الاختيارات المالية، وهو ما يعني إقحام وسائل تدبير مستعارة من المقاولة بهدف الرفع من الإنتاجية.
ــ تحويل الثقافة والمعرفة والتربية إلى طلب مليء، إلى سوق جديد وفرص جديدة للربح...
كل هذا يؤدي طبعا إلى التخفيض من العجز المالي، وبالتالي إلى تجميد الشغل بالوظيفة العمومية والإدارة العمومية.
نريد نقابة تناضل بلا هوادة من أجل إعادة بناء عالم عمالي واحـد، تنظيم نقابي واحد، علما أنه من الصعب جدا شطب عشرات السنين من التقسيم النقابي دفعـة واحدة (تقسيم مبني على الإيديولوجيا)ـ فهذا الوضع متجدر عند الجميع، ويغذي ثقافة الانشطار والتوزيع النقابي.
فكيف إذن الانتقال من الوضع الحالي (الفئوية ـ التقسيم ـ الانشطار...) إلى وضع يتحقق فيه انسجام وتضامن الجسم الاجتماعي لنساء ورجال التعليم ولباقي مكونات الطبقة العاملة، هذا هو التحدي الكبيــر المطروح علينا جميعـا.

ذ. البشير لحسيني
مدير مركز التوثيق والدراسات النقابية

3/3/2009