وزارة التربية الوطنية: في انتظار أن تمطر السماء ذهبا أو فضة
سعيد بوخليط
الاتحاد الاشتراكي : 16 - 10 - 2012
أعتقد بأن الجميع لايزال يذكر، إعلان الدولة عن طي نهائي لملف المعطلين الجامعيين، باحتضانها شهر مارس2011 ،أي تزامنا مع تأجج الربيع العربي، لكل المٌلاحقين يوميا في شوارع العاصمة لسنوات، بالعصي الغليظة لقوات الأمن. الأغلب الأعم أيضا، على الأقل بين صفوف المتتبعين للشأن العام، يستحضر بنوع من التقزز الاختلالات الفظيعة التي مست سلاسة ضم هؤلاء المعطلين إلى سلك الادارة المغربية، انسجاما مع شعارات التضامن الوطني والبلد الرحيم بأبنائه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء وجه سياساتنا العمومية المترهلة إلخ.
غير أن الأمر، لم يكن على وقع هذه الشاعرية، فوقع التراجع بسرعة البرق عن التزام الدولة الوثائقي من خلال أعلى أجهزتها. هكذا، تنكرت وزارة الخارجية والعدل والدفاع وقطاع السكك الحديدية. اكتشف المعطلون أنفسهم ثانية، في تعايش يومي مع الاحتجاجات والاعتصامات المفتوحة ، إلى أن جاء قرار ضمهم إلى التربية الوطنية كمدرسين وموظفين، حيث قارب العدد المائة والستين مترشحا، يتوزعون بين حملة الدكتوراه والماستر، وأعلن رسميا عن أسمائهم في الموقع الاليكتروني للوزارة ليلة 31/12/2011.أي خلال الأنفاس الأخيرة قبل نفاذ صلاحية المرسوم الوزاري الاستثنائي الذي نص على توظيف 4300 معطل، والانتهاء من هذا المشكل على الأقل نسبيا.
تحدد أسبوع لهؤلاء المترشحين، قصد وضع ملفاتهم العلمية والشخصية، بمصلحة الموارد البشرية. وبعد التدقيق من قبل المسؤولين، في الشواهد والأختام والامضاءات والتواريخ، بحيث تأرجحت سنوات الديبلومات بين أعوام 2004 و2009 ، وطبعا في إطار مستويي الدكتوراه والماستر، تمس إجمالا مختلف التخصصات العلمية والقانونية والأدبية .
إلى غاية هنا، اتسمت الأمور بالوضوح بين مسؤولي التربية الوطنية والمترشحين. من جهة، قانونية الملفات المعروضة، فانتفى كل مظهر للغش أو التلاعب أو اللبس أو التحايل، مادامت كل الشهادات قد سلمتها جامعات مغربية، بتأشيرات رؤسائها بناء على مناقشات وتقارير ونتائج لجان المناقشة. ومن جهة ثانية، يفترض منطقيا الاحتفاظ لهؤلاء بأمانة مناصبهم المالية المستحقة والمقررة سلفا في حفظ الله ورعايته دون تطاول أو تلاعب ، بناء على اللائحة التي وقعها الوزير وأجمعت عليها الحكومة في إطار تبعات وحيثيات 4300 منصب.
إذن بعد مرحلة الرباط ، استعاد كل مترشح نفس الخطوات سواء مع الأكاديمية التي اقتادته إليها القرعة، وبالطبع النيابة التعليمية التابعة لها. بمعنى، ورقة التعيين الوزارية ثم ملف ثان ينطوي على نفس الترتيب الألفبائي وبالتدقيق عينه...
أخيرا، فترة أواخر شهر مارس 2012 يعني بعد إجراءات بيروقراطية طويلة ومعقدة، شعارها الغموض والضبابية والالتباس وانعدام أي رؤية واضحة ،التحق أصحاب القافلة رسميا بمقرات عملهم.
لكن المفارقة العجيبة، أنه لغاية يومنا هذا، لم يتوصل أي واحد منهم بفلس يذكر. السبب، مجهول تماما وفي غياهب الأقدار الكافكاوية؟؟. بالتالي، ننتظر من رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية، أن يقدما ولو توضيحا بسيطا من سطرين، يعلنان من خلاله نوعية المصير الذي ينتظر هؤلاء البؤساء، الملقى بأغلبيتهم الساحقة إلى المغرب الهامشي الصعب جدا، والغائب تماما عن جغرافية الحضارة البشرية على الأقل في أبسط تجلياتها ، حيث يلزمك صبر محاربي الساموراي كي تستعيد آدميتك رويدا رويدا؟؟؟. فكيف، لرجل التعليم هذا، أن يؤدي دوره بشكل كامل وهو يتخبط في دوامة جيب فارغ مقفر، بين طيات أهوال يومي يزداد غلاء وتوحشا. بل، أطلب من أي مسؤول في التربية الوطنية، أن يغادر قليلا حلاوة الرباط ويزور حتى من باب السياحة، جهة زاكورة على سبيل الحصر كي يدرك معاناة قسم هائل من الشعب مع أبسط أشكال الحياة، ويستوعب جيدا أن السياسة الحقيقية والصادقة تصنعها السواعد في الميدان.
ولأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، يطالب هؤلاء المدرسون «الموتى» ،بمقاربة عاجلة لوضعهم.
وزارة التربية الوطنية: في انتظار أن تمطر السماء ذهبا أو فضة
المواضيع المتشابهه
