ستة دلاء و رزمة كبيرة.. تخرج في موكب مع أبنائها نحو حمام الحي ,نشاط أسبوعي تمارسه بانتظام , و ليس لزوجها فيه حكم أو سلطان بل ربما هو المكان الوحيد الذي لا يتدخل في شأن غيابها فيه ..
تصل الحمام و تجد (الطيابة ) كما تركتها الأسبوع الماضي على حالتها لم تتحرك ممددة بجسمها المشحم تشغل نصف المقاعد, وحدها العيون فيها تتحرك ..
يسبقها أبنائها إلى الداخل بينما تؤدي هي واجب السلام على المستحمات من الجارات ثم تلحق بهم و تحاول إيجاد أسخن مكان لممارسة حك الجلد ,تدخل الغرفة الملتهبة تجدها مليئة بأشباح نساء يرتدين عباءات طبيعية ,واحدة ترتدي الحناء و أخرى الطين (الغاسول) و تلك الصابون البلدي و التي بجانبها تفرك بشرتها بالحامض أم من ناحية الشعر فكل واحدة تفننت في إعداد قناع له فاختلطت روائح الزيوت و الثوم و الأعشاب الطبيعية و الصباغات الكيماوية و حتى الأفاعي لم تسلم منهن فهناك من تفضل وضع زيت الحية على شعرها و تقسم أنه الأفضل للشعر ,فتتشكل بالأخير رائحة لا يوجد لها فعلا أي تصنيف أو وصف.
تبدأ هي عملية الحك من أصغر الأولاد إلى أكبرهم و هذه عملية صعبة و معقدة بالنسبة لجميع المستحمات فبالرغم من أنهن عرايا إلا أن الفرو قات تبقى واضحة و جلية بينهن لأن ظروف و طرق حك الجسم تختلف فتوجد الطريقة البورجوازية و التي تبتدئ بخمسين درهما تدللك فيها منظفة الجسم (الكياسة) و تمنحك معها مساحة ربع الحمام و هناك طريقة محترمة تحصل فيها السيدة على تنظيف للظهر مقابل عشرون درهم إلا أن التنظيف فيه يكون عموديا وقوفا و الوجه إلى الحائط , كما توجد طريقة المقايضة حك ظهر مقابل مثيله و طريقة أخرى مشينة و هي تسول الحك من الأخريات و من لم تستعمل إحدى هذه الطرق تخرج بدون غسل واجهتها الخلفية .
بناتها الأربعة يصبنها بالإحراج من شدة نحافتهن تخاف أن يقعن فيتحطمن, ترمق بنات المستحمات بأسف و حسرة, تتذكر طفولتها الغابرة و كيف كان وزنها يفوق حاصل جمع أوزانهن ماذا سيقول الناس عنهن فأبوهن المسكين يدخل محملا بكل أصناف ما يأكل...
تتجاوز الأربع ساعات في الداخل, عمل متواصل, استعمال لجميع المنظفات المعلنة في القنوات عيون دامعة و صرخات مدوية تخرسها صفعات ملائمة
ينتهي موسم الاستحمام ثم ترتدي ملابسها و تلبس بناتها المنهارات و تسحبهن كالجيف تنهال عليهن بالشتائم..فما تكبدته من عناء تنظيفهن كان بسبب معاقرتهن للعب الشوارع و التمسح بالدرج و أسوار البنايات القذرة في حيهن النتن, تتنهد الحمام كان رائعا ليته يستطيع تنظيف مجمل الحي .
أختي غادة...البداية كانت موفقة اعتقدت خلالها أنني سأنتشي بعمل جديد شبيه بأعمالك السابقة غير أنني سرعان ما ارتطمت بجمل غارقة في المباشرة والتقريرية ¨..
لكن عموما لمستك حاضرة وملاحظتي لا تنتقص من وزنك شيئا ...
آمل ان تعودي للنص وتجري عليه بعض التغييرات ...
لك التحية والتقدير