تعاضدية موظفي التعليم تجدد مجلسها الإداري

[nasser]

تعاضدية موظفي التعليم تجدد مجلسها الإداري

رواتب مدير التعاضدية وبعض الأعضاء تتجاوز رواتب الوزراء

الأربعاء 18 أكتوبر 2023

مرت عشر سنوات بالضبط على ترؤس ميلود معصيد للتعاضدية العامة للتربية الوطنية، إذ تم تعيينه سنة 2013 على رأس هذه الهيئة المهمة بمباركة تامة من قيادة الاتحاد المغربي للشغل. وجاء هذا التعيين بعدما قررت القيادة ذاتها التخلص من التركة السلبية للجيل الأول للاتحاد المغربي للشغل داخل التعاضدية، والتي جاء الكثير من مظاهرها في تقارير سابقة للمفتشية العامة للمالية. فبعد عقد من الزمن يحق تجديد طرح السؤال الهام في حكامة التعاضدية العامة للتربية الوطنية: ماذا تحقق وكيف، وماذا لم يتحقق ولماذا؟

المصطفى مورادي:



عشر سنوات من هيمنة معصيد

طرح السؤال في هذا الوقت بالذات له ما يبرره، إذ من المرتقب أن يعرض الجمع العام المزمع انعقاده في الأسابيع القليلة القادمة، لائحة الثلث الخارج من أعضاء المجلس الإداري. وضمن هذه اللائحة، لابد أن يرد اسم ميلود معصيد الذي تجاوز عشر سنوات بصفته عضوا بالمجلس الإداري للتعاضدية، وهو ما يقتضي مغادرته هذه الهيئة طبقا للمادة 17 من النظام الأساسي للتعاضدية. لكننا لن نستغرب أن يتم تعطيل القانون ولي مقتضياته، كما جرت العادة داخل التعاضدية العامة للتربية الوطنية، لتستمر وضعيتها في الانهيار بناء على الرصد التالي، الذي يقدم حصيلة عقد من التسيير ممتد من 2013 على 2023، وذلك بتناول الجوانب الثلاثة التالية: الخدمات الاجتماعية، القطاع التعاضدي والموارد البشرية.

على مستوى الخدمات الاجتماعية، التي تعني، حسب أدبيات التعاضدية، كل الخدمات التي تقدمها المنشآت الطبية من عيادات الأسنان ومصحات ومختبرات التحاليل ومخيم الأيتام، نذكر بحجم الاختلالات التي كنا نرصدها بشكل مستمر ضمن هذا الملحق، سواء تعلق الأمر بصفقات الأدوية بملايين الدراهم التي حامت حولها شبهات كثيرة، وخاصة تلك المتعلقة بتاريخ الصلاحية، أو المعدات التي تم اقتناؤها ولا تحتاجها عيادات الأسنان، بل لم يتم التعبير عن الحاجة إليها، أو الطرق الغامضة التي كان يتم بها كراء مقرات عيادات الأسنان وتأهيلها. إلى جانب ذلك كله، تم إغلاق العديد من المنشآت الاجتماعية الحيوية والتي كانت تؤمن خدمات مهمة للمنخرطين والمنخرطات.

نذكر، هنا، إغلاق مصحة الجراحة والتوليد والمصحة متعددة التخصصات بالدار البيضاء ومصحتي التوليد والجراحة بكل من طنجة ووجدة. والآن، تؤكد لنا مصادر الجريدة الموثوقة أن العمل جار من أجل التخلص من مختبر للتحليلات الطبية بمدينة الدار البيضاء، الذي يعتبر آخر منشأة متبقية، وذلك بالترويج لمغالطات عن وضعية هذه المنشأة وعن العاملين بها. وهي الأساليب نفسها التي استعملت في إغلاق المصحات المذكورة سابقا، وروج لها الرئيس معصيد في اجتماع صاخب خلال السنة الجارية بأحد الفنادق بمراكش عن عيادات الأسنان التابعة للتعاضدية، حيث كان يسعى إلى أخذ الشرعية من أطباء الأسنان للتخلص من هذه المنشآت.

السؤال الذي ينبغي أن يطرح هنا، بعد عقد من ترؤسه التعاضدية، هو: لمصلحة من تمت هذه الإغلاقات؟ ماذا استفاد منها نساء ورجال التعليم؟ الوحيد المؤهل للإجابة عن هذه الأسئلة هو الرئيس معصيد. كما عليه أن يقدم إجابات للمنخرطين والمنخرطات حول الحريق الذي نشب فجأة الصيف الماضي في مختبر التحليلات الطبية بالدار البيضاء، وهل تم التوصل بالمشتريات في إطار صفقة المواد الطبية المستعملة في التحاليل المخبرية والتي يتداولها الخاص والعام، وعن إن كانت الخدمات تقدم بهذا المختبر لغير المنخرطين وكيف يتم استخلاص المصاريف منهم، وفي أي باب من الميزانية يتم تسجيلها وهل قانون المحاسبة يسمح بذلك؟

إذ لا يعقل، تماما، أن يكون الرجل مسؤولا أول بالتعاضدية، وهي صفة تمثيلية، ولم يقدم تصريحا أو توضيحا واحدا خلال عشر سنوات في هذا الشأن لنساء ورجال التعليم. الملاحظة نفسها يتم تسجيلها بصفته كاتبا عاما لنقابة تعتبر نفسها الأكبر تمثيلية في قطاع التربية الوطنية وبصفته ممثلا للطبقة العاملة بمجلس المستشارين ولم يرصد له أي تصريح في شأن النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية.



خدمات رديئة بدون تواصل

على مستوى القطاع التعاضدي، يكفي استمزاج عينة من المنخرطين والمنخرطات بالتعاضدية لمعرفة حجم الإحباط والمعاناة تجاه الخدمات المقدمة داخل التعاضدية. يكفي الدخول إلى الموقع الإلكتروني للتعاضدية لمعرفة رداءة الخدمة وضعف التواصل.

أما عن الممثليات الجهوية، فمنها ما لا تصلح تماما لاستقبال المنخرطين والمنخرطات لضيقها أو لغياب التجهيز المناسب. بنية الاستقبال بهذه الممثليات لا يمكن أن توصف إلا بالمتخلفة تماما مع بعض الاستثناءات القليلة. والبدء هنا بالتوقيت المعمول به، الذي لا يأخذ نمطا موحدا بكافة الممثليات.

وهنا نعيد التذكير على كون إدارة التعاضدية عاجزة تماما عن أخذ المبادرة. فالسيد المدير، رغم تقاضيه أجرا شهريا يعادل ذلك الذي يتقاضاه رئيس الحكومة، لم يقدم إضافة تذكر للتعاضدية سواء على مستوى الهيكلة أو على مستوى الموارد البشرية، أو في ما يخص تجويد الخدمات على المستوى النوعي. فما معنى أن يستمر أصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة في بذل الجهد والوقت في إجراءات يمكن للتعاضدية أن تتكلف بها؟ وما معنى أن يستمر الأيتام والأرامل في تجرع عناء الذهاب والإياب بحثا عن جواب عن منحة هزيلة؟ لماذا لا يتم التفكير في رفع هذه المنح والتعويض عن ملفات المرض، بدلا من أن تستمر التعاضدية في منح المنخرط 5 دراهم تعويضا عن بعض العمليات؟

أما عن الموارد البشرية، فذلك حديث ذو شجون. فرغم كل الملاحظات التي سبق أن أبدتها المفتشية العامة للمالية، ورغم فصول القانون المنظم للتعاضدية، فإن توظيف أقارب أعضاء المجلس الإداري عرف منحى تصاعديا خلال العشرية الممتدة من 2013 إلى 2023. فهل من محض الصدفة أن يتم توظيف ابن أمينة المال السابقة وصهر الأمين لرئيس التعاضدية وأبناء وبنات أعضاء بالمكتب التنفيذي وبالمجلس الإداري وعلى اختلاف انتماءاتهم النقابية؟ بالتأكيد لا، فالأمر يدخل أولا في باب فساد التدبير ويندرج ثانيا في إطار الريع. ليس هذا هو المظهر الوحيد للريع داخل التعاضدية.

فوضعية العديد من المسؤولين بهذا المرفق تغيرت بشكل كلي على ما كانوا عليه سنة 2013. سؤال لا بد للرئيس، باعتباره ممثلا لنساء ورجال التعليم على عدة واجهات تعاضديا ونقابيا وبرلمانيا: ما علاقة موقع مسؤولية هؤلاء بالتعاضدية مع النعيم الظاهر عليهم فجأة وبشكل باذخ؟ الروايات التي تتناقلها مكاتب الممثليات التعاضدية جهويا ومركزيا أغرب من الخيال وإن صحت فهي جرائم بقوة القانون.

نصف ذلك بالخيال لأنه هل يمكن أن تكون علاقة الرئيس بمرؤوسيه مبنية على الإتاوات؟ وهل يكون التوظيف لا علاقة له بالكفاءة بل بشروط أخرى؟ وما علاقة هذه الشروط بكون غالبية الذين يتم توظيفهم بالتعاضدية من مدينة مغربية بعينها؟ وما المسلكيات التي يتم اعتمادها في القبول للتدريب بالتعاضدية المفضي للتوظيف؟ وما علاقة ذلك بحدث أليم وقع أخيرا بالمدينة ذاتها.


======================