العُطلة والعيد والمدرسة.. حبل المصاريف يلتف حول عنق المغاربة
هسبريس - عبد الرحيم العسري
الاثنين 06 غشت 2018 - 18:00
تعيش شرائح واسعة من المجتمع المغربي أياماً عصيبة بسبب تزامن نفقات العطلة الصيفية مع مصاريف عيد الأضحى والدخول المدرسي؛ إذ يُرتقب أن تتجاوز نسبة الإنفاق الشهري للأسر معدل 80 في المائة.
وفي محاولة للتخفيف من حدة هول المصاريف، قررت الحكومة صرف أجور موظفي الدولة لشهر غشت، استثناء، قبل 20 غشت، نظراً لتزامن حلول عيد الأضحى لسنة 1439 هجرية مع يوم 22 أو يوم 23 غشت الجاري؛ وهو الإجراء الذي اعتبره عدد من النشطاء والمتتبعين اعترافا حكوميا بأن "غالبية موظفي الإدارات العمومية، أي الطبقة المتوسطة، باتت اليوم غير قادرة على توفير مصاريف العيد بالنظر إلى هزالة الأجور بالمغرب التي لم تعد تساير تطور المجتمع"، بتعابيرهم.
وقبل انتهاء العطلة الصيفية، سيجد المغاربة أنفسهم أمام تكاليف جديدة تفرضها طبيعة المناسبة الدينية المقبلة، التي تتطلب اقتناء أضحية العيد ومستلزمات أخرى، وهي التكاليف التي تتزامن مع بداية الدخول المدرسي الذي بات يشكل تحدياً حقيقياً ليس فقط للطبقة الفقيرة، بل أيضا للطبقة المتوسطة أمام ارتفاع أسعار التعليم الخصوصي ورسوم التسجيل.
وتُشير دراسة سابقة للمندوبية السامية للتخطيط إلى أن نفقات عيد الأضحى تشكل ما يقرب من 29% في المتوسط من الإنفاق الشهري العام للأسرة المغربية، "هذه النفقات تفوق النصف (57%) من إجمالي النفقات الإجمالية لـ 10% من الأسر المحتاجة".
وتؤكد المعطيات الرسمية أن أسعار التعليم بالمغرب شهدت ارتفاعا مستمراً خلال السنوات الأخيرة، بوتيرة أعلى من أسعار الاستهلاك، وبلغت نسبة تضخم أسعار قطاع التعليم 3.4% سنوياً منذ 2007.
في الصدد ذاته، دق الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، ناقوس الخطر حول دخول الطبقة المتوسطة في المغرب مرحلة الخطر، مؤكداً أن "جل المؤشرات الاقتصادية تظهر أن قاعدة واسعة من هذه الفئة لم تعد قادرة على مسايرة مستوى نمط الانفاق الذي تفرضه هذه المناسبات، خصوصا تراكم العطلة الصيفية مع العيد ورسوم التعليم".
وأشار الباحث الاقتصادي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الإشكال يعود إلى افتقار المغرب إلى الاستثمار في القطاعات الاجتماعية، "لأن مستوى الدخل يتأخر عندما تصبح تكاليف الخدمات الاجتماعية مرتفعة".
وقال الكتاني: "في السابق كانت الدولة تتكلف بالتطبيب والتعليم وخدمات أخرى، ولكنها شرعت اليوم تدريجيا في الانسحاب من هذه القطاعات الحيوية، فاتحة المجال أمام الخوصصة التي حولت الخدمات الاجتماعية إلى قطاعات تجارية، من قبيل الاستثمار في التعليم الخاص والمصحات".
ويرى الباحث ذاته أن ما يدل على دخول الطبقة المتوسطة مرحلة الخطر "هو عدم قدرة فئات متوسطة الدخل خلال موسم الاصطياف الحالي على قضاء لْكونْجي خارج مكان الإقامة؛ وهو ما سيؤدي إلى تراجع الاستهلاك وإقفال المزيد من المقاولات والشركات".
وحذر المتحدث من عدم مراقبة الدولة لهذا الوضع الاجتماعي المتأزم، مشيراً إلى أن "من يحرك عجلة الاقتصاد المغربي بات غارقاً في الديون إلى درجة أن ثلثي الأجرة يذهب إلى أداء أقساط لكْريدٍيّاتْ".
وخلص الكتاني إلى أن "سياسة اللامبالاة لدى المسؤولين وعدم الإحساس بآلام الناس، سواء لدى الفقراء أو متوسطي الدخل، تُعزى إلى استمرار الدولة في صرف رواتب سمينة وامتيازات سخية للوزراء والمسؤولين، وبالتالي استمرار عزلهم عن الشعور بالوضع الاقتصادي الحقيقي الذي يحس به المغاربة".