الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل دراسة قانونية - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالأخبار والمستجدات الوطنية المتعلقة بقطاع التربية الوطنية والتعليم المدرسي و التكوين المهني

أدوات الموضوع

nasim111
:: Guest ::
المشاركات: n/a
نشاط [ nasim111 ]
قوة السمعة:
قديم 06-11-2012, 18:45 المشاركة 1   
هام الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل دراسة قانونية

الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل دراسة قانونية


الإضراب والاقتطاعات من الأجرة.. سؤال المشروعية‏- حكم قضائي و تعليق عليه
منقول من جريدة الاتحاد الاشتراكي 04-11-2012
أثار القرار الاخير لوزير العدل باقتطاع أجرة يوم الإضراب من رواتب الموظفين بمناسبة مشاركتهم في الإضرابات ا لأخيرة نقاشا بين المنظمات النقابية والوزارة. فالأولى تنكر على الوزارة حقها في اتخاذ هذا القرار وتعتبره غير مشروع لعدم دستوريته بالنظر إلى أن الموظفين مارسوا حقا مشروعا ودستوريا ولا يمكن أن يعاقبوا على هذه الممارسة. بينما ترى الوزارة أن هذا الاقتطاع تدبير عادي، إذ لا يمكن أن يؤدى الأجر دون عمل. ننشر بالموقع نقاشا قانونيا سبق وتم نشره بجريدة الاتحاد الاشتراكي قبل اربع سنوات بناءا على حكم قضائي في نازلة في الموضوع
أولا: رفض المحكمة الإدارية بالرباط طلب إلغاء اقتطاع أجر يوم الإضراب
نص الحكم
المحكمة الإداري ة بالرباط
حكم عدد 148 بتاريخ 7/2/2006
العربي لقليدي ضد النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية
باسم جلالة الملك
بتاريخ 2006/07/02 أصدرت المحكمة الإداري ة بالرباط الحكم الآتي نصه:
بين الطاعن: العربي لقليدي بتطوان

نائبه الأستاذ عبد القادر الصبار: المحامي بهيئة تطوان، من جهة ،

وبين المطلوبين في الطعن:
ـ النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بتطوان:
ـ الوكيل القضائي للمملكة بصفة هذه ونائبا عن الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الأول وعن السادة وزير المالية والخوصصة ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي والنائب الإقليمي لهذه الوزارة بتطوان ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية بتطوان، بمكاتبه بوزارة المالية والخوصصة بالرباط.، من جهة أخرى،
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل: حيث جاء المقال مستوفيا للشروط الشكلية المتطلبة قانونا لذا يتعين قبوله.
في الموضوع: حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء قرار الاقتطاع من أجرة الطاعن بسبب تغيبه المبرر عن العمل باعتبار ممارسته لحق مكفول دستوريا وهو الحق في الإضراب حسبما جاء في المقال.
وحيث تمسك الوكيل القضائي بقانونية الاقتطاع من الأجر استنادا إلى الفصل الأول من المرسوم رقم 2/99/1216 الصادر بتاريخ 10 ماي 2000 الذي يخضع لرواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بدون ترخيص أو مبرر مقبول للاقتطاع باستثناء التعويضات العائلية وأيضا بناء على مقتضيات 11 و41 من المرسوم الملكي عدد 330.66 الصادر بتاريخ 1967/04/21 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية الذي يجعل أداء الأجرة معلقا على ضرورة تنفيذ العمل«.
وحيث تبعا لهذه المعطيات تكون النقطة النزاعية مثار المناقشة في نازلة الحال هي تحديد ما إذا كان تغيب الموظف عن العمل بسبب مشاركته في الإضراب يعتبر مبررا أم أنه غير مبرر ويعطي للإدارة إمكانية تطبيق مقتضيات الفصل الأول من مرسوم 10 ماي 2000 بخصوص إخضاع الراتب للاقتطاع.
وحيث إن إضراب الموظفين هو امتناعهم عن تأدية أعمال وظائفهم بصفة مؤقتة، تعبيرا عن عدم الرضا على أمر معين، وهو من الحقوق المكفولة بمقتضى الدستور الذي نص في فصله 14 على »أن حق الإضراب مضمون وسيبين قانون تنظيمي الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق«.
لكن، حيث إنه أمام عدم إصدار الجهات المختصة للنص التنظيمي المشار إليه، فإن القاضي الإداري بما له من دور في خلق قواعد قانونية عندما يخلو المجال من التشريع، يكون ملزما بوضع ضوابط ومعايير من شأنها ان تضمن لهذا الحق البقاء والحماية من جهة، ومن جهة أرى عدم التعسف في استعماله لحسن سير المرفق العام بانتظام واطراد، وهذا المبدأ تم تأصيله من طرف مجلس الدولة الفرنسي من خلال قرار دوهين عندما أعطى الاختصاص للقاضي الإداري في خلق الموازنة بين مبدأ استمرارية المرفق العام والحق في ممارسة الحرية.
وحيث إن حق الإضراب كحق أصيل لا يقتضي طلبا من قبل صاحب الشأن ولا يلزم لنشوئه صدور قرار من الإدارة بالترخيص كما هو الشأن بالنسبة لبعض الحقوق السياسية الأخرى، إلا أنه لاعتبارات النظام العام وحسن سير المرفق فإن ممارسته تستوجب التقيد بنظام الإخطار أي أن على الجهة الراغبة في خوض إضراب ما لأسباب مهنية أن تخطر الإدارة بذلك حتى تتمكن هذه الأخيرة من اتخاذ الاحتياطات اللازمة وأن يتم الإعلان المسبق عن الإضراب لتوضيح أسبابه ومدته يتم تبليغه للجهات المعينة داخل أجل كافي ومعقول.
وحيث يؤخذ من تصريحات الأطراف بجلسة البحث أن الإضراب موضوع الاقتطاع خاضته فئة أساتذة التعليم الإعدادي الذين لم يسبق لهم أن كانوا معلمين وعددهم 22866 أستاذا وأستاذا بعد فشل النيابات الخمس ذات التمثيلية في الوصول إلى اتفاق بخصوص الملف المطلبي لهذه الفئة وقد تم إخبار وزير الداخلية ووزير التربية الوطنية، وكذا ولاية الرباط بخصوص هذه الفئة لإضراب يوم 13 أكتوبر.
حيث إنه إذا كانت ممارسة حق الإضراب رهينة بضرورة إخطار الإدارة لترتيب أوضاعها الإداري ة والقانونية وعدم عرقلة سير المرفق، فإنه لم يقم دليل من أوراق الملف على ثبوت إخطار السلطات الإداري ة المذكورة رغم تكليف الأطراف بذلك أثناء جلسة البحث، وبالتالي فإن إضراب فئة عريضة من الأساتذة (22866 أستاذ) مرة واحدة دون إخطار الجهات الإدارية المعنية بشكل أدى إلى توقيف العمل بمرفق هام ألا وهو مرفق التعليم وماله من انعكاسات سلبية على المجتمع، لمن شأنه المساس بشكل كبير بهذا المرفق ويجعل بالتالي الغياب عن العمل لأجل ممارسة الإضراب خارج الضوابط المشار إليها غير مبرر وبدون يكون تفعيل الإدارة لمقتضيات مرسوم 10 ماي 2000 قد تم في إطار المشروعية، كما أن تمسك الطاعن بكون مشروع القانون التنظيمي ينص على عدم جواز معاتبة الموظف على مشاركته في الإضراب يبقى غير ذي محل طالما ان مقتضيات المادة الأولى من المشروع لا تخاطب فئة الموظفين، بل تهم فقط الأشخاص الذاتيين والمعنويين الخاضعين لأحكام قانون الشغل، فضلا على ان عدم جواز المعاقبة الذي أقرته المادة 4 منه إنما يتعلق بالإضراب المشروع وهو ما ينطبق على نازلة الحال وفق ما تقدم أعلاه.
وحيث يتعين أمام هذه المعطيات التصريح برفض الطلب لعدم جديته.

ا لمنطوق:

وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه المحاكم الإداري ة..لهذه الأسباب.
حكمت المحكمة الإداري ة علنيا ابتدائيا وحضوريا:
- في الشكل: بقبول الطلب.
- وفي الموضوع: برفضه.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.

ثانيا : تعليق الأستاذ عبد العزيز العتيقي (محام و أستاذ بكلية الحقوق بفاس)

- لا يمكن للسلطة القضائية أن تنوب عن السلطة التشريعية
- الإدارة مطالبة بإرجاع المبالغ المقتطعة إلى أصحابها.
أثار القرار الحكومي باقتطاع أجرة يوم الإضراب من رواتب الموظفين بمناسبة ماركتهم في الإضرابات ا لأخيرة نقاشا بين المنظمات النقابية والسلطات الحكومية. فالأولى تنكر على الحكومة حقها في اتخاذ هذا القرار وتعتبره غير مشروع لعدم دستوريته بالنظر إلى أن الموظفين مارسوا حقا مشروعا ودستوريا ولا يمكن أن يعاقبوا على هذه الممارسة.
بينما ترى الحكومة أن هذا الاقتطاع تدبير عادي، إذ لا يمكن أن يؤدى الأجر دون عمل.
وضمن هذا التباين في المواقف يبقى على الفقه والقضاء أن يتدخلا لإعطاء موقفهما انطلاقا من القواعد ا لقانونية التي تؤطر موضوعه الإضراب بصف م مباشرة أو غير مباشرة.
على أنه يجب التأكيد بدءا على غياب النظام القانوني للإضراب، ذلك أن جميع الدساتير المتعاقبة تضمنت إقرار هذا الحق لكنها وعدت بتنظيم ممارسته بواسطة قانون تنظيمي، ومن المعروف أن الدستور عندما يحيل أمر تنظيم موضوع أو حق على قانون تنظيمي، فذلك باعتبار أّميته الدستورية، ولذلك فالقانون التنظيمي يعرض كمشروع على المجلس الدستوري قبل المصادقة عليه وهذه المسطرة غير معتمدة في القوانين العادية (التشريع العادي) و(التشريع الفرعي).
والهدف من هذا العرض أن يراقب المجلس الدستوري مدى ملاءمة مشروع القانون التنظيمي مع الدستور.
وبطبيعة الحال فليست هذه المسطرة هي التي عرقلت إنجاز هذا القانون التنظيمي وإقراره، فالأمر يتجاوز ذلك ليتعلق بالمواقف المتباينة للفرقاء الاجتماعيين، فالحكومة من جهتها ترى أن حق الإضراب كسائر الحقوق لا يمكنه أن يبقى مطلقا في ممارسته، إذ لابد أن تراعى في هذه الممارسة المصلحة العامة، ومنها ضمان السير العادي للمرافق العمومية الحيوية.
ومنظمات أرباب العمل ترى بأنه من الضروري تنظيم هذا الحق نظرا لما تتسم به ممارسته من إضرار بالمقاولات وحركية الاستثمار.
أما المنظمات النقابية فإنها تعارض تنظيم هذا الحق لأن هذا التنظيم لا يستهدف إلا تقييد ممارسة هذا السلاح الوحيد والممتاز للأجراء والموظفين..وهذا التباين في المواقف هو الذي عرقل لحد الآن إمكانية مناقشة هذا الموضوع، رغم مبادرة الحكومة إلى إنجاز أربعة مشاريع لحد الآن .لكن في غياب هذا التنظيم تبادر الحكومة إلى اتخاذ بعض التدابير في مواجهة إضراب الموظفين، وبصفة خاصة الاقتطاع من أجورهم بمناسبة إضرابهم.

فهل هذا الاقتطاع مشروع؟.

للجواب على هذا التساؤل فإننا نفترض بأن هذا الاقتطاع مبرر إداريا بالمشاركة في الإضراب ، والحال أن هذه الفرضية، لئن كنت متطابقة مع الواقع، فإنه غير متطابقة مع التعليل الذي بلغ .الموظفين بمناسبة قيام إدارتهم بهذا الاقتطاع والذي مفاده أن الاقتطاع قد أجري بسبب لتغيب غير المبرر، ولذلك علينا أن نناقش هذا التعليل أولا ثم نناقش بعده مدى مشروعية الاقتطاع من أجرة الموظفين بسبب الإضراب .
أولا: الاقتطاع من الأجرة العمومية علي حالات التغيب القانونية وبطبيعة الحال ليس من بينها الإضراب ، لأنه ليس تغيبا لغة وقانونا، لكنه من جهة أخرى لم يمنع ممارسة هذا المحق وبالتالي فهو لا يدخل ضمن التغيبات غير المبررة.
وعلى هذا الأساس فإن الاقتطاع من الأجرة بسبب الإضراب باعتباره تغيبا غير مبرر ينطوي علي تفسير تعسفي لحالات التغيب غير المبرر على اعتبار أن الموظف لم يتغيب - إذ أن التغيب هو سلوك سلبي - بلقام بممارسة سلوك إيجابي يتمثل في التوقف عن العمل بناء على مطالب محددة ومشروعة.

ومن تم فإن ذا الإضراب يتسم بالمشروعية ولا مجال للحديث عن التغيب او الإضراب غير المشروع حتى يكون من حق الإدارة الاقتطاع من أجرة المضربين.

إن هذا التعليل الذي بادرت به الحكومة ينطوي - حقيقة - على تهرب من الإفصاح عن التعليل الصحيح وهو بذلك يطرح مشكلا قانونيا.
ذلك أنه إذا اعتبرنا بأن الإضراب هو تغيب غير مبرر فهذا يعني تحريم ممارسة هذا الحق على الموظفين، وهذا أمر يناقش قانونيا ويترتب على هذا الاعتبار مسؤولية الحكومة في التعليل غير المطابق للحقيقة. إذا كان عليها أن تكون واضحة وترجع هذا الاقتطاع إلى سببها لحقيقي الا وهو الإضراب عن العمل.
ومن هذا المنطلق يكن من حق المضربين أن يرفعوا دعاوي إدارية ضد قرارات الاقتطاع هذه باعتبارها قرارات تتسم بالشطط في استعمال السلطة. فمادامت الإدارة تعلل قرار اقتطاعها بالتغيب عن العمل فإن الموظف المعني يكون من حقه أن يثبت العكس وهو انه لم يكن متغيبا بدون مبرر كما هو مضمن في القرار بل كان مضربا.
وبطبيعة الحال فالقضاء عليه ان البيت في هذه الدعوى بناء على القواعد القانونية.
لا نريد هنا أن نصادر على المطلوب إن ذكرنا بالمعطيات التالية:
إن النصوص الصريحة في منع ممارسة حق الإضراب جاءت حصرية بالنسبة لبعض فئات الموظفين ويتعلق الأمر بـ:
- ظهير فاتح مارس 1963 المتعلق بمتصرفي وزارة الداخلية.
- مرسوم 12 نوفمبر 1974 المتعلق بموظفي إدارة السجون.
- ظهير 11 نوفمبر 1974 الخاص برجال القضاء.
فهي النصوص التي تحرم صراحة على هذه الفئات من الموظفين العموميين ممارسة حق الإضراب باعتباره ممارسة مرتبطة بالحق النقابي، وهؤلاء يحرم عليهم أيضا ممارسة الحق النقابي، بمعنى ان تحريم حق الإضراب بالنسبة لهؤلاء ناتج - منطقيا - عن حرمانهم من التمتع بالحق النقابي.
وهذه النصوص الصريحة تفيد بمفهوم المخالفة أن باقي الفئات من الموظفين لا يشملهم هذا التحريم، وبالتالي فإن من حقهم ممارسة الحق النقابي والذي يستتبع ممارسة حق الإضراب باعتباره أحد مظاهر ممارسة الحق النقابي.
إذا كانت السلطات الحكومية تلجأ إلي استعمال مرسوم 5 فبراير 1958 لمنع حق الإضراب على الموظفين كما حصل في مواجهة إضرابات 1979 فإن هذه الاستعمال يجانب الصواب من الناحية القانونية ويسقط بالتالي في عدم المشروعية للاعتبارات التالية:
المرسوم المذكور ينص على أن كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الانقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عليه خارج نطاق الضمانات التأديبية بالنسبة لجميع الموظفين وأعوان الإدارات والمكاتب والمؤسسات العمومية.
1 – - وفي رأينا فان الأمر هنا لا يتعلق بالإضراب بالمفهوم القانوني الصحيح أكثر ما يتعلق بالتمرد والعصيان، وهذا التفسير هو الذي ينسجم مع مقتضيات القانون الأساسي للوظيفة العمومية الصادر بمقتضى ظهير 15 فبراير 1958 والذي يعتبر في التربية القانونية أعلى و اقوى من المرسوم، ولو كان المشرع يعتبر الإضراب من التغيبات غير المبررة لنص عليه صراحة ضمن قائمة التغيبات غير المرخصة، ومكان ذلك هو القانون الأساسي للوظيفة العمومية
ب - في جميع الأحوال فان مرسوم 1958 لم يعد له معنى أو وجود قانوني بعد صدور دستور 1962 الذي اقر حق الإضراب بصيغة عامة وهي الصيغة المكرسة بالدساتير اللاحقة وبالتالي أصبح اللجوء إلى هذا المرسوم يتسم بعدم احترام المشروعية الدستورية التي يكتسيها حق الإضراب .
ج - إن مرسوم 1958 في فصله 5 لا يتعلق بحق الإضراب وإلا كيف يمكن التوفيق بين إقرار نفس المرسوم لممارسة الموظف للحق النقابي وعدم تأثير الانتماء النقابي على وضعيته و حقوقه الإداري ة (الفصل 2) ثم يأتي بمنع حق الإضراب مع ان هذا الحق هو من صميم ممارسة الحقوق النقابية.

ثانيا: مدى مشروعية الاقتطاع من أجرة الموظف بسبب الإضراب ..

على الرغم من أن التعليل الذي أوصل به الموظفون كمبرر للاقتطاع من أجورهم عن أيام الإضراب لا ينص صراحة على هذا السبب فإننا سنفترضه معتبرين أن التعليل الصوري الذي عللت به الإدارات العمومية هو مجرد تهرب أو إقرار بمشروعية ممارسة الموظفين للإضراب خارج الاستثناءات التي ذكرناها سابقا. فهل يحق إذن للإدارة أن تلجأ إلى الاقتطاع من أجور الموظفين بسبب ممارستهم لحق الإضراب ؟.
بدءا يجب التنبيه من عدم الجدوى من استعمال القياس مع الوضعية القانونية لأجراء القطاع الخاص مادام أن هؤلاء يرتبطون بعلاقة تعاقدية بينما يرتبط الموظفون بإدارتهم بعلاقة نظامية..ثم إن ممارسة الحق النقابي من طرف الموظف تبقى خاضعة لظهير 16 يوليوز 1957 المتعلق بالنقابات المهنية والقانون الوظيفة العمومية..وانطلاقا من ذلك فمناقشة موضوع الاقتطاع لا يمكن أن يتخذ وضعية القطاع الخاص مرجعية له.

ولذلك فإن الجواب على التساؤل المطروح حول هذا الاقتطاع يمكن أن يتم من خلال العناصر التالية:

1 – نحن الآن في إطار وضعية قانونية تتسم بعدم تنظيم ممارسة حق الإضراب لكن ذلكن لا يشكل مدعاة لمساس به أو إهداره باعتبار قيمته الدستورية وتحديدا كونه حقا مضمونا دستوريا وهذا يعني أن له حماية دستورية.
2 - قد يقال بأنه في غياب القانون التنظيمي الموعود به فلا يمكن قبول ممارسة هذا الحق المطلق بل لابد من مراعاة ضوابط النظام العام. وفي غياب التنظيم المطروح عليه تدبير هذه المراعاة، فإن الاختصاص ينصرف للسلطة القضائية..وهذا صحيح من منطلق أن هذه السلطة هي الموكول لها حماية النظام العام، لكن ما هي حدود اختصاص هذه السلطة في هذا المجال، بطبيعة الحال أمام مبدأ فصل السلط فلا يمكن لهذه السلطة أن تذهب بعيدا في اجتهادها إلى حد تعويض السلطة التشريعية في مهامها خاصة وأن الدستور نص صراحة على أن موضوع تنظيم حق الإضراب هو من اختصاص القانون التنظيمي..ولذلك، فإن مجال تدخل القضاء ينحصر في البث في مشروعه الإضراب من عدمه، وفي هذا الإطار نذكر بقرار المجلس الأعلى عدد 96 بتاريخ 16/01/1996 في ملف اجتماعي 8608/93 حيث جاء فيه الإضراب وإن كان حقا مشروعا بمقتضى القانون فإنه حين اعتبر أن ما قام به العمال يهدف إلى تحقيق مطالب مشروعه فإنه لم يوضح ما هي هذه المطالب حتى يمكن تقييمها والبحث عن مشروعيتها« (1).كما نذكر بقرار عدد 190 في 14/03/2000 في ملف اجتماعي عدد 651/5/1/99 جاء فيه على الخصوص الإضراب وإن كان حقا مشروعا فإن الغاية منه الدفاع عن حقوق مكتسبة ومشروعة للعمال والإضراب النقابي للتضامن مع عامل تم توقيفه لا يهدف إلى مصلحة عامة للمضربين ويشكل بالتالي عملا غير مشروع. (2)
وهكذا يتضح بأن القضاء مقتنع بأن دوره ينحصر في مراقبة مشروعية الإضراب باعتبار الغاية من إقراره وهذا ما يؤدى إلى استخلاص علاقة الإضراب بممارسة الحق النقابي، أن التمتع بهذا الأخير يؤدي حتما إلى إقرار حق الإضراب .
وهذه العلاقة هي التي أكدت عليها منظمة العمل الدولية في عدة مناسبات ولعل أهمها تلك الدراسة الهامة لسنة 1994 التي أنجزتها لجنة الخبراء بخصوص تطبيق الاتفاقية 89 حول الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية والاتفاقية 78 حول الحرية النقابية بصورة متينة وضيقة«
وأن »حق الإضراب هو حجرة الأساس التي يرتكز عليها الحق النقابي.
وعليه، فإن تعطيل ممارسة الإضراب يعني تحريم الحق النقابي، ومادام هذا الأخير مكفولا للموظفين، فلا يمكن منع ممارسة الإضراب أو اتخاذ اجراءات عقابية بمناسبة ممارسته.
قد يقال إن الإضراب وإن كان مكفولا دستورياً، فهذا لا يمنع الإدارة من اتخاذ تدابير باسم السلطة التنظيمية العامة لضمان سير المرافق العامة.
وهذا التبرير ورد في قرار للمجلس الأعلى في 17 مارس 1961 والمعروف بقرار الحيحي الذي يبقى قراراً فريداً واستثنائياً. وشبيه به ما ورد في البلاغ الحكومي على إثر التهديدات بإضراب 1990/12/14 والصادر في 1990/12/5، إذ جاء فيه على الخصوص »إن قانون الوظيفة العمومية ومستلزمات السير الطبيعي والمستمر للمصالح العامة الحيوية لا تبيح اللجوء إلى الإضراب فعلا وقانونا«.
والواقع أن هذا التبرير لا يخلو من مطبات قانونية في فضاء المشروعية. وعلى ذلك، نجد الرد واضحا لدى منظمة العمل الدولية وهي تبت في الشكايات النقابية المغربية التي توصلت بها.
ذلك أن المنظمة تعتبر بأنه إذا كان من المقبول تحديد أو منع الإضراب في الوظيفة العمومية أو المرافق الحيوية، فذلك عندما يكون الإضراب من شأنه إلحاق أضرار جسيمة بالمجموعة الوطنية.
لكن مفهوم المصالح الحيوية حسب المنظمة »يجب أن يطبق بشكل ضيق، إذ ينحصر في المصالح التي قد يسبب توقفها خطراً بالنسبة لحياة أو أمن أو صحة السكان أو جزء منهم«. والأمر بطبيعة الحال لا ينطبق على الوضعية المغربية التي تم فيها الإضراب بشكل عادٍ، ودون أن يتحقق أي مظهر من المخاطر التي يمكن أن تثير النقاش حول تحديد حق الإضراب .
4 ـ مادام أن الإضراب الذي قد انبنى على مجموعة من المطالب المهنية الواضحة، وأنه لم يكن مفاجئاً، فإن كل شروط المشروعية تتحقق له ويبقى كل تدبير إداري في مواجهته، يتسم بالتنكر لهذه المشروعية.
5 ـ الاقتطاع من الأجرة بسبب الإضراب لا يمكن أن يعتبر تدبيراً إدارياً مسموحاً به، ما لم يكن القانون مرجعا له، فهل هناك نص قانوني يبيح هذا الإجراء؟
إن مبدأ »لا أجر بدون عمل« وعلى نسبيته ـ هو مبدأ تعاقدي ينتمي لدائرة القانون المدني، وإذا كانت المدونة قد كرسته عندما نصت على توقف عقد الشغل خلال مدة الإضراب ، فإن هذا المنطق لا يمكن انسحابه على قطاع الوظيفة العمومية بحكم خصوصية قوانينها وبحكم طبيعة علاقة الموظف بالإدارة ، ومادامت هذه العلاقة هي علاقة نظامية، فإن أي إجراء أو تدبير يرتبط بها لابد أن يصدر بشأنها قانون، وفي حالتنا، فإن اختصاص إقرار إجراء الاقتطاع، هو موضوع خالص للقانون التنظيمي للإضراب. وفي غيابه يصعب إيجاد أي مرجعية شرعية لقرار الاقتطاع، كما أن البحث عن الملاذ في القياس، على وضعية القطاع الخاص، هو بحث تعترضه أبسط قواعد القياس، إذ لا قياس مع وجود الفارق.
وإذن فالاقتطاع من أجرة الموظفين بسبب ممارسة الإضراب باعتباره تغيبا غير مبرر حسب تعليل قرارات الاقتطاع يبقى أساسه القانوني مفتقدا في غياب القانون التنظيمي للإضراب.
ولا يمكن تعليل ذلك بغياب المشروعية مادام الإضراب ممارسة لحق دستوري وتمت ممارسته في حدوده المهنية المعروفة، أي بناء على مطالب مشروعة ودون أن يصاحب بأية ممارسات ماسة بالنظام العام. كما لا يمكن أن يبرر ذلك أيضا بمسؤولية الإدارة في ضمان السير العادي للمرافق الحيوية، لأن مثل هذا التعليل يبقى حسب منظمة العمل الدولية منحصرا في حدود جد ضيقة، عندما يتعلق الأمر بتهديد حال لسلامة وأمن المواطنين، ونحن بعيدون في الإضرابات المذكورة عن هذا المفهوم.
والخلاصة أن المشروعية تقتضي أن تتوقف الإدارة عن سلوك مسطرة الاقتطاع وترجع ما تم اقتطاعه لمستحقيه وذلك لفائدة القانون، وإذا كان هناك من تدبير تراه الحكومة لتنظيم ممارسة حق الإضراب فما عليها إلا أن تباشر التفاوض مع باقي الفرقاء من أجل إخراج القانون التنظيمي الموعود به إلى حيز الوجود، وفي انتظار ذلك، فلاشيء يسمح له باتخاذ تدابير تتسم في هذه الوضعية بالشطط في استعمال السلطة لغياب أساس المشروعية.
< هوامش..
..1 - مجلة الإشعاع عدد سنة 9 ديسمبر 1987 ص 126
2 - قرار المجلس الأعلى أهم القرارات الصادرة في المادة الاجتماعية جزء 1 الرباط 2007 ص 50 - 48.










آخر مواضيعي

0 but then Yan or do not want to be down
0 تحية لنضال وزير التعليم المغربي
0 حوار الحكومة و النقابات حول مصير الترقيات
0 رابطة المدارس الخصوصية ترد على مقرر وزير التربية الوطنية
0 الوفا: البرنامج الاستعجالي فشل مع غياب تام لتقارير انتهاء تنفيذ الصفقات
0 سؤال حول بداية التكوين بالنسبة للأساتذة ببني ملال
0 تحليل نصوص + قواعد عامة + أمثلة للإمتحانات + تمارين + تعلم اللغات و الكثير الكثير هن
0 تحليل نصوص + ...
0 تحليل نصوص + قواعد عامة + أمثلة للإمتحانات + تمارين + تعلم اللغات و الكثير الكثير هن
0 منتدى تلاميذ التعليم الثانوي التأهيلي

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أجور, المضربين, الاقتطاع, العلم, حراسة, قانونية

« استفحال ظاهرة سرقة البحوث الجامعية في غياب الاجراءات العقابية | الوفا : يتشبت بتفعيل قرار إفراغ السكنيات المحتلة بصفة غير قانونية . »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النقابات التعليمية «تتوحد» ضد قرار الحكومة الاقتطاع من أجور المضربين التربوية دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 2 22-04-2012 18:00
الاقتطاع من أجور المضربين يقسم حكومة بنكيران التربوية أخبار نقابية وطنية 2 12-04-2012 12:48
الحكومة تقرر الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين benhadj28 دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 38 16-02-2009 13:39
الحكومة تقرر الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين hamad5 دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 3 14-02-2009 00:42


الساعة الآن 17:10


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة