المسرح المدرسي بالمغرب (عن مقال للدكتور جميل حمداوي) - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



مكتب المدير هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بمكتب المدير

أدوات الموضوع

theatre2009lumiere
:: دفاتري جديد ::
تاريخ التسجيل: 11 - 3 - 2009
المشاركات: 9
معدل تقييم المستوى: 0
theatre2009lumiere في البداية
theatre2009lumiere غير متواجد حالياً
نشاط [ theatre2009lumiere ]
قوة السمعة:0
قديم 14-03-2009, 13:49 المشاركة 1   
مقال المسرح المدرسي بالمغرب (عن مقال للدكتور جميل حمداوي)

ما هو المسرح المدرسي؟ وماهي بداياته الأولية والفعلية في الساحة الثقافية المغربية؟ وماهي أهدافه وغاياته؟ وماهي خصائص وشروط المسرح المدرسي؟ وماهي أهم الكتابات التي رصدت المسرح المدرسي في المغرب ؟

تلكم هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في موضوعنا المتواضع هذا.
  • تعريف المسرح المدرسي:
يمكن الحديث عن ثلاثة مصطلحات متداخلة مع المسرح المدرسي وهي: المسرح الصفي، والمسرح التربوي أو التعليمي، ومسرح الأطفال.

إذا كان المسرح الصفي مقترنا بذلك التمثيل الذي يقدم داخل القسم أو الفصل من قبل التلاميذ أمام زملائهم وأمام مدرسهم باعتباره المنشط التربوي والمؤطر الفني، حيث يمسرحون بعض المشاهد الدرامية الموجودة داخل الكتاب المقرر أو ما يسمى أيضا بالمنهاج الدراسي ، فيتدربون ركحيا تحت إشراف المدرس على مقومات التمثيل السمعي والبصري في حصة المسرح المدرسي، أو يتلقون من موجههم الفني تقنيات التمثيل وطرائق اللعب المسرحي وكيفية خلق الإيهام الدرامي، فإن المسرح التربوي أو المسرح التعليمي مفهوم عام وفضفاض قد يندرج فيه كل مسرح يحمل رسالة تربوية وغاية تعليمية .
ونظرا لهذه الخاصية، يمكن أن ندرج ضمن هذا المسرح كل الأنواع المسرحية الأخرى التي تتعارض مع فضاء المؤسسة المدرسية كالمسرح الجامعي ومسرح الشباب ومسرح الأطفال، وهذه الأشكال كلها تستند في جوهرها إلى المنطلق التربوي والتعليمي والأخلاقي.

أما مسرح الطفل فهو أعم من المسرح المدرسي؛ لأنه يتجاوز فضاء المؤسسة التربوية التعليمية إلى فضاءات خارجية أكثر اتساعا لتقديم العروض الدرامية، وليس من الضروري أن يكون الساهرون على تدريب الأطفال من قطاع التربية الوطنية، وهذا ينطبق كذلك على الممثلين الذين يشخصون الأدوار داخل العروض المسرحية، إذ يمكن أن يكون هؤلاء من المتمدرسين ومن غير المتمدرسين، من داخل مؤسسة مدرسية أو من خارجها، على عكس المسرح المدرسي الذي يستوجب أن ينتمي جل أعضائه وأطرافه النشيطين إلى المؤسسة التربوية التعليمية ، فيشرف رجال التعليم أو رجال الإدارة والقائمون على التنشيط الفني على تدريب التلاميذ وتوجيههم وفق مقاييس بيداغوجية وديداكتيكية، ووفق شروط سيكولوجية ومبادئ سوسيولوجية و قواعد فنية.
ومن هنا، فالمسرح المدرسي مرتبط بفضاء المؤسسة التربوية التي تتمثل في الأرواض والمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والمدارس الحرة والخاصة. ويعني هذا أن المسرح المدرسي يمارس داخل الفصل الدراسي أو في قاعات العروض التي توجد داخل المؤسسة التعليمية، ويشرف عليه أساتذة ومدرسون ومربون، ويراعون في ذلك خصوصيات التلميذ ومبادئ التربية الحديثة ومستجدات علم النفس ونظريات علم النفس الاجتماعي.

ويميز الدكتور عبد الفتاح أبو معال بين المسرح المدرسي والمسرح الصفي أو مسرح القسم موضحا أن المسرح المدرسي يقتصر:” إما على الجمهور من أطفال المدرسة فقط، أو الأطفال ومعلميهم، أو قد يدعى الآباء والأمهات لحضور عرض المدرسة المسرحي الذي يقام بمناسبة معينة. أما المسرح الصفي فيعني عرض تمثيلي بسيط، بإشراف معلم المادة التعليمية. وذلك بهدف مساعدته على توضيح المواقف التعليمية التي يتعرض لها أثناء التدريس، وقد يكون ذلك موقفا تاريخيا أوعلميا أو أدبيا منوعا.”

ويعرف الأستاذ سالم أكويندي المسرح المدرسي بقوله في ندوة على هامش المهرجان الوطني الثاني للمسرح المدرسي بمراكش بين24 إلى 28 أبريل 1995م:” المسرح المدرسي مسرح تربوي تعليمي يتم في الوسط المدرسي سواء أكان مادة دراسية حيث يخضع لعملية التدريس، وهذا يتم داخل الحجرات الدراسية أم مادة تنشيطية حيث تحرر الممارسة المسرحية من طابع الدرس النظامي، وتشمل عملية التنشيط المسرحي التي تقوم بأدائها مجموعة من التلاميذ أو الفرق الزائرة للمدرسة. ويشمل مفهوم المسرح المدرسي كل الأنشطة المدرسية التي تحددها المدرسة. وبذلك، نميز في مفهوم المسرح المدرسي بين ممارستين مسرحيتين، ممارسة مسرحية تخضع للدرس الأكاديمي وممارسة تخضع للتنشيط والترفيه”.

وعلى أي حال، فالمسرح المدرسي مسرح تربوي تعليمي يهدف إلى تهذيب المتعلم وترفيهه. وبالتالي، فهو موجه للتلاميذ و الأطفال الصغار، ويخاطب فيهم مداركهم الذهنية ومشاعرهم الوجدانية ويقوي فيهم جوانبهم الحسية- الحركية. أما فضاء هذا المسرح فهو المدرسة أو المؤسسة التربوية كيفما كانت طبيعتها القانونية: مؤسسة خاصة أم عامة.

ومن البديهيات المعروفة أن لهذا المسرح أبعادا وغايات ووظائف أساسية تتمثل في : الأبعاد اللغوية والأبعاد التربوية والأبعاد الاجتماعية والأبعاد النفسية.

  • بدايات المسرح المدرسي المغربي:
يمكن القول: إن المسرح المدرسي في المغرب ظهر أول مرة مع ظهور المدرسة الحديثة التي كانت تنهي موسمها الدراسي بتوزيع الجوائز في جو مدرسي احتفالي يتوج بتقديم مجموعة من الأنشطة الفنية الغنائية والمسرحية. دون أن ننسى أيضا بأن المدرس عندما يتعامل مع النصوص المسرحية المقررة في المنهاج السنوي داخل القسم كان يخضع النص للتمثيل أو يتمثل القواعد المسرحية وتقنيات الفن الدرامي أثناء التدريس وتخطيط العملية التعليمية -التعلمية ، وبذلك يصبح المسرح تقنية ديداكتيكية ومنهجية بيداغوجية وأداة علاجية نفسية تستخدم في تحرير عقد التلاميذ وتخليصهم من شرنقة الغرائز العدائية والأمراض النفسية كالانطواء والخوف والانكماش.

كما ساهمت الأعياد الدينية والوطنية في تنشيط الفعل المسرحي كعيد الاستقلال وعيد العرش وعيد المسيرة.

ويرجح أن تكون سنة 1923م أو سنة 1924م بداية انطلاق المسرح المدرسي في بداياته التكوينية حيث عرضت في هذه السنة مسرحية “صلاح الدين الأيوبي” من قبل قدماء تلاميذ مولاي إدريس الإسلامية بفاس. وقد كون هؤلاء التلاميذ بعد ذلك فرقا وجمعيات ثقافية في العديد من المدن المغربية كفاس وسلا والرباط والدار البيضاء ومراكش وتطوان وطنجة. وفي هذا الصدد يقول الدكتور حسن المنيعي:” في البداية، نلاحظ أن أول فرقة مسرحية كانت قد تشكلت بفاس على يد جماعة من طلبة المدارس الثانوية، وذلك سنة 1924م، إذ هناك من يؤكد أن بعض العرب المشارقة، الذين استوطنوا العاصمة، كانوا يشجعون الطلاب على تنظيم الجمعيات…

ومهما كانت مساهمة هؤلاء المشارقة أمرا واقعيا أو مشبوها فيه، فإن العديد من الملاحظين اتفقوا على أن ثانوية المولى إدريس بفاس كانت أولى قاعدة انطلقت منها التجربة المسرحية الأولى، ذلك لأن تلامذتها كانوا يعبأون أولا من طرف الفرق الأجنبية ، لتأدية بعض الأدوار، وثانيا لأن قدماء الثانوية بالذات كانوا يعبرون عن رغبتهم في إيجاد مسرح مغربي، فكان أن وصلوا إلى غايتهم بفضل ثقافتهم المزدوجة واستيعابهم للتقنيات التي اكتشفوها، عبر عروض الفرق الزائرة.”

ومن أهم الفرق والجمعيات المدرسية التي ساهمت في تفعيل المسرح المدرسي وبالضبط في مرحلتي الحماية الفرنسية ومرحلة الاستقلال نستحضر فرقة الطالب المغربي بمسرحيتها” لولا أبناء
الفقراء لضاع العلم” سنة 1948م، وفرقة المدرسة القرآنية الأصيلية بمسرحياتها: ” البنت المظلومة “سنة 1949م و” نحمي محمد” ، و” الفانوس السحري وعلاء الدين” من تأليف مجموعة من التلاميذ، وفرقة الطالب العربي بمسرحيتها “الفضيحة الكبرى” سنة 1959م، وجمعية تلاميذ ابن الخطيب بمسرحيتها” ملائكة الجحيم” لعبد القادر السحيمي سنة 1961م،وجمعية تلاميذ المدرسة الأمريكية بمسرحيتها “وراء الأفق” ليونيسكو.

ونلاحظ” من خلال عرض بعض المسرحيات الطفلية التي مسرحتها فرق مدرسية، والتي كانت الشعلة الوقادة في ازدهار الحركة المسرحية من سنة 1923 إلى سنة 1934 بعد صدور الرقابة واستمرارها من بعد، حتى حصول المغرب على استقلاله، بأن المجتمع المغربي قد أصابته حركية التغيير الشامل، بعد فترة وجيزة من عقد الحماية، ويبدو هذا من خلال الرحلات المتبادلة بين الشرق العربي والمغرب بزيارة الفرق المسرحية الشرقية وكانت أولها فرقة محمد عز الدين ، وفرقة فاطمة رشدي.”

وإذا نبشنا في الذاكرة المسرحية المغربية، فيمكن القول بأن بداية المسرح المدرسي قد ارتبط بسلطان الطلبة منذ قيام الدولة العلوية في القرن السابع عشر الميلادي مع تولية مولاي رشيد الحكم(1666-1672م). ويعد” مهرجان سلطان الطلبة( بتسكين اللام) احتفالا سنويا يحييه طلبة مدينة فاس احتفاء بمقدم الربيع ابتداء من النصف الثاني من شهر أبريل، ويجري في جو كرنڤالي تمتزج فيه الفرجة والنزهات على ضفاف وادي فاس. فعلى امتداد البصر، خارج الأسوار، ينصب الطلبة مخيمهم لمدة أسبوع في الهواء الطلق للاستمتاع بمباهج الربيع وخضرة المروج…

ومن أول وهلة يبدو أن الأمر لا يتعلق بفرجة شعبية تلقائية من النوع المألوف في أوساط الحرفيين وإنما باحتفال منظم يشترك فيه المثقفون ورجال المخزن، وبالفعل فإن تدخل المخزن يعتبر أحد أهم العناصر في هذا الاحتفال، وحضور السلطان شخصيا لهذا الحفل التنكري لا يمكن تفسيره سوى بتقليد عريق في القدم أو بالتزام سياسي تجاه الطلبة ينبغي إلقاء الضوء عليه.”.

وهكذا نستنتج أن المسرح المدرسي قديم في تكونه وتطوره، بل قد يكون أقدم من القرن السابع عشر الميلادي إذا راجعنا بكل نزاهة وموضوعية علمية صفحات تاريخ المسرح الأمازيغي في القديم إبان المرحلة اللاتينية. وقد توصلنا أيضا عبر هذه البدايات التاريخية الجنينية إلى أن المسرح المدرسي هو المنطلق الأساس الذي اعتمد عليه مسرح الطفل وأدب الطفل على حد سواء.

  • الانطلاقة الفعلية للمسرح المدرسي المغربي:
لم ينطلق المسرح المدرسي فعليا ورسميا في المغرب إلا في سنة 1987م، وذلك عندما قرر الإصلاح التربوي إدخال مادة المسرح في المنهاج الدراسي وتدريسها ضمن وحدة التربية والتفتح التكنولوجي في السنوات الثلاث الأولى من السلك الأول للتعليم الابتدائي ضمن الموسم الدراسي1987-1988م. وأقيم في هذا الموسم بالذات تدريب وطني في المسرح المدرسي تحت إشراف وزارة التربية الوطنية وتحت مسؤولية جمعية التعاون المدرسي وبتنسيق مع جمعية نادي كوميديا الفن بمراكش. وقد استفاد من هذا التكوين التربوي في مجال المسرح المدرسي عضو واحد عن كل نيابة من نيابات وزارة التربية الوطنية بالمغرب.

وفي سنة1991م، ستتأسس اللجنة الوطنية للمسرح المدرسي باعتبارها إطارا وطنيا سيهتم بتطوير المسرح المدرسي وتفعيله وترجمته نظريا واقعيا داخل فضاء المؤسسة التربوية المغربية.

وفي سنة 1993 م ، سينظم المهرجان الوطني الأول للمسرح المدرسي في نيابة سيدي عثمان بالدار البيضاء بمشاركة ثمان تعاونيات مدرسية تمثل كل واحدة منها جهة من الجهات السبع بالإضافة إلى تعاونية فرع النيابة المحتضنة. ولابد من الإشارة أن انعقاد هذا المهرجان سبقته تصفيات محلية وإقليمية وجهوية لمختلف نيابات وجهات المملكة، ومازالت المهرجانات الوطنية المتعلقة بالمسرح المدرسي متوالية إلى يومنا هذا.

وفي سنة 2007م، نظمت وزارة التربية الوطنية المهرجان الوطني الثامن للمسرح المدرسي للتعاونيات المدرسية ما بين 16 و23 ماي بمدينة الجديدة تحت شعار” المسرح المدرسي دعامة أساسية
للارتقاء بالجودة “، بينما نظمت المهرجانات السابقة في كل من الدار البيضاء وفاس ومراكش والعيون وأكادير وآسفي وطنجة، وتلتها ندوات وورشات للتكوين والنقد والتنظير والتوجيه ، والتي خرجت بمجموعة من الاقتراحات والتوصيات قدمت للقطاع الوزاري المعني بالمسرح المدرسي وجمعيات التعاون المدرسي.

  • أهداف المسرح المدرسي وغاياته:
من المعلوم أن للمسرح المدرسي أهدافا وغايات كبرى شأن أية مادة دراسية تلقن في الصف الدراسي أو تعرض في المؤسسة التربوية في ساحة المدرسة أو في قاعة كبرى تتوفر عليها المؤسسة التعليمية.

ومن الغايات الكبرى التي يرمي إليها المسرح المدرسي هو تكوين المواطن الصالح الذي يخدم مدينته ووطنه وأمته. وتتفرع عن هذه الغاية الكبرى أهداف نوعية أخرى يستوجبها المسرح المدرسي، وهي على النحو التالي:

  • الأهــــداف المعرفيـــة:
يسعى المسرح المدرسي إلى تعليم التلميذ مبادئ اللغة وتزويده بمفاتيح القراءة وتعويده على التعبير ومواجهة الجمهور من تلامذة وإداريين ومدرسين وأولياء الأمور من أمهات وآباء. كما يطلع هذا المسرح التلميذ على عالم الدراما وتقنيات السينوغرافيا وطرائق التمثيل ومقوماته الفنية والجمالية. وينتج عن هذا أن التلميذ يكتسب معلومات كثيرة عن تاريخ المسرح وعمليات التدريب وكيفية التشخيص من خلال شروحات المدرس وتوضيحاته القيمة حول فوائد التمثيل و كيفية تمويه المتفرج بصحة التقمص وإقناعه بتمثل الشخصية. زد على ذلك أن التلميذ يتزود بمعارف كثيرة حول مواضيع المسرحيات والقضايا التي تطرحها، ولاسيما إذا كانت مسرحيات تاريخية ودينية واجتماعية، فيكون المتعلم على معرفة وافية بكل المضامين والمرامي والغايات التي ترمي إليها هذه الأعمال الدرامية. وبالتالي، يستطيع أن يميز بين المسرح التراجيدي والمسرح الكوميدي والمسرح التراجيدي كوميدي والمسرح الغنائي ومسرح مان وان شوMan one show .

هذا، ويمكن للتلميذ أن يسبر أغوار الإخراج المسرحي و يتعرف تقنيات الكتابة الإبداعية الدرامية، فيكتب بعد ذلك مسرحيات متنوعة حسب مستواه الثقافي بعد إلمامه بفن الإخراج ومستوياته الفنية وأدواته الجمالية التي تتمثل في السينوغرافيا وتشغيل الإضاءة واستخدام الماكياج والتفنن في الأزياء وتقطيع المسرحية إلى مشاهد ركحية واختيار الشخصيات المناسبة لكل دور مسرحي. ومن هنا، نسجل بأن المسرح حياة كبرى ومدرسة ثانية تضاهي المدرسة التعليمية الأولى.

  • الأهــــداف الوجـــدانية:
يهدف المسرح المدرسي إلى تهذيب أخلاق المتمدرس وتغيير ميولاته واتجاهاته الوجدانية وتصحيح سلوكه وتقويمه تقويما إيجابيا. لأن المسرح المدرسي فضاء لاكتساب الذوق الفني والجمالي والاسترواح عن النفس والابتعاد عن الخجل والقلق والخوف والتحرر من العقد والمكبوتات النفسية العدائية كالحقد والحسد والكراهية والعدوان وإضمار الشر للآخرين.

ويعود المسرح المدرسي المتعلم على الاندماج الاجتماعي وتمثل التربية الإسلامية الصحيحة، والتحلي بالتضامن والتآزر داخل مجتمع مصغر يعكس جدليا المجتمع المكبر.

ولمحاربة الانطواء والانكماش داخل الصف الدراسي ،لابد للمدرس أن يخرج التلميذ من عزلته النفسية عن طريق اللعب والتمثيل وممارسة المسرح المدرسي لتفادي كل الظواهر الأخلاقية والنفسية السلبية التي يمكن أن تؤثر على المتعلم بطريقة سلبية وعدوانية، قد تمتد آثارها إلى باقي تلاميذ الصف الدراسي.

وعلى أي حال، فللمسرح داخل الصف الدراسي أو داخل المؤسسة الدراسية وظائف إيجابية كبرى تتجلى بوضوح في تكوين شخصية التلميذ وتنميتها إيجابيا لكي تصبح في المستقبل شخصية سليمة وسوية متذوقة وراقية في مستواها السلوكي والذهني. ولابد أن يكون لهذا المسرح وظيفة التطهير عن طريق إثارة الخوف والشفقة للتأثير في الجمهور الصغير والكبير على حد سواء.


ج- الأهــــداف الحسيـــة الحركيــــة:


يعمد المسرح المدرسي إلى تدريب الممثل على رشاقة الجسم وسرعة الانتقال على الخشبة والقدرة على التواصل اللغوي والبصري، بله عن التمكن من تقنيات التمثيل الحركي واللعب على الركح بطريقة مرنة توحي بالشاعرية والرمزية عن طريق استخدام الميم والبانتوميم والحركات الهادفة والتموضع الجيد فوق الخشبة ولاسيما في المثلث الدرامي، أو التموضع فنيا وتواصليا في زاوية الملعب أو زاوية الحديقة ، والقدرة على تكسير الجدار الرابع والتحكم في تعابير الوجه واستخدام اليدين بطريقة معبرة ووظيفية.

ويمكن الاستعانة بطريقة ستاسلافسكي أو مايرخولد أو گروتوفسكي في تدريب الممثلين المتعلمين لتعويدهم على الارتجال وتشخيص الأدوار حركيا عن طريق المعايشة وتذكر التجارب الماضية أو تمثل تجاربهم الخارجية من أجل أداء أدوارهم في أحسن مايرام ضمن الإمكانيات التي تتوفر عليها المؤسسة على مستوى التجهيز والتأثيث. لذا، يستحسن تعويد الممثل الصغير على استخدام طاقته الصوتية والعضلية لتقديم فرجة درامية متكاملة من جميع الجوانب.


د- أهداف تربوية ولغوية ونفسية واجتماعية:


يحقق المسرح المدرسي عدة أهداف كبرى وهي مهمة في مجال الديداكتيك والبيداغوجيا، ونذكر هنا الأهداف التربوية والأهداف اللغوية والأهداف النفسية والأهداف الاجتماعية. ويعني هذا أن المسرح المدرسي الذي يعتمد على التلقائية واللاشكلية والذاتية واللعبية والتمثيل العفوي الفطري والارتجال والتخييل والانطلاق من نصوص مسرحية مقننة وغير مقننة يعمل على تحصيل أهداف تربوية وتعليمية متعددة ومتنوعة ، ويصبح المسرح - بالتالي - قناة بيداغوجية وأداة ديداكتيكية في التعامل مع التلميذ والتواصل معه. كما أن لهذا المسرح وظيفة أخلاقية تستند إلى تهذيب المتعلم وتغيير اتجاهاته السلوكية السلبية كما في مادة التربية الإسلامية التي يستلزم تدريسها مسرحة دروس المقرر أو المنهاج بطريقة حركية حية في شكل مشاهد حوارية أو قصصية. وهذه الطريقة القائمة على تلقين الدروس في شكل أدوار مسرحية ومشاهد درامية بلا ريب ناجحة بكل المقاييس التربوية إذا أردنا فعلا أن نزود التلميذ بمجموعة من القيم والخلال الفاضلة كالصدق والإحسان والتعاون والأمانة والأمر بالمعروف ، ونجنبه في المقابل بعض الصفات الذميمة التي يستهجنها الإسلام كالخيانة والكذب والنميمة والغيبة والسرقة….

أما البعد اللغوي للنشاط المسرحي والتدريب الدرامي، فيتمثل في تعويد التلميذ على القراءة الفصيحة البليغة مع تصحيح أخطائه والاعتماد على التعلم الذاتي وتشخيص المشاهد لغويا واكتساب فصاحة النطق وحسن الإصغاء والتعبير عن الانفعالات والمشاعر عن طريق التحكم في اللغة وفق مقاييس الصرف والنحو والتركيب التداولي الصحيح. لذالك، نعتبر القراءة الإيطالية خطوة منهجية ضرورية في تكوين المتمدرس وتدريبه على حفظ الدور واستيعابه جيدا.

ويهدف البعد الاجتماعي إلى خلق مواطن اجتماعي غيور على وطنه وأمته يشتغل في فريق منسجم ومتآلف بعيدا عن الضغائن والكراهية والحسد والميول السلبية. أي إن المسرح المدرسي فضاء اجتماعي وتربوي خلاق يسعى إلى تهذيب المتلقي اجتماعيا وأخلاقيا وتربويا، ويعمد إلى تنشئته وإصلاحه ليكون مواطنا اجتماعيا صالحا. أضف إلى ذلك أن للمسرح وظيفة نفسية علاجية في تحرير المتعلم من أمراضه النفسية ووساوسه الشريرة عبر المثيل واللعب والتخييل وتشخيص الأدوار المسرحية.

وقد أشاد علماء النفس بأهمية المسرح في العلاج النفسي مع أبحاث مورينو Morino منذ عام1946م ، حيث ساهم في تأسيس ما يسمى بالدراما النفسيةPsychodrame ، وقد أخذ بهذه التقنية العلاجية كل من سيغموند فرويد، ويونغ ، وأدلر، وكارل
روجرزK.Rogerz.

  • خصائص المسرح المدرسي:
من المعروف أن الكتابة الطفلية صعبة، وهذا ينطبق كذلك على المسرح المدرسي الذي تختلف فئاته العمرية من مستوى دراسي إلى آخر. وبالتالي، تتعدد مستويات التلقي بتعدد المراحل الطفولية، فهناك مرحلة الخيال من 6 سنوات إلى 12 سنة ، ومرحلة المغامرة والبطولة من 13 سنة إلى 15 سنة، ومرحلة الاتجاهات والميول من 16 سنة إلى 18سنة. لذا، على دارس المسرح أو المربي أن يراعي هذه الاختلافات العمرية في مسار الطفولة وصيرورتها النفسية والاجتماعية ، ويستكنه قدراتها الذهنية وانفعالاتها الوجدانية وعطاءاتها الحسية الحركية.

ومن أهم مميزات وخصائص المسرح المدرسي اختيار نص مسرحي ملائم للفترة العمرية التي يمر منها المتعلم. إذ يستحسن في المراحل الأولى من سنوات التعليم الابتدائي تدريب المتعلمين على الحركة والتصويت والنطق وكيفية الإنشاد وترديد الأغاني الهادفة، ويتم كل ذلك عن طريق اللعب والتمثيل العفوي التلقائي عن سجية وفطرة. و يمكن أن يكون تأليف النص المسرحي فرديا من قبل المدرس أو التلميذ أو جماعيا يشارك فيه المدرس مع التلاميذ أو يكون نصا ارتجاليا أو نصا مأخوذا من المقرر أو المنهاج الدراسي. وبعد ذلك، يوزع المدرس الأدوار على التلاميذ عن طريق اللجوء إلى القراءة الإيطالية الأولى والثانية من أجل تحسين نطق المتدربين وتصحيح ما ارتكبوه من أخطاء نحوية ، وشرح ماغمض من الكلمات الصعبة، وتفسير مضامين المسرحية وسياقاتها النصية والخارجية. و بعد ذلك، ينتقي المربي الشخصيات المناسبة، ويختار الأزياء والملابس المناسبة التي تتلاءم مع الأدوار، واصطفاء الماكياج المساعد مع الاستعانة بالأقنعة والعمل على توظيف تراث المسرح العربي.

ولابد من اختيار النصوص المسرحية ذات الأبعاد التربوية والأخلاقية والمسرحيات الهادفة سواء أكانت تاريخية أم اجتماعية أم تربوية، أي علينا أن نختار نصا مسرحيا يخاطب عقل التلميذ ويهذب وجدانه ويحرر جسده من رواسب السكون والجمود. وتختلف عمليات الاختيار باختلاف المراحل العمرية للطفل أو التلميذ. ولكن القاسم المشترك بين الاختيارات العمرية هو أن يساعد النص المسرحي المنتقى التلميذ الممثل على التخييل والتواصل الحركي وإيصال الحوار إلى الآخرين بطريقة سليمة.

وإذا انتقلنا إلى عملية الإخراج، فمن الأفضل أن تكون اللوحات سريعة الإيقاع وسهلة ومرنة ذات حوارات بسيطة وواضحة. وينبغي أن تكون المشاهد قليلة، وألا تتعدى المسرحية فصلين حيث يعرض المشكل في الفصل الأول، ويحدد الحل مع النهاية في الفصل الثاني. ويمكن الاستغناء عن كثير من الآليات السمعية والبصرية الغالية الثمن، ونعوض ذلك بإمكانيات الممثل الصوتية والتنغيمية والجسدية على غرار المسرح الفقير لگروتوفسكي.

ويستحب أن يكسر المخرج الجدار الرابع، وأن يثير الجمهور بغرابة المشاهد واستعمال الفانطاستيك وأقنعة الحيوان وتشغيل الرمزية وتشويقهم عبر خطاب السخرية والنقد البناء من أجل كسب رضاهم الذي غالبا ما يتمظهر بكل جلاء في تصفيقاتهم وضحكاتهم المتتابعة وتشجيعاتهم وزغاريدهم وصفيرهم المتقطع داخل قاعة الأنشطة أو ساحة المدرسة.

  • ميادين المسرح المدرسي:
تتنوع فضاءات المسرح المدرسي بتنوع ميادينه التي تتحول إلى أمكنة للتلقين والتنشيط والتدريب واستعراض التلاميذ لإبداعاتهم ومنجزاتهم الفنية من أجل إظهار مواهبهم وقدراتهم الكفائية لكل الفاعلين التربويين والإداريين والاجتماعيين الذين يحضرون إلى المؤسسة الدراسية لزيارتها أو لتتبع أعمال المدرسة ومراقبة التلاميذ ولاسيما الآباء والأمهات و جمعيات أولياء الأمور.

ويمكن حصر فضاءات المسرح المدرسي في البنيات التالية: القسم والساحة وقاعة الأنشطة والجريدة المدرسية ( سبورة الإنتاجات). وهذه الميادين التربوية هي التي تحقق نجاح الحياة المدرسية وتفعلها ميدانيا عبر عمليات التنشيط والتعليم.

وعليه، يلتجئ المدرس داخل القسم إلى بعض التداريب الصوتية والحركية ، ويقطع مسرحيات المقرر إلى مشاهد وأدوار مبسطة،ويوزعها على التلاميذ المتمكنين ذوي المواهب المتميزة، ويحول قاعة القسم إلى ركح درامي وذلك بجمع المقاعد ووضعها في زاوية معينة أو استخدامها في عملية التدريب والتمثيل.

ومن المعروف أن تدريس مادة المؤلفات المسرحية بالثانوي بالمغرب يستلزم من الأستاذ أن يحول الدرس إلى عرض مسرحي بتوظيف القسم وتوزيعه إلى فضاءين: فضاء خاص بالخشبة الدرامية وفضاء خاص بالجمهور المتفرج.

ويمكن الاستعانة بالساحة المدرسية وبالضبط في الأعياد الوطنية والدينية، وأثناء توزيع الجوائز في نهاية السنة الدراسية ، تحول الساحة أو ملعب المدرسة إلى قاعة للاستعراض الدرامي أو إلى فضاء مسرحي قصد التدريب أو التمثيل. ومن الأفضل أن تبنى خشبة دائمة في ساحة المدرسة من الأحجار والإسمنت أو تستغل المقاعد الخشبية المهترئة في إعداد الركح، ويستحسن أن تكون مساحة المنصة” متوسطة ما بين20 و24 مترا مربعا، ولا يتجاوز ارتفاعها 60 سنتمترا. ويمكن استغلال هذه المنصة في العروض الفنية خلال الحفلات وسائر الأنشطة .”

وتتوفر بعض المؤسسات على قاعة للأنشطة التربوية والفنية التي تسمح للمدرسين والتلاميذ بحسن استغلالها في تقديم المسرحيات المدرسية وتدريب النشء التربوي على اللعب الإيهامي والتمثيل وإعداد المسرحيات وتشخيصها فوق الخشبة.

وتتحول جدارية الإبداعات أو الجريدة المدرسية إلى فضاء للإنتاج المسرحي، حيث يعلق التلاميذ الموهوبون مسرحياتهم التي كتبوها داخل الصف الدراسي أو في منازلهم فيعرضونها مكتوبة أو مرقونة أو مطبوعة على السبورة أو تثبت على صفحة جدارية الجريدة ليطلع عليها التلاميذ والمدرسون ورجال الإدارة والشركاء الأجانب.

ومن ثم، فالقسم والساحة وقاعة الأنشطة والجريدة المدرسية هي فضاءات ممكنة لإثراء الفعل المسرحي وتقديم أنواع من الفرجة سواء أكانت سمعية أم بصرية .

  • ببليوغرافيا المسرح المدرسي:
من أول وهلة، يبدو أن كتب المسرح المدرسي قليلة في المغرب على حد اعتقادنا بالمقارنة مع المقالات التي تناولتنه في الصحف والمجلات والدوريات الورقية والمواقع الرقمية المغربية.









آخر مواضيعي

0 أستاذ مادة المسرح بمجال القنيطرة
0 اختتام فعاليات المهرجان المسرحي الأول للتعليم الخصوصي
0 المسرح المدرسي بالمغرب (عن مقال للدكتور جميل حمداوي)
0 التهيئ للمهرجان المسرحي الأول للتعليم الخاص

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للدكتور, لقاء, المدرسي, المسرح, بالمغرب, دليل, حمداوي

« جديد التعويضات الادارية | حول صرف التعويض عن أعباء الإدارة التربوية »
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أجل تخطيــــط تربوي جيد الدكتور جميل حمداوي ابن خلدون دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 1 03-07-2009 15:06
من أحل تخطيط تربوي جيد للدكتور حميل حمداوي التربوية الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية 3 25-06-2009 21:06
منهجية دراسة حالة في المجال التربوي للدكتور جميل حمداوي ابوحسام الهمام مكتب الحراسة العامة للخارجية 3 13-11-2008 15:51
المسرح المدرسي بالمغرب الوردي01 مكتب المدير 1 16-03-2008 17:37
التحــــرش الجنسي للدكتور جميل حمداوي التربوية دفاتر الترقية والأجور والتعويضات 0 22-02-2008 14:08


الساعة الآن 01:49


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة