مآل مخطط
2-2-2012
الصباح التربوي
قبل أيام، نصحني صديق قديم، في دردشة هاتفية عابرة، بقراءة ثانية ومتأنية للتصريح الحكومي، في الشق المتعلق ببرنامج التربية والتكوين. والغرض من هذه النصيحة "الملغومة"، كما فهمتُ في ما بعد، تنبيهي إلى خلو الصفحات الخمس المعنونة "بإعادة الثقة إلى المدرسة العمومية"، من أي إشارة إلى المخطط الاستعجالي الذي شغل الناس والدنيا لأكثر من أربع سنوات، ومن المفروض أن يجري الإعداد لإجراء تقويم عام له في سنته الأخيرة.
المخطط الاستعجالي، الذي صرفت عليه الدولة دم عروقها، جاء مباشرة بعد التقرير الصادم الصادر عن المجلس الأعلى للتعليم في يونيو 2008 عن حال منظومة التربية والتكوين، الذي أكد، على نحو واضح، أن العشرية الأولى للإصلاح تشرف على نهايتها. و"رغم التعبئة الكبيرة وكل المجهودات المبذولة في عدد من المجالات مازالت الانتظارات كبيرة والتحديات عميقة والطريق طويلا"، لذلك أتى البرنامج استعجاليا وطموحا ومحددا، كما قيل للجميع آنذاك.
الآن، حين تضرب الحكومة ووزارة التربية الوطنية "الطم" عن مخطط بكامله، ولم تذكره بسوء أو بخير في تصريحها الحكومي الذي نال ثقة مجلسي النواب، علينا أن نتوجس، ونتريث قليلا حتى نعرف الأرض التي نسير عليها، ونطرح السؤال: هل نهتدي فعلا بهذا المخطط، الذي استوحى التصريح بعض فقراته الأساسية؟ أم هناك زاوية أخرى لمقاربة الإشكالات المتراكمة والقضايا الكبرى التي تنتظر حكومة بنكيران في قطاع حيوي ظل يشكل، على الدوام، مصدر إزعاج للوزراء المتعاقبين؟
قبل تعيين الحكومة بأيام قليلة، لم تدع لطيفة العابدة، كاتبة الدولة السابقة المكلفة بالتعليم المدرسي، مناسبة دون تذكير الجميع ببرنامجها الاستعجالي الذي ساهم، حسبها، بشكل كبير في رفع نسب النجاح بمختلف الأسلاك التعليمية خلال الموسم الدراسي 2011-2010.
وتزيد المسؤولة الحكومية السابقة أن النتائج المحصل عليها خلال هذا الموسم تؤشر على أن البرنامج الاستعجالي أعطى "نفسا جديدا لمنظومة التربية والتكوين، ومكن من رفع قدرات الموارد البشرية وتأهيل البنيات التحتية ومعالجة القضايا الأفقية للمنظومة التربوية".
إذا كان الأمر بكل هذه النتائج "المبهرة"، فما سر هذا "الغبن" الذي تعاملت به الحكومة مع مخطط استعجالي لا أحد اليوم يعرف مصيره؟ ألم يكن الموضوع يتطلب بعض الجهد من طرف الحكومة الجديدة ولو من باب طلب تقييم حقيقي لهذا البرنامج وعرض نتائجه وإنجازاته وأرقامه على الرأي العام الوطني، خاصة في ما يتعلق بالتحقيق الفعلي لإلزامية التمدرس إلى غاية 15 سنة ومحاربة الهدر المدرسي والتكرار وتوفير وسائل النجاح، وحفز روح المبادرة والتفوق في المؤسسات الثانوية وفي الجامعة؟
أسئلة نطرحها في البداية إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود.