لقد تعاملت منظومتنا التربوية مع ظاهرة اكتظاظ الفصول الدراسية لمدة معينة بالانكار والتجاهل،عندما كانت تمثل حالات غير ذات دلالة إحصائية.وخلال السنوات الاخيرة، تحت التأثير المزدوج لقلة البنايات المدرسية والموارد البشرية، التجأ مهندسو الخريطة المدرسية بالوزارة الى حشد المتعلمين حشدا للتمكن من احتضانهم في ما يتوفر من بنيات للاسنقبال.وهكذاقفزت اعداد الفصول المكتظة الى مستوى جعل منها واحدا من ابرز مظاهر الاختلالات ا لصادمة في المنظومة، وذلك في قلب الفترة المفتوحة للاصلاح التربوي.واضطرت الوزارة الى الاعتراف الرسمي بالاكتظاظ ، واتجهت الى مقاربته تدريجيا بتشخيصه ، وتعريفه،واتخاذ اولى التدابيرالتنظيمية لتصريفه والتخفيف من وطأته.
الا ان المجهود المبذول في هذا المجال، يتوقف عند ابواب الحجرات المكتظة بعد ادخال المتعلمين اليها .وهذا ما يعطي المشروعية لتساؤلات تلامس جوهر العملية التعلمية في هاته الاقسام.فهل من بيداغوجيا ملائمة للاقسام المكتظة ؟؟؟...فكما أن نظامنا التربوي تمكن في عقود سابقة من إبتداع اساليب ناجعة لتدبير ما يسمى بالاقسام المشتركة في الابتدائي،لن يكون عاجزا اليوم ،على الانكباب على هذه المعضلة، بتشخيص واقع التحصيل الدراسي في هاته الاقسام، والتساؤل عن البدائل البيداغوجية المفتوحة امام الاساتذة،لتوفير حظوظ التحصيل اللائقة لمتمدرسين اوجدتهم الظروف بهذا النوع من الاقسام.فكيف يمكن لمدرس اليوم ان يدبر افواجا تتجاوز44 فردا؟من العبث مطالبته باعتماد بيداغوجيا الكفايات ولا باقي الطرق الحديثة التنشيطية، القائمة على مركزية المتعلم والتعامل الفردي معه.
اذا كانت الفصول المكتظة "قدرا " فرضه علينا ضيق ذات اليد، والاكراهات التي ارغمتنا على اختيارالحلول التي نعتبرهاالاقل ضررا، فان تمكين التلاميذ من التحصيل الضروري ،وضمان المردودية الدنيا لما هو متوفرماديا وبشريا،تضعنا امام تحديات كبيرة،تتطلب قرارات عاجلة وحاسمة، حتى لا تتسرب الالاف من رواد الاقسام المكتظة، لتعود الى يراثن الامية والجهل.