تحليل عميق و مستنير
و رؤية ثاقبة حول الحملة الممنهجة و المنظمة التي تستهدف الاستاذ
كيف يريدون للأستاذ الذي يهينونه أن يعلّم العزة للتلاميذ
كيف يريدون للأستاذ الذي يذلّونه و يحطّون من كرامته أن يعلّم الأنفة و الكرامة و الشخصية المتّزنة للتلاميذ
كيف يريدون للأستاذ الذي يعتبرونه رقما استدلاليا أن يعامل التلاميذ كأبنائه و إخوانه
كيف يريدون للأستاذ الذي ينعتونه بأشنع الصفات بحملة إعلامية ممنهجة أن يكون قدوة و مثالاً للتلاميذ
كيف يريدون للأستاذ الذي يعتبرونه بيدقاً يطبّق الأوامر في المذكرات و المراسلات و تفاصيل المقرّرات أن يعلّم التلاميذ روح المبادرة
و تطوير الشخصية
لكنّنا سنقوم بواجبنا و سنعلّم تلامذتنا حسب جهدنا المتواضع و الفردي
و سندافع عن المدرسة العمومية رغم محاولاتهم الجاهدة لهدمها
و لن نسكت عن حقوقنا
لم تتوقّف سياسة تحقير و إذلال أسرة التعليم في مجال الترقية فحسب
بل تجلّت في الحملة الإعلامية المنظمة و التي أخذت أبعاد متعدّدة
في التشهير بحالات التحرش و التي يثبت فيما بعد أن أغلبها بعيد عن الحقيقة دون ردّ الاعتبار لأصحابها
في التشهير بكلّ قيمة مالية يتمّ ضخّها لأصحاب الحقوق في مجال الترقية
رغم أن ذلك يخص جميع الموظفين في جميع القطاعات
في التشهير بالشواهد الطبية دون دراسة دقيقة لنسبتهم بين الموظفين و لا تدقيق و افتحاص لعدد الشهادات المزورة و نسبتها
و لا دراسة لمدى التدهور الصحي الذي يعتري كل والج لقطاع التربية و التعليم و الذي يتطور عبر سنوات العمل
في التغاضي عن حالات التعنيف و الاعتداءات المتزايدة و المستفحلة على أسرة التعليم من طرف التلاميذ
و التي وصلت إلى حد استعمال الأسلحة البيضاء و خاصة في الثانوي التأهيلي
في التغاضي عن غياب المتابعة و التأطير الحقيقيين و التكوين المستمر الهادف و الفعال إلا من المجهودات الفردية لكلّ أستاذ
في التغاضي عن دمج المواد و الاختصاصات و المستويات حتى في الثانوي التأهيلي و ذلك تحت مسمّى سدّ الخصاص
و هو مجال الترقيع الذي أصبح ديدن أصحاب القرار في هذا القطاع
إن كل هذا هو غيض من فيض
و لعلّه يفتح أمام كلّ من قرأه من أسرة التعليم مجالات أخرى - و هي كثيرة - تبرز فيها سياسة التحقير
أليس ما يقوم به الاعلام هي معاول هدم لمنظومة القيم. و هدم منظومة القيم يؤثر بشكل مباشر على منظومة التعليم و على نظرة الناشئة للدراسة و الاجتهاد و لنظرتها للأستاذ كمهنة و كمكانة اجتماعية
ألا تلاحظون أن تفشي و شيوع و تداول الاعتداءات الجسدية على أسرة التعليم في الفترة الأخيرة هو نتيجة حتمية لهذه الحملة الممنهجة
إن الاختلالات و الأخطاء موجودة في كل قطاع و مرتبطة بالوجود الانساني، و ما وجدت القوانين الزجرية و العقوبات التاديبية إلا لوجود هذه الاختلالات، فلو كانت النية سليمة لاتخذت الاجراءات الضرورية دون تشهير و لا تشويه يعلق بأسرة التعليم كلها
إن ظلم أستاذ ( ة ) واحد في تعميم ما يكال لأسرة التعليم و يقال في حقها هو ظلم كبير و كبير و هو ظلم للأسرة كلها
فما بالك بآلاف من الشرفاء النزهاء الغيورين المجدين العاملين في صمت و صبر و تفان في قطاع التعليم لا يأبه لهم أحد و يلحقهم كل هذا الضرر و الأذى
فالنية السليمة في إصلاح القطاع تقتضي إعمال العدالة في معناها الشمولي الواسع الذي يبدأ بإعطاء الحقوق قبل المطالبة بالواجبات و الذي يبدأ بحفظ الكرامة و الحقوق المدنية حتى للمذنبين البيّن ذنبهم
إن أسهل ما وجدوا لتبرير فشل التعليم هو تحميل هذا الفشل كله للاستاذ فهذا لا يكلفهم شيئا و يشغل الناس في القيل و القال و يتم رمي هذا الفشل عن عواتقهم و توجيه جميع السهام لصدر الاستاذ
و يبقى الحال على ما هو عليه
انتبهي يا أسرة التعليم