البوقيدي: المغاربة لا يردُّون الديون .. ويبتغون المال بأقل مجهود
عبد السلام الشامخ
الجمعة 17 غشت 2018
قال محمد البوقيدي، الأستاذ الباحث في العلوم الإنسانية، إنَّ تعامُل المغاربة مع المال والثروة يختلفُ من فردِ إلى آخر حسبَ الوضع الاجتماعي والثقافي؛ "فهناك من يتمثل المالَ كغاية مرضية وحاجة تراكمية فريدة من نوعها؛ فيما يتمثله طرف آخر باعتباره وسيلة يُلبي بها حاجياته الأساسية ويحدد بها تموقعه الاجتماعي".
ويعود البوقيدي، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى المرحلة الاستعمارية التي عاشها المغرب ليفسر علاقة الإنسان المغربي بالثروة والادخار، وقال: "المغرب عرف عهداً استعمارياً منذ سنة 1912. انطلاقاً من هذه المرحلة التاريخية جاء المستعمر الفرنسي بفكرة تحديث المجتمع المغربي الذي كان متخلفاً وبدائياً في تصور الفرنسيين؛ وبالتالي قام بفتح الطرق والمطارات والموانئ وبتكوين اليد العاملة القروية التي هاجرت إلى الحواضر الكبرى للمملكة؛ وهذا ما أدى إلى ظهور مهن جديدة داخل المجتمع".
وتابع الأستاذ الباحث في علم الاجتماع: "قيمة أخرى ظهرت إبان الفترة الاستعمارية، وتتعلق بظهور السلعة التي تباع وتشترى في الأسواق، والتي كانت نادرة قبل دخول المستعمر، بسبب بداوة المجتمع المغربي، إذ كان الناس يعتمدون على ما ينتجون من مواد فلاحية وصناعة تقليدية دون البحث عن مواد أخرى للادخار"، مورداً أن "التعليم لعب دوراً حاسماً في الترقي الاجتماعي خلال الستينيات، إذ كان يعتبر وسيلة قطعية للحصول على الوظيفة الاجتماعية، وهو ما أدى إلى تمركز حاجيات جديدة داخل المجتمع".
واستطرد المحلل الاجتماعي في استعراضه للتغيرات التي طرأت على ثقافة الادخار عند المغاربة بأنَّه "خلال السنوات الماضية كانت المواد المعدنية الثمينة، مثل الذهب والفضة، لها قيمة كبيرة لدى المغاربة، لكن مؤخراً لم تعد تحظى بالمكانة التي كانت لها في السابق، بسبب ظهور تمثلات جديدة للرقي الاجتماعي، مثل الرصيد البنكي وحجم العقارات".
وقال البوقيدي إن "المغاربة يستثمرون في العقار لأنه يضمن الربح السريع، وهو مجال غير معرض للخطر؛ لأنه عندما يتمُّ تشييد عمارة مثلاً فمن المؤكد وجود طلب كبير لاقتناء مسكن فيها، وحتى إن لم يأتيها أي زبون فإن رأسمالها يبقى ثابتا"، وزاد: "لو أن المغاربة استثمروا في الصناعة لما كانت هناك بطالة في صفوف الشباب، لكنهم فضلوا الاستثمار في القطاعات المحدودة".
وحول ما إذا كان المغاربة يلتزمون برد الديون إلى أصحابها أورد الأستاذ الجامعي أنهم "لا يلتزمون برد الديون"، مؤكداً في مقابل ذلك أنه لا يملك رقما يفسر تداعيات هذه الظاهرة وانتشارها في المجتمع، وأضاف: "اليوم أصبحت الأبناك تقدم تسهيلات للمغاربة للحصول على المال، وهذا ما يسجل إقبالاً كثيفا على المؤسسات البنكية من أجل اقتناء السكن والسفر والترفيه، وبالتالي تحقيق الذات".
ويختم المتحدث قائلا: "هذه ظواهر جديدة أظهرت أنها خلقت حاجات جديدة فرضها الإشهار ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل المجتمع مقبلا على تغييرات جذرية في المستقبل"، مسجلاً أن "المغاربة يريدون الحصول على المال بأقل مجهود ممكن وبأقل كلفة".