قراءة: شميعة يناقش الإدارة التربوية وحكامة التدبير
الخميس, 24 مايو 2012
الصباح التربوي
يقدم الدكتور مصطفى شميعة، في كتابه الجديد "الإدارة التربوية المغربية وحكامة التدبير"، الصادر عن مطبعة "أنفو برانت" بفاس ضمن منشورات "مقاربات"، اقتراحات عملية لتثبيت حكامة جيدة بالمدرسة المغربية، معرجا على أهم التحديات والعلل والأعطاب التي تمس الجسم الإداري.
يقسم المؤلف كتابه الواقع في 140 صفحة من الحجم المتوسط، الذي رسم لوحة غلافه الفنان جمال بوطيب، إلى 3 فصول يتطرق فيها إلى ماضي وحاضر الإدارة التربوية ومخططات الإصلاح الجديدة، قبل أن يورد بحثا ميدانيا للتحقق من الفاعلية الإنجازية لتلك المخططات.
ينطوي الكتاب على شقين رئيسيين، واحد نظري محدد للمفاهيم وراصد لأشكال تطور صورة المدير في ضوء تطور المساطر، وشق تطبيقي يرتكز على الواقع والميدان لبناء الأحكام وإعطاء تصور حقيقي حول نوع الحكامة المراد تثبيتها في الواقع الإداري المغربي، مع إعطاء بدائل لعثرات الطريق.
وتتأتى موضوعية الكتاب من جوهر عمله المبني على المعاينة الميدانية لواقع التدبير التربوي ببلادنا، ما احتاج من مؤلفه التنقل بين المؤسسات التعليمية بمختلف مواقعها الجغرافية الإقليمية، للوقوف على صور التدبير المختلفة، طمعا في أن تكون نتائجه وخلاصاته علمية وأحكامه دقيقة.
يستهل مصطفى شميعة، ناظر ثانوية بفاس، مؤلفه، بتعريف للإدارة كفن وعلم ولمكوناتها ومهامها، والحكامة كأسلوب ومفهوم وعلاقتها بالديمقراطية والقيادة في التربية والتكوين، قبل تطرقه إلى رجل الإدارة في التصور التشريعي القديم وسياق تطور المساطر التشريعية.
وارتأى مؤلف هذا الكتاب، الكشف عن الخلل الماس برؤية التدبير في المؤسسات التعليمية، من خلال عرض مختلف الوضعيات النظامية التي كانت عليها الإدارة التربوية ابتداء من المراسيم التشريعية القديمة في 1967 و1985 و2002، إلى غاية بروز الحاجة الملحة والضرورية للإصلاح الجذري.
ويقرأ بتأن حيثيات النهوض بالإدارة التربوية ومعالم التغيير في رؤية التدبير على ضوء الميثاق الوطني للتربية والتكوين وتقرير المجلس الأعلى للتعليم والبرنامج الاستعجالي، قبل أن يتطرق إلى أسباب تعثر الحكامة الجيدة في واقعها علاقة بالبنيات التحتية للمؤسسات والموارد البشرية والتكوينات.
ويقدم مقترحات عملية لتواصل جديد في المؤسسة التعليمية، وبينها وشركائها في المنظومة التعليمية، بعد تشخيصه وضعية التواصل بها، ويتطرق إلى جوانب التواصل الإداري العادي والمعلوماتي، ودور مجالس التدبير في تثبيت الحكامة الجديدة، على ضوء تحليل نتائج دراسة ميدانية أجراها.
وبرأي مصطفى شميعة، ف"الإدارة التربوية، بوابة رئيسية لأي فعل إصلاحي يهدف إلى تأصيل الحكامة الرشيدة لإصلاح المنظومة التربوية والتعليمية"، مؤكدا الحاجة إلى تشخيص الوضع الحقيقي للإدارة المتسم بوجود "اختلالات ميدانية عديدة، تتمثل في ضعف الإمكانيات واهتراء البنية التحتية".
وأكد المؤلف، الحاصل السنة الماضية على الدكتوراه في نظرية التلقي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، استمرار التسيير التقليدي الذي "تقف وراءه عقليات محافظة ما زالت بعيدة عن الواقع التحديثي والعصري الذي تسعى الدولة جاهدة إلى تعميمه على كل الهياكل القطاعية ببلادنا".
ويرى أن "تأصيل التحديث وترسيخه في الهياكل التنظيمية يحتاج إلى بناء رؤية جديدة تعمل انطلاقا من وعي حقيقي بمشكلات العمل الإداري التربوي"، متسائلا هل يتمثل رجال الإدارة بشكل جيد وعميق عملهم داخل الإدارة، والنسق القيمي الذي يضفي على عملهم المعنى المطلوب.
ويؤكد عبد الكريم غريب في تقديمه للمؤلف، أن الأخير، يعتبر "مرجعا محاينا للتحولات التي رافقت طوفان ما بعد الحداثة أو العولمة"، مشيرا إلى أن قيمته وأهميته تتمثل في "اعتماده المقاربة الجديدة للتدبير التربوي وفق قيم الحكامة التي تشكل مرجعية حداثية لتدبير المدرسة المقاولة".
وأوضح أن المدرسة "كانت من أهم وأبرز العناصر التي تعرضت لتأثيرات العولمة، اعتبارا لتمثيلها قطب الرحى داخل المجتمع، في ما يتعلق بوظيفة تأهيل المتعلمين والمتعلمات بها، حتى يتشكل منتوجها وفق الرهانات الحداثية التي تتطلبها البنية الجديدة لهذا العصر".
ويعتبر هذا الكتاب، ثالث مؤلف يصدر لشميعة خلال هذه السنة، بعد كتاب "خطاب التواصل عند الجاحظ"، الصادر عن دار عالم الكتب الحديث في إربد بالأردن، وكتاب "القراءة التأويلية للنص الشعري القديم بين أفق التعارض وأفق الاندماج"، الصادرة طبعته الأولى عن الدار نفسها.
حميد الأبيض (فاس)