لربما سيثير هذا العنوان حفيظة البعض بينما آخرون سيرون فيه عنوانا يعبر عن واقع نقابي معاش.
و باختصار فالنقابي الملتبس هو ذلك الشخص الذي يلعب على الحبلين أو على الحبال داخل النقابة التي ينضوي تحت لوائها ، فهو يكون مع نفابته و في نفس الوقت هو خارج عنها إن لم يكن ضدها ، و قد يتصدر الصفوف الأمامية في الوقفات و الاحتجاجات بينما هو في الواقع يخوضها صوريا لأنها في العمق هي ضد قناعاته .
لا شك أن ثمة سؤالا يطرح بخصوص هذا الشخص وهو:
إذا كان يقوم بفعل نقابي هو أساسا ضده فلماذا هو اصلا يقوم به؟
الجواب عن هذا السؤال بسيط جدا و يمكن صياغته كالتالي:
- هذا النقابي -كذا - هو إنسان أولا و قبل كل شيء،و ما دام كذلك فهو تتنازعه عواطف قد تكون متضاربة ، و بالتالي فمصلحته - أقول مصلحته - تقتضي منه أن يظهر غير الذي يضمر حتى تتحقق مصلحته أو يصل إلى ما يطمح إليه.و لذا قد رأينا (مناضلين) نقابيين كانوا إلى الأمس القريب لا يهادنون حكومة و لا يرضخون لأي إملاءات حتى عدوا من صناديد النقابيين الذين يقام لهم و لا يقعد ،حتى إذا تسنموا ذرى المناصب انكفأوا على أنفسهم و أظهروا ما كانوا يبطنونه في صدرورهم من انتهازية فاضحة.
إن النقابي الملتبس لا يمكن أن تشعر معه بالأمان ، و لذا لا ينبغي وضع الثقة فيه، فهو مثله مثل البرجوازي الصغير في النظرية الماركسية الذي قد يتخلى عنك في بداية الطريق أو في منتصفه إذا جد الجد أو ظهرت مصلحته في الجانب الآخر.إنه متذبذب و لا يؤمن بالمبادئ إلا صوريا ، و قد يخدعك بمظهره النقابي الذي لا يقبل بالضيم و يحزنه أن يرى الحقوق مهضومة.
هذا النقابي المدعي هو أخطر على النقابة و على العمل النقابي من أعداء النقابات سواء كانوا سلطة أو كانوا من الآحاد أو الجماعات. و من الغريب أن مسؤولي النقابة قد لا يتنبهون إلى خطورته إلا بعد فوات الأوان أو قد لا يتنبهون لها أبدا ، نظرا لما يتمتع به صاحبنا من قدرة على التمثيل و التمويه و براعة في المراوغة و تلافي الوقوع في شباك الانفضاح .
للأسف هذا النموج يوجد في نقاباتنا و لربما هو السبب في هبوط النفَس النقابي و خفوته بين الأعضاء و تمييع العمل النقابي بوصفه عملا شريفا يروم الدفاع عن المصلحة العامة للشغيلة ،و لا يسعني إلا أن أختم بالقول أن هذا الشخص لربما يكون مدسوسا من جهة ما و لربما هو السبب أو من الأسباب في التشرذم النقابي الذي نلاحظه الآن.
تحية أخوية للجميع.[/size]