إساءة بعدها إساءة، وعرض رسولنا الكريم الحبيب يدفع ثمن ضعفنا. فلنفكر لحظة: إخوتي أخواتي في الله أليس هذا الرسول صلى الله عليه وسلم والذي به عرفنا طريق الهداية والنور، وما من طيب إلا وأرشدنا إليه وما من خبيث إلا ونهانا عنه...
سيدي أبا القاسم يا رسول الله:
القول فيك معطر الكلمات ** يا صاحب الأخلاق والآيات
أيام مولدك المضيء مضيئة ** في كل ماضٍ في الزمان وآت
تتعاقب الأيام في دورانها ** وترد كل جديدة لممات
وضياك يسطع كل يوم نوره ** ويزيد بالإشراق والنفحات
إن أعظم نعمة يمن الله بها على الإنسان بعد نعمة الخلق، نعمة الهداية ولولاه صلى الله عليه وسلم ولولا تضحياته وصبره واحتسابه وآلامه لما كان هناك هداية ولا إيمان ولا صلاح...
إنه هادينا إلى الحقائق إلى النور إلى الله لنتقرب من الله لنتقي الله ونخشاه، هادينا الى سواء السبيل، هو من علمنا العبادة والمعاملة والسلوك والصدق والألفة والأمانة والمحبة والرحمة.
إخوتي الكرام: إن النبي صلى الله عليه وسلم يملك عاطفة لو وزعت على أهل الأرض جميعًا لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم حبًا وحنانًا، فقد كان صلى الله عليه وسلم منجمًا للمشاعر والأحاسيس يأمن في حضرته الخائف والملهوف ويطمئن في حضنه صاحب الفاقة والضعيف.
فأين أنتم من هذا الحب وهذه المشاعر والأحاسيس؟، أًلًن تعبروا عن غضبكم لما يتعرض له الرسول الكريم .. يجب أن نعبر عن غضبنا، ويجب أن يفهم العالم أننا أمة تغضب لأهانه الأنبياء والرسل والمقدسات. ولكن! أعظم ما يمكن أن نقدمه له صلى الله عليه وسلم وخصوصًا مع اقتراب ذكرى مولده العظيم، النموذج الإسلامي المحمدي النبوي الحضاري الأصيل، النموذج في الإيمان والأخلاق والسلوك، النموذج في الأداء الفردي كأفراد ننتمي إلى محمد صلى الله عليه وسلم والنموذج الجماعي كأمة تنتمي إليه صلى الله عليه وسلم..
وتذكروا إخوتي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطلع اليوم إلى مدائحنا وابتساماتنا وتصفيقنا وسلامنا بقدر ما يتطلع الى اقتدائنا وتأسينا به وطاعتنا له. فما معنى أن نحب الرسول ونعصيه وأن نحبه وندير له ظهورنا في حياتنا وسلوكنا، فالحب الحقيقي لرسول الله هو طاعته.
الأخوة الكرام: أمام هذا الاعتداء الجبان لا بد لنا أن نرد بكل هدوء وبدون انفعال وبلا تلعثم ولكنني أقول كما قالها الكثيرون من قبلي: وهل يضر السحاب نبح الكلاب؟ وماذا يصنع نقيق الضفادع على ساحل بحر زاخر خضم؟ هذا الاعتداء ما هو إلا دليل على ضعفهم ونفاد صبرهم أمام حيوية الإسلام، فالمنطق يقتضي أن تقابل الحجة بالحجة والدليل بالدليل، ولكن بجهلهم وغبائهم ما عرفوا أن أسلوبهم ما هو إلا أسلوب فاشل فكان اعتداؤهم هذا مبعثًا لتساؤل الكثيرين في العالم: من هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي مضى على موته مئات السنين وقد ترك خلفه إلى يومنا هذا مليارًا من البشر ولا يزالون ينادون باسمه ويسارعون لنصرته، وتدمع أعينهم شوقًا إليه، مما يفتح مجالا أمام الكثيرين لأن يحبوه ويتبعوه.
ختامًا: ليس هذا الفعل بمستغرب فالإناء بما فيه ينضح، وهذا الفعل يعبر عن طبيعة الفاعلين. أما نحن، أمة لا تعرف الشتائم ولا السباب أمة هذبها نبيها وأحسن تهذيبها وأدبها فأحسن تأديبها، لذا فنحن نرفض أن نتعامل بأسلوبهم الفاشل الهمجي.
سيدي أبا القاسم يا رسول الله حرت فيما أقول فيك يا خير الورى وهل ترك المادحون لي كلاما، لكنه حب القلوب لك يا رسول الله وإن لم أكن لذلك أهل...
هذه كلماتنا وهذا قولنا وموقفنا ودمعنا وصوتنا يعلو والنداء يقول: لن ينالوا من شمس الهداية ومبعوث السماء، لأن القزم لا يستطيع أن يطاول السماء، ولا أن يمد إلى الشمس يد الشلاء.الذي لولاه لهلكنا ومتنا على الكفر،