الأوقاف المحتلة تربط شباب المغرب بالقدس

[ابن الاسلام]

الأوقاف المحتلة تربط شباب المغرب بالقدس
أحمد حموش

اسلام اون لاين 14-5-2009

حي المغاربة الذي محاه الاحتلال

الرباط- لإبقاء الذاكرة المغربية مرتبطة بالقدس في ظل ما وصفوه بـ"حالة نسيان جماعي ممنهجة" يعد شباب مغربي فيلما وثائقيا من إنتاجهم الخاص يسلط الضوء على أوقاف المغاربة التي احتلتها إسرائيل بالقدس، في وقت تواجه الحكومة المغربية اتهامات بضعف نشاطها في تذكير الأجيال الجديدة بقضية المدينة المقدسة. الفيلم الذي من المرتقب أن يخرج للنور في السابع من يونيو المقبل في الذكرى الـ42 لاحتلال القدس بعد نكسة 1967، سيضم صورا نادرة للقدس والمسجد الأقصى والأوقاف المغربية بالمدينة المقدسة، وشهادات لشخصيات فكرية وسياسية بارزة تسلط الضوء على هذه الأوقاف وكيف تعاملت معها الحكومات المغربية المتعاقبة، بحسب القائمين على الفيلم.
وفي تصريح خاص لـ"إسلام أون لاين.نت" قال عزيز هناوي منسق المبادرة الطلابية ضد التطبيع والعدوان المشاركة في إعداد الفيلم: إنه "يهدف إلى إبقاء الذاكرة المغربية حية ومرتبطة بالمدينة المقدسة، في ظل عملية النسيان الجماعي التي يتم ترسيخها بشكل ممنهج لإنشاء أجيال لا تذكر من فلسطين عموما والقدس بشكل خاص إلا الشيء القليل".
طالع أيضا:

• "سفراء القدس".. إلى قلوب الشباب
• شباب الـ"بارابول" بالجزائر: إسرائيل تذكرنا بالقدس

وأضاف في غضب: "الحقيقة المؤسفة هي أن الكثير من الشباب الحالي يعيش مأساة تسطيح تجاه قضايا أمته وفي مقدمتها القدس.. لقد أنتجت لنا برامج التعليم الباهتة المستنسخة أجيالا لا تكاد تقرأ شيئا؛ مما يتسبب في إضعاف ارتباطها بأمتها".
واستدرك: "لكن اللافت في الأمر هو أنه برغم سياسة التسطيح هذه نفاجأ بالآلاف من الشباب والمراهقين يستجيبون لنداءات التضامن مع فلسطين، ويشاركون في الاحتجاجات ضد الاحتلال الغاصب".
ويعد الفيلم بإمكانيات ذاتية شبابية لا تتجاوز 3 آلاف دولار، وتشرف على إعداده "المبادرة المغربية للدعم والنصرة" التي ينتمي أغلب أعضائها إلى حركة "التوحيد والإصلاح" المغربية.

"إهمال مقصود"

وانتقد هناوي وزارة الثقافة قائلا: إنها "تعطي الأولوية لمهرجانات الرقص والغناء، في الوقت الذي تهمل فيه القدس وأوقاف المغاربة بها إهمالا شديدا".
وتابع: "الوضع سيئ لدرجة أن الباحث لا يكاد يعثر على كتب متخصصة تتحدث عن المدينة المقدسة وأوقافنا بها، ونحن خلال إعدادنا للشريط الوثائقي حول الأوقاف المغربية بالقدس لم نجد سوى مؤلفين أحدهما للمؤرخ المغربي المعروف عبد الهادي التازي".
كما دعا هناوي، في السياق ذاته، وزارة التربية والتعليم إلى تخصيص برامج حول القدس في مناهج التعليم، وطالب الحكومة المغربية برفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية للتنديد بالاحتلال الإسرائيلي للأوقاف المغربية بالقدس منذ احتلالها.
واتفق معه إدريس الرحموني مفتش التعليم الثانوي قائلا: إن "برامج التعليم تخلو من أي حديث عن القدس، بل وعن أوقاف المغاربة في المدينة المقدسة".
وأكد الرحموني أنه "إذا اعتمدنا على برامج التعليم الحالية وحدها فسننتج أجيالا تجهل كل شيء عن مسرى النبي صلى الله عليه وسلم"، مضيفا بلهجة متحسرة: "لست أدري ما هي الأسباب التي تقف وراء هذا الإهمال المقصود للقدس في برامج التعليم؟! على الرغم من أن الحكومة المغربية لا تنفك تتحدث عن الأقصى، وخصصت حسابا بنكيا مفتوحا في مختلف المدن لجمع التبرعات لصالح المشاريع الاقتصادية والاجتماعية هناك".
ودعا الرحموني وزارة التربية والتعليم إلى تخصيص مقررات عن تلك الأوقاف وعن القدس في برامج التعليم المغربية خاصة خلال مرحلة ما قبل الثانوي؛ "لنشر الوعي وسط الأجيال الصاعدة بقضية الأمة الأولى"، معربا عن أمله في أن "يتناول التعليم الجامعي القضية من أبواب أعمق لإيجاد خارطة عمل لمؤسسات المجتمع المدني والدولة لصالح القدس وفلسطين".

أوقاف محتلة

وظلت الأوقاف المغربية في القدس، وهي عبارة عن أراض زراعية وعقارات، إلى سنة 1954 تحت الإشراف الإداري والمالي لدائرة شئون الأوقاف الفلسطينية، إلا أنها بعد ذلك أصبحت مستقلة عنها، وتولى شأنها عدد من "النقباء" المغاربة، تذكر منهم المصادر التاريخية كلا من محمد إبراهيم عبد الحق الفكيكي، وعيسى هاشم السوسي.
وسيطرت إسرائيل على حي المغاربة وباقي الأراضي مباشرة بعد نكبة 5 يونيو، وأقدمت خلال أقل من أسبوع على هدم 138 بناية من ضمنها جامع البراق الشريف وزاويته، و"جامع الأفضلية"، ومكتب إدارة الأوقاف ومخازنها.
كما أقدم الاحتلال على إصدار قرار يقضي بالاستيلاء على عدد من الأراضي والعقارات ترجع ملكيتها لوقف الشيخ أبي مدين، وأوقاف المحسنين المغاربة.
وقد اعترض كل من السوسي والفكيكي على هذا القرار، محتجين بأن "القوانين والشرائع الدولية للدولة المحتلة لا تجيز أن تتملك أي قطعة من الأراضي المحتلة، وأن هذه العقارات هي أوقاف إسلامية غير قابلة للبيع أو التصرف بالهدم أو الهبة أو غيرها"، طالبا بإعادة النظر "في قرار وضع اليد على الأوقاف المغربية، على الأقل أسوة بممتلكات وأراضي ومقدسات الجاليات اليهودية في بلاد المغرب" لكن دون جدوى.
ثم استهدفت إسرائيل ما تبقى من الأوقاف المغربية بالقدس مرة أخرى بالهدم والنسف سنة 1971 بدعوى القيام بحفريات واستكشاف الآثار اليهودية بين أوقاف المغاربة.
وعاش كثير من المغاربة في فلسطين والقدس تحديدا بعدما حلوا بها لل****؛ حيث اضطلع المغاربة بدور كبير في محاولات تحرير القدس إلى جانب القيادات الإسلامية التاريخية البارزة، وفي مقدمتهم صالح الدين الأيوبي، كما كانت رحلة الحج مناسبة للتعرف على الأرض المقدسة التي اختارها مغاربة آخرون موطنا للعيش.

تحركات رسمية

وفي ردها على هذه الانتقادات، ذكرت الهيئات الرسمية المغربية أنها "تعمل جاهدة بحسب الإمكانيات الموجودة للحفاظ على الأقصى والقدس في ذاكرة المغاربة".
وافتتحت وكالة بيت مال القدس الشريف (رسمية) الأسبوع الماضي بقصر المؤتمرات بمدينة العيون (جنوبا) المعرض الدولي للصور الفوتوغرافية عن الوجود المغربي في القدس؛ وذلك في إطار الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009.
وتضمن المعرض، الذي نظم على مدى يومين بتعاون مع وزارة الاتصال ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأرشيف الفلسطيني، أزيد من 140 صورة تجسد الارتباط التاريخي للمغاربة بمدينة القدس الشريف، وتؤرخ لمحطات تاريخية من الوجود المغربي في المدينة.
وتشرف الوكالة على جمع التبرعات المالية لصالح المشاريع الاقتصادية والاجتماعية في القدس، وخصصت لذلك حسابا بنكيا مفتوحا، نال شهرة وطنية واسعة، ويحمل رقم 555.
وأنشأ المغرب هذه الوكالة عام 1998 كمؤسسة عربية إسلامية غير هادفة للربح. وتبنت منظمة المؤتمر الإسلامي هذه المبادرة، ولخصت أهدافها في: "حماية الحقوق العربية والإسلامية في المدينة المقدسة، وتعزيز صمود أهلها من خلال دعم وتمويل برامج ومشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان، والحفاظ على التراث الديني والحضاري للقدس الشريف".