ارتفاع حمى الدروس الخصوصية بآسفي
الخميس, 31 مايو 2012
مع اقتراب موعد امتحانات الباكلوريا، ارتفعت حمى الدروس الخصوصية، أو الساعات الإضافية، التي تمثل كابوسا بالنسبة إلى الأسر ذات الدخل المحدود، في حين يعتبرها بعض الأساتذة فرصة لدخل إضافي، إذ قطع العديد منهم مع ديدنه اليومي، وتفرغ لاستقبال تلاميذ جدد، خارج أسوار المؤسسات العمومية. وتشكل الدروس الخصوصية، أحد أبرز مظاهر الاستعداد لامتحانات الباكلوريا بآسفي، إذ تحول أستاذ للتربية البدنية إلى أستاذ في الرياضيات ، في حين شد آخر يدرس التربية الإسلامية الرحال نحو اللغة الفرنسية، واكترى آخرون كراسي وطاولات من ممون للحفلات، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من التلاميذ.
لم تجد العديد من الأسر بمختلف مناطق آسفي، بُدا من الانصياع لموضة الدروس الخصوصية أو الدروس الليلية، سيما بالنسبة إلى تلامذة الباكلوريا، والمقبلين على اجتياز الامتحانات هذه السنة، إذ فضل أساتذة أن يتمموا المقرر الدراسي عبر الساعات الإضافية عوضا عن الأيام العادية، كما تؤكد ذلك سلوى تلميذة بالثانوية التأهيلية الحسن الثاني، تخصص علوم تجريبية، إذ تؤكد أن «بعض المقررات الدراسية لم نتممها، نتيجة عدة عوامل منها ضعف الغلاف الزمني وكثرة الإضرابات والعطل، وفضل أستاذ في مادة علمية، أن يستمر في التدريس بوتيرة ضعيفة للغاية، لكن بالمقابل تمكن تلاميذ آخرون من خلال الساعات الخصوصية لدى الأستاذ ذاته، من إنهاء المقرر الدراسي، وكل من يرغب في إتمامه عليه أن يلتحق بالدروس الخصوصية، تؤكد التلميذة نفسها. وبخصوص ثمن ذلك، تؤكد التلميذة أن مبلغ 250 درهما هو ثمن الحصة الواحدة. هذا المبلغ يتضاعف أكثر في مواد أخرى ومن طرف أساتذة آخرين، ليصل عدة أضعاف في حال تعاقد المدرس مع مؤسسات خصوصية. ويبقى تلاميذ المؤسسات الخصوصية أقل إقبالا على الدروس الخصوصية، مقابل التلاميذ الذين يدرسون بمؤسسات التعليم العمومي، ليتأكد، برأي متهمين، أن الخلل يكمن في منظومة التعليم العمومي، التي تبقى في حاجة إلى المراجعة، وكذا وقف أوجه الاستغلال البشع الذي يتعرض له التلاميذ من قبل «أساتذة جنح الظلام» في إشارة إلى الدروس الليلية.
ويشير أحد المتهمين إلى أن الدروس الخصوصية التي تحولت إلى شبه إجبارية، أصبحت تشكل عبئا إضافيا على ميزانية الأسر، فضلا عن تسببها في اختلال مبدأ تكافأ الفرص الذي يكفله القانون لمختلف التلاميذ.
ويشير مصدر نقابي إلى أن ارتفاع ظاهرة الإقبال على الدروس الخصوصية، مع اقتراب موعد الامتحانات مرده الاضطراب في نفسية التلاميذ، والابتزاز الذي يمارسه بعض المدرسين من خلال منح نقط المراقبة المستمرة، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن الدروس الخصوصية أصبحت لها ثلاثة أضلع، الأول يتجلى في الأسرة، التي تكون اشد حرصا على تكوين ابنها تكوينا متميزا يؤهله لاختيار أفضل الشعب، والضلع الثاني التلميذ باعتباره المحور، والذي يسعى إلى أن يكون متألقا وبارعا، ثم الضلع الثالث وهو المدرس الذي يعمل منذ بداية الموسم الدراسي على ترويض التلاميذ على الدروس الخصوصية، وعدم التواني في إظهار مزاياها، في سبيل تحقيق مدخول مالي إضافي. ورغم شيوع الظاهرة وتفشيها بشكل كبير كما هو الحال بآسفي، فإن الجهات المعنية بقضايا التربية والتكوين ومنها النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، لم تبادر ولو مرة واحدة، إلى القيام بالإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة، علما أن الفضاءات التي تعرف الدروس الخصوصية معروفة، ولا تبعد في بعض الأحيان سوى بأمتار قليلة من مقر نيابة وزارة التربية الوطنية بآسفي. وتخلص عدة آراء إلى اعتبار الدروس الخصوصية، سوقا اقتصادية مهمة، لكنها تعاني غياب التقنين بسبب غياب قانون ينظمها، إذ أن وجود قانون كان سيساهم في الحد من الفوضى التي تعبث بهذا القطاع، وخلق مناصب شغل مهمة لعدد من العاطلين. وتشير عدة مصادر إلى أن مؤسسات خاصة أصبحت تتنافس في ما بينها مع اقتراب موعد امتحانات الباكلوريا لتقديم الدروس الخصوصية مقابل مبالغ مالية مهمة جدا.
محمد العوال (آسفي)
الصباح التربوي