عاشت الثانوية التأهيلية مصطفى المعاني، بتراب نيابة عمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي، حالة من الاستثناء خلال الدخول المدرسي الحالي دامت ثلاثة أسابيع كاملة، حيث لم ينطلق فيها الموسم الدراسي الحالي كباقي المؤسسات، وبعد سنوات عديدة من اشتغال الأطر التربوية والإدارية في ظروف جد مزرية تفتقد لأبسط شروط إنجاح العملية التعليمية والتربوية تقرر أخيرا إصلاح هذه الثانوية بغلاف مالي يبلغ 300 مليون سنتيم.
وقد استبشر الجميع بالمؤسسة خيرا لهذه الإصلاحات بما فيهم التلاميذ والأطر التربوية والإدارية، لأن الثانوية التأهيلية مصطفى المعاني كانت تعيش حالة كارثية تتمثل في خراب تجهيزاتها واتساخ قاعاتها الدراسية وفقدانها للكهرباء، مما رفع بشكل كبير من الهدر المدرسي بسبب تسريح التلاميذ خلال الحصة المسائية الأخيرة لانعدام الإنارة بالقاعات الدراسية.
و حسب مصدر تربوي، فان الأشغال انطلقت فعليا خلال شهر فبراير الماضي، على أن تنتهي خلال العطلة الصيفية قبل انطلاق الموسم الجديد، فيما رصد لها غلاف مالي كفيل بتحويل الثانوية التأهيلية مصطفى المعاني إلى مؤسسة نموذجية، قبل أن يتفاجأ جميع أطر المؤسسة بعد توقيعهم لمحاضر الالتحاق بالعمل أن الصفقة تم التلاعب بها بشكل واضح، من خلال بساطة الترقيعات والاكتفاء بالتلميع الذي خضعت له جدران المؤسسة.
الأطر التربوية والإدارية على حد سواء وجدت الأشغال ما تزال جارية في مرافق المؤسسة: أعمال البناء والصباغة والماء والكهرباء لم تكتمل بعد، ومكاتب الحراسة العامة غير جاهزة للعمل، ومعظم الأقسام تعلوها الأتربة وبقايا الأشغال، والصباغة لطخت السبورات والطاولات، مع غياب لمكاتب الأساتذة والكراسي، وتشويه لجمالية فضاء المؤسسة بسبب تراكم الحجارة ومخلفات أشغال الإصلاح.
كل هذا لم يسمح لأطر المؤسسة بالعمل، فتقرر الانتظار لأسبوعين كاملين بدون جدوى، إذ ما تزال الشاحنات والعمال يترددون على فضاء ومرافق الثانوية، والأشغال لم تكتمل لحد الساعة.
وتبقى النقطة التي تثير الكثير من التساؤلات بين أطر المؤسسة هو ضعف ومحدودية ما تم إنجازه من إصلاح لمرافق الثانوية بالمقارنة مع الغلاف المالي الكبير المخصص للصفقة، بحيث لمس الجميع أن في العملية خروقات وتجاوزات مكشوفة ومسكوت عنها، خصوصا بعد إصرار مدير المؤسسة على عدم إطلاع مجلس التدبير وجمعية الآباء على دفتر التحملات، ورفض المسؤولين بالنيابة الكشف عن تفاصيله، وإقصاء المدير لمجلس التدبير من مراقبة سير العمال ومدى مطابقتها لدفتر التحملات.
الآن ورغم مرور ثلاث أسابيع على الانطلاق الفعلي للدراسة "يضيف نفس المصدر"، تجد الأطر التربوية بالثانوية التأهيلية مصطفى المعاني نفسها غير قادرة على مزاولة مهامها في ظل عدم صلاحية القاعات الدراسية للعمل واستمرار الأشغال وتواجد العمال وآلياتهم، ودخول الشاحنات بين الفينة والأخرى إلى فضاء المؤسسة.
ولرفع جو الاحتقان حل بالثانوية السيد النائب في زيارة خاطفة دون تكليف نفسه الاجتماع بأطرها التربوية والتعليمية وإمدادهم بإجابات حول أسباب الحالة الاستثنائية التي تعرفها مؤسستهم. ثم زارتها قبل ثلاثة أيام لجنة من النيابة هي المكلفة بمتابعة الأشغال دون إمداد مجلس التدبير وأطر المؤسسة بأي توضيحات حول أسباب تأخر الأشغال والحال المتردية التي صارت عليها المؤسسة وتفاصيل دفتر التحملات.
كل هذا وغيره يجعل أطر المؤسسة وإصرار المدير على الكتم على إمداد مجلس التدبير بدفتر التحملات وإشراك أعضائه في مراقبة عمل المقاولة المكلفة بالإصلاح والوقوف على مدى ملاءمة دفتر التحملات لما تم إجراؤه من ترقيعات وسكوته على عمليات السطو على لوازم البناء وممتلكات المؤسسة يطرح أسئلة كثيرة حول مصير غلاف مالي كبير ومن المسؤول عن تدبيره وإهداره بهذا الشكل.
هذا و قد طالبت هيئة الأطر التربوية والإدارية بالثانوية التأهيلية مصطفى المعاني، السيد وزير التربية الوطنية بإيفاد لجنة تحقيق من الوزارة للوقوف على كل هذه الخروقات السافرة، والنظر في حالات الغش والاختلاس وتهريب مواد البناء التي شاع خبرها حتى بين ساكنة المنطقة، مما يمس بهيبة المؤسسة التربوية وبالعاملين بها، ويضرب في الصميم مبدأ النزاهة وحفظ المال العام.