أُسرة تشكو "منع" ابنها من الدراسة بعدما فرّ من "جحيم" مصر
هسبريس - طارق بنهدا
الاثنين 29 دجنبر 2014 - 05:17
"هل يُريدون القول أن ابني ينتمي لداعش أو جماعة الإخوان المسلمين؟؟"، بهذا التساؤل، الذي لم يجد له جواباً، يُلخّص الأب عبد الإله الباز معاناة ابنه الشاب سمحمد (17 سنة)، الذي عاد من مصرَ بعد أن قضى فيها عامَين بجانب أمّه، إلى سلا لمتابعة دراسته في المستوى الثانوي، قبل أن يُصدم بقرار منع وحرمان من حقه الدستوري، دون أن تصدر نيابة سلا التعليمية أي مبرر كتابي أو شفوي يكشفُ السبب، ما عدا جُملة "لا نعلم !".
وتعود تفاصيل القصة الغريبة، حين حسم الابن سمحمد الباز الاختيار قبل 4 سنوات، في مغادرة الوطن والتوجه إلى مدينة الغردقة المصرية، للالتحاق بأمه التي تعيش هناك لسنوات رفقة زوجها الثاني، بعد انفصالها عن ابيه عبد الاله، حيث أكمل مشواره الدراسي ملتحقا بإحدى المدارس الخاصة، في الصف الثاني إعدادي، "المدارس العمومية في مصر ترفض إدماج أبناء الأجانب في صفوفها"، يقول الأب عبد الإله حاكياً لهسبريس.
الأحداث الساخنة التي عاشتها مصر منذ العام 2013، وما تلاها من اضطرابات سياسية وأمنية سالت فيها الدماء وقُتلت فيها أرواح، عجلت بعودة الابن سمحمد إلى المغرب، بعد أن قضى عامين بجانب والدته وزوجها في الغردقة السياحية، "رغم أن المدينة بعيدة عن الاضطرابات إلا أن الأجواء العامة لم تعد ترق ابني الذي جمع حقائبه عائدا إلى سلا قبل أشهر".
إلا أن فرحة الأب بعودة ابنه، الذي يبلغ حاليا من العمر 17 سنةً، سرعان ما ستتحول إلى نكد وأسى، وفق تعبيره، وهو يهم بداية الموسم الدراسي الحالي بتسجيل ابنه داخل لدى النيابة، ليكمل مشواره الدراسي في السنة الثانية من التعليم الثانوي في مؤسسة "الفقيه المريني" بحي السلام، "ذهبتُ إلى النيابة الإقليمية بسلا حيث أقطن واستفسرت عن الوثائق المطلوبة لتسجيل ابني، فكانت بسيطة وتشمل نسخة من شهادة مدرسية تثبت دراسة ابني بمصر وكشفاً لنقطه وطلبا كتابيا مع نسخة من بطاقة تعريفي"، يروي عبد الاله.
يتابع الأب بالقول إن قصة الجحيم ستبدأ مع وضع الملف لدى النيابة، "أخبروني بأنّ المسطرة ستكون بسيطة وأن سمحمد سيكمل دراسته بلا متاعب تذكر"، قبل أن يفاجأ ولي الأمر كون تلك المسطرة البسيطة تحولت إلى معقدة وتأخر معها قبول ملف التلميذ لأيام طوال، موضّحاً "رفضوا في البداية الملف حين اعتقدوا أنّي مِصْري كون وثائق ابني تحمل اسمه مرقوناً بشكل ثلاثي.. فأخبرتهم أن الأمر يعود لطبيعة التوثيق المصري وبررت أيضا ببطاقتي الوطنية التي تثبت جنسيتي المغربية !!".
بعد ذلك، بدا وكأن مشوار تسجيل الابن العائد إلى وطنه، بعد سنتين فقط من الغياب المبرّر، ذاهب للتسوية، "طلبوا مني الحضور لأخذ ملف القبول، ففوجئت أن نائب الوزارة بسلا لا يريد التوقيع على الملف دون أي مُبرّر.. ليطلبوا مني وقتها إعادة دفع الملف من جديد.. ليتكرر السيناريو ذاته على مدى أسابيع"، مشددا على أن المبرر الذي ظل يكرره مسؤولو نيابة التعليم بسلا هو جملة "لا نعرف لماذا لا يريد السيد النائب التوقيع على طلبك".
وعبّر عبد الاله الباز عن غضبه، وهو يتحدث لهسبريس، من تهرّب نائب التعليم بسلا من مقابلته وتبرير رفضه للتوقيع على قبول متابعة دراسة ابنه بإحدى المؤسسات التعليمية "حتى القطاع الخاص طلب منا وثيقة القبول من النيابة.. لكن لحد الآن لا أفهم السبب المباشر وراء هذا التعسف والمنع غير القانوني"، مستبعدا فرضية أن يكون هذا المنع بسبب انتماءات ابنه السياسية "هذا حمق وهبل.. ابني كان في الغردقة وهي معروفة بأجواءها السياحية حتى أنه لا يصلي.. هل يريدون القول أن ابني ينتمي لداعش أو جماعة الإخوان المسلمين؟؟".
وكشف الباز أن ابنه يعيش أزمة نفسية حادة ومعاناة كبيرة بسبب حرمانه من متابعة دراسته كباقي الشباب من سِنّه، "الولد يعيش مرحلة مراهقة ويرى أقرانه يدرسون.. ولا نفهم لماذا الوزارة تمنعه من هذا الحق الذي كفله الدستور لكل مواطن مغربي"، مستغربا كون مسؤولي وزارة التربية الوطنية في نيابة سلا "لا يفصحون عن سبب المنع"، مضيفا "لماذا يتخوفون من حقنا في معرفة السبب".
ويستعد عبد الاله الباز للتوجه إلى القضاء من أجل متابعة نائب تعليم سلا، بسب ما أسماه "الإهانة والتماطل والتجاهل" والتي أدت إلى حرمان ابنه من الدراسة، كحق دستوري، مضيفا "أوجه رسالة نصيحة إلى الجالية وأبناءها من المغاربة في العالم بعدم التفكير في الدخول إلى المغرب لمتابعة الدراسة لأن الأمر سيتحول إلى جحيم لا يطاق..".